التجميل

الأحد، 18 سبتمبر 2011

اليوم 236

كنت أعلم دوما أن كثيرا من المواطنين بعمومهم ومنهم على جه الخصوص كثير من الكتاب ومنسوبي القطاع الخاص وغيرهم يقفون موقف المعترض والمتحفظ والناقد من الدور الذي تلعبه الهيئة العامة للاستثمار ، وتركيزها على دعم واستقطاب المستثمرين الأجانب حتى ولو كان ذلك على حساب الاقتصاد الوطني ومنافسة المواطنين من أصحاب الأعمال ، وحتى لو كان هذا الاستقطاب حبرا على ورقا وأرقاما تعلن بين الفينة والفينة دون أن تنساب حقيقة إلى منظومة الاقتصاد الوطني . ولكنني رأيت اليوم ولأول مرة عددا من الموظفين في بعض الجهات الحكومية وهم يسجلون اعتراضهم على هذه الهيئة ، ويشتكون من الآثار السلبية لدورها المزعوم على خطط وبرامج هذه الجهات . هذه المفاجأة اعترضتني اليوم في الملتقى الذي نظمته الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين في الرياض لمناقشة واقع القطاع الاستشاري في المملكة ، والذي تحدث فيه مسئولون من وزارة التجارة وهيئة سوق المال وسجلو في معرض حديثهم هذا الموقف من الهيئة . وللأمانة ، فقد كان هذا الموقف خفيا مستترا قائما على التلميح في حديث هذين المسئولين الرسمي على الملأ ، بينما كان أكثر تصريحا في الأحاديث غير الرسمية أثناء استراحة القهوة . السؤال الذي يراودني في مثل هذه المواقف ، إلى متى ستظل هيئة الاستثمار بمنأى عن المحاسبة أو حتى التدقيق فيما تفعل في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات يمنة ويسرة تشتكي من هذا الخلل المريع . ولماذا لا يرفع هؤلاء المسئولون الحكوميون تقاريرهم التي توضح هذه الآثار السلبية لتوجهات الهيئة على برامجهم وخططهم إلى قيادة البلد على الأقل لإبراء ذمتهم من تهمة التقصير التي قد تطالهم . الغريب أن هذه الشكوى لا تأتي فقط من منسوبي القطاعين العام والخاص فحسب ، بل حتى من فئة كبار المسئولين والأمراء ومن في حكمهم . وأتعجب أحيانا عندما أسمع مثل هذا النقد من هؤلاء ، وأكرر التساؤل عن جدوى طرح هذا النقد والشكاوى في المجتمعات المحيطة بهم بدل نقلها بصراحة ووضوح إلى المقام السامي الذي هو والد الجميع . يقول البعض أن هذه الهيئة تتمتع بحماية رسمية من النقد والمساءلة بارتباط رئيسها بمحور نافذ في الدولة والقيادة ، وهو ما يمكن أن يفسر هذا الواقع الغريب الذي تجاوز في حدته أكثر الأجهزة الحكومية سيادية وتفردا بالإدارة والسلطة . ولكنني أتمنى لو يستطيع أحد أن يوصل إلى رئيس الهيئة شيئا من التنبيه والتحذير ، فمثل هذه الحماية لا يمكن أن تكون صلبة على الدوام ، ويمكن لها أن تسقط فور تنبه القيادة لهذا الخلل والسؤال عن مسبباته . وعندما يقع هذا الأمر ، وهو واقع لا محالة ، فإن ما يمكن أن يحصل حينها سيكون نكبة كنكبة البرامكة .

هناك تعليق واحد: