التجميل

الخميس، 12 يناير 2012

اليوم 352

طلاب المدارس في المملكة يعيشون هذه الأيام فترة امتحانات الفصل الدراسي الأول ، وأسمع كثيرا عن ظاهرة استجلاب مدرسين خصوصيين لمساعدة الطلاب على فهم المناهج في مؤشر صريح على ضعف تحصيلهم الدراسي في المدارس . ولا أدري إن كان هذا الضعف عائدا لضعف تركيزهم أو لضعف قدرات مدرسيهم الذين تستقدمهم المدارس بأرخص الأثمان . وأنا كثيرا ما أتعجب من كم الإعلانات عن المدرسين الخصوصيين التي أراها في جرائد الإعلانات المبوبة أو على لوحات الإعلان في المراكز التجارية . وبالنسبة لأبنائي ، فأنا حرصت دوما على تعويدهم على بذل جهدهم في الدراسة والتحصيل دون الحاجة للمدرسين الخصوصيين أو لعون مني أو من والدتهم ، وكان دورنا دائما ينحصر في المتابعة عن بعد للتأكد من أدائهم واجباتهم الدراسية على النحو المطلوب . هذا الأسلوب غرس فيهم الاعتماد على النفس ، ووجدت ثمرته في ابنتي الكبرى وابني الأكبر الذين رفعا رأسي بتفوقهما في كل مراحل الدراسة . ابني الأصغر يعيش حالة مختلفة ، ووجه الاختلاف أنه نشأ في المرحلة الابتدائية في ظل نظام التقويم المستمر الذي لا يخوض فيه الطلاب أية امتحانات جدية تؤهلهم للانتقال من سنة دراسية إلى أخرى . ولأنه الآن في السنة الأولى من المرحلة المتوسطة فهو يعيش لأول مرة جو الامتحانات الجدية في هذا الفصل ، وهو ما وضعه أمام تجربة جديدة لم يعتد عليها طوال السنوات الست الماضية . صباح اليوم طلبت مني زوجتي أن أراجع معه منهج الرياضيات الذي سيمتحن فيه يوم السبت ، فوجدت أمامي طالبا ضعيف التحصيل مهلهل القدرات يعيش حالة رعب من بعبع الامتحان الذي لم يره يوما في حياته . ولكي أنقذ ما يمكن إنقاذه ، مارست معه مالم أفعله منذ أن كنت أجلس لتدريس أبناء أخواتي الصغارعندما كنت طالبا في المرحلة الثانوية في المدينة المنورة ، فعقدت حصة تقوية مكثفة وطارئة لابني المسكين لمراجعة منهج الرياضيات وشرح ما استعصى عليه فهمه فيه . وبعد ساعات من الدرس والمراجعة أفرجت عن ابني لينال شيئا من الراحة ، ولأنال فرصة لكتابة هذه السطور ، وقد سيطر علي شعور من الغضب والامتعاض من هذا النظام التعليمي العقيم الذي لم يفلح لا في تأهيل الطلاب لخوض غمار الامتحانات ، ولا في تأسيس قدراتهم العلمية على مدى ست سنوات من التعليم الابتدائي المهلهل ، ولا في نقل صورة واضحة وصريحة عن مستوياتهم التعليمية لأولياء أمورهم ، خاصة وأن كل تقاريره الشهرية كانت تشيد بمهارته وبراعته منقطعة النظير . المدرسون يكذبون في تقاريرهم ليغطو على فشلهم وسوء أدائهم ، والمديرون كل همهم متابعة سداد الرسوم الدراسية ، والطلاب هم الضحايا في النهاية عندما يضطرون لمواجهة امتحانات حاسمة تقيس مستوى أدائهم للانتقال إلى المراحل التالية ، فياله من جيل هذا الذي نتطلع إليه ليرفع راية التنمية في قابل الأيام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق