حضرت اليوم اجتماعا مع أحد المدراء العامين بوزارة الإسكان في لقاء كنا كلانا قد اتفقنا على عقده منذ فترة . الرجل أسبغ علي كريم عطفه حين عبر عن إعجابه بما أطرحه في الصحافة من رؤى تتعلق بقضية الإسكان ، حتى ما كان منها يتناول بالنقد والتحليل دور هيئة الإسكان ، ومن ثم وزارة الإسكان ، في معالجة هذه القضية المستعصية على الحل . الاجتماع كان مخصصا لمناقشة هذه الرؤى التي كنت أسعى إلى أن تجد شيئا من التلقي الجاد علها تسهم في تصحيح مسار التعاطي مع هذه القضية . وفي الحقيقة ، فإن ما خرجت به من الاجتماع كان خليطا من اليأس والأمل في آن واحد . فمن جهة ، مارس هذا المسئول الدور المعتاد من المسئولين الحكوميين في الدفاع عن ما تقوم به وزارته ، وتبرير ما تتهم به من قصور وتقصير عبر إلقاء اللوم على جهات أخرى من أجهزة الدولة ، وعلى قلة الإمكانات البشرية مقابل حجم المسئولية الملقاة على عاتقها ، علاوة على إبراز وتضخيم ما قامت به من إنجازات في عمرها القصير ، والتأكيد على أنها تملك الآن برامج جادة وفاعلة لمعالجة المشكلة . قلت له فيما قلت ، أن مشكلة الوزارة هي في أنها سلكت الطريق الخطأ للوصول إلى حل المشكلة ، وهي بذلك وقعت في فخ التعرض للعقبات والمشكلات التي ذكرها في معرض حديثه . من ذلك ما اشتكى منه من قصور في الموارد البشرية يتطلبها برنامج تنفيذ مشروعات الإسكان التي كلفتها بها الدولة ، في حين أن الوزارة لن تحتاج إلى تلك الموارد البشرية الضخمة فيما لو تبنت مبدأ إيكال مهمة التنفيذ إلى القطاع الخاص ، وإسناد أعمال الدراسات والتخطيط والتطوير والبناء والتسويق إلى جهات متخصصة ، والاكتفاء بأداء الدور التشريعي والرقابي والتنظيمي الذي يفترض بها القيام به في الأساس . وبعد كثير من النقاش الذي انتابته شيء من الحدة في بعض الأحيان ، قال هذا المسئول ما يعجز عن قوله كثير من المسئولين أمثاله في كثير من المواقف . قال أنه يعلم صحة ما أطرحه ويطرحه غيري الكثيرون من رؤى حول هذا الموضوع ، ويقر بخطأ التوجه الذي اتخذته الوزارة ، فيما سماه موقفا شخصيا ينفصل عن موقفه الرسمي كمسئول في هذه الوزارة . ولكن مع هذا الاعتراف ، إلا أنه قال أنه لا يملك أن يقدم وجهة النظر هذه من موقع مسئوليته ، خاصة وأنه يعمل في وزارة يقودها شخص يتصف بالمركزية والتفرد في الرأي ، ويعمل وفق رؤية فوقية تنطلق من قناعة بعدم مصداقية كل المتحدثين حول هذا الموضوع ، سواء منهم الكتاب الذين لا يريدون إلا تصيد أخطاء المسئولين ، أو شركات القطاع الخاص التي لا تريد إلا أن تقطف ثمرة هذه المشاريع لتحقق مزيدا من الأرباح والعوائد . وإذا كان الوزير يدير هذه الوزارة الحيوية بهذا المفهوم وهذه القناعة وهذه السيطرة ، وهو في ذات الوقت يحمل كل هذا التجريم المسبق لكل أطراف اللعبة في شكل من أشكال ترسيخ أزمة الثقة بين القطاعين الحكومي والخاص ، فإن هذه المشكلة لن تجد طريقها للحل ، حتى ولو كان في الوزارة مثل هذا المسئول الذي اجتمعت به اليوم ، فهو لن يستطيع أن يقوم بالدور المأمول تحت مظلة هذا الوزير أحادي النزعة .
شكرا لك لمشاركتنا في هذا الموضوع , وأوافقك الرأي وأرى أن الوزير الجديد يود أن يرجع الى نظام القطاع العام المسيطر على كل الأعمال وتتحول الناس الى موظفين حكوميين , وإضعاف دور القطاع الخاص في التنمية , الوزير الجديد لن ينجح بهذا الأسلوب حسبما أرى , ولم يستفيد من التجارب السابقة لدول أخرى خطت نفس الطريق الذي يسلكه الآن هو.
ردحذفتحياتي