وصلت قبل قليل إلى الرياض قادما من البحرين ، ولازالت تلك المشاهد التي رأيتها هناك ليلة البارحة عالقة في ذهني . بعد أن عدت إلى غرفتي في الفندق يوم أمس بعد إنهاء أعمال المؤتمر الذي حضرته ، وبعد أن كتبت سطور يوم أمس في هذه المدونة ، خرجت باحثا عن أحد المطاعم لتناول طعام العشاء ، وقادتني رحلة البحث إلى شارع المعارض في مدينة المنامة . خيل لي مما رأيته هناك أنني أمام مقر السفارة السعودية في البحرين ، إذ رأيت عددا كبيرا من السعوديين في تلك المنطقة التي تعج بالفنادق والبارات والمراقص . في تلك المنطقة لم تكن هناك أية ملامح للتوتر الذي تعيشه البحرين خاصة بعد ردة الفعل تجاه تقرير لجنة تقصي الحقائق ، فكان المرح والمجون سيد الموقف ، والسعوديون هم الغالبية الساحقة بين أولئك الرجال الذين كانو يصطفون أمام الحانات ، فيما فتيات الليل من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية يتقاطرن لاصطياد أولئك الزبائن . لا أدري هل أعيب هذا البلد الذي فتح أبوابه لهذا المجون بحثا عن موارد مالية من هذه السياحة ، أم أعيب شبابنا الذين باتو روادا في هذا المجال . المشكلة أنهم لم يكونو جميعا من الشباب ، بل إنني رأيت بينهم شيبانا كبارا في السن تعلو هاماتهم ملامح الشيب وبياض الشعر ، وهم يتأبطون أذرع فتيات في عمر بناتهن وهم يترنحون من أثر السكر . ابتعدت عن هذه المنطقة هاربا من هذا الجو الموبوء ، وتذكرت ذلك الأخ الذي رافقني في رحلتي البرية إلى البحرين قبل يومين ، والذي كان يصب جام نقده وسخريته من دول الخليج واعتمادها على هذا النمط من تسويق الدعارة وسياحة ترفيه الشباب الباحث عن المجون . شبابنا السعودي هم زبائن هذه السياحة الماجنة ، وهم من حقق الرواج لهذه التجارة . فهل نعيب على من سوق هذه البضاعة أم على من اشتراها وسعى إليها . المشكلة أن هذه الممارسة أصبحت سمة للسعوديين في كثير من البلدان ، حتى أن بعض الفنادق المحترمة تتحرج من استقبال السعوديين خوفا من الأجواء التي يشيعونها ويبحثون عنها . البحرين مثلها مثل أية دولة تتيح المجال لكل أنواع السياحة المحترم منها والماجن ، والعيب هو في من يبحث عن هذه السياحة الماجنة ، وليس فقط في من يعرضها . فهل لنا أن نقيم مواطن الخلل في ذواتنا قبل أن نطال الآخرين بالنقد والاتهام والتجريح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق