نقلت مواقع الأخبار اليوم في رسائلها الواردة إلى هاتفي الجوال خبرين عن بدء إيداع مبالغ الضمان الاجتماعي وإعانات البطالة الخاصة ببرنامج حافز اعتبارا من يوم غد ، والتي تصادف فيها أن يكون إجمالي المبالغ التي سيتم إيداعها مليار ريال لكل من البرنامجين . ولأن خطابنا الإعلامي يسعى دوما إلى التضخيم ، فإن الحديث يركز دوما على الأرقام الإجمالية وليس على الأرقام التفصيلية . فمثلا ، مبلغ المليار الذي سيصرف لمستحقي الضمان الاجتماعي سيغطي عددا من المستحقين يبلغ أكثر من سبعمائة ألف مستحق بحسب الخبر ، أي أن نصيب المستحق الواحد الذي يعول أسرة متوسطها خمسة أفراد يبلغ 1300 ريال فقط لا غير ، وهو مبلغ زهيد أمام متطلبات الحياة التي تزداد عسرا يوما بعد يوم . مبلغ إعانة البطالة معروف أيضا على أنه قد حدد بقيمة 2000 ريال شهريا للفرد العاطل ، وهو أيضا مبلغ زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع ، خاصة وأن هذا البرنامج سيدوم لعام واحد فقط ، وليس أمام هؤلاء العاطلين بعد هذه الفترة إن هم لم يتمكنو من الحصول على فرصة عمل إلا أن يعودو إلى سابق عهدهم من الاستجداء ومد ذات اليد . الكل ينتظر ما ستسفر عنه جهود وزارة العمل لتوفير فرص عمل لهؤلاء العاطلين ، حتى لا يقال أن الدولة قد عملت ما عليها ومنحت هؤلاء العاطلين هذه الإعانة لعام واحد ، وبعدها فإن عليهم أن يتحملو المسئولية بمفردهم . الخبر الآخر الذي خلق مفارقة عجيبة هو خبر صفقة شراء الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي الصفقة التي بلغت قيمتها حوالي 100 مليار ريال ، وشتان بين الأرقام المرصودة للفقراء وتلك المرصودة لبرامج التسلح . قبل يومين كنت أتحدث مع أحد الإخوة حول أرقام ميزانية الدولة ، وتساءل كلانا عن اختفاء أرقام بعض البنود من الميزانية دون أن يعلن عنها أبدا ، ومن تلك البنود أرقام مخصصات الدفاع والداخلية وبعض المرافق السيادية في الدولة . اتفقت وصديقي هذا على أن هذه الأرقام تعد في كثير من الدول معلومات سرية ، وأن إعلانها قد يؤدي إلى فضح قدرات الدولة العسكرية والأمنية ، وهو ما لم أستطع فهمه على أية حال ، إذ أن هذه المعلومات معروفة للجهات الاستخباراتية في الدول الكبرى على الأقل . ولكن هذا ليس أمرا يهم المواطنين إن هم حصلو على ما يحتاجونه ويتطلعون إليه من تنمية حقيقية ووظائف تضمن لهم عيشا آمنا ومستورا ، وهذا ما يشيع في بعض الأحيان تساؤلات عن إدارة موارد الدولة والمصارف غير المعلنة التي تذهب إليها كثير من الأموال غير المعلنة أيضا ، اللهم إلا ما يتسرب عنها من أرقام تدل على ضخامتها كما هو الحال في خبر صفقة الأسلحة هذه . على أية حال ، هذا الواقع ليس جديدا في الثقافة العربية ، والمهم أن يعيش الناس حياة كريمة لا ينغصها نقص في المساكن ولا معاناة من فقر نسمع عنه ونرى شواهده في كثير من المناطق في المملكة ، ولتهنأ بعدها صناعة الأسلحة الأمريكية بمثل هذه الصفقات التي يقول عنها البيت الأبيض أنها تمثل داعما مهما لعلاقات البلدين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق