التجميل

الأحد، 22 مايو 2011

اليوم 117

كل المواقف التي سجلتها أولم أسجلها عن مشروع جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن كانت مبنية على مشاهدات وقراءات ومعلومات عن المشروع كنت أستقيها دوما من الصحافة والمصادر الأخرى المتاحة ، واليوم تسنى لي أخيرا أن اقوم بزيارة إلى مقر المشروع مع عدد من الأصدقاء . عندما تم ترتيب هذه الزيارة منيت نفسي بأن أرى في المشروع ما يشفي غليل صدري ويروي ذلك التعطش لمعرفة واقع المشروع من الداخل ، عل ذلك كله يسهم في تصحيح موقفي من هذا المشروع ، مع أن هذا الموقف لم يكن مبنيا على محتوى المشروع من النواحي الهندسية والتخطيطية والفنية والتقنية التي يتشدق بها دوما القائمون على المشروع ووسائل الإعلام المتزلفة ، بل إنه كان مبنيا على حقيقة موقع هذا المشروع بتكلفته الباهظة من سلم أولويات التنمية في المملكة ، والعائد الذي سيعود على المجتمع من إنشاء هذا المشروع إلى جانب مدينتين جامعيتين أخريين للطالبات في جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وبكم آخر من المليارات التي تنتظرها متطلبات التنمية الأخرى الأكثر أهمية ، في الوقت الذي لا يعلم أحد كيف وأين سيتم توظيف كل هذا العدد من الخريجات من هذه المدن الجامعية الاسمنتية ، بينما يعاني المجتمع من نسب متعاظمة من البطالة في أوساط الرجال والنساء على حد سواء . زيارة اليوم عمقت كم الإحباط الذي أحمله من هذا المشروع ، إذ وجدته مليئا بالأخطاء والمبالغات والبهرجة في كثير من جوانبه ، وهو المشروع الذي تم تصميمه لاستيعاب 40000 طالبة ، بينما تضم الجامعة حاليا بكل مرافقها المتناثرة هنا وهناك ما يزيد عن 16000 طالبة فقط . كل تلك المباني الأكاديمية والإدارية وسكن الطالبات وأعضاء هيئة التدريس ومباني الخدمات والمرافق التجارية والرياضية والترفيهية والمطابخ المجهزة في كل مبنى لن يتم إشغالها ولا استخدامها إلا بنسب متدنية لن تبلغ حدها الأقصى ولا حتى بعد عشرات السنين . الأمر الآخر المحبط هو ذلك الوجود الكاسح للمهندسين والعمالة الأجنبية ، في الوقت الذي انتهى هذا المشروع الجبار دون أن يعود على القطاع الهندسي السعودي بأي جدوى تذكر . الغريب أن استشاري المشروع ، وهو شركة دار الهندسة ، هي الكيان الهندسي الاستشاري الوحيد في المملكة الذي لا زال يعمل حتى الآن دون ترخيص من الهيئة السعودية للمهندسين ، متمتعا بحماية ورعاية وزارة المالية . ومع أن وزير المالية كان قد وعد المختصين في الهيئة بأن يكون هذا المشروع آخر مشاريع الشركة الذي تحصل عليه دون ترخيص من الهيئة ، إلا أن الوزارة وقعت مع الشركة قبل أسبوع عقدا جديدا مدته خمس سنوات للعمل كاستشاري للإشراف على التشغيل والصيانة في المشروع بقيمة لا يعلم مقدارها أحد . وبين كذب الوزير وتفرد الوزارة في إدارة أولويات التنمية ، فإنني أجد لزاما علي أن اقترح على الوزارة أن تزيد من كفاءة وجدوى المشروع عبر القيام بتأجير مرافقه للكليات والجامعات الخاصة التي تستثمر هي الأخرى مبالغ طائلة في بناء مرافقها ، وكذلك تأجير المرافق السكنية الخاوية لوزارة الإسكان علها تسهم في احتواء عدد من المواطنين الذين لا يجدون لهم مأوى في وطنهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق