إمارتا دبي والشارقة تعانيان من أزمة وقود خانقة ، ومنظر السيارات المتراصة في محطات الوقود القليلة العاملة يثير الانتباه إلى حجم المشكلة ، علاوة على العدد الكبير من المحطات غير العاملة . والغريب أن الإعلام المحلي لم يشر إلى هذه المشكلة من قريب أو بعيد في اتجاه غريب من غياب الشفافية والوضوح حول مسببات هذه المشكلة . والواضح أن مقدار المنافسة بين إمارتي أبو ظبي ودبي قد بلغ أوجه خاصة بعد الأزمة المالية العالمية التي أضعفت موقف دبي أمام شقيقتها الكبرى ، حتى أن تلك استغلت هذا الوضع لاقتناص فرص الاستحواذ على مقتنيات دبي المميزة ، بما في ذلك التغير الذي أصاب اسم برجها الشهير الأعلى في العالم ليصبح برج خليفة بدلا من برج دبي . ولأن إمارة أبو ظبي وتوابعها من الإمارات الصغار الأخرى لا تعاني من أزمة الوقود هذه نظرا لتمتعها برصيد ومخزون نفطي ضخم ، ولأن إمارتي دبي والشارقة لا تملكان مثل تلك القدرة النفطية ، فإن هذا المورد يبدو أنه اصبح مجالا جديد للمنافسة ، وورقة ضغط أخرى تستخدمها الإمارة الأم لتعيد الإمارتين المارقتين إلى طوعها . ولأن إمارة دبي لا زالت تملك نفسا أطول في هذه المنافسة مقارنة بإمارة الشارقة ، فإن معالم أزمة الوقود فيها تبدو أقل استشراء منها في الأخرى ، فالوضع في الشارقة أسوأ بكثير ، وأهل الشارقة يذهبون إلى جارتهم عجمان لملء خزانات سياراتهم بالوقود . هذا الوضع أصبح ضاغطا على الجميع ، المواطنون والمقيمون في الإمارتين ، وذلك الحشد الكبير من السياح الذي ملء أرجاءهما . أذكر أيضا أن أسعار الوقود في الإمارات هي الأغلى بين كل دول الخليج ، في الوقت الذي نتمتع في المملكة بالأسعار الأرخص للوقود ربما على مستوى العالم ، ومع ذلك فنحن نستهلكه استهلاكا جائرا مثله في ذلك مثل كثير من الموارد الحيوية . ربما تكون أزمة الوقود في دبي والشارقة فرصة سانحة لوزارة البترول السعودية لرفع أسعار الوقود في المملكة إن وجهت لها شيئا من الزخم الإعلامي ، ومع ذلك فإن ذلك إن حصل سيكون سببا لغضبة شعبية عارمة ، خاصة أنها تأتي بعد تلك المكرمات الملكية التي صبت كثيرا من أموال الدولة في جيوب فئات من المواطنين . رفع أسعار الوقود ليس هدفا في حد ذاته ، ولكنه بالتأكيد إحدى أهم الوسائل التي يمكن بها السيطرة على ذلك النمط الجائر في استهلاك الوقود في المملكة . والأكيد أن أي تعديل في أسعار الوقود لابد أن يأخذ في اعتباره تباين قدرات الناس طبقيا واجتماعيا وجغرافيا ، فهناك الكثيرون ممن يطيقون دفع اسعار مضاعفة للوقود ، ومع ذلك فهم أكثر من يتسكع في الشوارع دون طائل ودون جدوى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق