في مثل هذا اليوم قبل سبع سنوات انتقلت والدتي إلى رحمة الله تعالى . ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش فراغا رهيبا بعد أن فقدت أعز إنسان في الوجود . وفي كل عام منذ ذلك اليوم وأنا أتعجب من حال الإنسان الذي يقلب الله قلبه بين مشاعر الفرح والحزن من ساعة إلى ساعة . يوم أمس كنت أعيش مشاعر غامرة في ذكرى زواجي ، واليوم ها أنا غارق في مشاعر الحزن التي تتجدد كل عام في مثل هذا اليوم ، مع أن ذكراها لم تغب أبدا عن خافقي . منذ ذلك اليوم وأنا أعيش مع أختي الكبرى التي تقيم في المدينة المنورة موقفا متضاربا من فقد والدتنا العزيزة . أقول لها أنني لم أشبع من صحبتها بعد أن أشغلتني الدنيا وأبعدتني الغربة وطلب العلم والرزق في بلد آخر ، ولم أكن أراها إلا عندما تجمعنا الأعياد والمناسبات المتباعدة من وقت لآخر . في الوقت الذي كانت أختي تراها كل يوم ، تسعد بصحبتها وتقوم على شئونها وكسب رضاها . وهي في المقابل تقول لي أنني أكثر حظا منها ، فأنا معتاد على فراقها ، بينما هي تعيش بعد فقدها كما لو أن روحها نزعت منها بعد أن غابت من كانت تشغل وقتها وتملأ حياتها . وفي كل الأحوال ، فإن الدنيا كلها لقاء وفراق ، وكلنا سائرون على هذا الدرب . وكل ما أرجوه أن يجمعنا الله بأحبتنا في جنانه يوم البعث ، وأن يحسن خاتمتنا بخير العمل . وعودا على الحديث عن مشاعر الفرح ، فقد أسعدني عدد كبير من الصدقاء باتصالاتهم ورسائلهم الإلكترونية هذا اليوم ليهنئونني بهذه المناسبة السعيدة . هذه الاتصالات والرسائل أسعدتني وخففت عني وطأة الحزن الذي غمرني منذ الصباح ، فلهم مني كل الشكر والعرفان . الجميل أن أيا من تلك الاتصالات والرسائل لم يتضمن ما كنت أخشاه من سخرية أو اعتراض على فكرة الاحتفال بذكرى الزواج ، بل على العكس ، فقد وجدت الكثير من المساندة والدعم ، حتى أن بعضهم أشاد بما قمت به من الكتابة في هذه المدونة ، ورجو أن يكون في ذلك شيئا من تشجيع الآخرين على إشاعة المعروف وحسن العرفان . والحقيقة ، أن الدنيا كلها كأنها مسيرة يوم ، ولا يجوز أن نضيعها بالتشاؤم والصراعات والأنانية ، ولا يبقى لأي منا بعد أن يحين أجله سوى الذكرى الحسنة والسيرة العطرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق