الحديث الرئيسي الذي كان يدور اليوم بين كل من قابلتهم أو تحدثت معهم عبر الهاتف ، وحتى في برامج الحوار على كل المحطات الإذاعية الجديدة ، كان حول الأحداث التي شهدتها الرياض يوم أمس مع احتفالات العيد الوطني . عندما كتبت سطور المدونة ليوم أمس لم أكن قد خرجت من المنزل ، وكنت قد عقدت العزم على أن أتحاشى ذلك الزحام . بعد الساعة التساعة مساء اضطررت للخروج لقضاء حاجة في مشوار لا يستغرق في العادة أكثر من ربع ساعة ، فإذا به يستغرق ليلة البارحة أكثر من ساعة ونصف الساعة . في وسط الزحام تذكرت أن زوجتي كانت قد خرجت في زيارة عائلية بعد صلاة العشاء ، فاتصلت بها لأطمئن عليها فإذا بها غارقة في الزحام أيضا ولما تصل بعد إلى غايتها . زوجتي قفلت عائدة من زيارتها في رحلة العودة التي بدأت حوالي الساعة الحادية عشرة والربع لتصل إلى المنزل حوالي الساعة الثانية صباحا . عندما وصلت إلى المنزل انخرطت تحكي هذه التجربة المريرة التي تعرضت فيها لأنواع شتى من التحرش والتعدي والتهجم من شباب ملأو الشوارع فيما يفترض أن يكون احتفالا بعيد الوطن فانقلب حالة من الفوضى والإساءة للوطن وأبنائه . المشاهد التي رأيتها في طريق عودتي الطويل لم تكن توحي أبدا بأي شعور وطني ، بما في ذلك تلك السيارات التي كانت تقفز فوق الأرصفة لتحطمها وتدمر الأشجار وشبكات الري في الجزر الوسطية في الطرق . لا أدري أين الوطنية في هذه التصرفات الهوجاء، وأين الوطنية في التعدي على الآخرين ، وأين الوطنية في التحرش بالفتيات والرقص في الشوارع وتعطيل الحركة المرورية ومصالح الناس . مساء اليوم عزمت على أن أخرج لقضاء حوائجي التي تعطلت يوم أمس ، وقلت لنفسي أن العيد قد انقضى بكل مساوئه ، ولابد أن يكون اليوم أكثر هدوءا بالنظر إلى أن يوم الغد سيشهد عودة إلى دوام المدارس والأعمال . خرجت بعد صلاة العشاء لأجد الحال كما هو عليه ، ذات الزحام وذات المشاهد المسيئة وذات التهور والتعدي في الشوارع . حتى الأطفال الذين يفترض بهم أن يكونو قد استقرو في أسرتهم استعدادا ليوم الغد كانو وسط هذه المعمة ، وأنا لا أدري ما هو النموذج الذي نغرسه في نفوس هذا النشء بهذه التصرفات الرعناء . الاحتفال بأية مناسبة أو حدث أمر مشروع ولا اعتراض عليه ، لكن أن يجر هذا الاحتفال الضرر على الناس ، وأن نبرز فيه كل أشكال التعدي والتجاوزات فهذا لعمري المرض بذاته . وأنا لا أدري إلى متى ستغيب عنا ثقافة احترام الآخرين وحفظ الحقوق في مثل هذه الاحتفالات ، ولماذا يتكرر هذا الأمر في كل مناسبة أو حدث يمر علينا فينقلب فيه الفرح ترحا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق