أحمد الله أن حضور مؤتمر الإسكان اليوم كان أفضل منه يوم أمس ، إذ أنني كنت قد عقدت العزم على الاعتذار عن الحديث فيه لو لم يكن الأمر كذلك . أفرحني وفاجأني أيضا وجود عدد من الشباب السعوديين الذين أوفدتهم وزارة الإسكان لحضور المؤتمر فيما رأيت فيه بادرة حسنة من الوزارة على الأقل للاستماع لما يقال في السوق حول هذه القضية . وأنا في الحقيقة تحاشيت في حديثي أي نقد مباشر لما تقوم به الوزارة على الأقل من قبيل التغيير ، إذ خشيت أن يظن البعض أنني أستهدفها دوما بسهام النقد ، أو أن بيني وبين وزيرها شيئا من الخلاف أو الاختلاف . ومع ذلك ، فإن سؤالا من أحد الحضور أجبرني على أن أخالف ما عزمت عليه ، إذ أن الجواب عليه لم يكن يحتمل أية مواربة أو تزييف . هذا السائل بنى سؤاله على ما عرضته من واقع مرير في أزمة الإسكان ، والجذور التاريخية لهذه المشكلة ، والتي رسمت ثقافة لا تخلو من خصوصية محلية جعلت المشكلة عصية على الحل . السؤال كان ، من الذي يمكن أن يعلق الجرس ويقود مسيرة الحل ، وهو سؤال ليس له إلا جواب واحد لا غير ، وزارة الإسكان . وفي ظل غياب أية جهة منظمة لقطاع العقار في المملكة ، وفي ظل تناثر الصلاحيات والمسئوليات بين عدد من الجهات الحكومية وغير الحكومية ، فإن وزارة الإسكان هي الوحيدة التي تملك القدرة على صياغة وإدارة وقيادة مسيرة حل هذه الأزمة ، انطلاقا من فهم عميق لجذورها ومسبباتها ، وهو ما لم يلمسه أحد من الوزارة حتى الآن . بل على العكس ، فإن الوزارة قد اختطت لنفسها منهجا لن يسهم إلا في تعميق المشكلة ، ولن ينتج إلا مزيدا من هدر الموارد وإضاعة الوقت والجهد في محاولات بائسة تمت تجربتها في السابق وثبت فشلها الذريع . منهج الوزارة في البناء المباشر للمساكن خطأ لا يمكن أن يغتفر إن هي أصرت عليه ، ولا يمكن أن يبرره أي ضغط سياسي أو إعلامي أو شعبي يطالب بالحسم في حل المشكلة . أحد الإخوة الحضور الذين أوفدتهم الوزارة انبرى للدفاع عنها بعد أن قلت ما قلت ، وطفق يكرر ذات العبارات المليئة بالوعود والتطمينات التي نسمعها دوما من مسئولي الوزارة ، علاوة على التلويح المسبق بمبررات الفشل التي تشير إلى أن الوزارة لا تملك عصا سحرية ولا تملك الصلاحيات الكافية لأداء المهمة . السؤال إذن ، إذا كان الوزير وفريقه يشتكون من نقص الأراضي وقصور الصلاحيات وغير ذلك من المبررات التي توحي بالفشل قبل وقوعه ، فلماذا إذن لا يتمتعون بالأمانة الكافية للرجوع إلى من كلفهم بهذه المهمة والاعتذار عنها ، أم أن الفرصة في إدارة هذه المحفظة المالية الضخمة أكبر من أن يفوتها أحد فيصبح في عداد المغفلين الأمناء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق