التجميل

الجمعة، 13 يناير 2012

اليوم 353

التقيت اليوم صديقا بريطاني الجنسية يقيم في المملكة منذ حوالي ثلاث سنوات ، وهو كان خلال هذه الفترة قد اعتنق الإسلام وتزوج فتاة سعودية انطلاقا من رغبته في تعميق ارتباطه بهذا البلد . هذا الرجل يعمل في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا ، وهي الجامعة التي يدور حولها الكثير من الجدل بما تتناقله الأخبار عن بيئتها المنفتحة والمختلطة التي تضم خليطا من طلاب وطالبات قدمو للدراسة فيها من مختلف أنحاء العالم . المعلومات التي نقلها هذا الصديق عن بيئة الجامعة التي يعمل ويقيم فيها تضمنت شيئا من التأكيد عن انفتاح مبالغ فيه إلى حد السكوت عن بعض المظاهر المخلة التي يستغرب قبولها في أي مدينة جامعية في أي بلد في العالم ناهيك عن جامعة سعودية على أرض الإسلام وتحمل اسم ملك البلاد . العهدة بالتأكيد عى الراوي ، ولا أستطيع تأكيد تلك المعلومات أو نفيها ، ولكنها تأتي في سياق ما سمعته وسمعه الكثيرون عن هذه الجامعة وبيئتها المنفتحة إلى حد الانفلات . أنا لا أدري في الحقيقة إن كانت هذه المعلومات والأقاويل قد وصلت إلى مسامع المسئولين عن التعليم العالي وقيادات البلد ، ولكني أجزم أن هناك حاجة ملحة للتحقق من صحتها والتعامل معها بالحزم الذي تستحقه إن ثبت صحتها . قلت لهذا الأخ أن حرم المدينة الجامعة التي تدرس فيها ابنتي في الشارقة يدار بكل حزم تجاه أي مظاهر انفلات قد تبدر من طلابها ، بالرغم من أنها جامعة أمريكية الهوية والمسمى ، وتقع في بلد أقل محافظة من المملكة . المشكلة أن بعض الناس يربطون بين الانفلات الأخلاقي والتطور العلمي والتقني وكأنهما أمران متلازمان ، وهذه الجامعة التي تدور حولها الأقاويل لم تضع لها قدما بعد في مسيرة التطور العلمي سوى ما نسمعه عن خطط وبرامج لأبحاث علمية لم تر النور بعد ، ومع ذلك فإن مشاهد الانفلات قد سبقت إلى واقع التطبيق حتى قبل أن نشهد أي تميز علمي مصاحب لها . في المقابل ، أسمع شكاوى من عدد من طلاب جامعاتنا الحكومية الأخرى عن مناخ يسيطر عليه التزمت والانغلاق إلى حد الاختناق ، حتى أن إحدى الطالبات حرمت من حضور امتحان لإحدى المواد لأنها كانت ترتدي تنورة قصيرة إلى أعلى القدم . التضارب الصارخ بين المشهدين يمثل حالة من حالات التناقض المتطرف التي نراها في المملكة ، وكلاهما لن يؤدي إلى تحقيق تنمية تعليمية وتربوية يراد لها أن تنشيء جيلا يقود مسيرة التنمية في البلاد . وأنا لا أدري إلى متى سنظل نعيش مثل هذه التناقضات ، وإلى متى ندير حياة النشأ بهذه الطريقة التي تضعهم بين نقيضي الانغلاق والانفلات ، وإلى متى سيظل التوازن والوسطية شعارات ترفع دون أن تجد لها سبيلا إلى التطبيق الفعلي على أرض الواقع . وإلى أن يتحقق ذلك ، ستظل جامعاتنا بصنفيها المنغلق والمنفلت خيارات أقل جدوى وجاذبية لأبنائي وأبناء الكثيرين الذين يريدون لأبنائهم تربية متوازنة بعيدة عن التزمت والانفلات البواح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق