موضوع الحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها يظهر إلى السطح من وقت لآخر ، إما لإطلاق موقع وزارة ما ، أو لتدشين خدمة إلكترونية في جهة أخرى ، وهكذا دواليك . وفي الحقيقة ، فإن كثيرا من التطور والتحسين قد حصل بالفعل في عدد من الجهات الحكومية كنتيجة للتوسع في تطبيقات التعاملات الإلكترونية ، وهو تحسين يتفاوت من جهة لأخرى تفاوتا يبلغ أحيانا مستويات حادة ، خاصة وأن بعض الجهات لا زالت تنظر إلى الحاسب الآلي كأداة تتعارض مع أسس الأعراف والتقاليد وربما حتى تمس جانبا من قواعد الدين . عندما كنت في زيارة لأحد الإخوة في صندوق التنمية العقاري الأسبوع الماضي لفت نظري منظر الصناديق الحديدية التي كانت ضمن مقتنيات وزارة المالية وأنظمتها الإدارية . وبمشاهدة عامة لواقع تطبيقات الحكومة الإلكترونية في المملكة يمكنني أن أسجل مشهدين اثنين لمستهما بكثير من التجارب الشخصية . المشهد الأول هو أن واجهة التعاملات الإلكترونية أصبحت حاجزا فاصلا بين الموظف والمراجع . حيث أن المراجع يقوم بتقديم طلبه عبر البوابة الإلكترونية ، ويتسلم الموظف الطلب في الجهة الأخرى ليقوم بتنفيذه . ومع أن هذا الأمر يحقق كثيرا من منع الفساد ، إلا أنه أصبح وسيلة لإخفاء تقصير الموظفين في إنجاز أعمالهم ، أو حتى تفاوت وتبدل القرار من إجراء أو طلب ما . ودائما ، بما في ذلك هذا اليوم ، كانت طلباتنا من تأشيرات الزيارة التجارية التي نقدمها إلى وزارة الخارجية عبر البوابة الإلكترونية تعود بمواقف مختلفة من القبول والرفض والتوجيه والتبديل ، مع أن الطلبات هي ذاتها في كل مرة . وكأن الموقف من الطلبات يتبدل حسب تبدل الموظف خلف البوابة الإلكترونية ، أو بتبدل مزاجه ، أو ربما بتبدل نوع الجهاز . المشهد الثاني هو أن كل أنظمة التعاملات الإلكترونية مع ما تشهده من تفاوت في التطور والتوسع في التطبيق هي أنظمة مستقلة بكل وزارة أو هيئة حكومية ، ولا يوجد أي اتصال أفقي بين أنظمة الوزارات ، في ظل غياب بنية إلكترونية تحتية موحدة لكافة القطاع الحكومي . بل إن هذا الانفصال يحدث أحيانا بين إدارات الوزارة الواحدة ، وهو ما رأيته بأم عيني في حالة وزارة ومكاتب العمل ، التي لا تملك أي اتصال فعال بين قواعد البيانات والأنظمة الإلكترونية في الوزارة ومكاتب العمل في المناطق المختلفة . إذن ، ستظل أجهزة الدولة تعمل كجزر منفصلة ، سواء وفق الصيغة الإلكترونية أو وفق الصيغة الورقية التي تضمها صناديق وزارة المالية الحديدية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق