تتوالى الأنباء منذ فترة عن مساعي الحكومة للسيطرة على أزمة أسعار الأعلاف في المملكة ، وهي المساعي التي شملت تدخل وزارة الداخلية ببياناتها التحذيرية ، وكذلك وزارة التجارة ، وأيضا عدد من إمارات المناطق التي قادت حملات للبحث والتحري والتحقيق في حالات مخالفة بعض التجار للتوجيهات الصادرة بهذا الشأن . هذه الحملة وهذه المساعي أبرزت قدرة هائلة لدى أجهزة الدولة للوقوف بالمرصاد لأي ممارسات من قبل التجار لرفع الأسعار واستغلال ظروف السوق للفوز بمكاسب غير مشروعة من وجهة نظر الدولة . واليوم وردت إلى هاتفي الجوال عدد من الرسائل التي تتضمن أخبارا متنوعة عن هذا الموضوع ، بما فيها تلك الرسالة الأخيرة التي تضمنت خبر مبادرة الشيخ سليمان الراجحي رئيس مجلس إدارة شركة دواجن الوطنية بتخفيض أسعار منتجات الشركة كردة فعل على تخفيض أسعار الأعلاف ، ومناشدته رجال الأعمال الاقتداء به وإبراز وطنيتهم في هذا الموقف . الأمر الذي أثار لدي كثيرا من الاستغراب والتساؤلات هو مدى أهمية قضية الأعلاف بالمقارنة مع الكثير من القضايا التي نشهد فيها تلاعبا وممارسات احتكارية من التجار . وأول وربما أهم هذه القضايا هي تلك المتعلقة بسوق العقار وأسعار الأراضي التي يبدو أنها أصبحت مستعصية عن الحل . السؤال هو ، إن كانت أجهزة الدولة تملك هذه السطوة والقدرة لمواجهة هذا التلاعب في أسعار الأعلاف فأين هذه الجهود من أسعار الأراضي والعقارات التي يتم التلاعب بها دون رقيب ولا حسيب . أم أن صوت البهائم يعلو على صوت المواطنين الذين أضناهم حل مشكلة اقتناء مسكن ملائم يغنيهم عن ذل الإيجار وسطوة تجار العقار . أم أن مصالح متخذي القرار في أجهزة الدولة لا تتمثل في سوق الأعلاف والبهائم كما هي في سوق العقار . واليوم أيضا عرضت قناة الإخبارية برنامجا استضافت فيه رئيس لجنة الشئون المالية في مجلس الشورى ، وتضمنت مشاركة من أحد أعضاء مجلس إدارة غرفة الرياض ، وهو في ذات الوقت رئيس اللجنة التأسيسية لشركة التمويل العقاري التي لا زالت تحت التأسيس بالرغم من مرور أكثر من سبع سنوات على تشكيلها . البرنامج لم يتضمن أي جديد سوى تقديم عبارات الوعود التخديرية بحل المشكلة بعد صدور القرارات الملكية المعروفة . والمشكلة أن لا أحد يعلم حتى الآن كيف سيتم تنفيذ هذه الأوامر في ظل غياب رؤية جادة وإرادة مخلصة لتبني الموضوع بما يستحقه من احترافية وجدية ، وفي ظل هذا التنافر والتضاد بين أجهزة الدولة ذات العلاقة . وإلى أن تبحث البهائم عن سكن ، فإن المشكلة ستظل تراوح مكانها بعيدة عن الحل ، إذ يبدو أنه لا يجمع اهتمام أجهزة الدولة على قلب رجل واحد إلا البهائم .
اخي خالد
ردحذفالغرف التجارية هي بيت الداء
العدل أساس الملك , أياً كان هذا الملك
ردحذفشكرا