التجميل

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

اليوم 231

يقولون أن بين العبقرية والجنون شعرة ، وأنا أقول أن بين الطموح والمكابرة شعرة أيضا . وأنا أتعجب أحيانا من بعض المظاهر والتجارب والأنشطة التي تستمر دون أية احتمالات أو مؤشرات للنجاح . الأمثلة على الحالتين كثيرة ، فمن أمثلة الأمور التي تتطلب الطموح والمثابرة ما يحصل في سوريا ، فلو تراجع الشعب عن ثورته فسوف يسحق سحقا لا تقوم له بعده قائمة ، ولو أنه استمر مهما عظمت فداحة الثمن الذي يدفعه من دماء الشهداء فإنه سيصل يوما إلى مبتغاه . هذه المثابرة وتواصل الأمل في النجاح هي إحدى الصفات التي جبلني الله عليها ، وأنا غالبا ما أحمل نفسا طويلا في أي أمر أروم إنجازه . ولكنني أجدني أحيانا كمن ينفخ في قربة مقطوعة عندما أسمع أو أقرأ بعض التعليقات السلبية على بعض ما أكتب مثلا ، أو أجد قصورا في فهم بعض المبادرات الاستثمارية أو التجارية التي أعمل على تأسيسها . وفي المقابل ، أرى بعض الأمثلة لتجارب لا يمكن وصفها إلى بالفشل الذريع ، ومع ذلك فهي لا زالت تعيش كالمريض الموصول بأجهزة طبية تبقيه على قيد الحياة . مثل ذلك شركة الشيكات السياحية السعودية التي مررت بجوار مقرها هذا المساء بشارع الستين بالرياض . لم أفهم يوما من الذي يمكن أن يتعامل بالشيكات السياحية بالريال السعودي وما هي الجهات التي تقبلها . هذا بالطبع عندما كانت الشيكات السياحية وسيلة آمنة للسفر منذ أكثر من عشرين عاما . والآن ونحن في عصر البطاقات الائتمانية والذكية والعمليات البنكية الإلكترونية لا زالت هذه الشركة قائمة تقاوم عوامل التعرية ، وكأن مقرها قد أضحى متحفا تعرض فيه هذه الآثار البالية من أوراق مالية غير قابلة للتداول . بينما كنت أتجه إلى المنزل وصلت إلى هاتفي الجوال رسالتان نصيتان . فتحت الرسالتين أثناء توقفي عند إحدى إشارات المرور ، فوجدتهما من ذات المصدر وهو جريدة الاقتصادية . الأولى كانت عن إعلان شركة الاتصالات السعودية عن إطلاق خدمات الجيل الرابع للهاتف الجوال كأول مشغل في الشرق الأوسط . والثانية كانت عن إعلان شركة موبايلي عن إطلاق خدمات الجيل الرابع للهاتف الجوال كأول مشغل في الشرق الأوسط أيضا وبذات النص . في هذه اللحظة قررت أن أرفع راية الاحترام لشركة زين التي نأت بنفسها عن هذه المنافسة الإعلامية السخيفة ، متعجبا من غياب وصمت هيئة الاتصالات عن مراقبة مثل هذه الإعلانات والتصريحات التي تفتقر إلى المصداقية والاحترافية المهنية . وأنا أجزم كل الجزم أن خدمات الجيل الرابع قد بدأ تشغيلها بالفعل في دول أخرى من دول الشرق الأوسط ، فيما لا زالت هاتان الشركتان تخاطبان عملاءهما بذات اللغة الإعلامية السمجة التي عفا عليها الزمن . أليس هذا أيضا نموذجا من نماذج المكابرة والتعامي عن فقر الحال .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق