التجميل

الخميس، 29 ديسمبر 2011

اليوم 338

التقيت اليوم مدير شركة مقاولات تركية ، وهي إحدى شركات المقاولات العملاقة في ذلك البلد التي حصلت على ترخيص من هيئة الاستثمار للعمل في المملكة . اللقاء كان يهدف إلى بحث سبل التعاون في سوق الإنشاءات السعودي ، خاصة في هذا الوقت الذي أصبح هذا السوق قبلة للشركات العالمية في مختلف المجالات ، وخاصة بعد أن فتحت هيئة الاستثمار الأبواب مشرعة لها للدخول إلى هذا السوق . هذه الشركة تحمل ترخيصا بملكية مطلقة دون أية مشاركة من أية جهة محلية ، وأمضت حتى الآن أكثر من ثلاث سنوات من التواجد في المملكة دون أن تنجز شيئا يذكر من المشروعات في قطاع المقاولات . مدير الشركة اشتكى من أن الجهات الحكومية تشترط عليهم الحصول على تصنيف محلي من وزارة الشئون البلدية والقروية للسماح لها بالدخول في المناقصات الحكومية ، مع أني أعلم أن مجلس الوزراء قد أصدر قرارا سابقا بهذا الشأن وأقر قبول تصنيف الشركات الأجنبية في بلدانها كأساس للتصنيف المحلي في المملكة ومن الدخول في المنافسات الحكومية . المدير قال أن السبيل الوحيد أمامهم للعمل في السنوات الماضية كان العمل كمقاول من الباطن للشركات السعودية الكبرى ، وقال أنهم عملو بهذا الشكل مع إحدى الشركات الثلاث التي قامت بتنفيذ مشروع جامعة الأميرة نورة في الرياض ، وعانو الأمرين في الحصول على مستحقاتهم عن الأعمال التي أنجزوها في ذلك المشروع ، وهي تجربة جعلتهم يتخذون قرارا بعدم الدخول في أية مشروعات كمقاول من الباطن تفاديا لتكرار تلك المعاناة . المدير قال أيضا أنهم دخلو السوق أساسا بشراكة مع أحد أبناء الأسرة المالكة اعتقادا منهم بأن هذا الشريك سيكون عونا لهم للحصول على عقود مجزية ، ولكنهم لم يخرجو من هذه التجربة إلا بخسائر من أموال دفعوها كعمولات لهذا الشريك الذي لهم يحقق لهم أيا من الوعود التي تعلقو بها في هذه الشراكة ، فقررو فض هذه الشراكة والتحول إلى الملكية الأجنبية المطلقة . قلت لهذا المدير أن دخول السوق السعودي بهذه الطريقة كان خطأ منذ البداية ، فلا أحد يستطيع أن يضمن للشركات الأجنبية ترسية عقود لمجرد كونه ينتمي إلى الأسرة المالكة أو يتمتع بأي شكل من أشكال النفوذ . وفي المقابل ، فإن عددا محدودا من شركات المقاولات السعودية الكبرى التي يعلمها الجميع تتمتع بهذا الامتياز ، وهو ما يجعلها البوابة الوحيدة للحصول على عقود من الباطن من بين تلك العقود المليارية الضخمة التي تتم ترسيتها عليها بشكل مباشر ودون منافسة . فشل شركات المقاولات الأجنبية في السوق السعودي ظاهرة أصبحت جلية للعيان ، بالرغم من الحجم الهائل لهذا القطاع ، وبالرغم من كل التسهيلات الحكومية التي قدمتها هيئة الاستثمار لهم لدخول هذا السوق . وفي النتيجة ، فإن كل ما خرجنا به هو تضخيم أرقام الاستثمار الأجنبي على الورق في سجلات الهيئة ، بينما لم تضف هذه الشركات أية مساهمات حقيقية فاعلة في مشروعات التنمية ، وخاصة تلك المشروعات الكبرى التي تقطف ثمارها تلك الشركات السعودية الكبرى المحدودة التي تلعب في هذا السوق بعيدا عن المنافسة المحلية منها أو الأجنبية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق