التجميل

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

اليوم 245

المرء لا يرضى عن شيء إلا عندما يجد ما هو أسوأ منه ، ولا يقنع بحاله إلا عندما يرى سوء حال غيره . وبقدر ما أشتكي ويشتكي الكثيرون من مشاكل الأداء ومستوى الخدمة وأسلوب تعامل الموظفين في الخطوط السعودية ، فإن حال مكاتب السفر والسياحة أسوأ وأمر . وأنا لا أستطيع أن أقول أن سوء الأداء هذا انتقل إليهم عن طريق العدوى من الخطوط السعودية ، فهم أيضا وكلاء لكل خطوط الطيران الدولية بمختلف صنوفها وقدراتها ومستويات الأداء فيها ، إلا إن كانت العدوى لا تنقل فقط إلا الأمراض والمصائب . ومنذ فترة طويلة ونحن نتنقل من مكتب سياحي إلى آخر لقضاء حاجاتنا من خدمات الحجز وإصدار التذاكر لمنسوبي المكتب ، وفي كل مرة نصدم بشكل من أشكال الخلل في مستوى الخدمة ، حتى أنني أصبحت أنجز بنفسي معظم أموري في هذا المضمار ، خاصة وأن موقع الخطوط السعودية على الانترنت قد تطور بحق إلى درجة مميزة . ومنذ فترة تعاقدنا مع مكتب يفترض أنه أحد أفضل المكاتب في الرياض ، وطلبت منه قبل عدة أسابيع حجز مقعد إلى دبي يوم غد ، وجاء الرد بتأكيد الحجز في المواعيد التي طلبتها . ومنذ ذلك الحين وأنا أطلب نسخة من بيانات الحجز دون جدوى ، حتى وصلتني اليوم مع التذكرة الإلكترونية لأفاجأ باختلاف المواعيد بشكل يتعارض مع جدول مواعيدي للأسبوع المقبل . ضربت كفا بكف ، وقمت مضطرا بإلغاء الحجز وبقية ترتيبات الرحلة ، وإلغاء عقدنا مع المكتب برمته ، وخالجني حينها شعور عميق بالندم على أن تخليت عن التعامل مباشرة مع الخطوط السعودية كما اعتدت . مثل هذه المكاتب تضيف إلى عمق الصورة السلبية عن الخطوط السعودية ، وكأنها تحتاج إلى ذلك في وقت ارتفعت فيه الأصوات الشاكية الباكية من صنوف المعاناة والمشاكل . ذات الفكرة انطبقت على حوار حول موضوع آخر مع أحد الإخوة السودانيين بعد ظهر اليوم عندما قال لي أن بلادنا محظوظة إن قارناها بحال بلدان أخرى مثل ليبيا وسوريا ومصر والسودان وغيرها . قلت له ولماذا تكون المقارنة مع هذه الدول وليس مع دول أخرى سبقتنا وتفوقت علينا في تنميتها وتطورها ، ولماذا ننظر دوما إلى الأسفل وليس إلى الأعلى ، أهو من قبيل إرضاء النفس ومنحها شعورا زائفا بالتفوق والنجاح ، أم هو من قبيل القناعة بأن ليس بالإمكان أحسن مما كان . المقارنة هنا تكون أكثر إشكالا عندما نتذكر أن الدول موضوع المقارنة تتفاوت في عمرها الزمني الذي يمثل عاملا مهما في قياس حجم الإنجاز في مسيرة التنمية . فما حققته دبي مثلا في عمرها القصير الذي يقارب الأربعين عاما يفوق نسبيا ما حققته المملكة في سني عمرها الإحدى والثمانين ، وهي بدورها تفوق ما حققته مصر مثلا في سني عمرها الطويلة . على أي حال ، فإن إلغاء ترتيبات رحلتي إلى دبي سيجعلني متواجدا في الرياض يوم الخميس الذي سيشهد الانتخابات البلدية ، وسأضطر الآن إلى دراسة موقفي منها لأقرر ما إذا كنت سأدلي بصوتي فيها وأنا أعلم مسبقا أنها لا تسمن ولا تغني من جوع ، أم أنني سأنضم لصفوف المعارضين والمقاطعين فأكون أداة في تعطيل مساعي الديموقراطية التي أنادي بها بعلو الصوت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق