رئيس هيئة السياحة افتتح يوم أمس مؤتمر التراث العمراني في مدينة جدة ، وهو بما أعرفه عنه أحد أكثر المهتمين بقضايا التراث العمراني حتى قبل أن تصبح ضمن مهامه الوظيفية كرئيس لهيئة السياحة والآثار . وددت اليوم لو أنني أستطيع أن أوصل له مقترحا بضم مكاتب العمل لمنظومة المناطق التراثية التي تشرف عليها الهيئة ، وربما حتى ترشيحها لتصبح ضمن قائمة المواقع التراثية لدى منظمة اليونسكو . الواقع التراثي لمكاتب العمل يراه الرائي عندما تجبره الحاجة الملحة لزيارة أحدها ، وهو ما اضطررت للقيام به صباح اليوم لحضور جلسة في اللجنة العمالية العليا التي تحتل أحد زوايا مكتب عمل الرياض . المشهد يعيد إلى الذاكرة تلك الصورة النمطية عن الدوائر الحكومية التقليدية في الزمن الغابر ، خاصة عندما تشاهد ذلك العدد من مكاتب العرضحالجية المنتظم أمام أبواب المكتب . الفارق الوحيد أن التقنية احتلت موقعها في هذا المشهد ، فأصبحت كتابة المعاريض وتعبئة النماذج تتم على أجهزة الحاسب الآلي المحمولة بدلا من الكتابة اليدوية أو استخدام الآلة الكاتبة العتيقة . وربما يكون لتدخل هيئة السياحة دور في منع هذا التشويه في هذا المشهد التراثي فتلزم أولئك العاملين باستخدام الوسائل التقليدية ونبذ وسائل التقنية الحديثة . مقر مكتب العمل يضم أيضا مقرات اللجان العمالية الابتدائية والعليا ، والمشهد حول مقر المكتب أشبه بالحراج مع ذلك العدد الهائل من السيارات والشباب الباحثين عن عمل أو الباحثين عن حقوقهم المهضومة في قضايا عمالية . مشهد الحراج لم يختلف كثيرا داخل قاعة اللجنة ، إذ أن القاعة كانت تضم أربعة قضاة يقوم كل منهم بالنظر في قضية مختلفة في ذات الوقت وإلى جانب بعضهم البعض ، بالرغم من أن هذه الخلافات تحمل شيئا من الخصوصية والسرية . عندما كتبت فيما مضى عن تجربة سابقة مع مكتب العمل تطوع أحد القراء الكرام بإرسال ما كتبت لوزير العمل أملا في أن يتحرك لديه شيء من الاهتمام لتحري الواقع الأليم الذي تعيشه مكاتب العمل . ولكن الوزير ونائبه ووكلاءه منشغلون عن تلمس مثل هذه المشاكل والوقوف عليها . وهذا هو ما جعلني أعتقد بأن هيئة السياحة والآثار تمثل الملجأ الأفضل للإشراف على مكاتب العمل ، علها تحقق إنجازا يحسب لها بعد عشر سنوات انقضت في دراسات وخطط لم تجد لها بعد سبيلا إلى التنفيذ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق