اليوم هو يوم سعيد بالنسبة إلى الإخوة القطريين ، وتعيس على بقية أهل دول الخليج وخاصة السعوديين منهم . فقد أعلن ولي عهد قطر قبل قليل عن زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين فيها بنسبة 60 % للمدنيين و120 % للعسكريين . أترقب أن يرى الرائي يوم غد شاشات القنوات القطرية وهي تعرض احتفالات المواطنين وهم يرقصون في الشوارع فرحا وطربا بهذا القرار ، وهم يرفعون صور أمير الدولة وولي عهده ، إضافة إلى تصريحات الوزراء والمسئولين التي تعبر عن إعجابهم بحنكة الأمير وحصافة ولي عهده وحرصهم على راحة المواطنين ورخائهم . بودي لو أن أحدا يمكن له أن يبدأ من اليوم تسجيل آثار هذا القرار على الدى القريب والبعيد ، وما ستؤول إليه الأمور في هذا البلد الصغير مساحة والكبير بتأثيراته على المحيط الإقليمي والعربي . ولأن الحصيف فقط هو من يتعلم من تجارب غيره ، ولأننا سنظل بصفتنا شعوبا عربية قبلية الطابع نستأثر بمصالحنا الخاصة دون مصالح الآخرين ، فإنني أتوقع أن تشهد هذه الدولة صخبا معاكسا في غضون أسابيع أو أشهر قليلة بما ستحدثه هذه الزيادة الفلكية من آثار تضخمية على اقتصادها . والمشكلة أن هذا البلد لا يشكل سكانه من مواطنيه الأصليين والمتجنسين سوى نسبة متدنية من عد السكان الإجمالي ، وبذلك ستكون تلك الآثار التضخمية المتوقعة جحيما يكتوي منه الأجانب الذين جاءو إليها بحثا عن رزق وفرص عمل ، بمن فيهم السعوديون وأبناء دول الخليج الأخرى الذين رأو في قطر ملاذا لهم من ضيق فرص العمل أو مهربا من آثار الأزمة المالية أو بحثا عن الحرية والانفتاح الاجتماعي الذي أصبحت قطر تتبناه كوسيلة جذب لها . الزيادة البسيطة التي أعلنت عنها المملكة قبل عدة أشهر ، والتي لم تكن سوى تثبيتا لبدل غلاء المعيشة المطبق منذ ثلاث سنوات ، أحدثت آثارا تضخمية كبيرة في المملكة ، فما بالك بتلك الزيادة الهائلة التي أعلنتها قطر . إني لأرثي حقا لأهل هذا البلد مواطنين ووافدين ، ولا أدري إن كان علي أن أهنئهم أو أقدم لهم التعازي بمثل هذا الخبر . ولكني أقول للخليجيين والسعوديين منهم خاصة ، لا تأسو على ما حصل عليه أبناء قطر ، ولا تحسدوهم على هذه الهبة ، فالله وحده يعلم ما ستجر على هذا البلد وأهله من مشاكل وويلات اقتصادية وتنموية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق