الصحف السعودية بدأت هذه الأيام بالحديث مرة أخرى عن قضية غلاء الأسعار ، مع الإشارة بالتصريح أحيانا وبالتلميح أحيانا إلى أن هذه الموجة من التضخم هي من آثار منحة راتب الشهرين الأخيرة . كثير من المتحدثين من المواطنين عبرو عن خيبة أمالهم من الاستفادة من هذا الدخل الإضافي الطاريء بعد أن صدمو بغلاء الأسعار التي التهمت المنحة والفرحة التي صاحبتها . ليس غريبا أن هؤلاء الناس غفلو عن هذه الآثار التضخمية الناجمة عن مثل هذه الإجراءات المالية ، ولكن الغريب هو أن الجهات الرسمية وخاصة وزير المالية ينفون أي أثر تضخمي لهذه القرارات ، بل إن معاليه يتوقع خفضا للتضخم على المدى المتوسط والبعيد . لست أدري إن كان الوزير يتحدث بشكل جاد قائم على قناعة شخصية ، أم أنه يستخف بعقول الناس ومشاعرهم .أنا لست من أهل الاقتصاد ، ولكنني أعلم على اليقين أن أي زيادات طارئة في الدخل ستؤدي إلى تضخم محتوم . والآن وقد انتهى أثر الفرح بالمنح المالية ستبدأ رحلة المعاناة الطويلة مع المستويات الجديدة من الأسعار ، وهي المعاناة التي ستكون مضاعفة على موظفي القطاع الخاص والمتسببين الذين لم يحصلو على نصيب من تلك المنحة ، ومع ذلك فهم يذوقون لظى آثارها التضخمية . لاحظو أن القرار الوحيد الذي تم تطبيقه من ضمن منظومة القرارات الأخيرة هو منحة راتب الشهرين ، ولا زلنا بانتظار تنفيذ بقية القرارات التي ستؤدي لا محالة إلى مزيد من التضخم في قطاعات أخرى من السوق . فرفع قرض صندوق التنمية العقاري سيؤدي إلى مزيد من التضخم في أسعار الأراضي والعقارات ، وبدء ضخ مليارات الإسكان سيؤدي إلى تضخم أسعار مواد وخدمات البناء ، وقس على ذلك فيما بقي من تلك القرارات ، ولا أنسى نظام الرهن العقاري الذي سيكون بمثابة الوقود لصاروخ التضخم في سوق العقار . فيالها من فرحة لم تتم ، وياله من مستقبل مشوب بالأعباء والهموم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق