اتصل بي مساء اليوم أحد الإخوة مبديا عتبه على ما سطرته يوم أمس في هذه المدونة حول موظفي السفارات السعودية في الخارج ، ورأى أنني أخطأت بتشويه صورة ممثليات المملكة وأنني ربما أكون قد بالغت بعض الشيء فيما ذكرت . وفي الحقيقة ، فإنني أقر أن الأمر يمكن أن لا يكون بذات الشيوع الذي أوحى به حديثي يوم أمس ، وأنا شخصيا شهدت كثيرا من حالات حسن التعامل في بعض السفارات التي زرتها . ولكنني قلت للمتصل الكريم أيضا أن المرء يسعى دوما إلى الكمال ، وما تسجيل الملاحظات حول المشاهد السلبية إلا وسيلة لمعالجتها ورأب الصدع فيها ، وخير لنا أن نرى عيوبنا بأنسفنا ونسعى إلى إزالتها عوضا عن أن يراها الآخرون ويتحدثون عنها بلسان التجريح والنقد بكل ما قد يرافق ذلك من تضخيم وتهويل . سقت لأخي هذا مثالا بالموقف الذي اتخذته إحدى قنوات التلفزة البريطانية عندما نشرت نبأ جلد مواطنة سعودية بتهمة قيادة السيارة ، وقلت له أن القناة ركزت على هذا الخبر دون أن تدقق فيه وتتأكد من طبيعة التهمة وما يمكن أن تكون تلك السيدة قد قامت به تجاه أجهزة الأمن بما دعاهم إلى إيقاع تلك العقوبة عليها ، وربما يكون الخبر مغلوطا وملفقا من الأساس . وفي المقابل ، فإن القناة تغافت عن عشرات السعوديات اللائي قدن سياراتهن دون أن يتعرضن لمثل هذه العقوبة ، ودون أن يتم حتى توقفيهن واحتجازهن كما كنا نسمع في سالف الأزمان . أجهزة الإعلام الخارجية تتسقط لنا الهفوات والزلات وتعمل على تسجيلها وتضخيمها ونشرها كونها مادة ثرية عن بلد تحيط به الأقاويل ويعيش حالة من الغموض نتيجة الإنغلاق الذي يسمه ، ونحن علينا في مقابل هذا الاتجاه أن نعجل في تأكيد الانفتاح على الآخرين ، وتسجيل مواطن الخلل في أداء أجهزتنا الرسمية والمدنية والعمل على معالجتها كي لا تكون مادة لذلك الإعلام المتصيد . وفي المقابل ، فإن حديثي بالأمس لم يكن من قبيل التجني والمبالغة الممجوجة ، فأنا شخصيا عشت حالتين متناقضتين مع السفارة السعودية في الأردن . فلذات السفارة كنا قد قدمنا طلبين لإصدار تأشيرتي زيارة إلى المملكة لسفرة واحدة ولمدة شهر واحد ، الأولى لهذا المهندس الذي تحدثت عنه يوم أمس ، والثانية لمهندسة أردنية تحمل جوازا أمريكيا . والنتيجة كانت أن السفارة رفضت منح المهندس الأردني تأشيرة الزيارة ، فيما منحت الأخرى ذات الجنسية الأمريكية تأشيرة متعددة السفرات لمدة ستة أشهر . أليس هذا دليلا على خلل مزعج في تلك السفارة ، أم أن الجواز الأمريكي يستحق مثل هذا التعامل الخاص وهذا الاحترام المتميز .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق