أحد أسوأ المواقف التي يمكن أن يمر بها المرء أن يكون سببا في قطع عيش أحد من الناس ، ودائما أدعو الله ألا أضطر إلى أن أقف هذا الموقف . ولكن ظروف ومتطلبات العمل تفرض مثل هذا الموقف من وقت لآخر ، فاضطر لإنهاء عقد أحد من الموظفين إما لتقصيره أو لسوء أدائه أو ربما سوء خلقه . ولا يتم اتخاذ مثل هذا الإجراء بأي حال من الأحوال إلا وفق الأنظمة التي تحفظ حقوق الموظفين . ولأننا نعيش منذ فترة ضغطا متصاعدا على مواردنا المالية ، في ظل انحسار الدعم البنكي ، والعقبات البيروقراطية الحكومية التي تتسبب في تأخير صرف مستحقاتنا التعاقدية فقد وجدت نفسي مضطرا لتقليص طاقم العمل ، وجلست أراجع قوائم الموظفين لأحدد من سيقع عليه سهم القدر . المشكلة أن واقع الحال يقول أن بعض السعوديين من أولئك الموظفين هم الأقل إنتاجية والتزاما وحتى اتباعا لتعليمات العمل . ومع ذلك ، فإن فصل موظف سعودي يعد في عرف وزارة العمل أحد الكبائر ، خاصة في ظل برنامج نطاقاتها الجديد الذي وقعنا فيه في اللون الأصفر . ونحن بذلك ملزمون بتوظيف مزيد من السعوديين بدلا من فصل من هم على رأس العمل . وفي النتيجة ، فإنني إن أردت أن أتخلص من موظف سعودي كسول أصبح وجوده فرضا علي فإن علي أن أنهي مقابله خدمات أربع من الموظفين الوافدين لكي نحافظ على النسب المطلوبة . لعبة الأرقام هذه لا يمكن أن تخلق مناخا صحيا للعمل ، ويصبح التوظيف في النتيجة التزاما يهدف إلى تحقيق تلك الأرقام وليس إلى تطوير قدرات السعوديين المهنية والعملية . بنهاية اليوم حددت عددا من الموظفين الذين قاربت عقودهم على الانتهاء لكي نبلغهم بعدم قدرتنا على تجديدها . وبعد أن أنهيت هذه المهمة خرجت من المكتب ضائق الصدر ، إذ أن أولئك المساكين لا ذنب لهم فيما نعانيه من مشكلات تعود أساسا إلى ممارسات موظفي الإدارات المالية في الأجهزة الحكومية ، وعلى رأسهم ذلك الممثل المالي الذي ما أنزل الله به من سلطان . كل ما أرجوه أن يكتب الله لنا الفرج من هذه الضائقة ، والإفراج عن مستحقاتنا المتعثر تحصيلها قبل أن يحل موعد مغادرة أولئك المساكين ، علني أستطيع أن أبقيهم ضمن فريق العمل ، وأن أنجو من تأنيب الضمير الذي أصابني بالاختناق منذ الصباح .
لا تعليق
ردحذف