أتممنا في الأسبوع الماضي تصميم مشروع منزل صغير ضمن مجمع سكني يقطنه
واحد من علية القوم في البلاد ، وبدأ على الفور تنفيذ المشروع على جزء من أرض
المجمع . المالك أرسل مندوبه إلى شركة الكهرباء لتقديم طلب لزيادة طاقة العداد
الحالي في المجمع الذي شهد ويشهد كثيرا من التوسعات الإنشائية ، فجاء رد الشركة
بأن عليه أن يدفع المبالغ المتأخرة عليه قبل تنفيذ هذا الطلب . أصابتني رعشة عندما
علمت الرقم الذي يمثل هذه المبالغ المتأخرة ، والذي بلغ 12 مليون ريال مقابل
فواتير لم تسدد من العام 2006 ، أي على مدى خمس سنوات . أحمد الله أن هذه
المعلومات جاءتني اليوم في مكالمة هاتفية مع هذا الرجل ، إذ أنني حتى لو تمكنت من كتم
تلك الصرخة التي كانت ستنطلق من صدمتي بهذا الرقم فإنني لم أتمكن من إخفاء معالم
الدهشة المختلطة بالغضب التي علت وجهي . وأنا في الحقيقة شعرت بشيء من الغضب من هذا
الرجل الذي استمرأ عدم سداد مستحقات الشركة طيلة تلك الفترة ، في الوقت الذي يعيش
عيشة رغدة ينفق فيها كمن لا يخشى الفقر . ولكنني عندما أمعنت التفكير في الأمر
عذرته في ذلك ، فالمال السائب كما يقولون يعلم السرقة . وإذا كانت الشركة قد صمتت
عن هذا الواقع طيلة تلك السنين فهي الأولى باللوم والغضب من هذه السلبية . ولكني
عدت أيضا وعذرت الشركة فيما فعلت ، فهي في مقابل هذا الحال من عدم السداد من أناس محسوبين
على الدولة ، فإنها تحصل على مليارات ومليارات من الدعم المباشر وغير المباشر في
شكل قروض حسنة وبراميل نفط زهيدة السعر . وهي بذلك تحصل من الدولة على شكل من
أشكال التعويض عن تلك الموارد المعدومة . أكثر ما أزعجني وكدر خاطري أن الشركة
أرسلت إلي يوم أمس إنذارا بفصل التيار بعد أن كنت قد نسيت سداد فاتورة الشهر
الماضي قبل الموعد المحدد ، مع أن قيمة الفاتورة لم تتجاوز مبلغ 3000 ريال فقط لا
غير . قررت أمام هذه التجربة أن أشجع أبنائي على استهلاك الكهرباء بأي شكل ، وأن أتوقف
عن إطفاء مصابيح الإضاءة في غرف المنزل . إذ أنه لربما يكون لي أن أدرج في قائمة
العملاء الذين تسكت عنهم الشركة إن ارتفعت قيمة فاتورة الكهرباء في منزلي المتواضع
لتبلغ حد الملايين ، فالشركة كما يبدو تهتم أكثر بجمع الفواتير الصغيرة ، وتسكت عن
الفواتير الكبيرة وأصحابها من كبار العملاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق