استلقيت على سريري في الفندق بعد أن أديت صلاة الفجر ، وراح فكري يعمل في المنافسة التي ستفتح مظاريفها هذا اليوم في الهيئة الملكية للجبيل وينبع . ومع أنها ليست المنافسة الأولى التي نشارك فيها مع هذه الهيئة ، إلا أنني كنت أحمل الكثير من الآمال فيها ربما لأنها المنافسة الأولى التي لم تشترط مشاركة مكتب عالمي فيها . وبعد نوم متقطع استيقظت بعد الظهر وأجريت اتصالاتي لمعرفة النتيجة التي لم تأت على ما كنت أشتهي . أحد المهندسين في المكتب ممن شاركو في إعداد هذا العرض ، وبذل فيه جهدا كبيرا أشكره عليه انخرط في بكاء مر عندما أبلغني بالنتيجة . وفي الحقيقة ، أكبرت فيه هذا الشعور ، وشكرته على الجهد الذي بذله ، وقلت له فيما قلت أن المهم أننا بذلنا قصارى جهدنا ، وقمنا بما يتوجب علينا القيام به لتقديم عرض يحقق معايير الكفاءة والمنافسة . وبعد ذلك فإن النتيجة لا تعدو أن تكون وفقا لما قدره الله ، خاصة وأنه ليس من ذنبنا أن هناك بعض المكاتب التي تتعمد حرق الأسعار للفوز بمثل هذه المنافسات ، وخاصة وأنا نظام المشتريات الحكومية لا زال يبحث عن أقل الأسعار بغض النظر عن جودة العروض وكفاءة المتنافسين . خرجت بعد العصر بصحبة زوجتي لأسري عن نفسي ذلك الشعور بالإحباط بنتيجة المنافسة ، وأخذتنا جولتنا إلى سوق البوادي في جدة ، وهو سوق شعبي يشابه سوق العويس في الرياض على سبيل المثال . المشهد الذي لفت نظري ، وهو مشهد مألوف بالطبع ، هو غياب أي وجود لأي سعودي في أي من محلات المركز التجارية ، وتلك السيطرة المطلقة للوافدين الذين كان معظمهم من الجنسية الهندية واليمنية . ولأن كثيرا من محلات هذا السوق كانت تبيع المستلزمات النسائية ، فقد تذكرت الأمر الملكي بإنفاذ تحويل محلات المستلزمات النسائية إلى القطاع النسائي ، وتلك المهلة المحدودة التي أتاحتها وزارة العمل لتحقيق هذا التحويل . تساءلت حينها ، كيف يمكن تحويل هذه المحلات ليتم تشغيلها من قبل فتيات سعوديات في هذه البيئة الرديئة التي يسيطر عليها الأجانب . وهل سيسمح هؤلاء الأجانب بتحقيق هذا التوجه في هذا الوكر الذي يسيطرون عليه سيطرة مطلقة . هذا المركز الذي يعد أحد أوكار التستر لا يمكن أن تنجح فيه مساعي التأنيث التي تريد الوزارة فرضها ، والنتيجة لن تكون سوى استمرار الوضع على ماهو عليه ، أو إغلاق المركز بقوة قانون وزارة العمل . وفي الحالتين فإن مساعي الوزارة في توظيف وتشغيل الفتيات السعوديات لن تجد سبيلا للنجاح بهذه الآلية التعسفية ، خاصة وأن الوزارة لم تحدد إلى الآن ماهية المستلزمات النسائية التي سيسري عليها هذا التوجه . وبالعموم ، فإن هذا التوجه يمثل أحد تخبطات الوزارة التي تضع قرارات وبرامج من برج عاجي بعيدا عن تلمس وفهم الواقع المرير ، وفي النتيجة تأتي هذه القرارات جوفاء وغير قابلة للتطبيق ، ويبقى الوضع على ماهو عليه ، وعلى المتضررات اللجوء للفيس بوك لبث شكواهم التي لا تجد لها آذانا صاغية .
قرب واقعيه القرارات للحكومات العربيه كقرب السماء من الارض و العجيب فيها ان البشر يتحولون لفئران تجارب
ردحذف