الجامعة العربية أعلنت اليوم قرارها بتعليق عضوية سوريا في أنشطة الجامعة إضافة إلى عدد من القرارات الأخرى المصاحبة . أنا لم أستغرب هذا القرار في ظل متابعة التطورات المتسارعة في هذه القضية خلال الفترة القريبة الماضية ، وخاصة منذ إعلان الاتفاق على المبادرة العربية قبل حوالي عشرة أيام ، وأولها فشل الحكومة السورية في إثبات جديتها في الالتزام بتنفيذ بنود هذا الاتفاق . المندوب السوري شن حملة عنيفة على الجامعة وأمينها العام ووزير خارجية قطر وكل الدول التي ساندت القرار ، وهو أمر غير مستغرب في الأساس . أنا لست فرحا بالتأكيد بهذه الحالة من التفكك التي تعتري الجامعة المفككة أساسا ، ولكنني تعجبت اليوم من هذا الهجوم الكاسح من المندوب السوري المفوه ، وهو الذي لم يتخذ أي موقف يحمل ذات المستوى من المعارضة عندما صدر قرار ذات الجامعة بتعليق عضوية ليبيا . النظام السوري يتعاطى مع هذه القضية بعنجهية غريبة تصل إلى حد الغباء السياسي الذي توصف به أمريكا في العادة وتمارسه بكل اقتدار . وأنا لا أدري لماذا لا يلقي هذا النظام بأهم ورقة لديه ويعمد إلى فتح المجال لوسائل الإعلام للدخول إلى سوريا لتسجيل الوقائع بشكل مباشر . التعتيم الإعلامي الذي يمارسه النظام السوري لا يمكن تفسيره إلا بأنه وسيلة للتغطية على كوارث ومذابح تقول المعارضة إنها تحدث كل يوم في الشوارع السورية ، وفي المقابل يتهم النظام الإعلام المضاد بالتهويل والتزييف دون أن يسمح للإعلام المحايد بتحري الحقيقة بشكل مباشر . قرار تعليق العضوية لن يحقق مبتغى متخذيه في وقف القتل في الشوارع السورية ، بل إنه يمكن أن يزيد من هول ما يحصل هناك . ولكنه على أية حال تحرك قد يمثل الحد الأقصى في حدود إمكانات الجامعة ، وهو على الأقل يرفع عنها العتب أمام أعين الشعوب العربية التي لا تعلم حقيقة الأمور على أرض الواقع بفعل تعتيم النظام السوري . كل ما كنت أتمناه أن تكون دولة أخرى غير قطر على رأس هذا التحرك العربي ، فهذه الدولة أصبحت تتهم كثيرا بلبس ثوب أكبر من حجمها الحقيقي ، وتفسر كل تصرفاتها بالتبعية للمحور الأمريكي الصهيوني . ولم لا ، وهي الدولة الخليجية الأولى التي هرولت فيما مضى نحو الكيان الصهيوني ، والتي تستضيف على أراضيها أكبر مخزن للأسلحة الأمريكية في المنطقة . موقف قطر تشوبه كثير من الشكوك والتساؤلات ، وتزعمها هذه الجهود لمعالجة الأزمة السورية ومثيلاتها يضر بهذه الجهود وبالشعب السوري والشعوب الذبيحة الأخرى ، فهل لقطر أن تهدأ وتكتفي بتنظيم كأس العالم وإنهاء مشاريع الأبراج المتعثرة فيها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق