التجميل

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

اليوم 248

تم اليوم إنجاز الانتخابات البلدية دون أن أتمكن من المشاركة فيها حيث استيقظت متأخرا بعد ليلة من ليالي الأرق المزعج التي فارقني فيها النوم حتى أن لاح ضوء النهار . بعد أن تناولت كوب القهوة المعتاد جلست لمشاهدة الأخبار على قناة العربية فإذا بها تورد تقريرا عن الانتخابات البلدية ومجمل أحداثها هذا اليوم . المشهد العام كان يؤكد عزوفا شعبيا عارما عن المشاركة في الانتخابات ، وكانت معظم الصور تبرز المراكز الانتخابية وهي خالية إلا من أعضاء اللجان الانتخابية . هذا العزوف أكد توقعاتي السابقة بعد تجربة أولى سلبية من عمر المجالس الانتخابية لم ير الناس منها أي جدوى على مدى ست سنوات من عمر التجربة . الغريب أن عملية الانتخاب كانت تتم بوسائل بدائية تستخدم البطاقات الورقية وصناديق جمع الأصوات ، وكأن اللجنة الانتخابية لم تكن تملك الوقت الكافي لتوظيف وسائل تقنية كتلك التي نراها في الأفلام ، إلا إن كانت تتوقع مسبقا هذا العزوف عن المشاركة في الانتخابات فلم تر أي جدوى من استثمار أية مبالغ في مثل تلك الأنظمة . تقرير قناة العربية أبرز أيضا ظاهرة التأثير القبلي في اختيار المرشحين خاصة في القرى والمدن الصغيرة . وأنا أضيف إلى ذلك أيضا أشكالا أخرى من التحزبات بما فيها التحزبات الدينية والعائلية ، وهو ما رأيته من تلك الرسائل التي كانت ترد إلى هاتفي الجوال على مدى الأيام الماضية تطلب اختيار مرشحين معينيين لشغل مقاعد المجالس البلدية . وعلى أية حال ، فإن المشكلة ليست في الانتخابات فحسب ، وأنا أحمل قناعة بأن الممارسات الديموقراطية لا تنتج على الدوام تشكيلات فاعلة خاصة في بلد مثل بلدنا لا يملك أهله أية ثقافة ديموقراطية . وأنا أتذكر دوما تجارب الانتخابات في هيئة المهندسين والغرف التجارية وتشكيلة المجالس التي أنتجتها بما يجعلني أشكك في هذا المسار من أساسه . المشكلة إذن هي في الصلاحيات الممنوحة للمجالس البلدية ، والتي تحجم من دورها الحقيقي كمؤسسات مدنية تفعل دور الشعب في الرقابة والمحاسبة والتفاعل الإيجابي . ولأن الناس كانو قد عاشو تجربة سلبية في الدورة الأولى من عمر المجالس البلدية ، فإنهم كانو سيعزفون بالتأكيد عن المشاركة في انتخابات الدورة الثانية إن هم لم يرو تطويرا جادا لاختصاصاتها والصلاحيات الممنوحة لها . وبعد أيام ستعلن أسماء الفائزين في هذه الانتخابات ، وستمر أربعة سنوات أخرى دون أن نلمس أثرا لوجود هذه المجالس على أرض الواقع . والأمل الآن هو أن تكون مشاركة المرأة في الدورة القادمة حافزا لبذل جهد ما لترتيب أوضاع هذه المجالس ، حتى ولو كان الدافع لذلك تحجيم دورها ووضعها وراء حواجز من جدران المباني والممارسات البيروقراطية .

الخميس، 29 سبتمبر 2011

اليوم 247

اليوم خطر لي أن أقدم للشباب السعوديين الذين يبحثون عن فرص عمل وظيفية أن يقتنصو إحدى الفرص التجارية التي أجزم أنها ستدر عليهم دخلا يفوق ما يتوقعونه من وظائف القطاعين العام والخاص . هذه الفرصة هي إدارة عمليات توزيع وتوريد خادمات المنازل التي يقوم بها حاليا العديد من الوافدين . هؤلاء الوافدون الذين يمارسون هذا العمل يفترض أساسا أنهم قدمو بتأشيرات عمل لأداء وظائف أخرى لدى كفلائهم ، ولكنهم آثرو الهرب وممارسة الأعمال الحرة كونها توفر لهم دخلا أفضل . والخادمات اللائي يوزعونهن هن أيضا هاربات من كفلائهن ، أو متسللات عبر الحدود برا أو بحرا مقابل مبالغ يدفعونها لمهربيهم الذين يكون بعضهم من السعوديين . عمليات التوزيع هذه تدر على صاحبها مبلغا يتراوح بين المائتين والخمسين ريالا والخمسمائة ريال للخادمة الواحدة . وبذلك فإذا كان الموزع يتم صفقة خادمة واحدة فقط في اليوم فإن دخله الشهري يبلغ حوالي عشرة آلاف ريال ، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الحد الأدنى لرواتب السعوديين في كادر ديوان الخدمة المدنية . والأكيد أن عمليات التوزيع اليومية تفوق هذه الأرقام بالنظر إلى حجم الطلب على خدم المنازل بعد إغلاق مصادر الاستقدام من معظم الدول . واليوم كنت أناقش زوجتي في تحديد الدولة التي سنستقدم منها الخادمة البديلة عن تلك التي ذهبت في إجازة إلى بلدها ولم تعد . وبناء على المعلومات الواردة من مكاتب الاستقدام فإن المصادر المتوفرة حاليا هي فقط سريلانكا التي تطول مدة الاستقدام منها أكثر من سبعة أشهر بسبب قلة العرض فيها ، وإثيوبيا التي تجنح الخادمات القادمات منها عادة إلى الهرب فور وصولهن للانضمام لقوافل الخادمات اللائي يتم توزيعهن وتشغيلهن مقابل رواتب أعلى من تلك التي يتم التعاقد عليها ، وكينيا التي تمثل حاليا أفضل البدائل بالرغم من حداثة التجربة فيها . أحد مندوبي مكاتب الاستقدام أفادني بأنه قد تم إصدار أكثر من ثمانين ألف تأشيرة خادمة منزلية من كينيا وحدها ، وهو ما أدى لزيادة أسعار الاستقدام منها نظرا لزيادة الطلب . محصلة النقاش مع زوجتي العزيزة انتهت إلى أن أفضل الخيارات هو التغاضي عن فكرة الاستقدام واللجوء إلى الموردين المحليين من الخادمات الهاربات والمتسللات . إذ أن الخادمة المحلية وإن ارتفع راتبها الشهري فإنها لا تكلفنا أية مبالغ لاستقدامها ، ولا توجد أية مخاطر من هربها ، ويمكن استبدالها بسهولة إن لم تعجبنا مقابل مبلغ زهيد . بينما الخادمة المستقدمة نظاميا يمكن بسهولة أن تهرب ليخسر كفيلها المبلغ الضخم الذي دفعه لمكتب الاستقدام . الظريف في الأمر أن الخادمة الهاربة يتحمل كفيلها تكلفة ترحيلها إن قبض عليها حتى ولو كان قد قام بإبلاغ الجهات المختصة بحادثة الهرب . هذا الواقع لا يمكن إلا أن يكون نتيجة لسوء إدارة الجهات المختصة بمعالجة هذه القضية ، وهو ما أتاح المجال للمتنفعين من اقتناص هذه الفرصة الذهبية واستغلال حاجات الناس لتحقيق مكاسب غير شرعية . ولم لا ، والفرصة سانحة لمن يقتنصها ، والشاطر هو من يكسب في كل الأحوال مهما كانت المخاطر والعواقب .

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

اليوم 246

كثيرا ما نسمع عن مصطلح الرجل المناسب في المكان المناسب ، وهو فيما أصبحت أرى مصطلح أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة . كثيرا ما نرى مسئولين يتولون مهام القيادة في مواقع إدارية في الوزارات والشركات والمؤسسات وهم يتخبطون في أداء متطلبات تلك المواقع . وأنا أتساءل كثيرا عن الفارق بين الطموح والمخاطرة عندما يتعلق الأمر بتولي مهمة ما أيما كانت هذه المهمة . واليوم سيطر على ذهني هذا التساؤل عندما كنت أراجع أداء أحد المسئولين الذين تم تكليفهم بتولي موقع إدارة أحد أقسام العمل في المكتب ، فوجدت أنه لم يتمكن من استيعاب متطلبات تلك المهمة بالشكل المطلوب ، ووقع في كثير من الأخطاء التي أحدثت كثيرا من الإرباك لسير العمل . هذا الشخص أعرفه على المستوى الشخصي تمام المعرفة ، وأحمل تجاهه ثقة مطلقة في جانب الصدق والأمانة والولاء . ولكن ذلك ليس كل شيء ، والكفاءة تمثل عنصرا لا يقل أهمية عن الأمانة ، ونقص أحدهما يوقع ذات الضرر والخلل . كم هو صعب أن يجد المرء ذلك القوي الأمين ليوكل إليه أداء مهمة ما ، ولكن الأصعب هو أن يعترف المرء بنقص قدرته على تولي المسئولية في أمر ما . قلت لهذا الرجل اليوم ماذا لو أنني طلبت منك قيادة طائرة مثلا أو إجراء عملية جراحية ، فهل كنت ستقبل أداء هذه المهمة . المشكلة أن بعض المهام تبدو وكأنها أقل شأنا وأسهل على التناول والتجربة من تلك المهام التي تتسم بالتخصص . وحال الهندسة والعمارة مثلا يمثل نموذجا لذلك التخصص المستباح الذي يدلي الجميع فيه بدلائهم من واقع الخبرة والممارسة بعيدا عن التخصص والتأهيل المهني . الأمر ذاته ينطبق على الأعمال الإدارية بمختلف أشكالها ، فكثيرا ما نرى أشخاصا يتولون مسئولية الإدارة في مهام مختلفة دون معرفة حقيقية بالمتطلبات المهنية والمهارات اللازمة لأداء هذه المهام . ولأن هذا المجال على وجد التحديد هو مجال يفتقر إلى التخصص ، ويندر فيه إيجاد الكفاءات الأمينة القادرة على أداء هذه المهام ، فإن صاحب العمل يجنح أحيانا إلى تكليف من يثق بهم لتولي مثل هذه المهام ، ليصدم في النتيجة بقصور أدائهم وعجزهم عن أداء مهامهم بالرغم من إخلاصهم وأمانتهم . السؤال هنا ، لماذا لا يعترف مثل أولئك بقصور قدرتهم على أداء مهام يعلمون مسبقا أنهم لا يقدرون على أدائها كما يجب ، ولماذا تقصر الأمانة هنا عن إعلان هذا القصور والانسحاب بشرف من مثل هذا التكليف . والحقيقة أن الأمانة التي تكون أحيانا أحد عوامل الاختيار لتكليف شخص ما بمهمة ما يصيبها الخلل عندما ينبري هذا الشخص لهذه المهمة وهو يعلم أنه غير قادر على إنجازها . ومن هنا ، فإن الطموح والرغبة في التطور والحرص على خدمة الكيان الذي ينتمي إليه الشخص ما يلبث أن ينقلب وبالا على الجميع ، لا لشيء إلا لأن ذلك المكلف لم تسعفه أمانته ليعتذر عن أداء مهمة ليس كفوءا لأدائها . وصدق من قال " نصف العلم لا أدري " .

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

اليوم 245

المرء لا يرضى عن شيء إلا عندما يجد ما هو أسوأ منه ، ولا يقنع بحاله إلا عندما يرى سوء حال غيره . وبقدر ما أشتكي ويشتكي الكثيرون من مشاكل الأداء ومستوى الخدمة وأسلوب تعامل الموظفين في الخطوط السعودية ، فإن حال مكاتب السفر والسياحة أسوأ وأمر . وأنا لا أستطيع أن أقول أن سوء الأداء هذا انتقل إليهم عن طريق العدوى من الخطوط السعودية ، فهم أيضا وكلاء لكل خطوط الطيران الدولية بمختلف صنوفها وقدراتها ومستويات الأداء فيها ، إلا إن كانت العدوى لا تنقل فقط إلا الأمراض والمصائب . ومنذ فترة طويلة ونحن نتنقل من مكتب سياحي إلى آخر لقضاء حاجاتنا من خدمات الحجز وإصدار التذاكر لمنسوبي المكتب ، وفي كل مرة نصدم بشكل من أشكال الخلل في مستوى الخدمة ، حتى أنني أصبحت أنجز بنفسي معظم أموري في هذا المضمار ، خاصة وأن موقع الخطوط السعودية على الانترنت قد تطور بحق إلى درجة مميزة . ومنذ فترة تعاقدنا مع مكتب يفترض أنه أحد أفضل المكاتب في الرياض ، وطلبت منه قبل عدة أسابيع حجز مقعد إلى دبي يوم غد ، وجاء الرد بتأكيد الحجز في المواعيد التي طلبتها . ومنذ ذلك الحين وأنا أطلب نسخة من بيانات الحجز دون جدوى ، حتى وصلتني اليوم مع التذكرة الإلكترونية لأفاجأ باختلاف المواعيد بشكل يتعارض مع جدول مواعيدي للأسبوع المقبل . ضربت كفا بكف ، وقمت مضطرا بإلغاء الحجز وبقية ترتيبات الرحلة ، وإلغاء عقدنا مع المكتب برمته ، وخالجني حينها شعور عميق بالندم على أن تخليت عن التعامل مباشرة مع الخطوط السعودية كما اعتدت . مثل هذه المكاتب تضيف إلى عمق الصورة السلبية عن الخطوط السعودية ، وكأنها تحتاج إلى ذلك في وقت ارتفعت فيه الأصوات الشاكية الباكية من صنوف المعاناة والمشاكل . ذات الفكرة انطبقت على حوار حول موضوع آخر مع أحد الإخوة السودانيين بعد ظهر اليوم عندما قال لي أن بلادنا محظوظة إن قارناها بحال بلدان أخرى مثل ليبيا وسوريا ومصر والسودان وغيرها . قلت له ولماذا تكون المقارنة مع هذه الدول وليس مع دول أخرى سبقتنا وتفوقت علينا في تنميتها وتطورها ، ولماذا ننظر دوما إلى الأسفل وليس إلى الأعلى ، أهو من قبيل إرضاء النفس ومنحها شعورا زائفا بالتفوق والنجاح ، أم هو من قبيل القناعة بأن ليس بالإمكان أحسن مما كان . المقارنة هنا تكون أكثر إشكالا عندما نتذكر أن الدول موضوع المقارنة تتفاوت في عمرها الزمني الذي يمثل عاملا مهما في قياس حجم الإنجاز في مسيرة التنمية . فما حققته دبي مثلا في عمرها القصير الذي يقارب الأربعين عاما يفوق نسبيا ما حققته المملكة في سني عمرها الإحدى والثمانين ، وهي بدورها تفوق ما حققته مصر مثلا في سني عمرها الطويلة . على أي حال ، فإن إلغاء ترتيبات رحلتي إلى دبي سيجعلني متواجدا في الرياض يوم الخميس الذي سيشهد الانتخابات البلدية ، وسأضطر الآن إلى دراسة موقفي منها لأقرر ما إذا كنت سأدلي بصوتي فيها وأنا أعلم مسبقا أنها لا تسمن ولا تغني من جوع ، أم أنني سأنضم لصفوف المعارضين والمقاطعين فأكون أداة في تعطيل مساعي الديموقراطية التي أنادي بها بعلو الصوت .

الاثنين، 26 سبتمبر 2011

اليوم 244

أجزم أن الغالبية الساحقة من سكان المملكة انشغلو اليوم بالحديث عن القرارات التي تضمنها خطاب الملك يوم أمس في مجلس الشورى ، والتي أعلن فيها عن مشاركة المرأة في مجلس الشورى وانتخابات المجالس البلدية في دورتيهما القادمتين ، وأجزم أيضا أن مواقف الناس تباينت بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة التي عدها البعض حدثا تاريخيا وعدها البعض الآخر نكسة كبرى وهزيمة لدعاة الانغلاق والتحفظ والجمود . هذه القرارات كانت أيضا مادة لكل وسائل الإعلام المهتمة بواقع المملكة ، وقد شاهدت منذ ليلة البارحة على الأقل أربعة برامج حوارية مختلفة ناقش فيها الحضور على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم هذا الحدث . أتعجب أحيانا كيف يمكن أن يكون بعض الناس متطرفين في حكمهم على الأمور ، سواء منهم من رأى في هذه القرارات حدثا تاريخيا وإنجازا غير مسبوق في مسيرة الإصلاح في المملكة ، ومن رأى أنها تشكل بوابة لانفلات النساء وخروجهن من بيوتهن ومزاحمة الرجال في شئونهم واختصاصاتهم ، ومن رأى منهم أنها لا تمثل سوى محاولة مكشوفة من الدولة لإلهاء الناس فيما لا يغني ولا يسمن من جوع وإشغالهم عن مطالب الإصلاح الحقيقية والتغيير الديموقراطي للمجتمع . وأنا في الحقيقة أجد نفسي متوسطا في موقفي من هذا الحدث ، فهو بحق حدث مهم يحقق اختراقا حقيقيا لجدار الصمت والجمود القائم في وجه المطالب بحقوق المرأة والمجتمع ، وهو أيضا يحمل شيئا من المخاطر من سوء تفسيره على أنه دعوة للانفلات وخروج المرأة بما يسيء إلى دورها في تنشئة الأسرة ، وهو أيضا قرار نخبوي لا يعود بكثير من النفع على الكادحات من نساء المجتمع ، كونه لا يفتح الباب إلا لعدد محدود من نخب نسائية لمشاركة محدودة في أجهزة ومؤسسات تعاني أصلا من قصور الأداء وضحالة دورها في تنمية المجتمع . إذن ، يجب أن لا نبالغ في الإشادة بهذه القرارات ، تماما مثلما يجب أن لا نقلل من شأنها إذا كان خطوة من بين خطوات عديدة يتطلع إليها الناس لتحقيق إصلاح حقيقي في المجتمع . أكثر من أغاظني من بين المحاورين الذين حللو هذا الحدث كان تلك الكاتبة السعودية التي أعتقد أنها تتخذ صفة المعارضة كونها تقيم وتتحدث من لندن عاصمة الضباب والمعارضة . هذه السيدة تحدثت يوم أمس لتحقر من شأن القرارات عندما قالت أن هناك الكثير من القضايا التي يجب على الدولة أن تمد إليها يد الإصلاح بدلا من هذه القضية الهامشية . ومع أن حديثها لا يخلو من الصحة ، إلا أننا لا يجب أن نرفض خطوة من خطوات الإصلاح بحجة موقعها في ترتيب سلم الأولويات الذي لا يوجد أساسا أي اتفاق حوله . المهم الآن ألا تكون هذه الخطوة غاية المنتهى ، وأن تتوقف عندها مسيرة الإصلاح ، بل إنها يجب أن تتبع بخطوات أخرى أكثر أهمية وأكبر أثرا في تنمية المجتمع استغلالا لحالة الصدمة التي أحدثتها . أرجو فقط أن لا يكون من بين هذه الخطوات مشروع لإعادة تأثيث مقر مجلس الشورى والمجالس البلدية لوضع فواصل بين مقاعد الرجال ومقاعد النساء فيها .

الأحد، 25 سبتمبر 2011

اليوم 243

يبدو أن توابع زلزال العيد الوطني ستستمر لفترة تتواتر فيها أخبار المواجهات والتجارب التي عاشها الناس في ذلك الحدث . أحد الأصدقاء حكى لي صباح اليوم كيف أن عائلة تسكن بجوار منزل والده تعرضت تلك الليلة لضرر مزدوج ، فالعائلة التي خرج أفرادها عن بكرة أبيهم للاحتفال بالعيد ، وغرقو في زحام أحد الشوارع لساعات طويلة ، فوجئو عندما أنتهت معاناتهم وتنفسو الصعداء بوصولهم لمسكنهم أنه قد تعرض لغزو من لصوص سرقو ما خف حمله وغلا ثمنه من أطقم الذهب والألماس والمقتنيات المنزلية . هذه الحادثة أشارت إلى خلل أمني كبير أصاب الرياض في تلك الليلة ، وأحمد الله أن ذلك الخلل لم ينتج أكثر من مثل حوادث السرقة هذه ، ولم يعن لإحدى الخلايا الإرهابية النائمة أن تستيقظ في تلك الليلة الليلاء . اليوم عدنا لمعمعة العمل بعد توقف أضاف مزيدا من تعطيل المصالح وإرباك شئون الناس ، وأول من افتتح مهام اليوم كان سائقي الكيني الجديد الذي لا زال يحاول تجاوز امتحانات القيادة للحصول على رخصة تخوله ممارسة العمل الذي استقدمته من أجله . السائق فشل في امتحان اليوم للمرة الرابعة ، وهو امتحان في العلامات المرورية التي لم يكن يعلم عنها شيئا مع أنها علامات دولية موحدة تستخدم في كل الدول ، مع أنه أتقن القيادة بعد كثير من التدريب الذي تلقاه على حساب أعصابي وأعصاب أفراد أسرتي منذ قدومه ، إلى أن تجاوز اختبار القيادة العملي ولم يبق إلا امتحان العلامات المرورية الذي فشل في تجاوزه اليوم . المشكلة أن إدارة المرور تتعنت في مثل هذا الامتحان مع أن واقع حال القيادة في الميدان يدل على أن لا أحد يكترث في الحقيقة لهذه العلامات ، أو أنهم لا يعرفون معانيها ومدلولاتها . من أراد دليلا عمليا على ذلك فإن بإمكانه الذهاب إلى المنطقة الواقعة بين طريقي العليا والملك فهد التي أتمت الأمانة تنظيمها وتجهيزها في شكل طرق ذات اتجاه واحد ليرى بأم عينيه كيف أن قادة السيارات يتجاهلون العلامات المرورية ويسيرون في تلك الطرق في كل الاتجاهات الممكنة . وله أيضا أن يرى كيف أن كثيرا من السيارات تقف تحت علامات المرور التي تمنع الوقوف ، أو تتجاوز السرعة النظامية التي تحددها العلامات المرورية في الطرق . الأمر ذاته ينطبق على الإشارات المرورية التي هي أسهل على الفهم بألوانها الثلاثة من العلامات المرورية المبهمة ، وللمشاهد أن يرى كيف يتم تجاوز تلك الإشارات مهما كان لونها ، اللهم إلا تلك الإشارات التي تم تجهيزها بكاميرات ساهر الرقابية الرادعة . وفي النتيجة ، فأنا أقترح على إدارة المرور أن تثبت إحدى كاميراتها على كل لوحة مرورية ، عسى أن ترفع من مستوى الردع والإلزام باتباع تعليمات تلك العلامات ، ولها بذلك أيضا أن تزيد من غلتها المالية من فئات من الشعب لا تكترث ولا تحفل بدفع الغرمات حتى ولو كانو عاطلين عن العمل ولا يجدون ما يسدون به رمقهم .

السبت، 24 سبتمبر 2011

اليوم 242

الحديث الرئيسي الذي كان يدور اليوم بين كل من قابلتهم أو تحدثت معهم عبر الهاتف ، وحتى في برامج الحوار على كل المحطات الإذاعية الجديدة ، كان حول الأحداث التي شهدتها الرياض يوم أمس مع احتفالات العيد الوطني . عندما كتبت سطور المدونة ليوم أمس لم أكن قد خرجت من المنزل ، وكنت قد عقدت العزم على أن أتحاشى ذلك الزحام . بعد الساعة التساعة مساء اضطررت للخروج لقضاء حاجة في مشوار لا يستغرق في العادة أكثر من ربع ساعة ، فإذا به يستغرق ليلة البارحة أكثر من ساعة ونصف الساعة . في وسط الزحام تذكرت أن زوجتي كانت قد خرجت في زيارة عائلية بعد صلاة العشاء ، فاتصلت بها لأطمئن عليها فإذا بها غارقة في الزحام أيضا ولما تصل بعد إلى غايتها . زوجتي قفلت عائدة من زيارتها في رحلة العودة التي بدأت حوالي الساعة الحادية عشرة والربع لتصل إلى المنزل حوالي الساعة الثانية صباحا . عندما وصلت إلى المنزل انخرطت تحكي هذه التجربة المريرة التي تعرضت فيها لأنواع شتى من التحرش والتعدي والتهجم من شباب ملأو الشوارع فيما يفترض أن يكون احتفالا بعيد الوطن فانقلب حالة من الفوضى والإساءة للوطن وأبنائه . المشاهد التي رأيتها في طريق عودتي الطويل لم تكن توحي أبدا بأي شعور وطني ، بما في ذلك تلك السيارات التي كانت تقفز فوق الأرصفة لتحطمها وتدمر الأشجار وشبكات الري في الجزر الوسطية في الطرق . لا أدري أين الوطنية في هذه التصرفات الهوجاء، وأين الوطنية في التعدي على الآخرين ، وأين الوطنية في التحرش بالفتيات والرقص في الشوارع وتعطيل الحركة المرورية ومصالح الناس . مساء اليوم عزمت على أن أخرج لقضاء حوائجي التي تعطلت يوم أمس ، وقلت لنفسي أن العيد قد انقضى بكل مساوئه ، ولابد أن يكون اليوم أكثر هدوءا بالنظر إلى أن يوم الغد سيشهد عودة إلى دوام المدارس والأعمال . خرجت بعد صلاة العشاء لأجد الحال كما هو عليه ، ذات الزحام وذات المشاهد المسيئة وذات التهور والتعدي في الشوارع . حتى الأطفال الذين يفترض بهم أن يكونو قد استقرو في أسرتهم استعدادا ليوم الغد كانو وسط هذه المعمة ، وأنا لا أدري ما هو النموذج الذي نغرسه في نفوس هذا النشء بهذه التصرفات الرعناء . الاحتفال بأية مناسبة أو حدث أمر مشروع ولا اعتراض عليه ، لكن أن يجر هذا الاحتفال الضرر على الناس ، وأن نبرز فيه كل أشكال التعدي والتجاوزات فهذا لعمري المرض بذاته . وأنا لا أدري إلى متى ستغيب عنا ثقافة احترام الآخرين وحفظ الحقوق في مثل هذه الاحتفالات ، ولماذا يتكرر هذا الأمر في كل مناسبة أو حدث يمر علينا فينقلب فيه الفرح ترحا .

الجمعة، 23 سبتمبر 2011

اليوم 241

اليوم هو عيد المملكة الوطني ، وشوارع الرياض منذ ليلة البارحة تغص بمسيرات المحتفلين التي شملت رفع الأصوات بالأغاني الوطنية ورفع الأعلام وصور الملك ، علاوة على ماشابها من تصرفات سلبية دفعت بحشود من رجال الأمن إلى إغلاق بعض الشوارع المزدحمة . أتساءل أحيانا لماذا تشهد مثل هذه الاحتفالات تصرفات خارجة عن حدود اللياقة والأدب ، ولماذا يعتبر البعض هذه التجمعات فرصة للتعدي على الآخرين ومعاكسة الفتيات والاستهزاء ببعض االفائت وخاصة ضيوف المملكة من الوافدين . كثيرا ما كنا نشهد مثل هذه التصرفات في احتفالات المناسبات الرياضية وغيرها ، ولكن مناسبة العيد الوطني تتطلب التعبير عن الفرح بحس وطني يرتقي إلى قيمة المناسبة . وعلى صعيد آخر ، هناك شريحة عريضة من المواطنين ممن انتهزو فرصة هذه الإجازة للسفر خارج المملكة . ومن حاول خلال الفترة الماضية حجز مقعد إلى أية محطة في الدول المحيطة فإنه سيجد كل المقاعد قد بيعت قبل الحدث بأشهر . عجيب كيف أن يقوم البعض بالاحتفال بالعيد الوطني خارج الوطن ، ولكني أعذرهم في غياب مفهوم الاحتفال في وطني ، خاصة عندما تفرض الاحتفالات تشتيت الأسرة بين رجال ونساء ، وخاصة عندما تنحصر مظاهر الاحتفالات في مسيرات الشوارع ورقصات العرضة والمزمار . تجارب احتفالات الأعياد عموما لم تكن تبشر بخير ، ولم تنجح في استقطاب الاهتمام والتفاعل الشعبي معها . لا أدري إن كان الحال أفضل في مدن المملكة الأخرى ، وخاصة تلك التي تتمتع بانفتاح اجتماعي أكثر من حاله في الرياض ، ولكن يبدو أن الشعب السعودي عامة لا يملك ثقافة الاحتفال والفرح دون حواجز وموانع وعقبات . يوم غد هو يوم الإجازة الرسمي لمناسبة العيد الوطني ، وهو يعني للطلاب والموظفين فرصة أطول للنوم في النهار والتسكع في الليل . ولأني لست من هواة التسكع ولا أطيق الغرق في الزحام ، فقد تحاشيت الخروج من المنزل اليوم حتى في مشوار غداء الجمعة الأسبوعي ، وفضلنا قضاء اليوم في المنزل في السباحة والترفيه الأسري . اليوم هو عيد المملكة الوطني ، وهو أيضا عيد الفلسطينين الذين قدم رئيسهم رسميا طلب الانضمام إلى الأمم المتحدة . وحتى لو لم ينجح مسعاهم كما هم يأملون فإن مشاهد الاحتفالات التي عمت أرجاء فلسطين قد فاقت في بهجتها احتفالات المملكة بعيدها الوطني . فهل لنا أن نتعلم من الآخرين كيف يمكن لنا أن نفرح ونبتهج بأعيادنا .

الخميس، 22 سبتمبر 2011

اليوم 240

موضوع الموظف الذي حاول وما زال يحاول تحقيق شيء من أطماعه في ذلك المشروع الذي وقعت عقده في الأسبوع الماضي شهد فصلا جديدا من تطورات أحداثه . منذ صباح اليوم وأنا أتلقى رسائل نصية على هاتفي الجوال من رقم لا أعرفه ، وكلها تحمل حديثا من قبيل التهنئة بالفوز المشروع وضرورة تنفيذ الالتزامات المتفق عليها ، علاوة على التلويح بمساعدتي للفوز بمزيد من المشاريع .امتنعت عن الرد على هذه الرسائل في البداية ، ثم قمت بالاتصال بالرقم الذي ترد منه دون أن أتلقى أي رد . بعد قليل وصلت رسالة جديدة تطلب مني التواصل عبر الرسائل فقط إذ لا مجال للحديث المباشر الآن . أرسلت رسالة أسأل فيها عن المرسل فجاء الرد بأن شخصية المرسل لا تهمني الآن وأن المطلوب أن أقوم بالإيفاء بالتزاماتي التي أعلمها . أجبت بأنني لا أستطيع التراسل هكذا مع شخص مجهول ، وأنني لا أعلم أصلا عم يتحدث . اختلفت بعدها نبرة الحديث في الرسائل التالية ، وأصبحت تتضمن خليطا من عبارات التهديد والوعيد تارة ، ومحاولة إسالة لعابي لمزيد من المشاريع والعقود تارة أخرى . توقفت عن الرد على تلك الرسائل ، وخرجت في المساء مع أسرتي لقضاء بعض الوقت في أحد المراكز التجارية للتسوق وتناول طعام العشاء في أحد مطاعمه . انشغل ذهني بتلك الرسائل ومصدرها الخفي ، وتساءلت عمن يمكن أن يكون وراءها . هل هو ذات الموظف الذي فاتحني في الأمر وقابلته شخصيا عندما ذهبت لتوقيع العقد ، أم هو شخص آخر من أعضاء تلك العصابة التي تدير عمليات الفساد هذه وواجهتها وضابط الاتصال فيها هو ذلك الموظف ، أم أنه فخ من المباحث الإدارية يختبر موقفي من القصة كلها . هذا الاحتمال الأخير أثار الرعب في نفسي ، مع أنه احتمال ضعيف بما أعلمه من بطء تفاعل هذا الجهاز مع شكاوى سابقة كنت تقدمت بها إليه في حالات مماثلة . الاحتمال الأكبر أن يكون صاحب الرسائل هو زعيم العصابة ، وأنه أراد التأكد من أن ممثله لم يقبض المعلوم دون أن يبلغه أو يوصل إليه حصته من المغانم . الغريب في هذا الاحتمال هو كيف يتوقع هذا الشخص أن أتجاوب معه في هكذا موضوع وأجيب على أسئلته دون أن أعرف شخصيته أو حتى أسمع صوته ، وكيف لي أن أتأكد أنه من ذات العصابة وليس دخيلا عليها . أظرف ما في الموضوع أن هذا الشخص أشار إلى المبلغ المطلوب في هذه اللعبة ، وفوجئت بأنه أقل من المبلغ الذي طلبه ممثله السابق . وهو ما يعني أن ذلك الموظف أضاف إلى مبلغ الصفقة عمولته الخاصة دون علم رفقائه . ضحكت من هذا الحال الذي يتصارع فيه اللصوص على سرقة بعضهم البعض ، والصراع على غنيمة لم يضمنو بعد الفوز بها . كل ما أرجوه الآن أن أتمكن من الصمود في هكذا مواجهة ، وأن لا تكون تلك التهديدات التي لوح بها ذلك الشخص سلاحا يسلط على رقبتي ، فأجد نفسي خاسرا في نهاية المطاف .

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

اليوم 239

يترقب العالم التحرك الفلسطيني في الأمم المتحدة الذي تزمع من خلاله السلطة الوطنية التقدم بطلب العضوية الكاملة . هذا التحرك كان قد بدأ بإعلان النية حوله وتحديد موعده منذ فترة طويلة ، ولكن الدول التي تعارضه لم تتحرك أبدا طيلة تلك المدة ربما لأنها لم تتوقع أن تكون النية جادة كما هو الحال في كثير من التحركات الصورية غير المؤثرة التي تبادر بها الحكومات العربية . وعلى مدى أسبوع مضى تصدر هذا الموضوع نشرات الأخبار التي أبرزت ردود الأفعال الدولية المساندة والمعارضة بدرجات متفاوتة من الحدة . والموقف المعارض الذي تقوده الولايات المتحدة بصلفها المعتاد كان يشهد مزيدا من التصعيد والتهديد والوعيد يوما بعد يوم ، حتى بلغ اليوم حدا لا يمكن وصفه إلا بالصفاقة السياسية ، وانكشفت معه النوايا الحقيقية لهؤلاء الأصدقاء من دول الغرب وأزلامها التابعين . الولايات المتحدة أعلنت اليوم أنها يمكن أن تقبل منح فلسطين وضع الدولة دون أن تنضم إلى عضوية الأمم المتحدة ، واشترطت لهذا الكرم الحاتمي أن تتعهد السلطة الفلسطينية بالاعتراف بالهوية اليهودية لدولة إسرائيل ، والامتناع عن طرح أي إشارة عن حدود الدولة في أي قرار يصدر بهذا الصدد . هذه الشروط إن قبلت بها السلطة الفلسطينية ستمثل هزيمة قاصمة للقضية ، وثمنا فادحا تدفعه السلطة مقابل الحصول على صفة الدولة ، كونها ستعطي الكيان الصهيوني الضور الأخضر لتهجير فلسطيني العام 48 ، وضم الأراضي التي أقمت عليها مستوطناتها المتناثرة لتبقي الدولة الفلسطينية بقا متناثرة من الأراضي المشتتة مقطعة الأطراف . الغريب أن الدول العربية لا زالت تعيش حالة من الصمت النسبي من هذه القضية ، فلا هو دعم واضح قوي يوظف الإمكانات السياسية والاقتصادية والنفطية للضغط على الدول المعارضة لتليين مواقفها ، ولا هو رفض يوضح مخاطر هذا التحرك على الواقع الفلسطيني ومستقبل القضية . كل ما يجري من قبل العرب هو تأييد سلبي أعمى لمسعى السلطة من منطلق أنهم أدرى بمصالحهم ، مع أن هذا التحرك لم يتفق عليه حتى الفلسطينيون أنفسهم بما يشوب واقعهم من انقسام . أحد الأصدقاء قال لي اليوم أن العائد الأهم من هذا التحرك سيكون كشف النوايا الحقيقية للكيان الصهيوني ودول الغرب التي تقف وراءه ، والتي ستضطر إلى تقديم بعض التنازلات لمصلحة السلطة لثنيها عن هذا التحرك . قلت له أن العالم كله لا يحتاج إلى أدلة جديدة تكشف هذا الكيان المحتل ونواياه الساقطة ، وأن أية تنازلات تحصل عليها السلطة لن تساوي شيئا أمام خسائر يمكن أن تكون أكثر فداحة . وأنا لا أدري في الحقيقة إلى متى سنظل في عالمنا العربي نقنع بالفتات الذي ترميه إلينا دول الغرب المتسلط ، ولكن يبدو أن هذا الطبع قد تأصل فينا إلى العظم ، فصرنا نقنع بالقليل في كل شئون حياتنا وحاجاتنا اليومية .

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

اليوم 238

من الطبيعي أن يسعى المرء لتحقيق مصالحه في هذه الحياة ، بما فيها المصالح المادية التي يرومها من عمله أو وظيفته أو تجارته . هذه المصالح تدخل في حيز الحرام عندما تكون ناشئة عن اكتساب حق غير مشروع ، ومن ذلك السرقة والرشوة والاختلاس وغير ذلك من الممارسات التي تقود إلى حرام بصفتها حراما في الأساس . ومن الطبيعي أن لا أحد يملك الجرأة لإباحة هذا الحرام أو تبريره ، مع أن البعض يطلق على بعض أوجه هذه الممارسات مسميات تجملها وتجلعها أكثر قبولا . فالرشوة تصبح عمولة ، والربا يصبح فائدة ، والاختلاس يصبح استعارة ، وزواج المتعة يصبح مسيارا ، إلى غير ذلك من أمثلة الممارسات التي نلبسها أقنعة تخفي حرمتها عن الناس . وهناك شكل آخر من الممارسات التي عمت وشاعت وأصبحت أقرب ما تكون إلى العادة ، وأراها تقريبا كل يوم في حالة من حالات المشروعات التي نعمل فيها وعليها . أحد أكثر هذه الممارسات التي تزعجني هي محاولة تصيد الأخطاء لتحقيق مصالح من وراء ذلك . واليوم عشت حالة من هذه الحالات التي وجدت نفسي فيها مضطرا لمواجهة من النوع السخيف المحبط . القصة أننا دعونا عددا من المقاولين لتقديم عروضهم في مناقصة لإنشاء مشروع لأحد عملائنا . وعندما جلسنا هذا المساء في اجتماع لجنة فض مظاريف المناقصة وبحضور المالك وممثليه ، وبعد أن أنهينا تسجيل العروض وقيمها وما عليها من ملاحظات ، فوجئت بأن المالك بدأ يصب سيلا من اللوم علينا ، واتهمنا بالتقصير في إعداد وثائق المناقصة ، وأنها مليئة بالأخطاء . حاولت أن أفهم هذا العميل أننا معرضون للخطأ ولكننا نسعى للدقة في عملنا ، وأن أية أخطاء في وثائق المنافسة يمكن تداركها قبل التنفيذ إن ثبت وجودها ، وأن الغرض من هذه المنافسة هو تحديد المقاول الأفضل من ناحية السعر والكفاءة وشروط التنفيذ ، وأن مثل هذه الأخطاء التي يزعمها لا يمكن أن تفضل مقاولا على آخر لأن التعديلات ستعمم على جميع المتنافسين . رأيته فجأة يركز على أحد المقاولين ، ليعلن بعدها أن المقاول اتصل به وأبلغه بما رآه من أخطاء ، وأنها تدل على ضعف الاستشاري وقلة كفاءته . تبين لي جينها أن هذا المقاول يريد أن يصطاد في الماء العكر ، فقام بتجاوز إجراءات المنافسة واتصل بالمالك ليخلق لديه هذا الموقف ويسيء إلى صورتنا وسمعتنا لديه ليكسب تأييده وتعاطفه أملا في منحه العقد بعيدا عن المنافسة وضغط الأسعار ، وبعيدا عن إشراف استشاري سيمنعه من التلاعب في أعمال المشروع ومواده . كل ما فعلته أنني شرحت لهذا العميل حقيقة الموقف ومقدار الخطأ والخطر في مثل هذا التجاوز ، وبينت له أنه حر في اختيار المقاول الذي يريد وبالسعر الذي يريد ، ولكنه ليس من حق أحد أن يطعن في كفاءة أحد ، أو يقلل من شأن أحد ، لا لشيء سوى الفوز بمصلحة من عقد أو عمل . خرجت من الاجتماع وأنا أرثي لحال هذا العميل إن لم يثب إلى رشده ، ولحال هذا المقاول إن فاز بالعقد بهذه الطريقة ، فهو في رأيي ليس إلا حراما في حرام .

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

اليوم 237

نستعد منذ عدة أيام لتقديم عرض مالي لإحدى الوزارات يخص أحد مشروعاتها . أكثر ما يشغلنا في كل مرة نعمل فيها على مثل هذه العروض هو إصدار الضمان البنكي المصاحب للعرض ، في ظل إصرار الأجهزة الحكومية على الإذعان الحرفي لنظام المشتريات في هذا الجانب . الأمر الذي يغيظني أن هذا التطبيق الحرفي للتعليمات والأنظمة يكون ظاهرا وبارزا عندما يتعلق الأمر بحمالية الدولة وأجهزتها في عقودها وأعمالها ، ولكن هذه الأنظمة تكسر وتخدش وتتحطم عندما يكون الأمر متعلقا بتقصير موظف أو مسئول في الدولة ، أو عندما تكون الدولة أو أحد أجهزتها هي الطرف المستفيد من مثل هذه التجاوزات . وعندما يتعلق الأمر مثلا بإصدار الضمانات البنكية التي تثقل كاهل المتعاقدين مع الدولة يكون الأمر حتميا وغير قابل للنقاش ، ولكن عندما يطلب المتعاقد أن يحصل على حقوقه يصبح الأمر أكثر مرونة وتساهلا في تطبيق الأنظمة ، ويكون عليه أن ينتظر عودة الموظف من إجازته ، أو توقيع المدير العام ، أو اعتماد الممثل المالي . وعندما يعبر المتعاقد عن امتعاضه يأتي الرد ببساطة .. "لماذا أنت مستعجل" ، أو "ما عند الدولة لا يضيع" . اتصلت بعد ظهر اليوم بأحد المسئولين في الوزارة التي نعد عرضها الذي سيقدم الأسبوع القادم لأتأكد من موعد تقديم العرض بعد إعلان يوم السبت إجازة رسمية في مناسبة العيد الوطني . قلت له أنني أريد التأكد من الموعد لنتمكن من تقديم طلب إصدار الضمان البنكي في الموعد المناسب ، فأجابني إجابة مفاجئة عندما قال أنه لا يلزم تقديم ضمان بنكي لهذا العرض . لم أرد أن أثير كثيرا من الأسئلة فأكون كمن قال الله تعالى فيهم " لا تسألو عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " . ولكنني شكرته على هذا الإيضاح الذي أزال هما ثقيلا عن كاهلي . وكالعادة يتكرر السؤال الذي يراودني دوما في مثل هذه الحالات ، إذا كان هذا التطبيق مسموحا ومقبولا من قبل أحد أجهزة الدولة فلماذا التعنت في تطبيقه في بقية الأجهزة . أليست كلها تدين وترجع إلى مرجعية واحدة ، أم أن كلها منها يعمل برؤيته الخاصة لتطبيق مثل هذه الأنظمة . عرفت هذا المسئول الذي أبلغني بهذه الإفادة على مدى ثلاث سنوات مضت لم أر منه على مداها إلا حرصا على الأمانة والاحترافية المهنية ، ولم أسمع يوما أنه بحث عن مصالح أو مرابح خاصة ، مع أنه يمسك برقاب كثير من المقاولين والاستشاريين المتعاقدين مع وزارته . إعجابي وتقديري لهذا الرجل زاد كثيرا بموقفه معي هذا اليوم ، إذ أنه كان يمكن أن يكون كمثله من المسئولين في تعنتهم في تطبيق الأنظمة دون مرونة أو وعي ، ولكنه أضاف بما فعل معنى آخر للمهنية التي لا تتوقف عند قوانين متحجرة بل تتجاوزها لما فيه المصلحة الأكبر في تنفيذ المشروعات وإنجازها وفق ما وضع لها من برامج وخطط .

الأحد، 18 سبتمبر 2011

اليوم 236

كنت أعلم دوما أن كثيرا من المواطنين بعمومهم ومنهم على جه الخصوص كثير من الكتاب ومنسوبي القطاع الخاص وغيرهم يقفون موقف المعترض والمتحفظ والناقد من الدور الذي تلعبه الهيئة العامة للاستثمار ، وتركيزها على دعم واستقطاب المستثمرين الأجانب حتى ولو كان ذلك على حساب الاقتصاد الوطني ومنافسة المواطنين من أصحاب الأعمال ، وحتى لو كان هذا الاستقطاب حبرا على ورقا وأرقاما تعلن بين الفينة والفينة دون أن تنساب حقيقة إلى منظومة الاقتصاد الوطني . ولكنني رأيت اليوم ولأول مرة عددا من الموظفين في بعض الجهات الحكومية وهم يسجلون اعتراضهم على هذه الهيئة ، ويشتكون من الآثار السلبية لدورها المزعوم على خطط وبرامج هذه الجهات . هذه المفاجأة اعترضتني اليوم في الملتقى الذي نظمته الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين في الرياض لمناقشة واقع القطاع الاستشاري في المملكة ، والذي تحدث فيه مسئولون من وزارة التجارة وهيئة سوق المال وسجلو في معرض حديثهم هذا الموقف من الهيئة . وللأمانة ، فقد كان هذا الموقف خفيا مستترا قائما على التلميح في حديث هذين المسئولين الرسمي على الملأ ، بينما كان أكثر تصريحا في الأحاديث غير الرسمية أثناء استراحة القهوة . السؤال الذي يراودني في مثل هذه المواقف ، إلى متى ستظل هيئة الاستثمار بمنأى عن المحاسبة أو حتى التدقيق فيما تفعل في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات يمنة ويسرة تشتكي من هذا الخلل المريع . ولماذا لا يرفع هؤلاء المسئولون الحكوميون تقاريرهم التي توضح هذه الآثار السلبية لتوجهات الهيئة على برامجهم وخططهم إلى قيادة البلد على الأقل لإبراء ذمتهم من تهمة التقصير التي قد تطالهم . الغريب أن هذه الشكوى لا تأتي فقط من منسوبي القطاعين العام والخاص فحسب ، بل حتى من فئة كبار المسئولين والأمراء ومن في حكمهم . وأتعجب أحيانا عندما أسمع مثل هذا النقد من هؤلاء ، وأكرر التساؤل عن جدوى طرح هذا النقد والشكاوى في المجتمعات المحيطة بهم بدل نقلها بصراحة ووضوح إلى المقام السامي الذي هو والد الجميع . يقول البعض أن هذه الهيئة تتمتع بحماية رسمية من النقد والمساءلة بارتباط رئيسها بمحور نافذ في الدولة والقيادة ، وهو ما يمكن أن يفسر هذا الواقع الغريب الذي تجاوز في حدته أكثر الأجهزة الحكومية سيادية وتفردا بالإدارة والسلطة . ولكنني أتمنى لو يستطيع أحد أن يوصل إلى رئيس الهيئة شيئا من التنبيه والتحذير ، فمثل هذه الحماية لا يمكن أن تكون صلبة على الدوام ، ويمكن لها أن تسقط فور تنبه القيادة لهذا الخلل والسؤال عن مسبباته . وعندما يقع هذا الأمر ، وهو واقع لا محالة ، فإن ما يمكن أن يحصل حينها سيكون نكبة كنكبة البرامكة .

السبت، 17 سبتمبر 2011

اليوم 235

غادرت ابنتي إلى الشارقة لتبدأ سنتها الدراسية الثانية هناك . وبالرغم من أنني أعاني منذ الصباح من وعكة صحية أورثتني بعض الإنهاك والدوار ، إلا أنني حرصت على أن أوصل ابنتي إلى المطار تفاديا لأية إشكالات مع موظفي الجوازات في ظل الإجراءات الجديدة لتصاريح السفر للنساء والمحارم . على مقربة من المطار اعترضنا زحام من تجمع عدد كبير من السيارات أغلق الطريق المؤدية إلى المطار . توجست من سبب هذا الزدحام ، وخشيت أن يؤخرنا عن موعد الرحلة . بعد فترة وجدت سبيلا لتجاوز هذا الزحام ، لأرى سيارة شرطة وقد انقلبت وتحطمت على قارعة الطريق ، وقد تجمع حولها عدد كبير من الناس الذي أوقفو سياراتهم في عرض الطريق بما خلق ذلك الزحام . تعجبت من هذا المشهد الذي لا أراه إلا في مجتمعاتنا العربية ، فهؤلاء المتجمهرون لا يعلمون أو لا يكترثون وهم يعطلون مصالح الناس بهذا التجمع ، كما أنهم يعوقون حركة سيارات الإسعاف التي يفترض بها أن تصل لإسعاف المصابين الذين تجمهرو حولهم للفرجة . بعد أن أوصلت ابنتي إلى المطار واطمأننت على مغادرتها بالسلامة استجمعت قواي لأعود إلى المنزل . طريق العودة من المطار ومن أمام مركز غرناطة التجاري كان يشهد ازدحاما آخر إلى حد توقف الحركة تماما . بدأت أعراض الدوار تتفاقم ، وكدت أفقد وعيي في هذا الزحام . لا أدري كم مضى من الوقت قبل أن أصل لمخرج طريق الملك عبد الله . واستمرت حركة المرور بطيئة متثاقلة حتى وصلت إلى نقطة عرفت منها السبب وراء هذا الزحام . عدد من السيارات كان مصطفا أمام نافذة خدمة السيارات في مقهى على الطريق في طابور امتد حتى اعترض حركة السيارات في طريق الملك عبد الله ليخلق زحاما امتد على مدى عدد من الكيلومترات دون أن أرى أي مؤشر على تدخل دوريات المرور لفض هذا الزحام ، ويبدو أن كل الدوريات قد ذهبت لتسعف المصابين في الزحام الأول . لا أستطيع أن أفهم هذه الأنماط الغريبة من السلوكيات التي تجر الضرر والقرف على الآخرين ، وكيف يمكن أن يكون أحد بهذه البلادة التي تجعله يتجاهل حاجات وظروف الناس الذين يعطلهم لهذه الأسباب الواهية . على أية حال ، أرجو أن أكون أحسن حالا يوم غد لأذهب لذلك المقهى على وجه الخصوص لكي أجرب نوعية القهوة التي يقدمها ، وأرى ما إذا كانت تستحق كل هذا التقاطر وهذا الزحام .

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

اليوم 234

الأحداث في سوريا تتسارع بشكل خطير في ظل تزايد أعداد الضحايا من أناس كل جرمهم أنهم خرجو يطالبون بالحرية والعدالة في بلد يمثل أحد أكبر مواطن القمع والاستبداد الذي يمارسه النظام الحاكم تجاه شعبه . واليوم كان أحد أيام الجمعة التي يخرج فيها المتظاهرون بأعداد غفيرة ليواجهو آلة القمع التي تحصدهم دون هوادة ، فإذا بأرقام الضحايا تزيد ساعة عن ساعة بين كل نشرة وأخرى من نشرات الأخبار . وبينما كنت أشاهد هذه المشاهد بعد عصر هذا اليوم تذكرت حلقة الأمس من برنامج إضاءات التي استضاف فيها تركي الدخيل شخصا لا أذكر اسمه وقدمه بصفته داعية في وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف . وأنا لا أفهم كيف يمكن أن يكون الداعية موظفا في وزارة ، وكيف يمكن أن تكون الدعوة إلى سبيل الله وظيفة بأجر . هذا الداعية عبر عن رأيه في الثورات التي تجتاح دول العالم العربي ، وسجل اعتراضه عليها من ناحية المبدأ ، من ناحية أن المطالبة بالتغيير تصبح حراما إن كان من المعلوم أنها ستقود إلى إهلاك النفس أو الإضرار بالمجتمع ، وأن استبداد الحكام لا يجوز أن يواجه بالثورات وإنما بالمناصحة والحوار والمجادلة . لم أستطع أن أفهم هذا المنطق أو أهضمه وأنا أشاهد الصور والمشاهد التي نراها كل يوم في نشرات الأخبار ، فكيف يمكن أن يجتمع الحوار والاستبداد معا . إذا كان الحاكم مستبدا فهو لن يسمح بالحوار ولن يقبل المناصحة . وأي حديث عن الحوار الذي يطلقه مثل هذا الحاكم لن يعدو أن يكون مسرحية يضحك بها على شعبه ويخدر مشاعرهم . أما إن لم يكن مستبدا فلا حاجة للثورة من الأساس ، فالشعب هنا سيكون قد نال بالفعل ما يريد إن هو طالب وناصح وجادل . هذا النموذج من الشعوب في رأيي لا وجود له في العالم العربي كله الذي يعج بالمطالب والتطلعات ويعاني حالة من التخلف متفاوتة المستوى بين دوله . فهو إما أن يكون شعبا يعاني الاستبداد الذي يكتم أفواه أبنائه حتى يأتي يوم يثورون فيه كما هو الحال الذي نراه الآن ، وإما أن يكون شعبا ضعيفا في ذاته قاصرا في تطلعاته يعيش قانعا في كنف حكم أكثر عدلا من غيره ، ولكنه يفتقر إلى عناصر تحقق له النجاح كالكفاءة أحيانا والموارد أحيانا أخرى . الشعب السوري عانى من القمع والاستبداد على مدى 50 عاما ، وأنا لا أدري إلى متى يجب عليه أن يصبر ويناصح ويحاور دون أي جدوى لكي لا يقع في حكم التحريم الذي رآه داعية الأمس . المشكلة أن مثل أولئك المنظرين بعيدون عن معاناة الناس ولم يحسو يوما بما يشعر به هذا الشعب المغلوب على أمره ، فهل لمثل هذا الداعية أن يقول خيرا أو ليصمت .

الخميس، 15 سبتمبر 2011

اليوم 233

عطلة نهاية الأسبوع تمثل بالنسبة لي فرصة للراحة وكتابة المقال الأسبوعي وقضاء بعض الوقت مع أسرتي الصغيرة ، ولكنها أحيانا ما تصبح عبئا ثقيلا عندما أجد نفسي وحيدا لا أدري ما أفعل . مشكلتي الأزلية أن معظم علاقاتي هي من قبيل علاقات الزمالة وارتباطات العمل ولا تصل إلى مستوى الصداقة بمفهومها المألوف ، والقلة القليلة التي أجد نفسي منسجما معهم تفصل بيننا ارتباطاتنا العملية أحيانا والأسرية أحيانا أخرى . ومع أنني أجد متعتي الكبرى مع زوجتي وأبنائي إلا أنهم هم أيضا لهم حياتهم وصداقاتهم وعلاقاتهم التي لا أريد لهم أن يتجاهلوها ليبقو بجانبي ، فأنا لا أريدهم أن يكونو نسخة مني في هذا الجانب على الأقل . والرياض تتسم بهذا النمط الاجتماعي المنغلق الذي لا يتيح كثيرا من المجالات للترفيه العائلي ولا للعلاقات الأسرية المتبادلة ، ومعظم العلاقات هي من النمط الذي يفرض الفصل بين أفراد الأسرة ، فتجد الرجال يلتقون في المقاهي أو الاستراحات ، والنساء يلتقين في المقاهي أيضا أو المنازل ، والشباب يلتقون حول ألعاب الفيديو أو يتسكعون في الشوارع ، والأطفال ليس أمامهم إلا مدن الملاهي والمراكز الترفيهية . والمشكلة أنني لست من الصنف الذي يحبذ لقاءات المقاهي ولا الاستراحات ولا شلل البلوت . وعندما ياتي يوم مثل هذا اليوم الذي ينشغل فيه كل من أفراد أسرتي بارتباط مع أحد من محيطه أجدني وحيدا أقضي وقتي أتنقل بين قنوات التلفزيون وجهاز الكومبيوتر أكتب شيئا أو أقرأ شيئا آخر . زوجتي العزيزة رأفت بحالي هذا المساء ، فسألتني عن أصدقائي ولماذا لا أخرج لألتقيهم خارج المنزل بحثا عن شيء من الترويح عن النفس . أجبتها بأن كلا منهم له مشاغله وارتباطاته ، وحتى أولئك الذين حاولت التواصل معهم في مرات سابقة فدعوتهم إلى منزلي مثلا لم أجد منهم حرصا على تجديد تلك التجربة ، ولا لاستمرار التواصل بيننا . وعلى أية حال ، أنا لست منزعجا من هذا الواقع ، ومثل هذه الأوقات التي أبقى فيها منفردا تمثل فرصة للراحة وإنجاز شيء من شئوني الخاصة ، كما أنني اعتدت على هذا الأمر ، ولا أجد دافعا لتغييره بما يفرض عبئا على أحد . والشيء الآخر الذي لا تعلمه زوجتي العزيزة أنني أجد في هذه المدونة متسعا أشارك فيه الكثيرين ما أشعر به من أحاسيس وأفكار وهموم ، وأفرغ فيه ما أحمله من رؤى وأفكار . هذا الشعور الجميل يصطدم أحيانا بمواقف البعض مما أكتب ، خاصة وأن بعض المقربين يعدها خرقا لخصوصية العائلة والمجتمع الذي أعيش فيه ، مع أنني أحرص دوما على تسجيل مضمون تجاربي دون المساس بالأشخاص الذين تمسهم هذه التجارب أو كشف شخصياتهم . الشيء الذي لا يعلمه هؤلاء هو أنني أشعر أن كل قراء هذه المدونة هم أصدقائي دون أن أراهم أو ألتقي بهم ، وكلما زاد عدد هؤلاء القراء كلما شعرت أنني أصبحت أكثر قربا من الناس ، وأكثر التصاقا بهم وبحياتهم .

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

اليوم 232

منذ أن بدأت أعمال الهدم والحفر في الأرض الملاصقة لمنزلي ونحن نعاني الأمرين من إزعاج أطار النوم من عيوننا ، مع أن هذه الأعمال كانت قد توقفت أثناء شهر رمضان المبارك فاستبشرنا خيرا ، ولكننا عدنا إلى الدق والتكسير الذي يبدأ منذ الصباح الباكر حتى قبل أن يغادر الطلاب إلى مدارسهم . عدت إلى منزلي بعد ظهر اليوم لتناول طعام الغداء فوجدت أن الدق كان أكثر إزعاجا من قبل . لم أتمكن من احتمال هذا الصوت المزعج الذي كان أشبه بمطرقة تدق داخل رأسي فخرجت لأرى ما الذي يفعله هذا المقاول . نزلت إلى موقع الحفر فرأيت عاملا يدق دقا متواصلا في طبقة صخرية ، ولم أفهم لماذا يريد هذا المقاول تحطيم هذه الطبقة بدل أن يضع أساسات مشروعه عليها . سألت العامل عما يفعل فقال أن هذه تعليمات معلمه التي ينفذها مع أنه غير مقتنع بها . رأيت هنا أن هذا المقاول إنما يستغل جهل مالك المنزل ، والذي اكتشفت أنه سيدة من الجيران كبيرة في السن لا حول لها ولا قوة ، ليحصل على مزيد من المال مقابل عمل لا داعي له . ولكي أعطل هذا الاستغلال سألته إن كان يعمل بموجب تصريح للحفر فأجابني بالنفي ، فهددته بأن أشتكيه هو ومعلمه إلى البلدية إن هو استمر في الحفر دون ترخيص ، وقفلت عائدا إلى منزلي . بعد قليل رن جرس المنزل وأبلغني ابني بأن جارتنا تريدني عند الباب ، فخرجت إليها لأجدها تلومني على التدخل وتعطيل العمل . قلت لها أن ما يجري خطأ هندسي ، وأن المقاول يريد استغلالها بعمل لا حاجة له . استفاقت هذه السيدة المسكينة ، وطلبت مني المساعدة ، فطلبت منها أن تطلعني على مخططات مشروعها لأرى لماذا كل هذا الحفر وفي مثل مثل هذا الصخر . بعد العصر أرسلت إلي نسخة من المخططات مع ابنها الشاب . صدمتي كانت أكبر عندما رأيت هذه المخططات التي أعدها مكتب استشاري هندسي مرخص ، وهي مع ذلك تعج بالأخطاء والمصائب المعمارية والهندسية . نقلت رأيي للشاب الذي نقل ما قلت لوالدته التي اتصلت ترجوني أن أسعفها وابنها في هذه الورطة ، وعرضت أن أتولى كامل المشروع . اعتذرت بلطف متحرجا من أن تعتقد أنني قلت ما قلت طمعا في هذا المشروع أو بحثا عن مصلحة ، ولكنني لم أجد منها إلا مزيدا من الإصرار والاستعطاف ، فاتفقت معها أن أقوم بدور المستشار من قبيل المساعدة لجار يواجه استغلال مقاول وضعف مهندس في سوق تعصف به هذه الممارسات الهوجاء المليئة بالجرائم المهنية . عدت إلى المنزل وقد تملكني شعور بالخجل والحرج والقهر من هذا المكتب الذي خان أمانة المستشار بهذا العمل الركيك الذي باعه إلى هذه السيدة المسكينة بثمن بخس ، ومن غياب مخل لدور البلديات في مراقبة هذه الممارسات ، وهي الجهة التي راجعت هذه المخططات الرديئة وأصدرت بموجبها رخصة بناء نظامية . عالمنا مليء بمثل هذه السيدة من مواطنين يقعون ضحايا لهذه العصابات من استشاريين ضعاف ومقاولين لصوص يهدرون أموال الناس في مبان ومشاريع رديئة ، والبلدية تقف موقف المتفرج الذي يتحمل ذات المسئولية في هذه الجرائم . وإلى أن تصحو البلدية من هذا السبات ، وترفع هيئة المهندسين من معايير تأهيل المكاتب الهندسية ، سيظل الحال على ماهو عليه ، وسيبقى الناس من شاكلة هذه السيدة المسكينة ضحايا هذا الواقع المرير .

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

اليوم 231

يقولون أن بين العبقرية والجنون شعرة ، وأنا أقول أن بين الطموح والمكابرة شعرة أيضا . وأنا أتعجب أحيانا من بعض المظاهر والتجارب والأنشطة التي تستمر دون أية احتمالات أو مؤشرات للنجاح . الأمثلة على الحالتين كثيرة ، فمن أمثلة الأمور التي تتطلب الطموح والمثابرة ما يحصل في سوريا ، فلو تراجع الشعب عن ثورته فسوف يسحق سحقا لا تقوم له بعده قائمة ، ولو أنه استمر مهما عظمت فداحة الثمن الذي يدفعه من دماء الشهداء فإنه سيصل يوما إلى مبتغاه . هذه المثابرة وتواصل الأمل في النجاح هي إحدى الصفات التي جبلني الله عليها ، وأنا غالبا ما أحمل نفسا طويلا في أي أمر أروم إنجازه . ولكنني أجدني أحيانا كمن ينفخ في قربة مقطوعة عندما أسمع أو أقرأ بعض التعليقات السلبية على بعض ما أكتب مثلا ، أو أجد قصورا في فهم بعض المبادرات الاستثمارية أو التجارية التي أعمل على تأسيسها . وفي المقابل ، أرى بعض الأمثلة لتجارب لا يمكن وصفها إلى بالفشل الذريع ، ومع ذلك فهي لا زالت تعيش كالمريض الموصول بأجهزة طبية تبقيه على قيد الحياة . مثل ذلك شركة الشيكات السياحية السعودية التي مررت بجوار مقرها هذا المساء بشارع الستين بالرياض . لم أفهم يوما من الذي يمكن أن يتعامل بالشيكات السياحية بالريال السعودي وما هي الجهات التي تقبلها . هذا بالطبع عندما كانت الشيكات السياحية وسيلة آمنة للسفر منذ أكثر من عشرين عاما . والآن ونحن في عصر البطاقات الائتمانية والذكية والعمليات البنكية الإلكترونية لا زالت هذه الشركة قائمة تقاوم عوامل التعرية ، وكأن مقرها قد أضحى متحفا تعرض فيه هذه الآثار البالية من أوراق مالية غير قابلة للتداول . بينما كنت أتجه إلى المنزل وصلت إلى هاتفي الجوال رسالتان نصيتان . فتحت الرسالتين أثناء توقفي عند إحدى إشارات المرور ، فوجدتهما من ذات المصدر وهو جريدة الاقتصادية . الأولى كانت عن إعلان شركة الاتصالات السعودية عن إطلاق خدمات الجيل الرابع للهاتف الجوال كأول مشغل في الشرق الأوسط . والثانية كانت عن إعلان شركة موبايلي عن إطلاق خدمات الجيل الرابع للهاتف الجوال كأول مشغل في الشرق الأوسط أيضا وبذات النص . في هذه اللحظة قررت أن أرفع راية الاحترام لشركة زين التي نأت بنفسها عن هذه المنافسة الإعلامية السخيفة ، متعجبا من غياب وصمت هيئة الاتصالات عن مراقبة مثل هذه الإعلانات والتصريحات التي تفتقر إلى المصداقية والاحترافية المهنية . وأنا أجزم كل الجزم أن خدمات الجيل الرابع قد بدأ تشغيلها بالفعل في دول أخرى من دول الشرق الأوسط ، فيما لا زالت هاتان الشركتان تخاطبان عملاءهما بذات اللغة الإعلامية السمجة التي عفا عليها الزمن . أليس هذا أيضا نموذجا من نماذج المكابرة والتعامي عن فقر الحال .

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

اليوم 230

أحاول دائما أن أتحاشى أية مسببات تدفعني إلى مراجعة أي مسئول في الدولة على درجة وكيل وزارة فما فوق ، إذ أن محاولة مقابلة أي مسئول من هذا المستوى تعد أمرا بالغ الصعوبة حتى ليخيل لي أحيانا أنها أكثر صعوبة من مقابلة الملك شخصيا . ولكن تعقيدات الحياة وفزلكة الموظفين من الدرجات الأدنى تفرض أحيانا أن أسعى مضطرا إلى مقابلة مسئول من الدرجة الأعلى بحثا عن حل يختصر مسافات البيروقراطية . واليوم بعثت مندوبا إلى إحدى الوزارات السيادية وطلبت منه أن يأتي لي بأرقام هواتف مكتب سعادة مدير مكتب سعادة وكيل الوزارة المساعد لنتصل به لنطلب ترتيب موعد مع سعادة الوكيل المساعد . مندوبي اتصل بي من هناك ليبلغني أنه لم يتمكن من إنجاز هذه المهمة العسيرة ، وأن طلبه ووجه بالرفض الحاسم ، وأن مدير المكتب أبلغه بأن الوسيلة الوحيدة لمقابلة الوكيل هي بمخاطبته رسميا لطلب تحديد موعد للمقابلة يتضمن معلومات عن طالب المقابلة والموضوع الذي ستتم المقابلة من أجله ، ليتم عرض الطلب على سعادة الوكيل ليقرر ما إذا كان الموضوع و صاحبه يستحقان أن يمنحهما شيئا من وقته الوطني الثمين . قلت للمندوب أن يحاول على الأقل أن يحصل على رقم الفاكس في المكتب لإرسال خطاب طلب المقابلة ، ولكنه أجابني بأن هذا الطلب رفض أيضا ، وأن علينا أن نرسل الطلب بالبريد الممتاز أو العادي بحسب أهمية الموضوع . لم أدر ماذا أقول أو ماذا أفعل في هذا الموقف ، فمخاطبة مسئول بهذه العنجهية والانغلاق لن تجدي نفعا لأنه لا سبيل حتى لمتابعة خطاب طلب المقابلة الذي يمكن أن يجد سبيله إلى سلة المهملات أو أرشيف الوزارة. والذهاب إلى مكتبه لتحين فرصة لقائه ستكون أسوأ من الذهاب إلى عيادة طبيب في مستفى خاص دون موعد . ويبدو أن الحل الآن سيكون في أن أبحث عن أحد يملك مدخلا على هذا المسئول ليتفضل ويتدخل متوسطا في أن يمنحنا فرصة لقائه . وفي النتيجة ، تصبح مقابلة المسئول إنجازا هاما في حد ذاتها ، إلى الحد الذي يجعل المرء يغفل عن الموضوع الذي أراد مقابلته من أجله بعد هذا الشرف العظيم ، فتنقضي بذلك حوائج الناس ويقنعون من الدنيا بمقابلة مسئول .

الأحد، 11 سبتمبر 2011

اليوم 229

في مثل هذا اليوم قبل عشرة أعوام ، وبحسب التقويم الميلادي ، كنت جالسا في مكتبي السابق المطل على شارع الضباب مواجها لمدينة الملك فهد الطبية . كنت كعادتي منشغلا في أمور متعلقة بأعمال ومشروعات المكتب وإجراء بعض المكالمات الهاتفية وذلك قبل أن يصبح البريد الإلكتروني وسيلة الاتصال الأشمل في عالم الأعمال . فجأة اهتز المكتب بصراخ ملؤه الفرح مصحوبا بصيحات التكبير والتهليل ، ووجدت عددا من الموظفين في المكتب وهم يعدون في أروقته وهم يقفزون ويرقصون فرحا وطربا . خرجت من المكتب سائلا عن سبب هذا التكبير وهذه الفرحة العارمة ، وما إذا كان قد وصل خبر يبرر حجم هذا الفرح كتحرير القدس مثلا أو إلغاء نظام الكفالة أو شيئا من هذا القبيل ، فجاءني الجواب بأن أمريكا قد ضربت ، وأن عددا من الطائرات أصابت عددا من الأبراج والمواقع الهامة فيها في غزوة لم يعلم أحد حينها من الذي قام بها ولا السبب الذي دفعه إلى فعل تلك الفعلة . خرجت من المكتب عائدا إلى المنزل لألاحق الأخبار المصورة على القنوات الفضائية التي لم تكن حينها بهذا الانتشار . رأيت صور الطائرات وهي تصطدم بالأبراج ، ورأيت الناس يتساقطون منها هربا من النيران التي حاصرتهم فيها ، ورأيت الناس رجالا ونساء وأطفالا وقد اعترتهم صدمة الحدث وهول الخسارة . لم يخطر في بالي أبدا حينها أن يكون وراء هذا الحدث شخص ينتمي إلى الدين الإسلامي ، بل ويتخذه مشرعا ومبررا لهذه الجريمة النكراء ، ولم أفهم حينها ما هو وجه الفرح في هذه المصيبة ، ولماذا كل ذلك التكبير والتهليل مع أن كل ما حدث لم يتجاوز قتل عدد هائل من الأبرياء المدنيين الآمنين في هجوم غادر أصاب صورة الإسلام والمسلمين في مقتل في العالم كله . بعد حين فهمت أن ذلك الفرح كان سببه ذلك الإحساس الجارف في المجتمعات العربية ومثيلاتها من المجتمعات المنكسرة من السطوة والنرجسية والاستعلاء التي وصمت السياسة الأمريكية ، فعم الفرح بالحدث من قبيل الشماتة والحبور بمصيبة العدو ، خاصة عندما رأيت مثل تلك الاحتفالات والرقص في الشوارع في دول لا تدين بالإسلام كرومانيا وكوبا وفنزويلا وغيرها . ومنذ ذلك الحين وحتى هذا اليوم ، فإنني أزداد قناعة كل يوم أن الهجوم لم يكن على مواقع أمريكية فقط ، بل إنه كان هجوما على الإسلام باسم الإسلام ، فهو لم يعد عليه وعلى دوله إلا بالحصار والتنكيل والحروب التي أهلكت الحرث والنسل ، ولم يخرج المسلمون منها إلا بوصمة عار الإرهاب الذي أصبح سمة ملتصقة بهم ، وأصبحت كل الدول الإسلامية تقدم التنازلات تلو التنازلات لتكفر عن جرمها بأنها فرخت وصدرت ذلك الإرهاب . واليوم ، وبعد مقتل قائد تلك الغزوة بشكل أثار كثيرا من ردود الأفعال المتضاربة  ، وبكل ذلك الشعور المر بالانتصار الأمريكي ، فإنني لا أدري إن كان أولئك الذين فرحو في تلك اللحظة بذلك الحدث لا زالو يحملون ذات الشعور ، أم أنهم علمو أنهم لم يكونو سوى ضحية لمؤامرة محبوكة أضرت بهم أضعاف الضرر الذي أصاب هدفها الأساسي .

السبت، 10 سبتمبر 2011

اليوم 228

وصلت إلى الرياض عائدا من المنطقة الشرقية بعد يوم حافل بالمهام منذ الصباح الباكر . وجود ابنتي العزيزة بصحبتي أسعفني بحق في هذه الرحلة ، إذ أنني أجزم أنني كنت سأغرق في النوم أثناء القيادة لولا وجودها معي نتجاذب أطراف الحديث . جميل هذا الشعور بالقرب والصداقة مع الأبناء ، وكثيرا ما أرثي لحال آباء أراهم وقد ترفعو عن وضع أبنائهم في هذه المنزلة التي تجعلهم أكثر قربا وانفتاحا وتواصلا مع الآباء . حديثنا جال بين ذكريات الماضي وآمال المستقبل وتجارب الأصدقاء وقصص أقرانها في الجامعة ومعارفي في مرحلتي الدراسة والعمل ، وتبادلنا الرأي في أمور تخصني أحيانا وتخصها أحيانا وتخص أسرتنا أحيانا أخرى . مضت ساعات الرحلة سريعة خاطفة لم يعكر صفوها سوى أولئك المتهورين من قادة السيارات الذين يتصرفون وكأنهم أنهم يملكون الطريق ، وتجارب التوقف في استراحات الطرق البالية . ما لفت نظري هذه المرة هو إغلاق المحطة التابعة لشركة ساسكو لتنفيذ أعمال الصيانة والتطوير للمحطة كما أعلنت ذلك اللوحة التي نصبت في مدخل المحطة . تذكرت حديث رئيس هيئة السياحة الذي أعلن فيه عن معالجة وضع استراحات الطرق خلال سنتين ، وهو التصريح الذي مضى عليه بالفعل أكثر من سنتين دون أن نرى أية بوادر لهذه المعالجة ، ودون أن نسمع شيئا من الهيئة عن سبب هذا التعثر في تنفيذ ما صرح به رئيسها في ذلك الحين . أجزم أننا جميعا ننتظر نتيجة أعمال التطوير التي بدأتها شركة ساسكو في محطتها على طريق الدمام ، وأرجو أن تكون بالفعل بداية جادة لهذه المعالجة حتى ولو أنها جاءت متأخرة ، والأهم أنني أرجو أن تكون نموذجا تتبعه بقية المحطات على كل الطرق . نسيت أن أقول أنني أنجزت بحمد الله ما ذهبت من أجله ، حيث قمت بتوقيع عقد ذلك المشروع ، والتقيت ذلك الشخص الذي ساومني بأطماعه . اللقاء مر على خير ، إذ أنه لم يتمكن من فتح الموضوع معي في وجود عدد من زملائه في الإدارة ، فأتممت مهمتي وخرجت هاربا لا ألوي على شيء . كل ما أرجوه الآن أن نمضي في أعمال المشروع دون أن يتمكن من التأثير على  سير العمل أو تعطيل مصالحنا فيه .

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

اليوم 227

وصلت اليوم إلى الدمام لأبدأ يوم غد نشاطا محموما مع عدد من العملاء هنا حول بعض المشروعات التي نعمل معهم عليها . وقد جاء توقيت هذه الرحلة مناسبا كونه أتاح لي فرصة الهروب من شراء مستلزمات الأبناء للعودة إلى المدرسة خاصة في ظل الازدحام الرهيب الذي يصيب المراكز والمكتبات في هذا التوقيت من كل عام . يوم غد سأواجه تحديا من نوع خاص أسعى فيه إلى كسب مواجهتي مع ذلك الشخص الذي حاول ابتزازي للحصول على عمولة عن المشروع الذي تمت ترسيته علينا قبل حوالي الشهر . ظللت طيلة شهر كامل أتهرب من اتصالاته بحجج متعددة ، وغدا سيكون علي أن أحسم هذا الأمر عندما أذهب لتوقيع عقد هذا المشروع . المشكلة أن سطوة مثل هذا الموظف لا تنتهي بتوقيع العقد ، فمثله يملك كل السلطات والوسائل لتعطيل العمل في المشروع إن لم نستجب لطلباته ورغباته . والمشكلة الأكبر أن مثله لا يشبع ، ومجرد الانزلاق معه مرة واحدة يمكن أن يجعلنا هدفا لأطماعه بشكل متواصل ، ليمارس علينا ضغوطه في كل فاتورة نقدمها وكل مرحلة ننجزها لننال رضاه وعطفه وحنانه . لا أدري كيف ستكون هذه التجربة التي عزمت على أن أخوضها في مواجهة حاسمة لمثل هذه الأطماع غير المشروعة ، وأرجو أن يكتب الله لي فيها التوفيق حتى لو كتب لهذا الموظف ترقية تنقله إلى جهاز آخر من أجهزة الدولة ليمارس فساده فيه بعيدا عني وعن هذا المشروع . ابنتي العزيزة رافقتني في هذه الرحلة ، وأرجو أن يكون حضورها خيرا علي ، فيتم الله لي التوفيق في مسعى أحاول فيه الحفاظ على مباديء كنت دوما أحاول زرعها في أبنائي وتنشئتهم عليها . كم هو عسير أن يسعى المرء لزرع مثل هذه المباديء في نفوس النشأ في الوقت الذي أصبح الفساد فيه حالة عامة تطل علينا وعليهم من كل حدب وصوب . أختم هذه السطور لأحاول أن أنال قسطا من النوم قبل معركة الغد ، وأرجو أن يكتب الله لي التوفيق فيها على الأقل لأستعيد ثقتي بهذه المباديء وأحملها فيما بقي لي من عمر في هذه الدنيا .

الخميس، 8 سبتمبر 2011

اليوم 226

انتهى صيف هذا العام ، وهاهم الطلاب يستعدون للعودة إلى المدارس بعد غد . أبنائي كانو هم الخاسر الأكبر في صيف هذا العام ، إذ لم تتح لنا الفرصة للسفر في إجازة الصيف ، ولم تتح لهم الفرصة للمشاركة في أية أنشطة في بلد لا يجد فيه الشباب شيئا يفعلونه في أوقات فراغهم . كنت كثيرا ما أبحث عن ناد أو مركز يقضون فيه شيئا من الوقت يمارسون فيه أنشطة رياضية ويلتقون أناسا من أقرانهم ، ولكن كل الأندية التي تملأ شوارع الرياض مخصصة لمن تزيد أعمارهم عن الثمانية عشر عاما . وفي النتيجة يكون الشباب من هذه الفئة العمرية الخطيرة بين الثانية عشرة والثامنة عشرة ، وهي فترة المراهقة بكل فوراتها وطاقاتها ، محرومين من أية فرص لقضاء أوقاتهم في أية أنشطة مفيدة ، وهم بالتالي لا يجدون أمامهم سوى الجلوس أمام شاشات التلفاز ، أو الغرق في إدمان الألعاب الإلكترونية ، أو التسكع في الشوارع والأسواق ليتعلمو مباديء الفساد ومعاكسة البنات في مرحلة مبكرة من أعمارهم . ذهبت اليوم مع بعض أبنائي في جولة على مراكز الرياض الرياضية والترفيهية فوجدت الحال فيها على ماهو عليه ، ذات الشروط العمرية ، ولا مجال للصغار في الانخراط فيها . ثم وجدت مركزا جديدا في شارع التحلية مخصص للصغار ، استبشرت خيرا خاصة وهو غير بعيد عن منزلي . نزلنا إليه فإذا به مخصص للأطفال من السادسة إلى الثانية عشرة . خلاصة التجربة رسخت معلوماتي السابقة ، فلا شيء لهؤلاء الشباب يمكنهم فعله في هذه المرحلة العمرية ، ثم نأتي بعد ذلك لنشتكي من ظواهر الانحراف والفساد بين الشباب . المدارس تغلق أبوابها بعد الدوام الرسمي ولا دور لها في المساهمة في استيعاب هؤلاء الشباب وتربيتهم ، والرئاسة العامة لرعاية الشباب منشغلة بمشاكل أندية كرة القدم وكبوات المنتخب عن واقع هؤلاء الشباب ، مع أنها كانت قد بدأت مشروعا جميلا لمراكز الترفيه في الأحياء بما أسمته مشروع الساحات الشعبية ، ولكنه كغيره من المشروعات الاجتماعية لم يلق الاهتمام الكافي ليتحقق له النجاح والانتشار . الغريب أن كثيرا من الأنشطة التي تقدمها المراكز الرياضية والترفيهية في مدن المملكة الأخرى تستوعب الشباب من تلك المرحلة العمرية ، وتستوعب الفتيات أيضا . ولا أدري لماذا الرياض فقط هي المختصة بهذا الحجر على الشباب والفتيات .

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

اليوم 225

أزمة المياه في الرياض لا زالت مستمرة على مدى الأشهر الستة الماضية ، وخاصة في هذا الصيف اللاهب . واليوم عانينا من انقطاع المياه ونفادها من خزان المنزل فبدأنا رحلة البحث عن صهريج مياه نسعف به حاجتنا للمياه . ذرعنا الرياض في المواقع التي تتجمع فيه هذه الصهاريج فلم نفلح في الحصول على أحدها إلا بعد أكثر من ثلاث ساعات من البحث واللف والدوران . ولأن مثل هذه الأزمة تمثل فرصة للكثيرين لاستغلال الموقف ، فإن أسعار الصهاريج ارتفعت فجأة من سعرها الرسمي لدى شركة المياه الوطنية الذي يبلغ حوالي 120 ريال إلى أكثر من 600 ريال ، خاصة في ظل غياب أي شكل من أشكال الرقابة عليها . لا أدري كيف يمكن أن تستمر مثل هذه الأزمة في عاصمة المملكة التي يفترض أن تسخر لها الإمكانات لراحة سكانها ، ولا أدري ما هول الحال في بقية المدن التي لا تحظى بمثل الاهتمام الذي تحظى به العاصمة . أسمع أن انقطاع المياه في جدة يزيد على الأسبوعين في معظم الأحياء ، بالرغم من أنها تقع على ساحل البحر الأحمر وتضم في محيطها اثنتين من أكبر محطات التحلية في المملكة . صحيح أن نمط استهلاك المياه يشوبه كثير من الخلل السلوكي الذي تظهر فيه مشاكل الإسراف والجور والهدر ، ولكن هذه الانقطاعات تبرز مشكلة خطيرة حول الأمن المائي في المملكة ، وخاصة في ظل غياب جهد حقيقي للحد من هذه الممارسات الاستهلاكية الجائرة تتخطى الحملات الإعلامية المتقطعة التي تطلقها وزارة المياه والكهرباء ، وخاصة وأن أسعار المياه ربما تكون الأرخص في العالم بشكل لا يدفع الناس للتفاعل الإيجابي مع تلك الحملات . المشكلة أن كل نمط حياتنا يشهد مثل هذا الهدر حتى خارج إطار الهدر في المسابح وغسيل السيارات وغير ذلك . أهم المشاهد التي تشهد هدرا في المياه هو نمط البناء المتخلف الذي لا زالت تبنى به المباني والمساكن في المملكة ، والتي تهدر المياه في خلطات الاسمنت والرش بعد الصب وغير ذلك من مراحل البناء . هذا الجانب يمثل جابنا واحدا فقط من جوانب الخلل التي تشوب طرق البناء الحالية ، والتي لا زالت تمارس على نطاق واسع مع رفض مطلق لآليات وأنظمة البناء الحديثة من كل الجهات ، بما فيها وزارة الإسكان ومشروعها الحالم لبناء 500 ألف وحدة سكنية .

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

اليوم 224

اليوم هو يوم سعيد بالنسبة إلى الإخوة القطريين ، وتعيس على بقية أهل دول الخليج وخاصة السعوديين منهم . فقد أعلن ولي عهد قطر قبل قليل عن زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين فيها بنسبة 60 % للمدنيين و120 % للعسكريين . أترقب أن يرى الرائي يوم غد شاشات القنوات القطرية وهي تعرض احتفالات المواطنين وهم يرقصون في الشوارع فرحا وطربا بهذا القرار ، وهم يرفعون صور أمير الدولة وولي عهده ، إضافة إلى تصريحات الوزراء والمسئولين التي تعبر عن إعجابهم بحنكة الأمير وحصافة ولي عهده وحرصهم على راحة المواطنين ورخائهم . بودي لو أن أحدا يمكن له أن يبدأ من اليوم تسجيل آثار هذا القرار على الدى القريب والبعيد ، وما ستؤول إليه الأمور في هذا البلد الصغير مساحة والكبير بتأثيراته على المحيط الإقليمي والعربي . ولأن الحصيف فقط هو من يتعلم من تجارب غيره ، ولأننا سنظل بصفتنا شعوبا عربية قبلية الطابع نستأثر بمصالحنا الخاصة دون مصالح الآخرين ، فإنني أتوقع أن تشهد هذه الدولة صخبا معاكسا في غضون أسابيع أو أشهر قليلة بما ستحدثه هذه الزيادة الفلكية من آثار تضخمية على اقتصادها . والمشكلة أن هذا البلد لا يشكل سكانه من مواطنيه الأصليين والمتجنسين سوى نسبة متدنية من عد السكان الإجمالي ، وبذلك ستكون تلك الآثار التضخمية المتوقعة جحيما يكتوي منه الأجانب الذين جاءو إليها بحثا عن رزق وفرص عمل ، بمن فيهم السعوديون وأبناء دول الخليج الأخرى الذين رأو في قطر ملاذا لهم من ضيق فرص العمل أو مهربا من آثار الأزمة المالية أو بحثا عن الحرية والانفتاح الاجتماعي الذي أصبحت قطر تتبناه كوسيلة جذب لها . الزيادة البسيطة التي أعلنت عنها المملكة قبل عدة أشهر ، والتي لم تكن سوى تثبيتا لبدل غلاء المعيشة المطبق منذ ثلاث سنوات ، أحدثت آثارا تضخمية كبيرة في المملكة ، فما بالك بتلك الزيادة الهائلة التي أعلنتها قطر . إني لأرثي حقا لأهل هذا البلد مواطنين ووافدين ، ولا أدري إن كان علي أن أهنئهم أو أقدم لهم التعازي بمثل هذا الخبر . ولكني أقول للخليجيين والسعوديين منهم خاصة ، لا تأسو على ما حصل عليه أبناء قطر ، ولا تحسدوهم على هذه الهبة ، فالله وحده يعلم ما ستجر على هذا البلد وأهله من مشاكل وويلات اقتصادية وتنموية .

الاثنين، 5 سبتمبر 2011

اليوم 223

بدأنا اليوم أول أيام العمل بعد إجازة عيد الفطر المبارك ، وبالرغم من ازدحامه إلا أننا لم نتمكن من تحقيق أي إنجاز فاعل فيه في ظل انشغال موظفي الأجهزة الحكومية باحتفالات المعايدة . ربما يقترح أحد على وزارة الخدمة المدنية إضافة هذا اليوم إلى أيام الإجازة حتى لا يحتسب يوم عمل دون أن يكون كذلك في الحقيقة . قضيت نزرا كبيرا من هذا اليوم أراجع وأرد على الرسائل الإلكترونية التي تراكمت أثناء الأجازة . الخبر الذي أضحك سني في أحد هذه الرسائل كان الخبر عن أسرع ترقية في تاريخ الدولة ، وهي الترقية التي نالها نائب وزير الإعلام إلى مرتبة وزير من المرتبة الممتازة التي عين عليها قبل حوالي عشرة أيام . كم هو محظوظ هذا الرجل ، ولابد أن يكون الحظ وحده وراء هذا الكسب ، إذ أنني لا أظن أنه يمكن أن يكون قد حقق إنجازا يبرر هذه القفزة في هذه الأيام العشرة . وعلى أي حال ، فإن مثل هذه التعيينات لا تمثل في رأيي أهمية تذكر في هيكل إداري يرسخ سطوة الوزير والمسئول الأول . وإذا كان نائب الوزير ووكيل الوزارة والمدير العام يعملون وفق رؤية الوزير وتحت إمرته وتبعا لتوجيهاته فإنهم يعجزون عن أداء دور فاعل يتجاوز الأطر التي يضعها الوزير . المشكلة الأكبر أن الترقيات تتم في الأغلب الأعم  في إطار المؤسسة الواحدة ، فوكيل وزارة ما يكون قد تدرج في ذات الوزارة وتخطى عددا من زملائه بحق أو بدون حق حتى يصل إلى هذه الدرجة . هذا الواقع في رأيي يرسخ مشكلة الجمود الفكري وغياب التجديد لدى المسئولين التنفيذيين ، علاوة على ما يتصفون به من رفض وممانعة لفكر التغيير والتطوير في أداء وأسلوب العمل في الإدارة . واليوم التقيت صديقي الذي حصل على شهادة الدكتوراة من ألمانيا قبل فترة . فاجأني هذا الصديق الذي قال لي أن وزارته تجاهلت الشهادة التي عاد بها بعد أن ابتعثته للحصول عليها ليجد نفسه تائها بين إدارات الوزارة  بلا موقع وظيفي محدد . صديقي هذا أبدى ندمه على مشواره الأكاديمي ، خاصة عندما وجد زملاءه السابقين وقد سبقوه في المراتب والدرجات الوظيفية ، ووجد نفسه متخلفا عنهم في المسئولية والمردود المادي . السؤال الذي راودني ولم أجد له جوابا هو ، لماذا إذن ابتعثت الوزارة مثل هذا الرجل إن لم تكن تؤمن بأن مثل هذه الشهادة تؤهله لأداء مهام أكثر حيوية ، في الوقت الذي تكلف آخرين بأداء هذه المهام لمجرد أنهم بقو مكانهم دون أي تطوير في قدراتهم أو تحصيلهم العلمي .

الأحد، 4 سبتمبر 2011

اليوم 222

انتهى العيد ، وعاد كل إلى عمله ، حتى القطاع الحكومي الذي عادة ما يتمتع موظفوه بإجازة طويلة نسبيا مقارنة بموظفي القطاع الخاص لم يخدمهم التقويم في هذا العام فلم تتجاوز إجازتهم الثمانية أيام . وحتى يوم أمس كانت الإشاعات المعتادة حول إعلان مكرمة ملكية بتمديد الإجازة حتى يوم السبت القادم تتداول بين الناس ، مع أن هذه الإشاعة كانت دوما تنتهي إلى التكذيب العملي . لا أدري ما السبب وراء هذه النزعة التكاسلية التي تسيطر على العاملين في القطاعين العام والخاص وكذلك الطلاب والطالبات في كل مستويات التعليم الأساسي والعالي . كنت أشتكي وأتحدث دوما عن الآثار السلبية لهذه الإجازات الرسمية الطويلة على مصالح الناس ، وأسميتها في مقال سابق مواسم المصالح المعطلة . والمشكلة أن هذه المواسم تأتي دوما دون أي استعداد ، وكأنها دوما تأتي على سبيل المفاجأة . أسوأ الضرر هو ما يحصل من تعطيل وزارة المالية والمؤسسات البنكية لصرف مستحقات المقاولين والمتعاقدين وهي تعلم علم اليقين أن هذه المستحقات تذهب لأفواه موظفين ينتظرون رواتبهم آخر كل شهر . التحويل المالي الذي لم يتم تنفيذه قبل العيد وأضر كثيرا بقدرتنا على صرف رواتب الموظفين حينها لم يصل إلى حسابنا حتى كتابة هذه السطور ، مع أن البنوك بدأت العمل منذ يوم أمس ، ومع أن نظام التحويل السريع يجب ألا يستغرق أكثر من ربع ساعة ، وهاهو يتأخر لحوالي العشرة أيام . استفتحتنا دوام القطاع الحكومي اليوم بتقديم شكوى إلى مؤسسة النقد ضد البنك الذي أخر التحويل ، ولا أدري إن كانت هذه الشكوى ستمر أيضا بذات المسار الذي اشتكيت منه سابقا ، والذي يتطلب موافقة المقام السامي على النظر في الشكاوى ضد المؤسسات البنكية . المشكلة أن مؤسسة النقد هي الجهة التي تقدم إليها مثل هذه الشكاوى ، وهي في ذات الوقت الحامية والراعية لهذه المؤسسات . الوضع هنا هو كمن يشتكي ابنا لأبيه من خطأ وقع منه ويتوقع منه أن يقف الأب موقفا عادلا غير متحيز . وربما يكون الوضع هنا أكثر سوءا مع بروز تعارض واضح في المصالح بين رعاية المؤسسة للبنوك ورقابته عليها . وإلى أن يستطيع أحد أن يبرز هذا الخلل ويطالب بمعالجته عبر فصل مهمة الرقابة على البنوك عن مهمة البنك المركزي سيظل هذا الخلط في المصالح واضحا ، وستظل البنوك تلعب بمصالح وأقدار الناس دون حسيب ولا رقيب . وقديما قالو " إن لم تستح فاصنع ما شئت " .

السبت، 3 سبتمبر 2011

اليوم 221

أتعجب أحيانا من بعض المواقف التي تتخذها بعض الدول من بعض الأحداث ، خاصة عندما تكون هذه المواقف مخالفة لاتجاه عالمي من تلك الأحداث . أثار استغرابي اليوم خبر إعلان روسيا توجيه الدعوة للمجلس الانتقالي اليبي لزيارة ليبيا للتفاوض حول موضوعات الطاقة والنفط ، في الوقت الذي لم تعترف روسيا بالمجلس إلا قبل حوالي أسبوع بعد أن كانت معارضة لوجود المجلس من الأساس ولمجمل مسار الأحداث في ليبيا . كم هي عجيبة لعبة المصالح ، ولكنها على الأقل تمثل سببا يمكن فهمه حتى ولو لم يمكن قبوله . الغريب أن المملكة لم تعترف حتى اليوم بالمجلس بالرغم من أن العلاقات لم تكن حسنة أبدا مع نظام القذافي البائد . وأجزم أن هذا التأخير سيضع كثيرا من العراقيل حول قبول أي وجود سعودي في ورشة التنمية وإعادة الإعمار التي ستشهدها ليبيا في الفترة المقبلة . والغريب أن المملكة كانت من أوائل الدول التي عترفت بدولة جنوب السودان ، في الوقت الذي لا زالت كثير من الدول العربية تتردد في العتراف بهذه الدولة الوليدة ، مع أن دولة السودان نفسها قد اعترفت بتوأمها السيامي المنفصل . روسيا لم تتعلم الدرس السابق ، وهاهي الآن تقف ذات الموقف السلبي من أحداث سوريا ، وسنراها أيضا وقد انقلبت لتدعم النظام البديل إن كتب الله لهذه الثورة النجاح في قابل الأيام . والحقيقة أن ما يحدث في سوريا يجبر أي شخص على الوقوف ضد النظام حتى ولو كان ما يعرضه الإعلام يضم كثيرا من المبالغة كما يقول بعض المتنطعين من مؤيدي النظام والمتنفعين منه . أما ثورة اليمن فيبدو أنها أصبحت في حالة من الركود في انتظار تحرك جديد من الرئيس الذي يبدو أنه استمرأ الإقامة الفارهة في الرياض . الغريب أن الرئيس اليمني أطلق قبل يومين حديثا ناريا هاجم فيه أطراف المعارضة ووصفهم بأوصاف مشينة ليس أقلها وصفهم بالمرتزقة ، في الوقت الذي كان يفترض به أن يقدر أدب الضيافة ويحترم البلد الذي استضافه ووفر له العلاج والحماية ، فلم يخطر في باله أن مثل هذا الحديث يمكن أن يضع المملكة في موقف محرج إن هي سكتت عليه أو لم تسكت . السياسة عموما لعبة قذرة وأصبحت هذه الأيام أكثر قذارة مع الأحداث الجارية التي تجتاح العالم العربي . وربما يكون هذا هو السبب الذي يجعلني لا أتناولها بحديثي هنا كما طلب مني أحد الإخوة القراء في تعليقه قبل عدة أيام .

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

اليوم 220

في رابع وآخر أيام عيد الفطر المبارك استأجرنا استراحة لقضاء هذا اليوم مع أفراد الأسرة بحثا عن شيء من البهجة في مدينة غابت فيها مشاعر العيد . وأنا لا أعرف بلدا في العالم يضم هذا الكم الهائل من الاستراحات مثل الرياض ، ومع ذلك فقد كانت رحلة البحث عن استراحة رحلة مضنية مليئة بالمعاناة . ويبدو أن كل أهل الرياض قد تركو منازلهم ورحلو إلى الاستراحات في هذا العيد خاصة مع انكسار حدة الجو الحار في أواخر الصيف . هذه الاستراحات تخضع لرقابة وتنظيم إدارة مختصة تتبع لأمانة المنطقة ، ومع ذلك فمعظمها يفتقر إلى أبسط مقومات الأمان والتجهيز والجودة . وفوق ذلك فهي الآن تعيش فترة ذهبية غابت عنها أعين الرقيب فارتفعت أسعارها إلى أرقام فلكية بلغت عنان السماء . لم أصدق أذني عندما سمعت أن أسعار إيجار بعض الاستراحات وصلت إلى 10000 ريال في اليوم الواحد ، مع ذلك المستوى المتدني الذي تتصف به . الاستراحة التي اخترناها بلغت أجرتها 3000 ريال ليوم واحد ، مع أنها تؤجر بسعر 500 ريال في غير أيام العيد . هذا النمط من الاستغلال في المواسم أصبح معتادا ، وهو ما يحصل أيضا في الغرف الفندقية في مكة المكرمة والمدينة المنورة أيام رمضان والمواسم الدينية . وفي ظل غياب الرقابة الفاعلة من هيئة السياحة وإدارة الاستراحات بأمانة الرياض يصبح الأمر متاحا لأصحاب الفنادق والاستراحات ليفعلو ما يشاؤون . قضيت بعض الوقت مع الأسرة ثم عدت إلى المنزل منفردا بعد صلاة المغرب لأتيح لسيدات الأسرة التمتع بوقتهن بحرية . جسلت في المنزل أقضي بعض شئوني الخاصة بما فيها كتابة مقالي الأسبوعي وأداء بعض الأعمال وكتابة هذه السطور . أشعلت جهاز التلفزيون لأستمع لخبر قيام تركيا بطرد السفير الإسرائيلي وتعليق برامج التعاون العسكري مع دولة الصهاينة . وبقدر ما أفرحني هذا الخبر فهو أحزنني أيضا على ضعف حال العرب وخاصة المصريين الذين لم يفعلو شيئا يذكر لرد كرامتهم بعد ذلك الهجوم الإسرائيلي على الحدود المصرية وقتل ثلاثة من حرس الحدود المصريين . تمنيت أن تعود الخلافة العثمانية لتبسط يدها على العالم العربي عل حالنا يكون أفضل من الحال الذي نحن عليه . وربما أيضا ينالني شيء من بركة الاسم فيظن أحد أنني أنتمي إلى الأسرة لعثمانية ليصبح حالي أفضل من الحال الذي أنا عليه .

الخميس، 1 سبتمبر 2011

اليوم 219

اليوم بالنسبة لي يوم مليء بالمفاجآت ، وهي مفاجآت من النوع الذي يملأ صدر المرء بالغيظ والقرف . والمفاجأة تعد كذك عندما تأتي على غير المتوقع ، خاصة عندما يكون الأمر متعلقا ببديهيات الأمور . اقترحت على أسرتي يوم أمس الذهاب إلى أحد مدن الملاهي نظرا لقلة بدائل الترفيه في عيد الرياض . فوجئت بذلك الرفض المباشر الذي تلقيته لهذا المقترح ، فسألت عن سببه ومبرراته . الجواب كان أن تلك الملاهي إنما تلائم الأطفال وحسب ، أما النساء والفتيات فإنهن يواجهن بإرهاب عملي إن زاروها ، ويحاصرن بتعليمات صارمة حول ما يرتدين وما يفعلن وكيف يسرحن شعورهن . في هذه الأماكن يمنع ارتداء البنطلون والقمصان قصيرة الأكمام وغير ذلك من الملابس التي يعدونها ملابس فاضحة ، وإلا فإن عليهن ارتداء العباءة لإخفاء تلك المناظر الفاضحة . تساءلت إن كان الحديث هنا عن مراكز الترفيه العائلية المختلطة لأفهم سبب هذه التعليمات ، فكان الجواب أنها تطبق في المراكز النسائية التي لا وجود للرجال فيها البتة . استغربت كيف أن مجتمعنا يحاصرنا في كل شيء ، حتى في ترفيه بريء في بيئة مخصصة للنساء فقط ، فتفرض عليهن مثل هذه التعليمات غير المفهومة ، وكأنه لا يكفي حصارا أن العائلة لا تستطيع الذهاب لأي مرفق ترفيهي بكل أفرادها رجال ونساء وأطفالا ، ولا زلنا نعيش حالة من الفصل العنصري فيها . لا أدري ما الذي تختلف به هذه المراكز الترفيهية عن مثيلاتها التجارية ، وما الذي تختلف به الرياض عن كثير من مدن المملكة التي يسمح فيها بارتياد المراكز الترفيهية ومدن الملاهي للعوائل جميعا دون أي فصل عنصري . بقينا اليوم في المنزل لا نلوي على شيء ، فتناولت جهاز حاسوبي لأجري بعض العمليات في موقع شركة الاتصالات السعودية . أصبت بصدمة كبرى عندما رأيت أن قائمة الدول التي يضمها هذا الموقع تضم بينها دولة اسرائيل ، هكذا بالاسم الصريح . لا أدري إن كان هذا الأمر قد وقع على سبيل الخطأ ، ولا أدري إن كان خطأ مبررا ، ولكنه بالتأكيد خطأ لا يغتفر ، خاصة وأننا لا زلنا نرى في نشرات الأخبار ذلك الصلف والعنفوان المتكبر في تعامل الصهاينة مع القضية الفسطينية والقصف المتوالي على مدن غزة . عزمت على أن أفعل شيئا لتصحيح هذا الخطأ ، وسأعمل فكري بحثا عن الطريقة الأسلم والأنجع لتحقيق ذلك ، وأرجو أن يسعفني قرائي الكرام بمقترحاتهم حول هذه المفاجأة غير السارة .