على مدى الأسبوعين الماضيين كثرت الأحاديث والأخبار المترقبة لموسم الأمطار في جدة خوفا من تكرار كارثتي السيول اللتين أصابتاها في مثل هذا الوقت في العامين الماضيين ، بما في ذلك الأخبار عن حشد الاستعدادات وقرب إنهاء المشاريع العاجلة لشبكات الأمطار والسيول في المدينة . القدر عاجل هذه المدينة بكارثة أخرى بعيدا عن مركز الاهتمام والتوقعات عندما شب حريق في مدرسة أهلية للبنات وأوقع عددا من الضحايا بين قتل وجرحى من المعلمات والطالبات ، معيدا إلى الأذهان ذكرى حريق مدرسة الهنداوية في مكة المكرمة قبل عدة سنوات . كم أرثي لحال هذه المدينة وسكانها ، ولحال أهالي القتلى والمصابين الذين أصيبو بهذه المصيبة التي لم يترقبها أحد وبالتالي لم يعد أحد لها أية عدة . الصور التي عرضتها القنوات الفضائية للمدرسة المصابة عرضت مبنى قديما رثا لا تبدو عليه ملامح أية تجهيزات لمقاومة الحريق ، وهو حال كثير من المباني المدرسية في بلادي وخاصة تلك التي تحتل مبان مستأجرة في شكل وحدات وعمائر سكنية . الخبر ذكر أن عددا من الطالبات اضطررن للقفز من النوافذ هربا من ألسنة اللهب والدخان الذي حاصرهن ، وأجزم أن الدفاع المدني لم يكن قد وصل بعد إلى موقع الحادث وإلا لكان مد لهن سلالم الهرب ، اللهم إلا إن كانت آلياته لا تضم مثل هذه التجهيزات ، أو أن هناك ثمة عائقا شرعيا من قيام رجال الدفاع المدني بانقاذ النسوة المصابات . ولأن شر البلية مايضحك فقد ذكرتني هذه المفارقة بذلك الزميل في الثانوية العامة الذي رسب في مادة الرياضيات فقرر عدم دخول الدور الثاني وإعادة السنة ليحقق المجموع الذي كان يحلم به ، فإذا به في العام التالي ينجح في مادة الرياضيات ويرسب في أربعة مواد أخرى . أجهزة إدارة مدينة جدة رسبت بجدارة في اختبار آخر من اختبارات المصائب والكوارث التي تحيق بهذه المدينة المسكينة بين الفينة والفينة ، وهي مسكينة ليست لأنها أسوأ حالا من غيرها من المدن ، بل لأن حظها وحظ أهلها العاثر جعلها تتعرض لمثل هذه الاختبارات مرة تلو المرة . وبالطبع ستمر هذه الكارثة مرور الكرام ، وسيطويها النسيان الذي طوى غيرها من الكوارث ، ولن نسمع أبدا عن مسئول استقال أو أدين بأي ذنب ، وربما لن يعدو العلاج شيئا من التعويضات المادية التي لن تصرفها وزارة المالية لأهالي الضحايا إلا بعد أن يجف رمقهم كما كان الحال مع تعويضات أهالي ضحايا السيول .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق