التجميل

الثلاثاء، 31 مايو 2011

اليوم 126

قضيت اليوم معظم يومي في القاهرة أحاور وأناور في أروقة بيروقراطية القنصلية السعودية في القاهرة . غريب كيف استطاعت القنصلية أن تمد يد البيروقراطية التي نعيشها في بلادنا إلى أذرع القنصليات والسفارات والممثليات في الخارج . حتى في مصر ، هذا البلد المشبه بالبيروقراطية ، تصبح ممارسات العمل في ممثليات المملكة أكثر تشبعا بالتعقيد والورقيات والأخذ والرد . يقولون أن البيروقراطية ولدت في بريطانيا ، وتضخمت في مصر ، ومن ثم انتقلت إلى المملكة عبر خبراء الإدارة المصريين ، وأبدع السعوديون في صقلها بمزيد من التعقيد والإجراءات والأعمال الورقية . وبعد أن أنجزت بحمد الله ما جئت لأجله إلى القاهرة في هذا الوقت العصيب ، توجهت بسؤال بسيط إلى المسئول عن صالة السعوديين في القنصلية السعودية بالقاهرة . سؤالي كان ، إذا كان الإجراء الذي طلبت إنجازه هو إجراء جائز من الناحية القانونية ، فلماذا رفضت وزارة الخارجية قبول إتمامه لأكثر من خمس مرات عندما قدمنا ذات الطلب عبر بوابتها الإلكترونية . وإذا كان الإجراء غير قانوني فكيف تم إنجازه لمجرد حضوري إلى مقر القنصلية . هل الأمر يتعلق بمصداقية طالبي التأشيرات ، وبالتالي فإن لإدارة القنصلية القدرة على الحكم على صاحب الطلب ومصداقية طلبه بمجرد حضوره إلى القنصلية ، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون ممارسة بيروقراطية لإذلال وإنهاك رجال الأعمال لإنجاز متطلبات أعمالهم . ثم هل الأمر يسري على كل رجال الأعمال دون استثناء ، أم أنه يمس فئات دون فئات . لا أظن أن فلان العلاني ، وعلان آل فلان ، يقوم مضطرا بالسفر من المملكة إلى أي بلد آخر لإتمام إجراء يتعلق بوزارة الخارجية أو أي وزارة أخرى . ولكن هذه الفئة التي أنتمي إليها من المحسوبين على رجال الأعمال كتب عليها أن تعاني الأمرين في كل المستويات ، فلا هي من حصلت على امتيازات رجال الأعمال من نفوذ وتمويل ومكانة اجتماعية وغير ذلك ، ولا هي من كانت في موقع الموظفين الذي يحصلون آخر كل شهر على راتب ثابت مستقر بعيدا عن مخاطر العمل والتدفق النقدي ومسئوليات الموظفين وعثرات التحصيل وهضم الحقوق . هذا الوضع المعلق بات منهكا ومستزنفا إلى حده الأقصى ، فهل إلى خلاص من سبيل ؟ .

الاثنين، 30 مايو 2011

اليوم 125

وصلت إلى قاهرة المعز في مسعى لحل مشكلة التأشيرات التي نعاني منها مع وزارة الخارجية . هذه هي الرحلة الأولى إلى القاهرة بعد ثورة 25 يناير . القاهرة تبدو مختلفة بعض الشيء ، فمع استمرار ظاهرة الضجيج وأبواق السيارات والازدحام الخانق ، إلا أن الروح العامة تبدو أكثر إيجابية ، والناس أكثر سماحة عما كانو عليه في آخر زيارة لهذه المدينة . الطريق من المطار إلى الفندق لم يكن أقل ازدحاما ، ولكن الوضع يبدو أكثر تنظيما ، وقادة السيارات يلتزمون شكلا أكثر تنظيما في القيادة . ولأن جسر السادس من أكتوبر كان مغلقا بسبب الازدحام ، فقد أخذنا الطريق البديل الذي يمر بميدان التحرير . توجست خيفة من هذا الطريق ، ومن الوضع الذي يحتويه هذا الميدان من مظاهر الاعتصامات والمظاهرات التي نراها على شاشات القنوات الفضائية . ولكن الوضع كان هادئا بشكل عام ، والحركة في الميدان كانت أكثر انسيابا عما كانت عليه في زيارتي الأخيرة . القاهرة بالعموم تبدو أكثر انشراحا وحبورا ، والناس أكثر انفتاحا على الحياة ، والأمور بشكل عام تبدو على ما يرام . سائق الأجرة الذي أوصلني إلى الفندق كان يتحدث بفخر عن تجربة الثورة ، وعن دوره في حماية الحي الذي يقيم فيه من البلاطجة إبان أحداث الثورة . وصلت إلة الفندق ، وهو يبدو مزدحما كما كان قبل الثورة ، شاهدت فيه أشكالا متعددة من السياح من كل الألوان والأعراق . القاهرة بالعموم أجمل مما كانت قبل الثورة ، والناس أكثر انفتاحا على مرحلة ما بعد الثورة . وها أنذا أجهز أوراقي ليوم الغد الذي سأراجع فيه القنصلية السعودية لأتم إجراءات إصدار التأشيرات لفريق العمل الذي يعمل معنا على مشروع وزارة الشئون البلدية والقروية . كل ما أرجوه أن أتمكن من إنهاء ما أتيت لأجله بنجاح ، وأن أعود إلى أسرتي التي تعيش جوا من القلق من هذه الرحلة ، مع أنني لم أجد في القاهرة ما يدعو إلى القلق . فهل سيحقق أهل هذا البلد ما يصبون إليه من تطلعات من هذه الثورة ؟ .

الأحد، 29 مايو 2011

اليوم 124

أكتب هذه السطور وقد بلغت منتهى ما يمكن أن يتحمله المرء من الإجهاد بعد رحلة مضنية ذهابا وعودة إلى مدينة الدمام لحضور اجتماع مع أمانة المنطقة الشرقية . بدأت يومي منذ الصباح الباكر ، فغادرت الرياض حوالي الساعة الثامنة صباحا ، وعدت إليها حوالي الساعة السابعة والنصف مساء . وأكون بذلك قد قضيت تسعة ساعات من السفر البري لحضور اجتماع لم يدم أكثر من ساعة واحدة . والبركة في الخطوط السعودية التي لا يمكن الاعتماد عليها في مثل هذه الحالات ، إذ أنه من الصعب أو ربما المستحيل أن تجد مقعدا إلى الدمام قبل أسبوعين من الموعد المستهدف للسفر . وفي رحلة السفر البري من وإلى الدمام ، تجددت مشاهدتي لما كنت دوما ألاحظه من قادة السيارات على الطريق المقابل ، فيما يمكن وصفه بحالة نادرة من حالات التضافر والتعاون بين أفراد المجتمع . فالمسافرون على الطرق البرية يتبادلون إشارات ضوئية تشير إلى تواجد سيارات أمن الطرق التي تتصيد السيارات التي تتخطى حد السرعة على الطرق السريعة . هذا النموذج من التعاون يبدو غريبا في ظل ما يشهده المجتمع من تنافر وتضاد في علاقات أفراده بين بعضهم البعض في شئون الحياة المختلفة ، ولكنهم يتحدون في مواجهة المرور وأمن الطرق ونظام ساهر ، ويمارسون هذا الأسلوب الخلاق في التحذير المتبادل من تلك المصائد التي ينصبها هذا النظام الذي يمارس أشكالا من مختلفة من مص أموال المواطنين . زميلي في الرحلة كان يعمل في وقت سابق في الشركة التي حصلت على امتياز إدارة نظام ساهر ، وهي ذات الشركة التي تتمتع بامتياز تطبيق نظام الفحص الدوري للسيارات ، فيما يبدو أنه نوع من الاختصاص في العلاقة مع إدارة المرور ووزارة الداخلية . وهي شركة تتبع في ملكيتها لأحد كبار رجال الأعمال في المملكة ، ولا أدري ما هو نوع العلاقة التي تربطه بوزارة الداخلية حتى يمكن له الحصول على هذا الامتياز دون أن نسمع يوما عن منافسة أو مناقصة للحصول على هذه العقود ذات الأرقام الفلكية . وبعد هذه الرحلة المنهكة جسديا وفكريا ، وصلت إلى الرياض حوالي الساعة السابعة والنصف مساء ، لأجد نفسي مضطرا لحضور اجتماع آخر مع أحد العملاء من أصحاب السمو ، فوقت مثل هذه الاجتماعات يتم فرضه حسب إمكانات وقت العميل حفظه الله ، خاصة وأنني سأغادر الرياض يوم غد في رحلتي غير الاختيارية إلى قاهرة المعز لأسعى في حل المعضلات التي خلقتها وزارة الخارجية للحصول على التاشيرات المطلوبة لحضور فريق من الخبراء يفترض أن يقوم بمهام تتعلق بأحد مشروعات التنمية المتعلقة بوزارة أخرى . ألا يبدو الوضع كما لو أننا نعيش في حارة "كل من إيدو إلو" ؟ .

السبت، 28 مايو 2011

اليوم 123

منذ حوالي أسبوعين لاحظت تعدد الأخبار والبيانات الصادرة من وزارة الداخلية عن تنفيذ عقوبة القصاص بعدد من المجرمين . ما أثار انتباهي هو هذه الكثرة من حالات القصاص التي تم تنفيذها والإعلان عنها خلال الفترة القريبة الماضية ، والتي بلغت فيما أحصيت مما وردني من رسائل هاتفية قصيرة ثمان حالات . هذا العدد يفوق عدد حالات تنفيذ عقوبة القصاص منذ بداية العام ، ولا أدري ما هو السبب وراء هذا التكثيف في هذا الشهر بالذات . وهل هو استعجال يسبق بدء موسم تمتع القضاة بإجازاتهم الصيفية ، مع العلم بأن إجازات القضاء هي الوحيدة التي تفوق في مدتها إجازات المعلمين ، إذ تبلغ في حالة القضاة ثلاثة أشهر سنويا ، هذا بخلاف الإجازات الاضطرارية وإجازات البحث العلمي  . وبهذه المناسبة ، فقد رأيت أن أستفيد من رحلتي إلى المنطقة الشرقية يوم غد ، والتي تم ترتيبها أساسا لحضور اجتماع في أمانة المنطقة الشرقية ، وذلك بزيارة مجمع المحاكم بمدينة الخبر لمتابعة قضيتي التي أطالب فيها رجل أعمال مبرزا من أهل المنطقة بحصتي من السعي عن صفقة عقارية كنت قد توسطت في إتمامها قبل أكثر من سنتين . هذه القضية التي كنت قد كتبت عنها سابقا في هذه المدونة عندما استعجل القاضي الحكم برفض الدعوة ضاربا بعرض الحائط كل ما قدمته من حجج ، هذه القضية مرت منذ ذلك الحين بدورات أخرى من المماطلة والتسويف والتعطيل المتعمد الذي أشعرني بقوة خصمي وقدرته على التأثير حتى في عدالة القضاء . ومنذ أن قدمت لائحة الاعتراض على الحكم منذ ثلاثة أشهر فإن تلك اللائحة لم ينظر فيها أحد حتى الأسبوع الماضي على الأقل . فطلب الاستئناف الذي سلمته بيدي إلى وارد المحكمة لم يصل بقدرة قادر إلى القاضي . وعندما راجعنا القاضي بعد أكثر من شهرين بحثا عن جواب أفادنا كاتبه بأن المعاملة مفقودة . وعندما وجدنا المعاملة أفادنا بأن الاستئناف لم يرده ، وهو بذلك قرر إغلاق القضية معتبرا أنني قبلت الحكم الابتدائي . وعندما أريناه سند تقديم لائحة الاعتراض التي تثبت تقديمها ضمن المدة المسموح بها قام القاضي مشكورا باستدعاء موظفي مكتبه ، وأسمعهم كلاما قاسيا لا يخلو من التقريع والعتاب على إضاعة حقوق الناس . وها أنذا أهيء نفسي لزيارة أخرى إلى المحكمة ، لأتحرى ما وصل إليه موقف هذه القضية في أروقة القضاء ، عسى أن أنجح في تحريكها قبل بدء موسم صيف القضاء الطويل .

الجمعة، 27 مايو 2011

اليوم 122

اليوم هو يوم دورية الجمعة الأسبوعية في منزل أخي الأكبر ، وهي الدورية التي يجتمع فيها الإخوة وبعض الأقارب من العائلة ، ولولاها لمرت الأيام والأسابيع والشهور دون أن نلتقي في خضم شئون الحياة . أفضل طريقة لعمل أي شيء هي تحديد موعد ثابت له ، والسعي إلى الالتزام به . وبدون تحديد مثل هذه المواعيد لأي شأن من شئون الحياة فسيظل هذا الشأن يسقط من قائمة الأولويات تحت ضغط المستجدات المتلاحقة . منزل أخي الأكبر ليس بعيدا عن منزلي ، ولكن تحويلات طريق الملك عبد الله ، والتحويلات الحديثة على طريق الملك عبد العزيز ، كلها تجعل من رحلتي قصيرة المسافة رحلة مضنية أصارع فيها زحام السيارات التي تتزاحم لعبور أعناق الزجاجة في تلك التحويلات . ويصبح السبيل الأمثل للهرب من ذلك الازدحام هو سلوك الطرق والمسالك الفرعية داخل الأحياء ، وهو ما أعاد إلى ذاكرتي تلك البقعة من العمران العشوائي التي تقع خلف مبنى إدارة المساحة العسكرية بحي المرسلات ، إذ يأخذني كل جمعة طريقي المختصر إلى منزل أخي بمحاذاة هذه البقعة . كانت أول مرة أعلم عن هذا التجمع العمراني العشوائي أثناء دراستي في كلية العمارة بجامعة الملك سعود منذ أكثر من 25 سنة . ومنذ ذلك الحين لم تتمكن أمانة منطقة الرياض أو إمارتها أو أية جهة أخرى من معالجة هذا التجمع الذي يشوه ذلك الحي الراقي من أحياء المدينة . وكلما مررت بمحاذاة هذا التجمع كل جمعة يتجدد تساؤلي عن هذا العجز الذي أراه حيال حل هذه المشكلة طيلة هذه الفترة ، وهي التي يبدو أنها سقطت من اهتمامات الأمانة أو حتى من ذاكرة مسئوليها . الأمانة عجزت أيضا عن حل مشاكل أخرى في المدينة كتب على سكانها أن يتأذو بمنظرها كل يوم . ومن تلك المشاكل المباني المهجورة لفترات طويلة ، وبعضها يقع على طرق رئيسية أو في مواقع هامة وذات قيم عقارية مرتفعة . من هذه المباني مبنى مخابز العرفج في حي الورود ، ومبنى شركة كندا دراي في حي الملز ، ومبنى مزكر مشاعل الرياض على طريق الملك بجوار مجمع الفيصلية الشهير ، وغيرها الكثير من المباني التي تشوه وجه المدينة . ربما يكون أصحاب هذه المباني والمواقع من الملاءة المالية بحيث أنهم لا يهتمون لما يمكن أن يعود عليهم من جدوى من تطوير وتشغيل هذه المباني ، ولكن أين الأمانة من هذه المشكلة ، وهي المسئولة عن المحافظة على مظهر المدينة ، خاصة وهي قد رفعت راية أنسنة المدينة ، وحققت في هذا المجال منجزات تستحق كل التقدير .

الخميس، 26 مايو 2011

اليوم 121

وزارة الخارجية السعودية تمارس آليات عجيبة في إصدار تاشيرات الزيارة للأجانب . وهذه الآلية تعتمد على معايير متعددة ، منها الجنسية والعرق وربما أيضا الجنس واللون ومقاس الحذاء أيضا . ولأن تقديم طلبات تاشيرات الزيارة بكل أنواعها يتم عبر وزارة البوابة الإلكترونية ، فإن مقدم الطلب لا يمكن له أن يناقش أو يجادل بشأن ما يصدر من الإدارة المسئولة عن إصدار التاشيرات من قرارات تتسم في بعض الأحيان بالمزاجية . ومنذ أكثر من شهر ونحن نحاول المرة تلو المرة إصدار تاشيرات زيارة لأربعة من الخبراء المصريين في مواضيع متعلقة بالتخطيط العمراني يعملون معنا في مشروع لوزارة الشئون البلدية والقروية . وفي كل مرة يواجه هذا الطلب بالرفض تارة وبالإحالة إلى السفارة السعودية في القاهرة تارة أخرى ليتم الرفض من هناك . وبين الرفض هنا والرفض هناك يلوح فريق العمل المشروع في وزارة الشئون البلدية والقروية بفرض غرامات وعقوبات جراء عدم حضور فريق الخبراء . ومع أن كلا الوزارتين تتبعان لذات الدولة ، إلا أن تعارض مصالحهما وأجنداتهما يضع كثيرا من الناس والمؤسسات في مثل هذا المأزق ، وعلينا أن ندفع ثمن هذا التعارض الغريب . الحل الوحيد فيما يبدو هو أن أشد الرحال إلى القاهرة لأقوم بنفسي بمراجعة السفارة في القاهرة والتزلف لسعادة القنصل ليرأف بحالي ويصدر التاشيرات المطلوبة . وأنا في العادة أتخذ قرار السفر دون مشقة ، ليس فقط لأنني أحب السفر ابتعادا عن مثل هذه الأجواء المغبرة في الرياض ، ولكن لأنهي أمور العمل بعيدا عن تعقيدات البيروقراطية المعطلة . ولكن السفر إلى القاهرة هذه المرة محفوف بالمخاوف من تلك الأجواء المشوبة بالمظاهرات والاعتصامات التي لم تهدأ حتى الآن بعد انقضاء الثورة . الغريب في موضوع إصدار التأشيرات من وزارة الخارجية ، أننا تقدمنا في ذات الفترة بطلب لإصدار تأشيرة زيارة لسيدة من الأردن صادف أنها تحمل إلى جانب جوازها الأردني جوازا آخر من الولايات المتحدة الأمريكية . ولأننا قدمنا طلب إصدار التأشيرة بجوازها الأمريكي فقد أصدرت وزارة الخارجية لها بمنتهى الكرم تأشيرة زيارة متعددة السفرات لمدة ستة أشهر ، مع أننا لم نقدم الطلب إلا لسفرة واحدة ولشهر واحد فقط . أليس ظريفا ومحبطا في ذات الوقت هذا التناقض الغريب من هذه الوزارة العتيدة .

الأربعاء، 25 مايو 2011

اليوم 120

حضرت ليلة البارحة ندوة ثقافية في منزل أحد أصحاب الدوريات الأسبوعية التي يعج بها الحراك الثقافي والاجتماعي في المجتمع السعودي . وأنا لست في العادة من المدمنين على هذه الدوريات ، فدوريتنا الوحيدة دورية عائلية أجتمع فيها مع إخواني وبعض الأقارب كل جمعة . ولكنني حضرت دورية البارحة بدعوة من رئيس جمعية أواصر ، وهي لمن لا يعرفها جمعية خيرية تعنى برعاية شئون الأسر السعودية في الخارج . وحسب تعريف نطاق اختصاص هذه الجمعية ، فإن الأسر السعودية في الخارج التي ترعاها الجمعية هي تلك الأسر التي نشأت عن زواج السعوديين من الخارج ، وأغلبه زواج سري وغير نظامي كونه يتم دون موافقة مسبقة من وزارة الداخلية ، ثم أصيبت هذه الأسر بالتشتت نتيجة لوفاة عائل الأسر أو وقوع الطلاق أو هجره لأسرته وأبنائه وراء ظهره في شكل من أشكال الممارسات التي لا يمكن وصفها إلا باللا إنسانية . تذكرت صورا شتى من قصص الزواج من الخارج التي تعد في نظري شكلا من أشكال الدعارة المقننة أو المشرعنة . فأولئك السعوديون الذين يرتادون مكاتب الزواج في جاكرتا ، أو بيوت الخاطبات في سوريا ومصر والمغرب ، بحثا عن زواج هدفه المتعة السرية ولكن بشكل شرعي ، هؤلاء لا يسعون إلى بناء أسر مستقرة ، وهم بذلك أبعد ما يكونون عن الهدف الحقيقي من الزواج . أنا لست ضد التعدد ، فهو أصل شرعي أباحه ديننا الحنيف . ولكن ممارسة هذا الحق الشرعي بهذا الشكل امتهان للدين وتشويه لمبادئه . أنا في الحقيقة لا أرى فرقا بين من يمارس الزواج الشرعي بهذا الشكل ومن يمارسون علاقات غير شرعية مدفوعة الثمن ، فكلاهما يبحث عن متعته وإشباع شهوته ، والفارق بينهما هو تلك الورقة والشاهدان المأجوران لتسبغ على هذه العلاقة صفة الشرعية . أذكر أن أحد معارفي القدامى كان يسافر من وقت لآخر إلى إندونيسيا ليبحث في كل مرة عن زوجة جديدة ، وفي كل مرة يحضرها إلى المملكة على أنها خادمة منزلية ، ويسكنها في بيته لتخدم زوجته وأبناءه عندما يكونون في المنزل ، وتخدم شهواته عندما لا يكونون فيه . وبعد أن يمل هذه الصحبة فهو لا يتردد في تطليقها وتسفيرها ليتبعها بعد حين بحثا عن أخرى . هذا الأخ وأشباهه ، وهم كثر بكل أسف ، لا أدري على من يضحكون ، أعلى أنفسهم ؟ أم أهليهم ؟ أم على الله عز وجل ؟ .

الثلاثاء، 24 مايو 2011

اليوم 119

هذا هو اليوم الثالث على التوالي الذي أصل فيه إلى المنزل في هذا الوقت المتأخر بعد يوم طويل مجهد . الساعة الآن قاربت الحادية عشرة والنصف ليلا ، وها أنا أكتب هذه السطور وأنا بالكاد أفتح عيني أمام الشاشة . وعلى مدى الأيام الماضية ، ومع عودتي إلى المنزل في هذا الوقت المتأخر ، لاحظت استمرار العمل تحت الأضواء الكاشفة في مشروع طريق الملك عبد الله . هذا الأمر بدا لي كما لو أنه مؤشر على قرب افتتاح الطريق ، إذ يبدو أن هناك رغبة عليا في الإعلان عن انتهاء بعض إنجازات المشاريع قبل حلول إجازة الصيف ومغادرة الناس أرض الوطن في رحلات الصيف السياحية . وهو ما يمكن أن يكون الدافع أيضا وراء ذلك الافتتاح الشكلي المزيف لمشروع جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الأسبوع الماضي . هذا هو ما رأيته بأم عيني في زيارتي للجامعة قبل يومين ، على عكس ما عرضته صور افتتاح المشروع على شاشات القنوات السعودية التي نقلت الخبر ومراسم حفل الافتتاح . مرافق الجامعة ومبانيها ومنشآتها بشكل عام لا زالت تعيش حالة من عدم الاكتمال ، ولا يوجد أي مرفق يمكن أن يعد في حكم الانتهاء والتمام ، أو ما يسمى في المصطلح الهندسي "قابلا للاستخدام" . لم أفهم حينها ما الداعي لهذا الاستعجال في تنفيذ المشروع ، وهذا الاستعجال في افتتاحه ، وكأن هذا المشروع سيحل أزمة البطالة والتعليم والازدحام وغلاء الأسعار وكل المشكلات التي نعيشها كل يوم . والأسوأ من ذلك ، أن تسارع العمل في المشروع قد خبا بعد حفل الافتتاح ، وأصبح الجميع في الموقع ، عمالا ومهندسين ، يعملون باسترخاء وتساهل ، وكأن الهدف من المشروع قد تحقق ، ولا يهم بعد ذلك إن بدأت الدراسة فعليا في الجامعة العام القادم أو الذي يليه . ما رأيته في موقع المشروع ، وأعتقد أنني أملك من الخبرة وعين التخصص ما يكفي لأن يكون حكمي منطقيا ، يؤكد أن المشروع لن يكون جاهزا للاستخدام الآدمي قبل ستة أشهر على الأقل . هذا على مستوى المباني والمرافق فقط ، وسيتلو ذلك أعمال التأثيث والتجهيز والتوظيف وغير ذلك مما يمكن أن يمد موعد بدأ التشغيل الفعلي مددا إضافية ، آمل آلا تصل إلى تلك المدة التي تطلبها إطلاق العمل في مدينة الملك فهد الطبية في سالف الأيام . الفارق بين افتتاح جامعة الأميرة نورة وطريق الملك عبد الله هو أن الأول لا زال متواريا خلف أسوار عملاقة وبوابات مغلقة ، وهو بالتالي بعيد عن أعين الناس والإعلام . بينما طريق الملك عبد الله مكشوف للعيان ، ولا يمكن أن يدعي أحد انتهاء العمل فيه دون أن يكون كذلك بالفعل .

الاثنين، 23 مايو 2011

اليوم 118

قديما قال أحد الشعراء ، ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوا له ما من صداقته بد . ومن وقت لآخر ، أجد هذا العدو شاخصا في حياتي أمام ناظري ، وأود لو أني أبوح له بما أحمل له في نفسي من مشاعر . ومع ذلك ، أجدني مضطرا إلى التعاطي معه ، محتملا كما كبيرا من الضغط النفسي المحبط ، الذي غالبا ما ينجر انفعالا على أقرب الناس إلي ، ولهم مني في ذلك كل الاعتذار وطلب العفو . كنت قد قررت منذ فترة أن أسيطر على هذه المشاعر ، وأن أحاول التعامل مع عموم الناس ، خاصة من يفرض وجودهم والتعامل معهم واقع الحاجة والمصلحة المباشرة ، بكثير من التسامح والأريحية . هذا الأسلوب في التعامل أراحني كثيرا ، وخلف في نفسي شعورا بالسكينة والهدوء بعيدا عن انفعالات الحياة . ومع ذلك ، فإن هناك صنفا من الناس لا ينطبق عليه هذا المنطق ، ولا يمكنني أن أملك نفسي أمامه ، خاصة عندما أجده وقد فسر موقفي على محمل الضعف والاستكانة ، وأصبح يتمادي في التعدي والتحدي . وأحمد الله على أن هذا الصنف من الناس لا يمثل غالبية في محيطي الواسع ، إلا أن هذا العدد القليل منهم يجعل يوما مثل يومي هذا مليئا بالتوتر والانفعال وقلة الراحة . أحد هؤلاء شخص مصري الجنسية ، وليس كل المصريين من هذا الصنف ، وليس هذا الوصف حكرا على المصريين . هذا الشخص يعمل مديرا لأحد مشروعات المكتب ، وهو ليس على كفالة المكتب ، بل على كفالة أحد الأمراء المتنفذين ، الأمر الذي جعله يتعامل معنا من موقع قوة ، متسلحا بدعم هذا الأمير وعنفوانه ، ومتسلحا كذلك بحاجة المشروع إليه ، وتمسك مالك المشروع به ، خاصة وأنه أفلح في الإمساك بخيوط المشروعات وحجر معلوماته لديه . هذا الشخص بدأ منذ فترة بممارسة أساليب الضغط ولي الذراع للحصول على مكتسبات ليست من حقه ، في مخالفة صريحة لعقد العمل الذي التزم به . وانطلاقا من الحرص على المشروع الذي يديره ، فقد اضطررنا إلى تقديم التنازلات الواحد تلو الآخر ، وفي كل مرة يزيد هذا الرجل من تعنته وطمعه ، ويمعن في البحث عن مكاسب جديدة . الأكدأ أن هذا الرجل رأى أن أسلوب الطلب بأدب ربما يعبر عن ضعف من ناحيته ، وآثر أن يسلك سبيل التهديد والوعيد متسلحا كما قلت بحماية ذلك الكفيل النافذ ، دون أن يعتقد أو يفهم أن تلك التنازلات ليست إلا كرما منا ، وتقديرا لأهمية المشروع ، واحتراما وإكبارا للقائمين عليه . مثل هذا الشخص لا ينفع معه أسلوب التسامح في التعامل الذي كنت قد تبنيته منذ زمن ، ويبدو أن الوقت قد حان لأن أقف وقفة حازمة تجاهه . وأما عن المشروع ، فإنه يبدو أنني سأضطر إلى أن أدير شئونه بدون هذا الشخص ، معتبرا أنه كان أحد شهداء الثورة المصرية . وليته كان ، على الأقل كنت سأدعو له بالرحمة بدل أن أدعو عليه بأن يخلصنا الله منه على خير حال .

الأحد، 22 مايو 2011

اليوم 117

كل المواقف التي سجلتها أولم أسجلها عن مشروع جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن كانت مبنية على مشاهدات وقراءات ومعلومات عن المشروع كنت أستقيها دوما من الصحافة والمصادر الأخرى المتاحة ، واليوم تسنى لي أخيرا أن اقوم بزيارة إلى مقر المشروع مع عدد من الأصدقاء . عندما تم ترتيب هذه الزيارة منيت نفسي بأن أرى في المشروع ما يشفي غليل صدري ويروي ذلك التعطش لمعرفة واقع المشروع من الداخل ، عل ذلك كله يسهم في تصحيح موقفي من هذا المشروع ، مع أن هذا الموقف لم يكن مبنيا على محتوى المشروع من النواحي الهندسية والتخطيطية والفنية والتقنية التي يتشدق بها دوما القائمون على المشروع ووسائل الإعلام المتزلفة ، بل إنه كان مبنيا على حقيقة موقع هذا المشروع بتكلفته الباهظة من سلم أولويات التنمية في المملكة ، والعائد الذي سيعود على المجتمع من إنشاء هذا المشروع إلى جانب مدينتين جامعيتين أخريين للطالبات في جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وبكم آخر من المليارات التي تنتظرها متطلبات التنمية الأخرى الأكثر أهمية ، في الوقت الذي لا يعلم أحد كيف وأين سيتم توظيف كل هذا العدد من الخريجات من هذه المدن الجامعية الاسمنتية ، بينما يعاني المجتمع من نسب متعاظمة من البطالة في أوساط الرجال والنساء على حد سواء . زيارة اليوم عمقت كم الإحباط الذي أحمله من هذا المشروع ، إذ وجدته مليئا بالأخطاء والمبالغات والبهرجة في كثير من جوانبه ، وهو المشروع الذي تم تصميمه لاستيعاب 40000 طالبة ، بينما تضم الجامعة حاليا بكل مرافقها المتناثرة هنا وهناك ما يزيد عن 16000 طالبة فقط . كل تلك المباني الأكاديمية والإدارية وسكن الطالبات وأعضاء هيئة التدريس ومباني الخدمات والمرافق التجارية والرياضية والترفيهية والمطابخ المجهزة في كل مبنى لن يتم إشغالها ولا استخدامها إلا بنسب متدنية لن تبلغ حدها الأقصى ولا حتى بعد عشرات السنين . الأمر الآخر المحبط هو ذلك الوجود الكاسح للمهندسين والعمالة الأجنبية ، في الوقت الذي انتهى هذا المشروع الجبار دون أن يعود على القطاع الهندسي السعودي بأي جدوى تذكر . الغريب أن استشاري المشروع ، وهو شركة دار الهندسة ، هي الكيان الهندسي الاستشاري الوحيد في المملكة الذي لا زال يعمل حتى الآن دون ترخيص من الهيئة السعودية للمهندسين ، متمتعا بحماية ورعاية وزارة المالية . ومع أن وزير المالية كان قد وعد المختصين في الهيئة بأن يكون هذا المشروع آخر مشاريع الشركة الذي تحصل عليه دون ترخيص من الهيئة ، إلا أن الوزارة وقعت مع الشركة قبل أسبوع عقدا جديدا مدته خمس سنوات للعمل كاستشاري للإشراف على التشغيل والصيانة في المشروع بقيمة لا يعلم مقدارها أحد . وبين كذب الوزير وتفرد الوزارة في إدارة أولويات التنمية ، فإنني أجد لزاما علي أن اقترح على الوزارة أن تزيد من كفاءة وجدوى المشروع عبر القيام بتأجير مرافقه للكليات والجامعات الخاصة التي تستثمر هي الأخرى مبالغ طائلة في بناء مرافقها ، وكذلك تأجير المرافق السكنية الخاوية لوزارة الإسكان علها تسهم في احتواء عدد من المواطنين الذين لا يجدون لهم مأوى في وطنهم .

السبت، 21 مايو 2011

اليوم 116

تشهد أجواء المملكة هذه الأيام عددا من الحملات التي يقودها ناشطون وناشطات لحشد زخم المطالبة والمناداة بإنجاز بعض التغييرات التي طال الحديث حولها دون أن يتم التعاطي معها بما تستحقه من جدية . من هذه الموضوعات موضوع قيادة المرأة للسيارة الذي يبدو أنه أصبح موضوعا لحملة تقودها مجموعة من السيدات على صفحات الفيس بوك تحت عنوان "مبادرة سأقود سيارتي بنفسي . "ونظرا لما أعيشه هذه الأيام من معاناة جراء هرب سائق واختفاء آخر من طاقم العمل المنزلي ، فإنني أجد نفسي منحازا لهذه المبادرة ومتعاطفا معها . والحقيقة أن الجدل حول مخاطر وأعباء وجود السائقين في المنازل أصبح مملا من كثرة تكراره ، ومع ذلك فإن المبررات والذرائع التي يسوقها معارضو هذه التوجه لا زالت تتفوق على كل تلك المخاطر بالرغم من كونها مبررات واهية تستند إلى مبدأ سد الذرائع الذي غلب على كثير من شئون الحياة في مجتمعنا . وحيث أنني عدت من دبي يوم أمس حيث تقوم ابنتي هناك بتلقي تدريب على القيادة للحصول على الرخصة الأولى لأنثى في العائلة ، فإنني آمل أن تتمكن من استخدام هذه الرخصة في بلدها بعد أن تنهي دراستها هناك . ولأن مثل هذا التغيير سوف ينتج عنه بالتأكيد كثير من الممارسات الخاطئة ، خاصة في ظل ما يعانيه المجتمع من خلل في السلوكيات الفردية ، فإنني آمل أن يكون حال المجتمع في التعاطي مع هذا التغيير قد تجاوز هذه السلبيات حين تكون ابنتي قد عادت إلى الرياض بعد إتمام دراستها هناك بعد حوالي الثلاث سنوات . السؤال هنا ، كم هو حجم الصراع الذي سيخوضه المجتمع بين القبول والرفض لهذا التغيير قبل أن يصبح حقيقة واقعة . سؤالي هذا يأتي من ذلك العدد من الصفحات المعارضة لهذه المبادرة التي رأيتها على الفيس بوك أيضا ، والتي رفع بعضها راية التلويح بالعنف والتهديد بالعصا لمن تسول له نفسه بمساندة هذه المبادرة أو تطبيقها . وفي ظل هذا المناخ من غياب الديموقراطية وسيطرة فرض الرأي بالقوة ، فإنني أجزم أن هذه القضية لن تنجو من كثير من الصراع مع أنها لا تعدو أن تكون ممارسة طبيعية لحق من حقوق الناس سبقتنا إليه شعوب الأرض قاطبة ، حتى تلك الدول التي كانت حتى الماضي القريب تحبو حبوا في مسار التنمية والتحضر .

الجمعة، 20 مايو 2011

اليوم 115

التقيت صباح اليوم في أحد المقاهي بأحد مراكز دبي التجارية بأخ مصري الجنسية من المقيمين في هذه المدينة منذ ثلاث سنوات كما قال. خضت مع هذا الأخ نقاشا حول موضوع الثورة المصرية وغيرها من الثورات التي يشهدها العالم العربي هذه الأيام. موقف هذا الأخ المصري بالمجمل كان معارضا للثورة ، ومتعاطفا مع الرئيس المخلوع وزمرته الحاكمة فيما يواجهونه من تحقيقات ومحاكمات واحتجاز في السجون. موقف هذا الأخ المصري بدا لي غريبا كمن يغرد خارج السرب ، في خضم تلك الهجمة الشعواء التي يشنها جل أبناء الشعب المصري على طغمة الحكم البائد ، والتي كان آخرها جمعة اليوم التي رفعت راية معارضة التصالح مع النظام البائد . سرد هذا الأخ مجموعة من الاتهامات والمواقف التي تؤسس في مجملها موقفا معارضا للثورة ، ومحبذا لاستمرار العهد السابق . هذ الموقف كنت قد خضت نقاشا حوله مع أحد الإخوة الأسبوع الماضي عندما قال أن هذه الثورات التي يعيشها العالم العربي جرته عشرين سنة إلى الوراء . قلت له حينها ، عندما يسلك المرء طريقا خاطئا ثم يكتشف خطأ هذا المسلك فإن عليه إن يعود إلى الوراء ليسلك الطريق الصحيح . ومن ثم ، فلا ضير من الرجوع إلى الوراء في حالة الأنظمة العربية إذا كان هذا الرجوع سبيلا لتصحيح الوجهة . حكام الأنظمة العربية جمهورية الشكل ملكية التطبيق باتو يرفعون راية الإصلاح منذ أن بدأت الثورات تجتاح شعوبهم ، وأسمع من بعض من ينتمون إلى هذه الشعوب ، ومنهم بعض الإخوة السوريون ، حديثا يشيد بهذه المبادرات الإصلاحية من هؤلاء الحكام ، ويستنكر عدم قبول شعوبهم لها واستمرار المظاهرات المطالبة بالتغيير وإسقاط الأنظمة . وأقول لهؤلاء ، إن هذا الإصلاح المفتعل لن يحقق أي جدوى ، ولن يجد أي قبول ، طالما تجاهل عنصره الأساسي ، وهو إصلاح النظام السياسي الذي يتطلب قبول مبدأ انتقال السلطة في تلك الدول . وأي إصلاحات يقدمها الحاكم دون أن يبحث مبدأ بقائه في الحكم لن تتعاطى معها تلك الشعوب بأي مصداقية . هذا الأخ المصري أنكر حديثي ، واتهمني بازدواجية المعايير . فكيف لي أن أقف هذا الموقف وأنا أنتمي لبلد ملكي النظام أحادي الحكم . قلت له أننا في المملكة نعلم طبيعة النظام ، ولم يضحك علينا أحد بنظام جمهوري ديموقراطي تتم ممارسته وفق الأسس الملكية . ومع ذلك ، فإن لنا أن نطالب بالتصحيح والإصلاح ، خاصة فما يتعلق بأمور المعيشة والتنمية . فالحكم والسلطة ليست هدفا في حد ذاتها ، ولكنها وسيلة لتحقيق الرخاء ورغد العيش للناس . وطالما تحقق هذا المطلب ، فمرحبا بالملكية ، ومرحبا بأحادية الحكم .

الخميس، 19 مايو 2011

اليوم 114

منذ أن عصفت الأزمة المالية العالمية بدول العالم والمنطقة ، حيث كانت دبي أحد أكبر ضحايا هذه الأزمة ، أصبحت المملكة قبلة للجميع كونها السوق الوحيد الذي نجا من آثار تلك الأزمة ، وبقي يحمل الكثير من فرص العمل الواعدة . هذا الإقبال على سوق المملكة شمل الشركات بمختلف فئاتها وتخصصاتها تطرق أبواب أسواق المملكة تعرض خدماتها وبضائعها ، وكذلك شمل الأفراد من الذين فقدو فرص عملهم في دبي وبقية الأسواق المحيطة . هذا الأمر مكننا خلال السنوات الماضية من استقطاب بعض الكفاءات المهنية الجيدة التي أصبح بإمكاننا توظيفها بعد انخفاض سقف المنافسة مع الفرص المتاحة في دبي وقطر وغيرهما من الأسواق . وضمن رحلتي هذه إلى دبي قمت بإجراء عدد من المقابلات الشخصية مع عدد من المهندسين الذين تقدمو بحثا عن فرص عمل بالمكتب . وبشكل عام ، فإن المشكلة الأكبر التي أواجهها في مثل هذه الحالات هي في غياب منطق المقارنة في معدلات الرواتب والعوائد بين حالتي دبي والرياض . أحاول دائما أن أنبه مثل هؤلاء إلى أن معدلات تكاليف المعيشة في الرياض تقل بكثير عنها في دبي ، وعليه فإن بناء توقعات الدخل في الرياض مقارنة بما كانو يحصلون عليه في دبي هو أمر غير ممكن التطبيق . وعلاوة على ذلك ، فإن نمط الحياة في دبي نمط لا يشجع على الإدخار في ظل كل تلك المغريات في الأسواق والمراكز التجارية ، وعناصر الجذب الترفيهي من مطاعم ودور سينما وغير ذلك . وفي المقابل فإن الرياض تعد جنة للمغتربين بما تمنحه لهم من فرص للكسب والادخار في ظل غياب فرص الترفيه بنمطها المنغلق المحافظ . من جهة أخرى ، فإن كم المشروعات التي يجري العمل حاليا على إنجازها في المملكة يمثل فرصة حقيقية لاكتساب الخبرات وبناء القدرات في ورشة عمل حقيقية . ومع كل هذا الهجوم من المهندسين والمتخصصين على اقتناص فرص العمل في المملكة ، لا زال شبابنا السعودي ينظر إلى الوظيفة الحكومية على أنها مصدر الأمن والأمان ، ولازال البحث عن الوظيفة أو إعانة حافز هدفا لشبابنا بدل الغوص في هذه الورشة الكبرى من العمل والبناء . فمتى يصبح شبابنا مثل هؤلاء الذين يتسابقون على اقتناص فرص العمل في بلادنا ؟

الأربعاء، 18 مايو 2011

اليوم 113

أكتب هذه السطور من دبي التي وصلت إليها ليلة البارحة لأنهي بعض أمور العمل وأطمئن على ابنتي في الشارقة . وكنت قبل عدة أيام قد خضت نقاشا مع أحد الإخوة حول خيار أفضلية الإقامة والعمل بين دبي والرياض ، وهو نقاش لا زال محتواه عالقا في ذهني عندما وصلت إليها في هذه الرحلة . الانطباع الذي أملكه عن دبي ، والذي نقلته في ذلك النقاش ، هو أن هذه المدينة بالرغم من كل كم البناء والعمران الذي شهدته ، فإن بناء التركيبة السكانية فيها يشوبه كثير من الخلل ، وهو في نظري يمثل أحد المشاكل التي تعيشها هذه المدينة ، وتجعلها خيارا غير مفضل ، بالنسبة لي على الأقل ، للسكن والإقامة الدائمين . وموطن الخلل في التركيبة السكانية في دبي يرجع إلى هذا الكم الكبير من التنوع في خلفيات وجنسيات ساكنيها الذين يأتون من كل حدب وصوب ، ومع ذلك ، فإن هذه التركيبة لم يتحقق لها الانصهار والتمازج في بيئة المكان ومع بعضها البعض ، ولا مع سكان المدينة من مواطنيها الأصليين ، الذين لا تزيد نسبتهم في أحسن الأحوال عن 5% من عدد سكان المدينة . عندما أتجول في أسواق دبي ومقاهيها ومطاعمها ومناطق الترفيه فيها أجد صنوفا وألوانا وأشكالا شتى من البشر . ومع ذلك فإن كلا منهم يعيش حياة مستقلة منفردة عن الآخر ، ولا يربط بينهم أي رابط اللهم إلا رابط العمل والمصالح التجارية . هذا الخلل في التركيبة السكانية يمثل أحد المشاكل التي تعيشها هذه المدينة ، وهو السبب الرئيس في غياب الهوية المحلية وإحساس المواطنة فيها . ومع ذلك ، فإن نمط الحياة في دبي يحمل كثيرا من المميزات التي ربما يكون أهمها اكتمال البنية التحتية وسهولة وسائل المواصلات ، وسهولة الإجراءات وإنجاز متطلبات الحياة ، وأهم من ذلك وضوح الحدود الخاصة بحقوق كل شخص ، ووضوح المرجعية القانونية لكل القضايا . وهو ما يمثل تميزا لهذه المدينة على معظم إن لم يكن كل المدن في عالمنا العربي قاطبة . وعلى أي حال ، فإن دبي التي كانت عنصر جذب لرجال الأعمال والعقار على مدى السنوات الماضية حتى غرقها في تسونامي الأزمة المالية العالمية أصبحت مدينة أكثر قبولا للسكن بعد أن انتهى هذا الطوفان . ولكنني أخشى أن يعود هذا الطوفان المجنون من فورة العقار والاستثمار بعد أن أصبحت دبي الملاذ الوحيد في المنطقة للسياحة والعمل ، بعد أن عصفت بالعديد من عواصم الدول العربية عواصف الثورات والفورات على الظلم والطغيان .

الثلاثاء، 17 مايو 2011

اليوم 112

افتتحت يوم أمس جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ، وهو المشروع الذي تم إنجازه في وقت قياسي محققا اختراقا لظاهرة تعثر المشاريع الحكومية التي استشرت حتى العظم . هذا المشروع قامت عليه وزارة المالية ، وفتحت له خزائنها ، ومنحته جل اهتمامها ، وكأنه المشروع المنقذ لكل إشكالات التنمية في المملكة . الوزارة تعاملت مع المشروع خارج نطاق نظام المشتريات الحكومية ، وكأنها تقر بشكل عملي بأن هذا النظام لا يمكن معه تحقيق تطلعات الدولة في إنجاز المشروعات في وقتها بعيدا عن ظاهرة التعثر . ومع ذلك ، فقد عملت اليوم على استقصاء الأرقام الحقيقية وراء هذا المشروع ، انطلاقا من حالة عدم التصديق التي سيطرت علي عندما سمعت إعلان الوزارة أن تكلفة تنفيذ المشروع قاربت 20 مليار ريال . وفي الحقيقة ، فإن الأرقام المتداولة في أوساط مقاولي المشروع الثلاثة ، والتي كانت متداولة طيلة الفترة الماضية قبل إعلان وزارة المالية المتزامن مع افتتاح المشروع ، كانت تتحدث عن رقم يبلغ 46 مليار ريال ، وهو رقم يبدو أقرب إلى التصديق من الرقم الأول . وأنا في الحقيقة لا أدري ما السبب وراء هذه التعمية وهذا التزييف في الأرقام الحقيقية لمثل هذه المشاريع ، إلا إذا كانت وزارة المالية تعلم أن هذا الرقم مبالغ فيه ، وتريد أن تقلل من أثر هذه المبالغة على مشاعر المواطنين . في هذا المشروع بلغت تكلفة تنفيذ المتر المربع الواحد حسب أرقام أحد المقاولين الثلاثة مبلغا وقدره 35,000 ريال ، وهو الرقم الذي أصابني بصداع حاد عندما علمت به صباح هذا اليوم . رقم فلكي فاق كل الأرقام التي يمكن أن أتخيلها بحكم تجربتي العملية لتكاليف تنفيذ المشروعات مهما كان مستوى تعقيدها الهندسي . ومع كل التقدير لما تعرضه قناة العربية والقنوات الأخرى لمميزات المشروع وإنجازاته الهندسية والتقنية ، فإن هذا المشروع يظل إنجازا باهظ التكلفة قياسا للمردود الذي يمكن أن يحققه في منظومة التنمية ، خاصة في بلد لا زال ينظر إلى المرأة نظرة دونية تمنع أي إمكانية لتوظيف هذا العدد الهائل من الخريجات من هذه الجامعة . وفي المقابل ، فإذا كان لوزارة المالية أن تخترق نظامها الذي صاغته بمنتهى السيطرة والتحكم لإدارة مشروعات الدولة ، بما فيها مشروعاتها الاعتيادية غير المهمة التي تشمل مشروعات المستشفيات والمدارس والمساكن وغير ذلك ، فلماذا تتأخر تلك المشروعات ، ولماذا يتم إنجازها بذلك المستوى المتهالك في الجودة . أليست معالجة مشاكل التنمية التي تتعلق بصحة الإنسان وتعليمه ومتطلبات حياته اليومية ، بل وحتى بإنقاذه من الموت في كوارث السيول ، أهم وأجدى من هذا المشروع الذي لا يتجاوز كونه رسالة سياسية باهظة الثمن ؟

الاثنين، 16 مايو 2011

اليوم 111

موضوع الحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها يظهر إلى السطح من وقت لآخر ، إما لإطلاق موقع وزارة ما ، أو لتدشين خدمة إلكترونية في جهة أخرى ، وهكذا دواليك . وفي الحقيقة ، فإن كثيرا من التطور والتحسين قد حصل بالفعل في عدد من الجهات الحكومية كنتيجة للتوسع في تطبيقات التعاملات الإلكترونية ، وهو تحسين يتفاوت من جهة لأخرى تفاوتا يبلغ أحيانا مستويات حادة ، خاصة وأن بعض الجهات لا زالت تنظر إلى الحاسب الآلي كأداة تتعارض مع أسس الأعراف والتقاليد وربما حتى تمس جانبا من قواعد الدين . عندما كنت في زيارة لأحد الإخوة في صندوق التنمية العقاري الأسبوع الماضي لفت نظري منظر الصناديق الحديدية التي كانت ضمن مقتنيات وزارة المالية وأنظمتها الإدارية . وبمشاهدة عامة لواقع تطبيقات الحكومة الإلكترونية في المملكة يمكنني أن أسجل مشهدين اثنين لمستهما بكثير من التجارب الشخصية . المشهد الأول هو أن واجهة التعاملات الإلكترونية أصبحت حاجزا فاصلا بين الموظف والمراجع . حيث أن المراجع يقوم بتقديم طلبه عبر البوابة الإلكترونية ، ويتسلم الموظف الطلب في الجهة الأخرى ليقوم بتنفيذه . ومع أن هذا الأمر يحقق كثيرا من منع الفساد ، إلا أنه أصبح وسيلة لإخفاء تقصير الموظفين في إنجاز أعمالهم ، أو حتى تفاوت وتبدل القرار من إجراء أو طلب ما . ودائما ، بما في ذلك هذا اليوم ، كانت طلباتنا من تأشيرات الزيارة التجارية التي نقدمها إلى وزارة الخارجية عبر البوابة الإلكترونية تعود بمواقف مختلفة من القبول والرفض والتوجيه والتبديل ، مع أن الطلبات هي ذاتها في كل مرة . وكأن الموقف من الطلبات يتبدل حسب تبدل الموظف خلف البوابة الإلكترونية ، أو بتبدل مزاجه ، أو ربما بتبدل نوع الجهاز . المشهد الثاني هو أن كل أنظمة التعاملات الإلكترونية مع ما تشهده من تفاوت في التطور والتوسع في التطبيق هي أنظمة مستقلة بكل وزارة أو هيئة حكومية ، ولا يوجد أي اتصال أفقي بين أنظمة الوزارات ، في ظل غياب بنية إلكترونية تحتية موحدة لكافة القطاع الحكومي . بل إن هذا الانفصال يحدث أحيانا بين إدارات الوزارة الواحدة ، وهو ما رأيته بأم عيني في حالة وزارة ومكاتب العمل ، التي لا تملك أي اتصال فعال بين قواعد البيانات والأنظمة الإلكترونية في الوزارة ومكاتب العمل في المناطق المختلفة . إذن ، ستظل أجهزة الدولة تعمل كجزر منفصلة ، سواء وفق الصيغة الإلكترونية أو وفق الصيغة الورقية التي تضمها صناديق وزارة المالية الحديدية .

الأحد، 15 مايو 2011

اليوم 110

لم أعتقد أبدا أن يجد موضوع الأمس عن العمارة الخضراء مثل هذا الصدى والاهتمام والتفاعل ، إذ تجاوز عدد قراء هذا الموضوع أضعاف معدل القراء اليومي لهذه المدونة ، هذا ناهيك عن كم الاتصالات والحوارات الهاتفية التي شغلت مساحة كبيرة من هذا اليوم . وفي الحقيقة ، فإن هذا التفاعل وهذه المحادثات الهاتفية رسخت الانطباع الذي كنت قد عبرت عنه باقتضاب يوم أمس ، وأجدني اليوم مضطرا للبوح به دون مواربة . قضية العمارة الخضراء بالنظر إلى أنها قضية حيوية هامة رأى فيها البعض موضوعا يمكن أن يجد اهتماما خاصا من الدولة والمجتمع ، فقد رأى هذا البعض أن يستأثر بقصب السبق في رفع راية هذه القضية ، سعيا وراء ما تحدثت عنه من مردود إعلامي أو ربما مادي . ومع أنه لا ضير في البحث عن العوائد المادية مباشرة كانت أو غير مباشرة ، إلا أن تشويه القضية أو وضعها في غير مسارها الصحيح لكسب هذا السباق المحموم نحو كسب موقف من القضية لهو أمر مذموم من وجهة نظري الخاصة . وأركز هنا على أن هذا الرأي يمثل وجهة نظري الخاصة التي لا أحاول فرضها على أحد ، ولا تمثل بأي حال من الأحوال اتهاما لأي شخص بعينه . وفي المقابل ، فإن هذا المناخ السلبي من المنافسات غير المهنية في هذه القضية جاء نتيجة لتباطؤ الدولة في تبني القضية التي كانت محور الحديث على مدى السنوات الماضية منذ أن تم الإعلان عن تأسيس المجلس الأول للمباني الخضراء الذي حمل رئاسته الفخرية الأمير تركي بن ناصر . وليس هذا التباطؤ إلا نموذجا لما تشهده قضايا البيئة عموما من تباطؤ ، ومنها على سبيل المثال قضية الطاقة الكهربائية وإهدار النفط التي كنت قد كتبت عنها وكتب عنها الكثيرون دون أن تجد أي تفاعل يذكر من وزارة المياه والكهرباء . وعلى أية حال ، فإنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح ، وأرجو ألا يأتي هذا التصحيح متأخرا بعد أن نكون قد دفعنا ثمنا غاليا من هذا الهدر في الطاقة والموارد وتهالك البيئة العمرانية . ولكي نتدارك هذا الأمر ، أوجه الدعوة خالصة لكل الفرقاء الذين أعطو هذه القضية اهتمامهم ووقتهم وجهدهم المخلص ، أن يضمو أيديهم سويا ، وأن يوحدو جهودهم في مسار واحد ، وأن يؤثرو مصلحة القضية العليا فوق مصالحهم الشخصية ، حتى لا تفقد القضية الزخم الذي تستحقه ، أو ثقة الدولة التي بدونها لن تقوم لها قائمة ، وستظل حبيسة المؤتمرات والمنتديات التي لا تسمن ولا تغني من جوع .

السبت، 14 مايو 2011

اليوم 109

موضوع العمارة الخضراء هو أحد الموضوعات التي يدور حولها الحديث من منطلق التنظير بعيدا عن التفعيل والتبني الحقيقي على أرض الواقع ، مثله في ذلك مثل قضايا العمارة التقليدية والبناء بالطين والتراث العمراني والهندسة القيمية وغيرها الكثير من القضايا في مجال العمران أو في غيره من المجالات . والحديث عن هذه الموضوعات لا يعدو أن يكون حديثا يتم تداوله في المؤتمرات والصحف واللقاءات التلفزيونية ، دون أن يجد له سبيلا من التبني الرسمي أو الهيكلة المؤسسية التي تضعها في مجال التطبيق العملي . والحقيقة ، أن كثيرا من الذين يرفعون راية الحديث في مثل هذه القضايا إنما ينطلق تناولهم لها من رغبة في اقتطاف شيء من ثمرات الظهور الإعلامي ، وليس من حرص حقيقي على تفعيل تبني هذه القضايا . أكبر دليل على ذلك هو ظهور محاور متعددة من العمل على تناول هذه القضايا ، وأخص منها هنا قضية العمارة الخضراء ، بشكل يغلب عليها الكثير من الفردية ، بعيدا عن التنسيق وتضافر الجهود بين مختلف المجموعات التي ترفع راية هذه القضايا . واليوم وصلني بيان يعلن تأسيس ما يسمى المجلس السعودي للأبنية الخضراء كشعبة تابعة للجمعية السعودية للعلوم الزراعية بجامعة الملك سعود . والغريب أن هناك منظمة أخرى تحمل ذات الإسم ، ويحمل رئاستها الفخرية الأمير تركي بن ناصر رئيس الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة ، وتعمل بهذا الاسم منذ أكثر من ثلاث سنوات . هذه الازدواجية تمثل في حقيقتها نموذجا من تفتت وتشتت الجهود والبحث عن المردود الشخصي والمكاسب الإعلامية المحدودة ، بعيدا عن تحقيق اختراق حقيقي لدعم هذه القضية الهامة . وهذا التفتت والتشتت لن يحقق شيئا سوى فقدان ثقة الدولة في هذه المجموعات المتفرقة ، وضياع هذه الجهود في مهب الريح . المضحك أن هذا المجلس الوليد تم تأسيسه تحت مظلة جمعية تختص بالعلوم الزراعية ، وهي لا تملك أي علاقة بموضوع المجلس ، سوى في اللون الأخضر الذي يربط النباتات بمسمى المجلس ، وهو ما يعد تفسيرا سطحيا لمفهوم العمارة الخضراء . في حين أن المكان الطبيعي لنشأة مثل هذا المجلس هو في رحاب الجمعية السعودية لعلوم العمران ، أو ربما وزارة الشئون البلدية والقروية . والأجدى من ذلك هو ضم هذه الجهود المستحدثة إلى جهود القائمين على المجلس الأصلي ، خاصة وأنه يتمتع بدعم ورعاية شخص يملك كثيرا من النفوذ مثل الأمير تركي بن ناصر ، ومؤسسة تحمل مسئولية حماية البيئة التي تعد أحد أهم الرسائل التي يحققها مفهوم العمارة الخضراء .

الجمعة، 13 مايو 2011

اليوم 108

عندما اخترت شراء منزلي في حي الورود بمدينة الرياض قبل أكثر من أربع سنوات كنت أظن أنني قد أحسنت اختيار الحي ، فهو حي يتميز بالتنظيم ومستوى جيد من الوحدات السكنية وارتقاء المستوى الاجتماعي لساكنيه ، علاوة على اكتمال الخدمات فيه ، وقربه من محاور الحركة الرئيسية للمدينة ، وقربه كذلك من كل ما يحتاجه المرء من خدمات ومتاجر ومغاسل وغير ذلك . ومنذ أن بدأ تنفيذ طريق الملك عبد الله قبل حوالي السنتين بدأت رحلة معاناة مملة من كم الازدحام الذي خلقته تحويلات الطرق في المشروع ، وانتقال الحركة من ذلك المحور الرئيسي إلى الشوراع الفرعية في الحي . ومنذ يوم أمس ، يبدو أن تنفيذ مشروع آخر في ذات المنطقة قد بدأ بالفعل ، وهو مشروع امتداد طريق العروبة داخل أرض المطار القديم . ومع بدء التنفيذ كذلك تم وضع عدد من تحويلات الطرق على طريق الملك عبد العزيز الذي أصبح مليئا بالتحويلات على طول امتداده . وها نحن نبدأ رحلة جديدة من المعاناة لا أدري كم ستطول بعد أن كنا بدأنا نتنفس الصعداء مع قرب إنجاز مشروع طريق الملك عبد الله . ومع أني لا أدري ما السبب الذي يجعل كل هذه المشاريع تتم في وقت واحد ، سوى أن الأمانة قررت الاستعجال في التنفيذ قبل أن تقفل حنفية ضخ الأموال من وزارة المالية ، إلا أن هذا الواقع جعلني أحس بشيء من الندم لاختيار السكن في هذا الحي . ما يزيد الطين بلة في هذه المعاناة ظاهرة تكدس المراكز التجارية الكبرى داخل المدن . فطريق الملك عبد العزيز في موقع تقاطعه مع طريق الملك عبد الله يضم مركزين تجاريين كبيرين جنبا إلى جنب . هذا الخلل في تحديد مواقع المراكز التجارية جر الويلات على سكان الأحياء المحيطة بهما نتيجة لكم الازدحام الرهيب حولهما ، خاصة مع التحويلات التي تم وضعها في تلك المنطقة . وعندما أتذكر في المدن التي زرتها في أنحاء العالم كيف أن المراكز التجارية الكبرى تقع على أطراف المدن ، وليس داخلها ، أتعجب من هذه العشوائية التي تسم أنظمة التخطيط واستخدامات الأراضي في مدننا ، وكيف أنها تفتقر إلى أبسط قواعد دراسات التأثيرات المرورية والبيئية على المناطق المحيطة بها . أمامنا إذن عدد من السنوات الذي يعتمد على كفاءة مقاول المشروع أرجو الله أن يرزقنا فيها الصبر على ما سنعيشه فيها من معاناة .

اليوم 107


سمعت أن عددا من السيدات في محيط الأسرة على مدى الأيام الماضية قد خضن جولة من الإجراءات التجميلية التي أصبحت هاجسا لدى الكثيرات عبر عمليات النفخ والوشم والتصغير والتكبير والشد والرخي وأشياء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان . يراودني أحيانا شعور بالحسرة على اختياري مهنة العمارة والعمل الهندسي بدلا من مهنة طب التجميل الذي أصبح مرتادوها من أصحاب الأملاك والأموال والعيش الرغيد . ولكن ما زاد حسرتي هذه المرة أن هذه الجولة من لمسات التجميل كانت تتم بواسطة سيدة فلبينية الجنسية تعمل بشكل منفرد ولا تتبع أي صالون تجميل ولا مركزا طبيا ولا حتى بقالة . هذه السيدة كما علمت تتقاضى ما يتراوح بين 500 ريال و1500 ريال لكل إجراء تجميلي . وبحسبة بسيطة ، وجدت أن هذه السيدة تحقق دخلا يوميا لا يقل عن 5000 ريال ، هذا في غير أيام المناسبات والمواسم والحفلات والأعياد الرسمية والشعبية . وإذا استثنينا أيام عطلة نهاية الأسبوع فإن الدخل الشهري لهذه السيدة لا يقل عن 100000 ريال ، مع أني علمت أن هذه السيدة بالذات تمارس عملا إضافيا في عطلة نهاية الأسبوع تقوم فيه بإعطاء دروس في الموسيقى واللغة الإنجليزية ومهارات أخرى في إحدى المدارس بحي السفارات . ولأنني لا أحب الحسد ، وأؤمن أن الرزق على الله ، وأن رزق الهبل على المجانين ، فإنني أهنيء هذه السيدة على شطارتها وبراعتها . ولكنني في المقابل أتساءل بكل القهر ، كم يوجد في بلادنا مثل هذه السيدة ، وكم من الأموال التي يمتصونها يتم تحويلها إلى خارج الوطن ، وأين هم شباب وشابات الوطن من مثل هذا العمل الذي يدر عليهم هذا الدخل الرهيب ، فيما هم يسعون وراء وظائف لا تدر عليهم إلا مبالغ زهيدة من الدخل ، أو وراء برنامج حافز الذي تنظمه وزارة العمل لمنح معونة البطالة التي أقرها الملك . قبل أيام تداولت الأخبار أن عدد المسجلين في هذا البرنامج بلغ أكثر من ثلاثة ملايين مواطن ، وهو ما نفاه وزير العمل نفيا باتا . وإذا أخذنا بنفي الوزير وأخذنا من هذا الرقم ثلثه فقط ، فإن مليون عاطل من شباب وشابات الوطن يسعون وراء معونة الألفي ريال شهريا ستتكبد الدولة عليهم ملياري ريال شهريا ، فيما يقوم مثل هذه السيدة من العمالة الوافدة بتحقيق دخل يزيد بمراحل عن قيمة هذه المعونة ، وهو ما يقع أيضا في دائرة حسبنا الله ونعم الوكيل .

اليوم 106


قضية انضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي كانت محور الحديث مع عدد من الأصدقاء والقراء هذا اليوم ، وكثير منهم أضاف على حديثي في هذه المدونة يوم أمس عددا من المعلومات والاقتراحات البناءة . أطرف هذه الاقتراحات كان تبني حملة في أوساط النساء على مستوى دول المجلس الحالية ، قبل الضم ، لمقاومة هذا التوجه ، نظرا لما يؤسس له من واقع يسمح للرجال الخليجيين بالزواج من المغربيات دون الحاجة إلى موافقات رسمية من وزارات الداخلية والجهات المختصة ، وهو ما يمكن أن يكرس الإقبال الخليجي المشهود على الزواج من نساء المغرب ، ويزيد من نسب العنوسة وتعدد الضرائر أمام السيدات الخليجيات . ومن جهة أخرى ، وحيث أن تبني هذا القرار أتى من قادة الخليج ، ولأن مبدأ التبني في الإسلام أمر محرم كما أشارت مذيعة القناة الليبية حيال تبني مجلس الأمن الدولي قرار العقوبات ضد ليبيا ، فإنه قد يكون أمام السيدات الخليجيات سبيل فعال لمحاربة هذا التوجه الخليجي ، عبر التوجه لفضيلة المفتي وكبار العلماء في دول الخليج الحالية ، والتنبيه إلى وجه حرمانية تبني هذا القرار ، علهم يقفون موقفا مساندا لهن . ولو أني اشك أن أولئك المشايخ سيكونون أول من يسبر أغوار تجارب الزواج من سيدات المغرب الشقيق ، عطفا على الدعم الشرعي والتطبيقي الذي يغلب على معظمهم في قضية تعدد الزوجات وتنويع الجنسيات . وإذا ما كان هيكل الدول الملكية لدول الخليج الذي يشابه ذات الهيكل في الأردن والمغرب هو الدافع وراء هذا التوجه ، وما عرضته قناة العربية اليوم من مكاسب اقتصادية مهولة لدول الخليج الحالية يعد بها هذا الانضمام ، فلربما كان هذا الأمر وهذه المنافع أسباب كافية أيضا لضم عدد آخر من الدول ملكية الهيكل السياسي إلى مجلس التعاون الخليجي ، بما في ذلك المملكة المتحدة والدنمارك والسويد والنرويج وتايلند وغيرها من الدول الملكية . وعطفا على العائد المتعلق بتنويع مصادر الزواج نتيجة لهذا الضم ، فإن هذا التوسع في ضم الدول الملكية الأوروبية وغيرها من الدول ، وخاصة تايلند وما أدراك ما تايلند ، يمكن أن يزيد من قيمة العائد من هذه الناحية ، وتوسيع الخيارات أمام رجال الخليج لسبر أغوار النساء في منظومة متنوعة من الدول التي لا يربط بينها سوى كونها ملكية .

الثلاثاء، 10 مايو 2011

اليوم 105

لأن شر البلية ما يضحك ، فإنني أعتبر اليوم يوما كوميديا بامتياز . ومنذ الصباح تقاطرت على هاتفي الجوال مجموعة من الأخبار التي رأيت فيها كثيرا من الجوانب المضحكة . وفي الحقيقة ، لا أدري إن كان هذا الجانب المضحك متعمدا في صياغة هذه الأخبار ، أم أنها أتت كذلك نتيجة لطبيعتها التي تنافي العقل والمنطق أحيانا ، وواقع الأمور أحيانا . أول هذه الأخبار كان خبر دراسة قادة مجلس التعاون الخليجي لطلب انضمام الأردن والمغرب إلى المجلس . المشكلة أن الخبر لم يتضمن أي حديث عن مشروع لمد الخليج العربي إلى حدود المغرب مرورا بالأردن ، إلا إذا كانت رابطة الهيكل السياسي لهذه الدول كونها جميعا دول ملكية يعتبر مبررا كافيا لهذا الانضمام . أعتقد أن إتمام انضمام هاتين الدولتين إلى المجلس سيكون سببا كافيا لبروز دعوات في بقية الدول العربية للتحول إلى النظام الملكي ، خاصة في ظل الفشل الذريع للأنظمة الجمهورية فيها . الخبر الثاني كان خبر تأسيس جهاز في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض للقيام بمهام المتابعة والإشراف لمشاريع العاصمة للتأكد من إنجازها وفق الخطط الزمنية المرسومة لها . ولا أدري إن كانت مهام هذا الجهاز تتضمن الإشراف على مشروعات الهيئة ذاتها ، بما في ذلك طريق الملك عبد الله الذي أصبح نموذجا لتأخر تنفيذ المشروعات . الخبر الثالث كان إعلان الأمير خالد الفيصل منطقة مكة المكرمة منطقة صديقة للمعوقين . وقد يكون في هذا الإعلان شيء من المنطق بعد أن عجزت المنطقة أن تكون صديقة للأصحاء ، خاصة بعد كوارث سيول جدة ومشاكل مكة العمرانية وغيرها الكثير . أضم إلى هذه القائمة من الأخبار خبر اعتماد تصاميم المساكن ضمن برنامج الدولة لبناء 500 ألف وحدة سكنية . ومع أن هذا الحدث يؤكد إصرار وزير الإسكان على قيام جهازه بالتنفيذ المباشر للمساكن ضاربا بعرض الحائط كل الأصوات المنادية بضرورة البعد عن هذا المنهج ، إلا أن اعتماد تصاميم المساكن استباقا لتخصيص الأراضي التي ستقام عليها ، أو تحديد فئات المستخدمين لها ، أو آلية توزيعها عليهم ، يعد أمرا يقع في دائرة شر البلية ما يضحك ، وأيضا في الدائرة الأوسع ، دائرة حسبنا الله ونعم الوكيل .

الاثنين، 9 مايو 2011

اليوم 104

نعيش في الرياض منذ أكثر من عشرة ايام أزمة مع المياه التي يتكرر انقطاعها بشكل مزعج ، وأصبح منظر صهاريج المياه التي تجوب شوارع الأحياء منظرا مألوفا . قبل عدة أيام كتب لي أحد الأصدقاء اقتراحا بتنظيم مسابقة لأسوأ مؤسسة في عدد من القطاعات ، ورأى أن شركة المياه الوطنية ستكسب المركز الأول في قطاع الخدمات في هذه المسابقة . وهذه الأيام أحسست بالمعاناة التي عبر عنها ذلك الصديق الذي يبدو أن ذاق الأمرين في أوقات سابقة . والمشكلة أن انقطاع المياه لهذه المدد الطويلة يحصل دون أن يظهر أي مسئول ليبرر هذا الخلل ويعتذر عنه . وفي المقابل ، فكلما ذهبت إلى شركة المياه الوطنية لطلب صهريج مياه يسعف العطاشى في المنزل أجد ذات السحنة الساخطة والتعامل الفوقي من موظفي الشركة . وعندما أطرح سؤالا بريئا عن سبب هذه الانقطاعات ، أو متى ستحل هذه المشكلة ، تجد الجواب المعتاد بأن هذا الأمر يخص إدارة أخرى من إدارات الشركة ، مع أن هذه الإدارة هي التي تتعامل مع الجمهور . وإذ يبدو أن الشركة استوعبت عددا كبيرا من موظفي قطاع المياه في الوزارة في إطار عملية الخصخصة ، فإن الشركة لا زالت مثلها مثل العديد من نماذج الخصخصة الصورية التي تمارس ذات اسلوب العمل بالفكر والعقلية الحكومية التي تعتمد الفوقية وفرض الأمر الواقع والتعامل الفج . اليوم طلبت حجز موعد للحصول على صهريج مياه الإنقاذ اليومي المعتاد ، فأفادني الموظف بأن الموعد سيكون يوم الغد . قلت له ، كيف لنا أن نصبر بلا ماء إلى الغد . قطب حاجبه وقال .. هذا الموجود إن أردت . قلت له ، أما من حل آخر ، قال بلى ، صهاريج المياه التي يديرها أفراد من العمالة التي تجتمع عند مخرج 7 في الطريق الدائري ، وعقب بالتنبيه على أن هذه العمالة تمارس البيع في سوق سوداء تبيع المياه بأسعار مضاعفة . إذن فالشركة تعلم أن هناك سوقا سوداء للمياه ومع ذلك آثرت الصمت . لا أدري إن كان أولئك الباعة في سوق المياه السوداء يعملون تحت حماية ومظلة أحد ما ، ولكنهم بالتأكيد يقطفون ثمرة فشل شركة المياه ، وفوقها وزارة المياه ، في توفير أحد أهم حاجيات الإنسان في هذا البلد .

الأحد، 8 مايو 2011

اليوم 103

جمعنا الليلة لقاء في نادي الاقتصادية الصحفي بأحد رؤساء البنوك التي ترفع راية المصرفية الإسلامية في المملكة . رئيس هذا البنك كرر القول بأن بنكه إسلامي صرف من العظم إلى العظم ، وليس كبقية البنوك التي تمارس المصرفية الإسلامية من خلال نوافذ تقدم خدماتها لمن يرغب في هذا النوع من المصرفية ، إلى جانب نوافذ المصرفية التقليدية التي تشكل أساس عملها . وكنت قد كتبت مقالا فيما سبق نشرته جريدة الاقتصادية عن المصرفية الإسلامية وواقعها الذي يبتعد فيما أرى عن روح الاقتصاد الإسلامي . فكلنا يرى كيف أن تكاليف الخدمات التي تقدمها المصارف الإسلامية تفوق مثيلاتها في البنوك التقليدية ، فيما يخترق أحد أهم مباديء الاقتصاد الإسلامي وهو مبدأ لا ضرر ولا ضرار . حديث الرجل هذه الليلة كان يحمل بعض الجوانب الإيجابية ، خاصة عندما قال أن القروض الشخصية التي تقدمها الينوك بصنفيها يجب أن تبتعد عن الصبغة الاستهلاكية ، وتسعى إلى تحقيق دور تنموي عبر تقديم خدمات لتمويل شراء سلع معمرة ، واعتبر أن التمويل العقاري يمثل أحد أوجه هذه السلع التي يجب أن يتوجه إليها تمويل البنوك . والحقيقة أن حالة المصرفية الإسلامية تبعث على الحيرة ، خاصة عندما نشاهد كيف أن دولة قطر بادرت إلى وقف ممارسة هذا النوع من المصرفية ، في ذات الوقت الذي بدأت سلطنة عمان السماح بممارسته فيها . وفي حالة المملكة ، وهي البلد الذي يرفع راية الإسلام ، فإن وجود بنوك إسلامية وغير إسلامية جنبا إلى جنب أمر يبعث على الحيرة . فمجرد الاعتراف بأن هناك بنوكا إسلامية يعني أن الصنف الآخر يقع في دائرة الحرمانية ، ويبعث بذلك على التساؤل حول كيفية السماح بممارسة معاملات محرمة في بلد إسلامي بمكانة المملكة . الجانب الذي يعظم هذه الحيرة هو موقف وزارة المالية من مشروع نظام الرهن العقاري ، والذي يعلم الجميع فيه كيف أن الوزارة سعت ولا زالت تسعى إلى تحجيم تطبيق المباديء الشرعية في وضع النظام ، وسعت كذلك إلى استثناء البنوك التجارية منه كمخرج لها من الوقوع تحت طائلة التنظيمات الشرعية . أليست هذه التناقضات فعلا تبعث على الحيرة وتثير التساؤلات حول طبيعة المصالح المرتبطة بمثل هذا المناخ المتناقض ؟ .

السبت، 7 مايو 2011

اليوم 102

ليلة البارحة وطوال اليوم عشت أحداث الجزء الثاني من قصة السائقين والشرطة ، فبعد أن مر أسبوع على هرب السائق الذي أثار الذعر في أجواء منزلي بعد هربه وتهجمه على سائقي الآخر ، اختفى ليلة البارحة السائق الآخر بشكل مريب ، ولم يظهر حتى لحظة كتابة هذه السطور . بعد منتصف الليل فتحت باب غرفته لأجد جميع حاجياته في مكانها ، بما عني لي أنه لم يهرب كما هرب الأول . ساورتني الشكوك والمخاوف من أن يكون ذلك المجرم قد نفذ تهديده ، فذهبت مرة أخرى إلى مركز الشرطة لا ألوي على شيء . هناك استقبلني ضابط آخر ، ولكنه لم يختلف عن الأول البتة في كم البرود والبيروقراطية الذي تعامل به مع هذا الموقف . قال لي ، رسميا عليك أن تسجل بلاغا عن هروب السائق الآخر وهذا كل ما يمكن عمله . قلت له أنني واثق من أنه لم يهرب ، فلماذا يهرب الآن بعد عشر سنوات أمضاها في العمل لدي ، ولماذا يهرب تاركا كل حاجياته في غرفته . الموقف يبدو أنه حالة جنائية تتطلب تحركا سريعا من الشرطة ، ليس فقط للقبض على مجرم هارب ، بل لحماية أسرة يمكن أن يتهددها ذلك المجرم الطليق . لم تحرك كلماتي فيه ساكنا ، فقد كان بالكاد يقاوم النعاس أمام هذا المراجع ثقيل الظل القادم بعد منتصف الليل . خرجت أجر أذيال الخيبة ، عازما على أن أكرر المحاولة صباح اليوم . واليوم أرسلت نيابة عني وكيلي الشرعي ، إذ ربما يمكنه أن يتحدث معهم بذات اللغة التي يفهمونها ، أو على الأقل ليدرأ عني خطر فقدان السيطرة على أعصابي هذه المرة . عاد الوكيل بذات الإجابة ، كل ما يمكن عمله هو تسجيل بلاغ بالهروب لدى الجوازات ، والشرطة لا يمكنها أن تسجل حالة شبهة جنائية دون ثبوت الواقعة ، ولا يمكنها التعميم عن أجنبي لمجرد أنه يمكن أن يكون قد تعرض لأي خطر . إذن ، يبدو أن الأجنبي في بلادنا هو في درجة أدنى من البشرية ، ولا يستحق أن تتحرك أجهزة الأمن لمجرد أنه مهدد أو حتى أنه قتل وألقيت جثته في العراء . السؤال هنا ، هل ياترى هذا التصنيف في درجات البشرية يفصل فقط بين السعوديين وغيرهم ، أم أنه تصنيف يقوم على أساس الدرجات الوظيفية ، أم على أساس الفقر والغنى ، أم على أساس الحسب والنسب ، أم على أساس الفخذ والقبيلة . ولو أن هذه القصة وقعت لأجنبي من ذوي العيون الزرقاء والشعر الأشقر بدل هذا السائق الآسيوي ، فهل ياترى سيكون تعامل أجهزة الأمن بذات الاستخفاف ؟ .

الجمعة، 6 مايو 2011

اليوم 101

إلى أي درجة يمكن أن يصاب الإنسان بالإحباط ؟ . هذا السؤال يراودني بين الفينة والفينة وأنا أرى مشاهد الخلل المتعددة في حياتنا ومجتمعنا ، أو عندما أرى حالات من الشباب الذين يواجهون مصاعب وأعباء الحياة ويحفرون الصخر لترتيب أمور معيشتهم اليومية التي أصبحت أكبر همهم وانحصر طموحهم فيها . قد يقول قائل أن الانتحار هو أقصى حالات الإحباط ، ولكنني أعتقد أن هناك حالات أخرى من الانتحار بخلاف الانتحار الفعلي الذي هو قتل النفس . فالهروب من مواجهة المشكلات هو نوع من الانتحار ، وكذلك الاستسلام للأمر الواقع ، ومثله إغماض العين عن المشكلات والعيش كما لو أن الحياة كلها وردية لا مشاكل فيها ، والأسوأ هو الاقتناع بأن تلك المشاكل غير موجودة أو أن نراها إيجابية بعكس واقعها الأليم . هذه الفكرة سيطرت علي اليوم بعد نقاش مع أحد الإخوة الذين يتابعون هذه المدونة ، إذ وصف الأفكار التي أطرحها فيها بالسلبية والسوداوية . قلت له ، ماذا أفعل إن كانت حياتنا مليئة بالمشاكل ، أليست هذه الملاحظات والانتقادات التي أسجلها أمرا واقعا في حياتنا ؟ . ثم أن رؤيتي التي يغلب عليها النقد وتسجيل السلبيات لا أهدف من ورائها لتشويه الواقع أو إبراز سلبياته ، بقدر ما هي وسيلة لوضع اليد عليها كخطوة أولى في السعي إلى تصحيحها ومعالجتها . الناس بالعموم يتأرجحون بين التشاؤم الخانق والتفاؤل المفرط ، وكلاهما خطأ في وجهة نظري المتواضعة . فالتشاؤم يعطل الجهود ويكبل العزائم ، بينما التفاؤل يوقع الكسل والتخدير . والتوازن بينهما أمر مهم وحتمي إن كنا نريد التطور ، إذ لا يمكن أن يكون التطور إن لم نفهم ونقر بواقع مشكلاتنا من ناحية ، ونفهم كذلك إمكاناتنا وقدراتنا من ناحية أخرى ، ونرسم بهما طريقا للتصحيح والتطوير . الواقعية هي السلاح الذي نحتاجه لإدارة شئون حياتنا ، على أن تكون مدعومة بقناعة بأن التصحيح ممكن إن خلصت النوايا وشحذت الهمم . وعلى أي حال ، فإن حالنا اليوم هو بكل تأكيد أفضل منه قبل سنوات ، ونحن نعيش بالفعل كثيرا من التطور في مختلف المجالات . ولكن مقياس النجاح لا يبنى فقط بالمقارنة مع واقع الماضي ، ولا مع واقع الأمم الأخرى ، ولكن بما نملكه من إمكانات ، وهي كثيرة ومتعددة . ونحن نستحق فعلا أفضل مما نحن فيه ، وعلينا أن نسعى بلا كلل بروح ملؤها التفاؤل القائم على نظرة واقعية لطبيعة الأمور وحقيقة المشاكل .

الخميس، 5 مايو 2011

اليوم المائة

اليوم أكمل مائة يوم من أيام هذه المدونة . لم أتخيل أن تمر مائة يوم بهذه السرعة ، خاصة مع ما يصفه بعض القراء بالعبء اليومي في الكتابة . اليوم عمدت إلى إجراء مراجعة شاملة لمحتويات تلك الأيام المائة من هذه المدونة ، فوجدتها أبعد ما تكون عن التكرار الذي خشيته . وفي الحقيقة ، لم أتوقع أن يكون في حياتي هذا الكم من الموضوعات التي يمكن الكتابة عنها ، خاصة وأن عناوين الموضوعات لا زالت تتراكم في قائمة تطول وتطول . لا أدري إلى متى سيطول بي الجلد على الكتابة قبل أن أصاب بالملل أو تنضب قائمة الموضوعات ، ولكن للحقيقة ، فقد أصبحت هذه المدونة جزء هاما من حياتي اليومية ، وحققت بالنسبة لي وسيلة فعالة لتخفيف وتفريغ شحنات المشاعر التي تخلقها أحداث اليوم ، مع اختلاف طبيعة تلك المشاعر بين الفرح أحيانا والإحباط أحيانا ربما هي الأكثر . أكثر لحظات السعادة التي أعيشها مع هذه المدونة هي تلك اللحظات التي أتلقى فيها ردود وتعليقات المهتمين من القراء . مثل هذا التفاعل يشحذ همتي ويقوي عزيمتي للاستمرار في الكتابة ، ويخلق لدي شعورا بالتواصل والمشاركة مع تلك المجموعة . وفي المقابل ، أحس أحيانا أن هذه المدونة نصبت شيئا من الحواجز بيني وبين بعض قرائها ، لربما لأنهم أصبحو يخافون أن أورد ذكرا لما يدور معهم من أحداث في هذه المدونة . ولهؤلاء أقول ، أن كل ما أكتبه في هذه المدونة يعكس مشاعري وأحاسيس أعيشها في حياتي وأسجلها هنا كل يوم بعيدا عن التشخيص والتحديد . وحتى لو كانت هذه الأحاسيس ناتجة عن تجربة شخصية مع أحد ما قريب أو بعيد فهي لا تعدو أن تكون حالة أستخلص منها العبر وأسجل حولها ما يختلج في صدري من مشاعر أو آراء . وعلى غرار تقييم المائة يوم الذي يجرى في بعض الأحداث كتعيين الرئيس الأمريكي مثلا ، أتطلع إلى أن أتلقى من الإخوة قراء هذه المدونة تقييمهم للمائة يوم الأولى من هذه التجربة ، وأية مرئيات أو نصائح أو حتى انتقادات حول ما أكتبه سواء من ناحية الأسلوب أو المضمون ، واعدا الجميع بأنني لن أناصب أحدا أي موقف مما يقول ، ولن أجعله عنوانا من عناوين هذه المدونة .

الأربعاء، 4 مايو 2011

اليوم التاسع والتسعون

أحمل اليوم بشرى سارة ، فقد عاد برنامج المنح ، وعادت وزارة الشئون البلدية والقروية تنثر قطع الأراضي على المواطنين . هذا الخبر أعلنه ليلة البارحة مدير إدارة المنح بالوزارة ، مؤكدا أن هذا القرار جاء بعد دراسة متعمقة سعت إلى تطبيق الأمر الملكي الذي صدر قبل أكثر من عام ، والذي وجه بربط برنامج المنح ببرامج توفير المساكن للمواطنين . وبعد أن أوقفت الوزارة توزيع المنح بناء على ذلك القرار ، وبعد أن أجرت العديد من الدراسات وشكلت العديد من اللجان وعقدت العديد من الاجتماعات ، تمخضت تلك الجهود عن قرار إعادة توزيع المنح بعد ربطها بإجراء مصيري هام ، وهو أن لا يتم إفراغ منحة الأرض إلى المستفيد منها إلا بعد إتمام بنائها . وبناء على هذه الآلية ، فإن الوزارة عبر أماناتها وبلدياتها المنتشرة في أنحاء المملكة ، سوف تقوم برصف وتزفيت الطرق في المخططات ، كون هذا البند هو الوحيد الذي يقع ضمن إطار اختصاصها ، ومن ثم توزيع قطع تلك المخططات على المواطنين عبر قسائم تخصيص ورقية ، ومن ثم يطلب من المواطن أن يقوم ببناء مسكنه على تلك الأرض ليتم بعد ذلك إفراغ ملكيتها له . والوزارة لم تضمن هذا البرنامج أية آليات لتنفيذ بقية الخدمات في تلك المخططات بحجة أن ذلك الأمر يقع ضمن اختصاصات جهات خدمية أخرى ليست لها بها أية علاقة . كما أن الوزارة لم تر أية حاجة لربط توزيع المنح بالحصول على قروض صندوق التنمية العقاري ، وعلى المواطن أن يسعى لتوفير مصادر تمويل بناء مسكنه بوسائله الخاصة ، وربما نسيت الوزارة أن ورقة التخصيص تلك لا يمكن حتى أن يقوم هذا المواطن برهنها لدى أي بنك للحصول على قرض للبناء . في المحصلة ، عادت الوزارة بعد هذا العام من الانتظار بخفي حنين ، وكأنك يا زيد ما غزيت . ستبقى الحلول الفردية المتناثرة مسيطرة على نموذج التعاطي الرسمي مع هذه القضية ، وستظل منح الأراضي سلعا تتداول بالبيع والشراء ، ولم لا والوزارة توزع على الناس أوراقا ليس لهم إلا أن يبيعوها ويسترزقو بثمنها بدلا من أن يبلونها ويشربو ماءها على الريق .

الثلاثاء، 3 مايو 2011

اليوم الثامن والتسعون

برنامج اليوم كان مليئا بشكل فاق العادة ، إذ قضيت ساعات اليوم بين معرض العقارات الذي تشهد الرياض دورته الرابعة عشرة ، وجلسات الملتقى المصاحب له ، وعدد من اجتماعات العمل المجدولة ، والوقت الضائع في ازدحام الطرق الذي يبدو أنه يزداد يوما بعد يوم . ومع أن البعض يوجه لي أحيانا سهام النقد حول جدوى حضور مثل هذه المؤتمرات ، إلا أنني أجد فيها فرصة للاستماع إلى وجهات نظر بعض المسئولين أو المختصين في هذا القطاع ، علاوة على تأسيس وتوثيق علاقات التعارف معهم فيما يمكن أن يعود بالنفع في يوم من الأيام . كما أني أخرج في العادة من هذه المحافل بالكثير من العناوين لموضوعات يمكن أن أتحدث عنها في مقالي الأسبوعي بجريدة الاقتصادية . ما زاد طين ازدحام هذا اليوم بلة موعد لزيارة طبيب للعظام في مستشفى الدكتور سليمان الحبيب الذي يحتل موقعا غريبا على طريق الملك فهد ، هذا الموقع الذي تحدثت عنه سابقا في هذه المدونة . زيارة هذا المستشفى بحق تجعل السليم عليلا من كم الازدحام في الطرق المحيطة به ، ومعضلة البحث عن موقف للسيارة في ذلك الازدحام . زيارة الطبيب استغرقت نصف ساعة فقط ، في حين استغرق الدخول والخروج من منطقة المستشفى أكثر من ساعة كاملة . في وسط هذا الزحام تذكرت النقاش الذي دار اليوم في الملتقى العقاري مع أعضاء مجلس الرياض البلدي ، والذي انتقد فيه أحد الحضور ما تقوم به الأمانة من رصف وتنظيم للشوارع بشكل يقلل من المساحات المخصصة للسيارات على حساب توسيع أرصفة المشاة ، الأمر الذي فاقم مشكلة الازدحام في تلك الطرق . وفي الحقيقة ، فإن مشكلة الازدحام لا تعود إلى هذا التعديل في الأرصفة ، بل إلى النمط الأهوج في قيادة السيارات الذي لا يحترم اتجاهات الطرق ، ويمارس فيه كل سائق حقه الخاص في الوقوف في عرض الشارع أو عكس السير أو اقتحام مسارات الطرق وكأنما هو يملك الطريق بمفرده . عضو المجلس البلدي قال أن الطرق في أوروبا لا يزيد عرضها عن عرض الطرق المعدلة وفق هذا التصميم الحديث ، ومع ذلك فهي تشهد حركة انسيابية لا يعاني فيها الناس أي ازدحام . ولكن العضو المحترم نسي أن الناس هنا غير الناس هناك ، وهذا التعديل في تصميم الطرق كان يجب أن يصاحبه جهد توعوي يؤسس لتصحيح هذه الممارسات السلوكية الفجة في القيادة ، ويوظف آليات حازمة لمعاقبة مرتكبيها . وبدون ذلك ستبقى مثل هذه الجهود التصحيحية غير ذات جدوى ، بل إنها ستعود بالوبال والمرض على حياة الناس .

الاثنين، 2 مايو 2011

اليوم السابع والتسعون

استيقظت صباح اليوم على نغمة تعلن ورود رسالة نصية إلى هاتفي الجوال . في العادة لا أحرص على مثل هذه الرسائل في هذا الوقت الباكر ، ولكن لسبب ما مددت يدي وأمسكت بالهاتف وفتحت الرسالة لأقرأ خبر إعلان الرئيس الأمريكي عن قتل أسامة بن لادن في باكستان . أصابني هذا الخبر بشعور بالحزن والكآبة ، مع شعور بالاستغراب من هذا الشعور . لم أعتقد أنني سأشعر بمثل هذا الحزن لمقتل هذا الرجل ، فكل ما أعرفه عنه هو ما زرعه الإعلام في نفسي ونفوس الكثيرين تجاهه من خوف وغضب وحزن على تلك الأرواح البريئة التي اغتالتها يد تلك المنظمة المسماة بالقاعدة ، والتي ارتبطت باسم هذا الرجل . ومع أن يومي كان مليئا بالمقابلات والاجتماعات بشكل يفوق العادة ، إلا أنني كنت أترقب في وجوه وملامح وتصرفات كل من قابلتهم أي اثر لهذا الخبر . وفي الحقيقة ، لم أسمع أحدا يورد له ذكرا بأي شكل من أشكال التعليق السلبي أو الإيجابي ، وكأن الخبر لم يكن أو أنه غير صحيح كما نسمع من بعض الجهات . شعور الحزن الذي أصابني عندما قرأت الخبر هذا الصباح تلاشى في غمرة مشاغل اليوم ، ولكنه عاودني عندما جلست لكتابة هذه السطور ، ليصبح موضوعا لها . حاولت أن أشخص هذا الشعور المناقض للموقف العقلاني من شخصية هذا الرجل ، وخلصت إلى هذه الحقيقة المرة . قتل أسامة بن لادن ليس إلا تعبيرا آخر عن كم الضعف والتفكك الذي وصلت إليه أمتنا العربية والإسلامية . ليس لأنها لم تنتصر له أو لأفكاره ، ولكن لأنها أنتجت مثل هذا الرجل الذي جسد حالة من التنافر والتطرف في المجتمع ، حالة أنكرها وحاربها العالم أجمع مع أنها رفعت راية الإسلام وتدثرت بردائه ، حالة جعلت من العروبة والإسلام وصمة عار في نظر الأمم الأخرى ، وأنتجت هذه الفرحة العارمة التي عرضت مظاهرها شاشات التلفاز لقتل رجل يحمل هوية العروبة والإسلام . وعلاوة على هذا الشعور الغريب ، وجدتني أيضا مصابا بشيء من الحيرة ، فمع أنني أعرف بعضا من إخوته وأقاربه ، إلا أنني لم أعرف كيف أقدم لهم العزاء ، وهل وفاته مثلت بالنسبة لهم فقد شخص عزيز من أفراد الأسرة ، أم أنها أزالت عن كواهلهم عبئا ثقيلا فرضه تاريخ هذا الرجل الذي لوث اسم العائلة بشيء من ذلك الصيت المخجل .

الأحد، 1 مايو 2011

اليوم السادس والتسعون

أعلنت ليلة البارحة نتائج المنافسة على العقد الاستشاري لمشروع تصريف السيول في جدة . حيث فازت بالعقد شركة إيكوم الأمريكية بالعقد الذي بلغت قيمته حوالي 635 مليون ريال . المشروع كما نعلم سيتم تنفيذه تحت إشراف شركة أرامكو السعودية ، ولا تشمل هذه القيمة بعد تكلفة تنفيذ الأعمال الإنشائية للمشروع ، إذ أن هذه المبلغ الضخم لا يغطي سوى أتعاب الأعمال الاستشارية ، والتي تمثل عادة ما نسبته  5 إلى 10 في المائة من قيمة تنفيذ المشروع ، أي أن معالجة مشكلة السيول قي جدة ستكلف خزينة الدولة ما لا يقل عن الستة مليارات ريال . ولأن حجم ونطاق العمل المرتبط بهذا العقد لم ولن يتم الإعلان عنه ، فسيظل الحكم على مدى تضخم قيمة هذا العقد أو ملائمته لاحتياجات المشروع أمرا في طي الكتمان . ولست هنا بصدد التعليق على قيمة العقد ، بالرغم من ضخامة الرقم غير المعتاد في أي من عقود الخدمات الاستشارية ، حتى تلك المرتبطة بعقود مشروعات النفط والغاز التي تطرحها أرامكو السعودية . ولكنني هنا أتساءل عن مقدار مشاركة العنصر الاستشاري المحلي في هذا العقد ، وما إذا كانت بنود العقد تتضمن أي مبادرة لتوطين الخبرة عبر إشراك أي من الاستشاريين المحليين بحصة في هذا لعقد ، حتى ولو بنسبة بسيطة من هذا الرقم الفلكي . ولكن السؤال الأوقع أثرا في هذا الوضع ، هل تحصل هذا المكتب الأمريكي الجنسية والنزعة على أي من أشكال الترخيص النظامي للعمل في المملكة ، أم أنه حصل على ذلك الترخيص الهلامي المؤقت الذي حصل عليه مكتب دار الهندسة لإنجاز مشروع جامعة الأميرة نورة وغيره من المشروعات . لست أدري من هي الشخصية الاعتبارية التي لعبت دور الكفيل لضمان هذا المكتب ، ولكنني أثق كل الثقة أنه يملك القدرة والمكانة التي تمكنه من تذليل العقبات التي نعانيها في قطاع الخدمات الاستشارية . السؤال هنا ، هل مشروع تصريف السيول في جدة يستحق هذا المستوى من الاستثناءات للتعامل معه بهذه بهذه الطريقة ، وهل يجب أن نصل إلى مرحلة الكارثة في كل قضايا التنمية حتى تتم معالجتها بهذه الطريقة ، وهل يجب على الدولة أن تدفع دوما هذا الثمن الفلكي لمعالجة هذه القضايا الكارثية ؟ .