انتهى العيد ، وعاد كل إلى عمله ، حتى القطاع الحكومي الذي عادة ما يتمتع موظفوه بإجازة طويلة نسبيا مقارنة بموظفي القطاع الخاص لم يخدمهم التقويم في هذا العام فلم تتجاوز إجازتهم الثمانية أيام . وحتى يوم أمس كانت الإشاعات المعتادة حول إعلان مكرمة ملكية بتمديد الإجازة حتى يوم السبت القادم تتداول بين الناس ، مع أن هذه الإشاعة كانت دوما تنتهي إلى التكذيب العملي . لا أدري ما السبب وراء هذه النزعة التكاسلية التي تسيطر على العاملين في القطاعين العام والخاص وكذلك الطلاب والطالبات في كل مستويات التعليم الأساسي والعالي . كنت أشتكي وأتحدث دوما عن الآثار السلبية لهذه الإجازات الرسمية الطويلة على مصالح الناس ، وأسميتها في مقال سابق مواسم المصالح المعطلة . والمشكلة أن هذه المواسم تأتي دوما دون أي استعداد ، وكأنها دوما تأتي على سبيل المفاجأة . أسوأ الضرر هو ما يحصل من تعطيل وزارة المالية والمؤسسات البنكية لصرف مستحقات المقاولين والمتعاقدين وهي تعلم علم اليقين أن هذه المستحقات تذهب لأفواه موظفين ينتظرون رواتبهم آخر كل شهر . التحويل المالي الذي لم يتم تنفيذه قبل العيد وأضر كثيرا بقدرتنا على صرف رواتب الموظفين حينها لم يصل إلى حسابنا حتى كتابة هذه السطور ، مع أن البنوك بدأت العمل منذ يوم أمس ، ومع أن نظام التحويل السريع يجب ألا يستغرق أكثر من ربع ساعة ، وهاهو يتأخر لحوالي العشرة أيام . استفتحتنا دوام القطاع الحكومي اليوم بتقديم شكوى إلى مؤسسة النقد ضد البنك الذي أخر التحويل ، ولا أدري إن كانت هذه الشكوى ستمر أيضا بذات المسار الذي اشتكيت منه سابقا ، والذي يتطلب موافقة المقام السامي على النظر في الشكاوى ضد المؤسسات البنكية . المشكلة أن مؤسسة النقد هي الجهة التي تقدم إليها مثل هذه الشكاوى ، وهي في ذات الوقت الحامية والراعية لهذه المؤسسات . الوضع هنا هو كمن يشتكي ابنا لأبيه من خطأ وقع منه ويتوقع منه أن يقف الأب موقفا عادلا غير متحيز . وربما يكون الوضع هنا أكثر سوءا مع بروز تعارض واضح في المصالح بين رعاية المؤسسة للبنوك ورقابته عليها . وإلى أن يستطيع أحد أن يبرز هذا الخلل ويطالب بمعالجته عبر فصل مهمة الرقابة على البنوك عن مهمة البنك المركزي سيظل هذا الخلط في المصالح واضحا ، وستظل البنوك تلعب بمصالح وأقدار الناس دون حسيب ولا رقيب . وقديما قالو " إن لم تستح فاصنع ما شئت " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق