التجميل

الثلاثاء، 17 مايو 2011

اليوم 112

افتتحت يوم أمس جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ، وهو المشروع الذي تم إنجازه في وقت قياسي محققا اختراقا لظاهرة تعثر المشاريع الحكومية التي استشرت حتى العظم . هذا المشروع قامت عليه وزارة المالية ، وفتحت له خزائنها ، ومنحته جل اهتمامها ، وكأنه المشروع المنقذ لكل إشكالات التنمية في المملكة . الوزارة تعاملت مع المشروع خارج نطاق نظام المشتريات الحكومية ، وكأنها تقر بشكل عملي بأن هذا النظام لا يمكن معه تحقيق تطلعات الدولة في إنجاز المشروعات في وقتها بعيدا عن ظاهرة التعثر . ومع ذلك ، فقد عملت اليوم على استقصاء الأرقام الحقيقية وراء هذا المشروع ، انطلاقا من حالة عدم التصديق التي سيطرت علي عندما سمعت إعلان الوزارة أن تكلفة تنفيذ المشروع قاربت 20 مليار ريال . وفي الحقيقة ، فإن الأرقام المتداولة في أوساط مقاولي المشروع الثلاثة ، والتي كانت متداولة طيلة الفترة الماضية قبل إعلان وزارة المالية المتزامن مع افتتاح المشروع ، كانت تتحدث عن رقم يبلغ 46 مليار ريال ، وهو رقم يبدو أقرب إلى التصديق من الرقم الأول . وأنا في الحقيقة لا أدري ما السبب وراء هذه التعمية وهذا التزييف في الأرقام الحقيقية لمثل هذه المشاريع ، إلا إذا كانت وزارة المالية تعلم أن هذا الرقم مبالغ فيه ، وتريد أن تقلل من أثر هذه المبالغة على مشاعر المواطنين . في هذا المشروع بلغت تكلفة تنفيذ المتر المربع الواحد حسب أرقام أحد المقاولين الثلاثة مبلغا وقدره 35,000 ريال ، وهو الرقم الذي أصابني بصداع حاد عندما علمت به صباح هذا اليوم . رقم فلكي فاق كل الأرقام التي يمكن أن أتخيلها بحكم تجربتي العملية لتكاليف تنفيذ المشروعات مهما كان مستوى تعقيدها الهندسي . ومع كل التقدير لما تعرضه قناة العربية والقنوات الأخرى لمميزات المشروع وإنجازاته الهندسية والتقنية ، فإن هذا المشروع يظل إنجازا باهظ التكلفة قياسا للمردود الذي يمكن أن يحققه في منظومة التنمية ، خاصة في بلد لا زال ينظر إلى المرأة نظرة دونية تمنع أي إمكانية لتوظيف هذا العدد الهائل من الخريجات من هذه الجامعة . وفي المقابل ، فإذا كان لوزارة المالية أن تخترق نظامها الذي صاغته بمنتهى السيطرة والتحكم لإدارة مشروعات الدولة ، بما فيها مشروعاتها الاعتيادية غير المهمة التي تشمل مشروعات المستشفيات والمدارس والمساكن وغير ذلك ، فلماذا تتأخر تلك المشروعات ، ولماذا يتم إنجازها بذلك المستوى المتهالك في الجودة . أليست معالجة مشاكل التنمية التي تتعلق بصحة الإنسان وتعليمه ومتطلبات حياته اليومية ، بل وحتى بإنقاذه من الموت في كوارث السيول ، أهم وأجدى من هذا المشروع الذي لا يتجاوز كونه رسالة سياسية باهظة الثمن ؟

هناك تعليق واحد:

  1. زياد بريجاوي17 مايو 2011 في 12:28 م

    التكلفة العالية المبالغ فيها للمشاريع التي تكون تحت ادارة شركة أرامكو اصبحت سمة واضحةلكل مشاريعها التي تديرها.
    أين الابداع في الادارة إذاً,انت وضعت يدك على الجرح ولكن لا أظن أن الكلام العلني فيها بتفصيل مباح , أليس كذلك.
    شكراً

    ردحذف