أحاول دائما أن أتحاشى أية مسببات تدفعني إلى مراجعة أي مسئول في الدولة على درجة وكيل وزارة فما فوق ، إذ أن محاولة مقابلة أي مسئول من هذا المستوى تعد أمرا بالغ الصعوبة حتى ليخيل لي أحيانا أنها أكثر صعوبة من مقابلة الملك شخصيا . ولكن تعقيدات الحياة وفزلكة الموظفين من الدرجات الأدنى تفرض أحيانا أن أسعى مضطرا إلى مقابلة مسئول من الدرجة الأعلى بحثا عن حل يختصر مسافات البيروقراطية . واليوم بعثت مندوبا إلى إحدى الوزارات السيادية وطلبت منه أن يأتي لي بأرقام هواتف مكتب سعادة مدير مكتب سعادة وكيل الوزارة المساعد لنتصل به لنطلب ترتيب موعد مع سعادة الوكيل المساعد . مندوبي اتصل بي من هناك ليبلغني أنه لم يتمكن من إنجاز هذه المهمة العسيرة ، وأن طلبه ووجه بالرفض الحاسم ، وأن مدير المكتب أبلغه بأن الوسيلة الوحيدة لمقابلة الوكيل هي بمخاطبته رسميا لطلب تحديد موعد للمقابلة يتضمن معلومات عن طالب المقابلة والموضوع الذي ستتم المقابلة من أجله ، ليتم عرض الطلب على سعادة الوكيل ليقرر ما إذا كان الموضوع و صاحبه يستحقان أن يمنحهما شيئا من وقته الوطني الثمين . قلت للمندوب أن يحاول على الأقل أن يحصل على رقم الفاكس في المكتب لإرسال خطاب طلب المقابلة ، ولكنه أجابني بأن هذا الطلب رفض أيضا ، وأن علينا أن نرسل الطلب بالبريد الممتاز أو العادي بحسب أهمية الموضوع . لم أدر ماذا أقول أو ماذا أفعل في هذا الموقف ، فمخاطبة مسئول بهذه العنجهية والانغلاق لن تجدي نفعا لأنه لا سبيل حتى لمتابعة خطاب طلب المقابلة الذي يمكن أن يجد سبيله إلى سلة المهملات أو أرشيف الوزارة. والذهاب إلى مكتبه لتحين فرصة لقائه ستكون أسوأ من الذهاب إلى عيادة طبيب في مستفى خاص دون موعد . ويبدو أن الحل الآن سيكون في أن أبحث عن أحد يملك مدخلا على هذا المسئول ليتفضل ويتدخل متوسطا في أن يمنحنا فرصة لقائه . وفي النتيجة ، تصبح مقابلة المسئول إنجازا هاما في حد ذاتها ، إلى الحد الذي يجعل المرء يغفل عن الموضوع الذي أراد مقابلته من أجله بعد هذا الشرف العظيم ، فتنقضي بذلك حوائج الناس ويقنعون من الدنيا بمقابلة مسئول .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق