منذ أن أعلن عن قيام أمير منطقة الرياض بتدشين الحركة المرورية في طريق الملك عبد الله قبل عدة أيام وأنا أتحرق شوقا لتجربة السير في هذا الطريق بعد ثلاث سنوات من المعاناة من تحويلاته واختناقاته . ولكن لم يتسن لي إشباع هذه الرغبة الجامحة في ذلك الحين نظرا لغيابي في رحلة القاهرة المفاجئة . وإذ عدت من هذه الرحلة ليلة البارحة ، فقد آليت على نفسي أن أذرع الطريق هذا اليوم ذهابا وجيئة لأطفيء شوق ومعاناة الانتظار ، وأشبع فضولي من تفاصيل تصميمه التي اختفت عن الأنظار وراء المتاريس الاسمنتية ، ولو أن ملامحها بدت على الأجزاء المفتوحة من طريق الخدمة ، عارضة نموذجا آخر من تطبيقات التصميم المبتذل الذي لا يخدم متطلبات الوظيفة وطبائع المستخدمين . المفاجأة كانت أن الطريق ليس جاهزا بعد للاستخدام الآدمي ، ولا زال مغلقا أمام حركة السير ، فالعمل فيه لم ينته بعد ، ولا زالت فرق العمالة تضع لمساتها هنا وهناك . إذن ، فتدشين الطريق وذلك الاحتفال والتغطية الإعلامية لم تكن سوى نموذجا آخر من الاحتفاء الصوري بمنجز لم يتم بعد ، مثله في ذلك مثل مشروع جامعة الأميرة نورة التي افتتحت ولما تنتهي أعمال إنشائها وتجهيزها بعد . علمت فيما بعد أن حفل التدشين تم على عجل ليتزامن مع الذكرى السادسة لبيعة الملك ، في شكل من أشكال الاحتفال والاحتفاء بهذه الذكرى . وأنا لا أدري إن كان هذا الترتيب تم بشكل مسبق ، أم أنه كان وليد اللحظة . فتاريخ هذه الذكرى معلوم للجميع ، وكان من الممكن تحديد هذا التاريخ لمقاول المشروع ليشحذ همته وينجز أعمال المشروع بشكل تام على أرض الواقع حتى يكون الاحتفاء حقيقيا وليس صوريا فقط . وعلى أي حال ، فصبر ثلاث سنوات طوال لن يضيره أن يمتد شهرا أو شهرين آخرين ، خاصة وأن امتحانات المدارس على الأبواب ، وسيحل عن قريب الموعد السنوي لتفريغ الرياض من ساكنيها الذين سيتسابقون هذه السنة على السفر مبكرا لاستغلال الفترة القصيرة المتاحة من إجازة الصيف قبل حلول شهر رمضان المبارك . وفيما أعلم من مصادري في هيئة تطوير الرياض ، فإن تصميم المشروع تم لكامل الطريق الذي سيتم تنفيذه على مراحل متعددة ، وليس الجزء الذي تم تدشينه الحركة فيه إلا واحدا من أجزائه ، إذ بدأت حالة المعاناة تمس السكان والمرتادين للطريق في أجزاء أخرى منه . السؤال الذي يراودني دوما ، هل سيتم إنجاز الطريق بذات ملامح التصميم الذي تم تنفيذه في الجزء الأول ، أم أن اختلاف المقاولين سيؤدي بالتبعية إلى اختلاف ملامح أجزائه ، ليكون لكل مقاول لمسته الخاصة على الجزء الذي قام بتنفيذه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق