خرجت بعد ظهر اليوم من رحاب شركة أرامكو وأنا ممتليء بمشاعر مختلطة وأفكار متضاربة . الأكيد أن هذه الزيارة ستمدني بمواد دسمة أملأ بها صفحات مقالي الأسبوعي في جريدة الاقتصادية لأسابيع عديدة ، وعليه فأنا أتطلع إلى صبر قراء هذه المدونة الكرام حتى أسرد خلاصة تلك التجربة في مقالات الجريدة . والحقيقة أن أرامكو هي فعلا كما قيل لي دولة شبه مستقلة . وأبرز أوجه هذا الاستقلال أنها تبدو من داخل أسوارها كما لو كنت قد غادرت البلد إلى مكان آخر ذو صفات مختلفة ويعيش فيه أناس ذوو طباع مختلفة ، مع أن أكثر السكان والعاملين في هذه الدولة هم من السعوديين مثلهم مثل أولئك الذين يعيشون خارج تلك الأسوار . أرامكو بحق مفخرة وأي مفخرة ، ولكنها أيضا لا تخلو من منغصات ، فلا شيء في هذه الدنيا يدنو من الكمال . ولكنها منغصات تختلف عن ذلك النمط الذي واجهني به ذلك الجندي المرابط عند جهاز فحص الحقائب في مطار الدمام والذي اصطدمت به عند عودتي الليلة من هناك إلى الرياض . هذا الرجل أصر على أن أعود أدراجي لأقوم بإدخال حقيبتي الصغيرة إلى الشحن بدلا من حملها داخل الطائرة ، وذلك لأنها تحتوي على زجاجة الشيشة التي أحملها معي كي لا أضطر إلى البحث عن مقاهي الشباب . قلت له أنني أتيت بذات الحقيبة يوم أمس من الرياض ولم يمنعني أحد في مطار الرياض من حملها إلى داخل الطائرة . فما كان منه إلا أن رد بالعبارة الشهيرة ، هذا هو النظام إن أعجبك وإلا فلا تسافر . أبديت استغرابي من هذا النظام المكتوب في رؤوس من ينفذونه فقط ، إذ أنه لو كان نظاما جادا لنفذه موظفو مطار الرياض أيضا ، وهم في العادة أكثر صرامة ودقة في تنفيذ الأنظمة . وقبل أن أتمادي في الجدل مع هذا الجندي جذبني رفيق الرحلة بعيدا عنه رأفة بي من تصعيد للموقف أنا الخاسر الوحيد فيه . شكرته على تنبيهه لي ، وقلت له بحسرة ، الأنظمة في أرامكو مكتوبة في كل ركن وعلى كل حائط ، رأيتها اليوم بأم عيني ، فكل شيء واضح للجميع ، ولا يمكن لأحد أن يفرض أمرا أو عقوبة على أحد إلا بناء على نظام منشور ومعلن ومعروف للجميع . أيقظني صديقي من سباتي إذ قال ، انتبه يا هذا ، فقد غادرنا دولة أرامكو المستقلة .
لماذا لا تكون بلدنا منظمة كارامكوا ، وتكون احياؤنا كدرة الرياض او حي السفارات ، وتكون مستشفياتنا الحكومية كمستشفى التخصصي ومستشفى المملكة ، ومدارسنا الحكومية كمدارس المملكة او الملك فيصل ، وجميع طرقنا وشوارعنا كطريق الملك عبدالله وشارع التحلية . الامكانات المادية والبشرية موجودة ولكن النية ليست بعد.ارجوا من الله ان يتحقق ذلك قريبا.
ردحذفبعيدا عن المضمون فقد عرضت مدونتك اليوم بلغة أدبية رائعة, أرامكو أبعتدك عن الهم اليومي وعشت الحلم , أنا أنتظر مقالاتك كونها ستعرض رؤياك ورأيك في دولة أرامكو السعودية المستقة
ردحذفتحياتي