صباح اليوم تصفحت بعض الصحف السعودية على الانترنت من غرفتي في الفندق الذي أقيم فيه في دبي فلفت نظري خبر يمر في العادة مرور الكرام دون أن ينال حظا من الاهتمام . الخبر كان عن إعادة انتخاب الشيخ عبد الرحمن فقيه لرئاسة مجلس إدارة شركة مكة للإنشاء والتعمير ، وأنا لا أعلم في الحقيقة عدد المرات التي أعيد فيها انتخابه لهذا المنصب ، ولكنني أعلم علم اليقين أنه كان وما زال يحتله منذ أن تأسست هذه الشركة التي أعتقد أن عمرها لا يقل عن عشرين عاما . هذا الخبر أثار انتباهي إلى ظاهرة سيطرة عدد من رجال الأعمال على مناصب الإدارة في شركات يفترض فيها أنها شركات مساهمة يتم تداول أسهمها في سوق الأسهم ، ويفترض أنها تطبق وبشكل عملي أحد أهم مباديء الإدارة والحوكمة ، وهو مبدأ فصل الإدارة عن الملكية . بدأت أسترجع من الذاكرة بعض الشركات المساهمة التي تبرز فيها هذه الظاهرة ، بما فيها مجموعة سامبا المالية التي يرأس مجلس إدارتها عيسى العيسى منذ زمن طويل ، وشركة المملكة التي يرأس مجلس إارتها الأمير الوليد بن طلال ، وشركة الحكير التي يرأس مجلس إدارتها فواز الحكير ، وشركة دار الأركان التي يرأس مجلس إدارتها يوسف الشلاش ، وغير هؤلاء الكثير . هذه الشركات كانت في الأصل شركات عائلية تخضع لسيطرة عائلة واحدة أو فرد واحد ، ثم تحولت بقدرة قادر إلى شركات مساهمة عبر طرح جزء يسير من أسهمها للاكتتاب ، فيما ظلت تحت سيطرة ذات العائلة أو ذات الفرد . ولأن هذا الفرد يملك الحصة الأكبر من أسهم الشركة ، فإنه سينتخب بكل تأكيد رئيسا لمجلس الإدارة دورة بعد دورة . لم أستطع أن أفهم هذه الظاهرة إلا على أن ما يحصل هو استغلال لحاجة الناس في تحقيق مكاسب استثمارية من اكتتابهم في هذه الشركات ، فيما تظل السيطرة والسطوة لذات القيادات القديمة . هذا الواقع لا يمكن أن يحقق لهذه الشركات أي تطور في رؤيتها وأدائها طالما بقيت تدار بذات الشخوص وذات العقليات . وحتى لو عانت الخسائر فإن قادتها قد خرجو بالمكسب الأهم من عوائد الاكتتاب التي دخلت جيوبهم منذ اليوم الأول للطرح . وما التدهور الذي نراه في قيمة أسهم شركة مثل شركة الحكير أو دار الأركان إلا نموذج لما أتحدث عنه . وبينما تبقى وزارة التجارة وهيئة سوق المال نائمتين في العسل عن هذا الواقع المخل ، ستظل هذه الشركات نموذجا لممارسات ملكية الطابع عائلية الممارسة في الواقع ، فيما تلبس قناع المؤسسية والاحتراف لامتصاص مدخرات الناس واللعب بها في سوق المال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق