لا أدري إلى متى يتوجب علينا أن نتعامل ونتقبل مزاجية الموظفين في مؤسسات يفترض بها أن تكون مؤسسات خدمية تحصل على عوائد مقابل تقديم هذه الخدمات . أسوأ أنواع المزاجية هي تلك التي تؤثر على حسن تعامل الموظفين مع العملاء ، وتدفعهم إلى التزمت والتعنت في أداء الخدمات دون تقدير الظروف الخاصة والحالات الطارئة . ولأن اليوم هو آخر يوم عمل في دوام البنوك فقد شهدت فروع البنوك ازدحاما خانقا من موظفين يريدون تحصيل رواتبهم أو تحويل أموال لأسرهم في بلدانهم قبل عيد الفطر . ومنذ الصباح ونحن في حالة استنفار لإنهاء صرف رواتب الموظفين قبل نهاية اليوم الذي حشرنا فيه بتوقيت غريب لإجازة البنوك استبق المواعيد المعتادة في كل عام . مندوبنا انتظم في الطابور لتحويل بعض الأموال من حساب بنكي إلى آخر تصرف منه الرواتب ، فإذا به يتصل بي عند الظهيرة ليبلغني أن موظف البنك أبلغه بضرورة استبدال نموذج التفويض بنموذج جديد ، مع أنه استخدم ذات النموذج قبل يومين فقط . عاد المندوب إلى المكتب وقمت بتوقيع النموذج الجديد وعاد لينتظم من جديد في طابور جديد . وعند الساعة الثانية تقريبا اتصل بي مرة أخرى ليبلغني أن الموظف أبلغه أن التوقيع على نموذج الحوالة غير مطابق للتوقيع المسجل في البنك . ذهبت إلى البنك وقابلت الموظف وسألته عما يحصل ، فأراني على الشاشة توقيعي المسجل فإذا به نفس التوقيع مع اختلاف بسيط لا يكاد يلاحظه أحد . وقعت أمامه مرة أخرى على النموذج بحضوره ، فرفض تنفيذ العملية إلا باستبدال النموذج . قلت له أننا نتم العديد من العمليات البنكية بذات التوقيع بما فيها المرة الأخيرة قبل يومين ، فكيف اكتشف هذا الاختلاف في التوقيع في هذا التوقيت بالذات ، ولماذا هذا التعنت في الوقت الذي يفترض إبداء شيء من المرونة في هذا الظرف الخانق . لم أجد جوابا غير المقولة المعتادة ، هذا هو النظام . استسلمت لأمر الله ، وقمت بملأ نموذج جديد ، وأنهيت عملية التحويل بالكاد عند نهاية الدوام ، وتعذر بذلك على الموظفين صرف رواتبهم ، وسادت حالة من الامتعاض والملل بينهم . ذلك الموظف الذي تسبب في هذا الضرر لم يطله شيء من هذا الضرر ، فهو قد حصل على راتبه بالفعل ، وله أن يذهب إلى بيته لينام قرير العين دون أن يلقي بالا لأناس حرمهم من التمتع بهذا العيد نتيجة تعنته ومزاجيته التي ربما تعكرت لأنه حرم من التدخين أثناء الصيام . في النتيجة ، وبين تكاسل موظفي الدولة ومزاجية موظفي القطاع الخاص نكون كمن وقع بين رحى الطاحون ليسحق أفراحنا ومسراتنا بعيد سيمر علينا كئيبا قاتما ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق