التجميل

الثلاثاء، 29 مارس 2011

اليوم الثالث والستون

هل نحن شعب مستعد للديموقراطية ، ومستعد لفهم متطلباتها وتبعاتها وأسسها وقواعدها ، أم أننا ننادي بشيء لا نفهمه ولا نعرفه لمجرد أننا نسمع أنه منح شعوبا أخرى قدرا من التميز والأفضلية . ظل هذا السؤال يدور في ذهني لمدة أربع ساعات هي المدة التي استغرقها اجتماع الجمعية العمومية للهيئة السعودية للمهندسين بكل ما ساده من صخب  . هذه الهيئة هي المؤسسة الوحيدة في المملكة التي تتمتع باستقلالية مطلقة ، أهم سماته تفردها بانتخاب كامل أعضاء مجلس إدارتها ، والسلطة المطلقة لجمعيتها العمومية بموجب نظامها الأساسي الصادر عن المقام السامي . ويبدو أن الدولة أرادت أن تختبر الديموقراطية في فئة يفترض أنها تمثل نخبة الارتقاء الفكري في المجتمع . ولكن ما شاهدته اليوم لا يمثل أبدا أي مؤشر لنجاح هذه التجربة ، ولا يؤسس حافزا للدولة للتوسع في تطبيق الديموقراطية في بلادنا . مفهوم الديموقراطية ينتهي عندما يتفرد كل فرد برأيه ويريد أن يسود على آراء الآخرين ، وينتهي عندما لا تكون الأغلبية هي المقياس في الحكم على الأمور ، وينتهي عندما لا تسود الموضوعية في النقاش الذي ينجرف في مسارات يسودها التجريم والشخصنة والأحكام المسبقة . ولكن الديموقراطية تصبح مخزية عندما ينحدر بعض من يرفعون رايتها إلى مزالق لا يمكن وصفها إلا بقلة الأدب ، وتصبح أكثر خزيا عندما تصدر مثل هذه الممارسة من شخص لا يحمل فقط شهادة الهندسة التي تضع حاملها في مصاف النخبة الفكرية والمهنية ، ولكنه يحمل أيضا شهادة الدكتوراة في العمارة التي هي أم الفنون والعلوم ، ويعمل عضوا في هيئة التدريس في إحدى الجامعات بما يجعل منه نموذجا يحتذى لأجيال المستقبل ، وفوق كل ذلك يقدم نفسه كصاحب قلم مبرز بكتاباته الأسبوعية في الصحف وإصداراته المتتابعة من الكتب . لهذا الشخص وأمثاله أقول بكل أسف ، أنتم عار على الوطن ، وعار على الديموقراطية ، وعار على مهنة الهندسة ، وعار على الإنسانية . أما الديموقراطية ، فيبدو أننا نحتاج إلى وقت طويل لفهمها بالشكل الكافي الذي يجعلنا نستحق أن نعيشها كما نطالب على الدوام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق