كل شيء في هذه الدنيا له وجهان ، فلا خير مطلق ولا شر مطلق . أتعبتني الوعكة التي بدأت تجتاجني منذ يوم أمس ، وبلغت حدها اليوم فيما بدا أنه انهيار كامل لمقاومتي لعواصف الغبار التي غطت الرياض طوال الأسبوع الماضي . منذ استيقظت هذا الصباح وأنا في سعال متواصل أفقدني القدرة على الحديث نتيجة لضياع الصوت ، ووجدتني مضطرا لأخذ إجازة إجبارية مع أن يوم السبت عادة ما يكون مليئا بارتباطات العمل . هذه الراحة الإجبارية كانت أحد الجوانب الإيجابية لهذه الوعكة ، إذ أنني لا أذكر متى كانت آخر مرة بقيت فيها في المنزل ليوم كامل ، خاصة مع تمتع أبنائي بإجازة منتصف الفصل ، ووجود ابنتي التي وصلت من الشارقة يوم أمس لتنير منزلنا لأسبوع إجازة صادف أن يتزامن مع إجازة المدارس في السعودية . بعد الظهر اتصلت بأحد الإخوة من جدة لأستشيره في أمر من أمور العمل ، فاجأه وقع صوتي المكبوت ، وتمنى لي الشفاء العاجل وكأنما قد شاب نفسه شيء من الحسد على هذه الإجازة الإجبارية . سألني عما حل بي فقلت له أنها آثار غبار الرياض ، فرد ضاحكا ، أنتم لديكم الغبار في الرياض ونحن لدينا السيول في جدة . قلت له ضاحكا أن الفرق بين الحالتين أن مشكلة الغبار ليست قابلة للحل ، بينما مشكلة السيول يمكن حلها ولو تطلبت شركات استشارات عالمية ، ومشروعات كبرى تنفق عليها المليارات ، ولجان محاسبة وتحقيق لا تخرج بأي نتائج . أنهيت المكالمة وأنا أحس بالرثاء لجدة وأهلها ، لأصدم بعدها بخبر وفاة الكاتب الكبير محمد صادق دياب ليلة البارحة . لم أقابل هذا الرجل إلا مرة أو مرتين ، ولكني أعرفه من حديث الكثيرين عنه ومنهم إخوتي الذين يكبرونني في العمر . هاهي جدة تفقد أحد أبنائها الذين أحبوها وكتبو عنها ورفعو صوتهم عاليا بالشكوى مما تعانيه ، فأصبحت مشاعر الرثاء على جدة وأهلها أضعافا مضاعفة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق