يرى المرء في حياته صنوفا شتى من البشر الذين تتنوع طباعهم وأهواؤهم ومناطقهم ، وهم في ذلك يتراوحون ويتفاوتون بين طرفي النقيض ويميلون ميلا من طرف إلى طرف . والغريب ، أن هذا التفاوت يقع بين الإخوة الأشقاء وهم قد عاشو وتربو في بيت واحد ووفق ذات الظروف . ولكن أشنع صنوف البشر هو ذلك الصنف الذي يتعامل مع الناس ، كل الناس ، من منطلق الأنانية وحب الذات ، ويفعل في سبيل تحقيق رغباته كل شيء وأي شيء ، ولا يترفع أو يهتز له جفن أن يجر أي نوع من الضرر حتى على أقرب الناس إليه . ومنذ فترة عايشت قصة ينفطر لها القلب بطلها أحد شباب هذا الجيل المترف الذي يبدو أنه تربى على الأنانية وحب الذات . هذا الشاب تزوج من فتاة من أسرة كريمة ، تعلقت به وأحبته ومنحته كل شيء من أجل بناء أسرة سعيدة . وطيلة عمر هذا الزواج مارس هذا الشاب كل صنوف التهرب من المسئولية في الإنفاق على أهل بيته ومتطلبات حياتهم . في حين أن زوجته التي سخر الله لها وظيفة جيدة تحملت أكثر من طاقتها في مساعدته على تحمل أعباء الحياة وتغطية نفقات العيش ، حتى أنها حصلت على قرض بنكي قدمته له طائعة حتى يتمكن من شراء منزل سجله باسمه منفردا ، وأسهمت بما تبقى من مرتبها الشهري في دفع رواتب الخادمة والسائق والصرف على أبنائهما الذين أنجبتهم له بكل الحب ، واشتغلت بتربيتهما أحسن تربية ، في الوقت الذي انشغل هو بنمط مستقل من الحياة عاش فيه متعه الخاصة بعيدا عن زوجته وأبنائه . وبعد أن وصل هذا الشاب إلى مرحلة من الاستقرار والاستقلال المالي ، وبعد أن واجهته زوجته بما لاحظت عليه من انغماس في علاقات نسائية مشبوهة ، بادر هذا الكافر بالنعمة إلى تطليق زوجته هكذا بكل دم بارد . الأنكأ من ذلك ، وهو ما سمعت به اليوم وأفسد مزاجي فيه ، أنه أبلغها بأنه لن يتحمل من نفقاتها وأبنائها أي شيء سوى ما تجود به نفسه دون أي التزام ، وتخلى عن مسئولية تربيتهم ، حتى أنه أبلغها بأنه لن يستطيع أن يراهم طيلة الصيف لسفره خارج المملكة في رحلة ربما ستكون بصحبة إحدى خليلاته المشبوهات . وعندما ألحت عليه في أن يتحمل مسئولياته المادية على الأقل فيما يتعلق بتربية أبنائه ما كان منه إلا أن رد عليها بكل استهتار طالبا منها أن تذهب إلى المحكمة إن لم يعجبها منه هذا الموقف . وبالطبع ، فإن هذا الشاب لم يفعل فعلته هذه إلا وهو يعلم علم اليقين كم هو عسير أن تحصل المرأة المطلقة على حقها في أروقة القضاء في بلادنا ، وكم هي ضعيفة في مواجهة هذه السطوة الرجولية لدى القضاة ، وكم هو يسير عليه أن يتهرب من مسئولياته لسنوات طوال قبل أن يتسنى لها أن تحصل ولو جزء من حقها وحق أبنائها . وفي ظل هذا الخلل في حالة القضاء يصبح هذا الصنف من الناس في منجى من العقوبة طالما فقدو الضمير الحي وحس الإنسانية ، وأصبحت الأنانية ديدنهم حتى لو كانت على حساب أبنائهم وفلذات أكبادهم ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
محزن جدا
ردحذفالكلب أوفا منه
(أشنع صنوف البشر هو ذلك الصنف الذي يتعامل مع الناس ، كل الناس ، من منطلق الأنانية وحب الذات )
ردحذفكلام سليم وآمل ألا نكون كلنا منهم
تحياتي