غادرت اليوم إلى دوحة قطر في رحلة طارئة لإنهاء بعض الأمور المعلقة مع بلدية الدوحة منذ حوالي ثلاثة أشهر ، ويبدو أن البيروقراطية الحكومية هي سمة مشتركة في الثقافات الخليجية والعربية . وعلى متن رحلة الخطوط السعودية جلس بجانبي رجل سعودي من ذوي السحنة المريحة للنفس . وبعد إقلاع الطائرة وتناول الوجبة الطارئة التي تقدمها الخطوط السعودية بدأت وجاري نتجاذب أطراف الحديث ، فوجدته يحمل فكرا عميقا ونظرة موضوعية لكثير من الأمور والمشاهد التي نعيشها في المملكة ، وهو ما أثار في نفسي كثيرا من الاستغراب . محمل هذا الاستغراب هو أن هذا الرجل يعمل مديرا لإحدى الإدارات في إحدى أهم المؤسسات الحكومية في المملكة ، وهي مؤسسة يؤخذ عليها كثير من المآخذ في منهج عملها ، وتدور حول قيادتها كثير من التساؤلات ، خاصة وأن أداءها شهد كثيرا من التراجع في نظر الكثيرين . ولأن هذا الرجل أبهرني بحديثه ومنطقه العملي ، فقد تساءلت كيف أن هذا الجهاز يحمل مثل هذا النقص في أدائه إن كان كل العاملين فيه مثل هذا الرجل . وكم من الأجهزة الحكومية التي تضم كفاءات جيدة وقادرة على إحداث ثورة حقيقية في أدائها ، ومع ذلك فهي تخضع لتلك الأنماط من الممارسات الإدارية العقيمة من قادتها من وزراء ورؤساء . أما آن لأجهزتنا الحكومية أن تنفض عنها هذا الفكر القديم في الإدارة ، وتجدد دماء قياداتها ، وتتيح الفرصة لهولاء الشباب ليتولو القيادة في هذا الوقت الحرج ، خاصة وأن الدولة استثمرت الكثير من الأموال لابتعاثهم وتعليمهم وتأهيلهم ، لتضعهم في النهاية في الصفوف الخلفية وراء تلك القيادات التقليدية بفكرها الإداري الرجعي . أنظر دوما إلى مؤسسات الدولة بدء من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى إلى بقية الوزارات والهيئات فأجد على قمة الهرم فيها رجالا قد بلغو من العمر أرذله ، فيما الشباب المتعلمون المؤهلون يجلسون في المقاعد الخلفية وقد قيدت أيديهم بأنظمة وصلاحيات محدودة . عندما أرى هذا الواقع أحمد الله أن اتخذت قرارا مبكرا في حياتي العملية بالخروج من القطاع الحكومي والانخراط في العمل الخاص . فأنا بذلك على الأقل أعمل قدر استطاعتي على تحقيق تطلعاتي وأحلامي دون أن أنتظر رأيا من رئيس ، أو إذنا من وزير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق