التجميل

الاثنين، 31 يناير 2011

اليوم السادس

أبدأ خلاصة اليوم بالدعاء لكل مرضى المسلمين بالشفاء والأجر والمثوبة ، وألا يكتب على أحد أن يضطر لزيارة مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالرياض . وليس السبب في هذا الموقف متعلقا بمستوى الكفاءات الطبية بهذا المستشفى ، فالحقيقة أنه يضم كفاءات جيدة مقارنة بمستوى الكفاءات الطبية في بقية مستشفيات العاصمة ، ناهيك عن بقية مستشفيات المملكة . ولكن السبب هو أن الرحلة إلى هذا المستشفى هي رحلة مليئة بالمعاناة ، تجعل السليم عليلا حتى لمجرد مروره في محيط المستشفى . ومشكلة الازدحام التي أشرت إليها يوم أمس أصبحت مظهرا يوميا من مظاهر العاصمة ، ولكن المشكلة في محيط المستشفى أعظم وأفدح وأكثر إيلاما . كلما أخذتني أي من رحلاتي اليومية في محيط هذا المستشفى أسأل نفسي سؤالين بسيطين أعجز عن إيجاد أية إجابات مقنعة لهما . السؤال الأول هو لماذا لا تقوم إدارة المستشفى بنقله من موقعه المزدحم إلى درجة الاختناق إلى موقع أكثر اتساعا وسهولة في الوصول ، تتوفر له مواقف السيارات الكافية عوضا عن إزعاج سكان المباني المحيطة ، وحتى من الناحية الاقتصادية ، توفر له أصولا مملوكة بدلا من مصروفات الإيجار السنوي المهدرة ، خاصة وأن مجمع المستشفى يتألف من مجموعة من المباني التي لم تصمم في الأساس لهذا الغرض ، وأصبح المجمع في النهاية خليطا من المباني غير المترابطة التي تذكرني بصورة بيت جحا المليء بالدهاليز والممرات ، وهو ما يوقع الكثير من الآثار السلبية على كفاءة التشغيل الطبي المتكامل بين مرافق المستشفى . والسؤال الثاني ، ما هي الواسطة التي تتمتع بها إدارة المستشفى لتتمكن من التحكم في استخدام وتوجيه مسارات الشوارع المحيطة بالمجمع وكأنها تملكها كابرا عن كابر ، وكأن مستخدمي المباني المحيطة لا يملكون فيها أي حق ؟ هل يمكن أن يسعفني أحد بإجابات مقنعة عن هذين السؤالين البريئين ؟ .

الأحد، 30 يناير 2011

اليوم الخامس

يبدو أنني لن أطيل عليكم اليوم . فيومي كان طويلا بالفعل ، وها أنذا إصل إلى منزلي بعد الساعة العاشرة والنصف من مساء يوم ابتدأ نشاطي فيه حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا . بالطبع لست هنا بصدد " المنظرة والفشخرة " وأن أحاول أن أبدو كمن يعمل بجد دون تعب . فالحقيقة أنني لم أقض اليوم الشيء الكثير من القائمة الطويلة من الأعمال والمهام التي كنت قد خصصت لها مساحة هذا اليوم . والسبب بكل بساطة لأن كثيرا من الوقت يضيع في زحام شوارع الرياض بشكل لا يمكن أن تتوقعه أو تحسب حسابه ضمن جدول المهام اليومية . واليوم كان أحد تلك الأيام التي كانت شوارع الرياض فيها تعيش زحاما يتخطى المعدل المعتاد الذي هو أساسا يتخطى المعدل المعتاد في بيئة عمرانية يمكن وصفها بأنها إنسانية . ويصبح اليوم أكثر سؤءا من كل المعدلات المعتادة وغير المعتادة إن كتب الله عليك أن تقضي مشوارين أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب . وتصبح محصلة الوقت الضائع والضغط النفسي مضاعفة . المهم أننا يجب أن نشكر الله تعالى على نعمة الجوال ، فلولاه لانعزلنا في بحور أسفلت شوارع الرياض ، ولولاه لما تمكنا من أن نقضي شيئا من أمور الحياة في تلك العزلة .

السبت، 29 يناير 2011

اليوم الرابع

شر البلية ما يضحك .... هذه هي خلاصة هذا اليوم . مبادرة شركة الاتصالات السعودية بمجانية مكالمات الجوال في مدينة جدة لأيام الأربعاء والخميس والجمعة من الأسبوع الماضي عادت وبالا على الشركة . فنتيجة مجانية المكالمات سببت ضغطا كبيرا على الشبكة بشكل عطل مرور المكالمات . وبالتالي بادر الناس لشراء شرائح شركة موبايلي ليتمكنو من الاتصال بذويهم دون عناء . المشكلة أن مثل هذه المبادرات لم تنبع من حرص من الشركة على التفاعل بإيجابية مع الكارثة ، بل لركوب موجة الكارثة لتحقيق عوائد تسويقية للشركة . وإلا لكان الأجدى بالشركة أن تنتظر حتى بعد مرور الكارثة وتعلن بعد ذلك عن إعفاء أهل جدة من رسوم الاتصال في تلك الفترة ، وتتحاشى بالتالي وقوع الضغط على الشبكة كما حصل .  أو لكان الأجدى بها أن تدعم جهود المتطوعين بتبرعات مالية لدعم المتضررين وإيوائهم وتوفير الغذاء والماء لهم . والمشكلة أن هيئة الاتصالات ظلت تتفرج كالعادة على مثل هذه المواقف التي تتم دون حسيب ولا رقيب . الأظرف من ذلك هو إعلان شركة اتحاد عذيب عن مبادرة مماثلة لمجانية المكالمات على غرار ما أعلنته شركة الاتصالات السعودية . ووجه الظرف هنا هو أن هذه الشركة تواجه خطر إعلان الإفلاس بعد أن تجاوزت خسائرها المعلنة 75% من رأس مال الشركة . ومن هنا ينطبق على هذه الشركة مقولة " كريم من مال غيره " . أليس بالفعل شر البلية ما يضحك ؟ .

الجمعة، 28 يناير 2011

اليوم الثالث

هو يوم الجمعة ، اليوم الذي نحتار فيه كل أسبوع عندما نقرر أنا وأسرتي فيما يمكن أن نفعله لنأخذ قسطا من الراحة ونقضي وقتا أسريا ممتعا . طرحنا الخيارات المتاحة ، وهي قليلة . واستقر قرارنا على أن نذهب إلى منطقة الثمامة . الزحام كان رهيبا ، فالبدائل محدودة ، ومنطقة الثمامة تصبح قبلة المتنزهين خاصة في هذا الطقس الجميل . المنطقة مليئة بالتناقضات والمشاهد السلبية ، فسيارات الآيسكريم والبليلة والذرة وغيرها من الأطعمة تنتشر على جنبات الطريق دون رقيب أو حسيب ، وكل من يعملون فيها هم من العمالة الأجنبية الذين لا يدري أحد إن كانو يعملون بطريقة نظامية أم أنهم هاربون من كفلائهم . كما أن أحدا لا يعلم مدى نظافة تلك الأطعمة التي يبيعونها . نشاط العمالة الأجنبية لا ينحصر فقط في بيع الأطعمة ، بل يتجاوزه إلى بيع الألعاب والطائرات الورقية والألعاب النارية التي يفترض أنها ممنوعة نظاما ، وكذلك في إدارة الساحات البدائية التي يرتادها الناس لركوب الخيل والجمال والدراجات النارية ، في بيئات وضيعة قذرة تفتقر إلى أبسط وسائل الأمان . كم هم بسطاء أولئك الناس الذين يكفيهم أن يمدو بساطا يجتمعون عليه لشرب الشاي والقهوة وهم محاطون بإزعاج الدراجات النارية وسيارات الدفع الرباعي التي تهدد أطفالهم الذي يتقاذفون الكرة وسط كل هذا الصخب . ومن أنعم الله عليه بشيء من القدرة المالية فله أن يستأجر إحدى تلك الاستراحات الخاصة التي تفتقر إلى أبسط معايير النظافة والأمان ، وهي التي سقطت من قائمة اهتمامات هيئة السياحة ومعايير تصنيفها . مساكين هم سكان الرياض ، فالترفيه مطلب مفقود ، وحاجة مهملة . فأين هيئة السياحة من هذا الواقع الأليم ؟ .

الخميس، 27 يناير 2011

اليوم الثاني

مشاهد أحداث كارثة جدة الثانية كانت شغلنا الشاغل في هذا اليوم . فبين متابعة آخر المستجدات على شاشات التلفزيون ، إلى الرسائل النصية التي انصبت كمطر الكارثة من قنوات الصحافة والأخبار ، إلى الأخبار المتبادلة عبر المكالمات الهاتفية ، نطمئن فيها على أحوال من نعرفهم في تلك المدينة البائسة ، وكل من فيها أحوالهم لا تسر . حتى الذين أسعدهم شيء من الحظ بالسكن في مناطق وأحياء أقل عرضة للاضرار ، إلا أنهم لم يسلمو من السيول التي اجتاحت الطرق . حتى طريق المدينة المنورة ، وهو الشريان الرئيسي لمدينة جدة ، الذي يقطعها من الشمال إلى الجنوب ، تحول إلى مجرى مائي جرف السيارات وأوقع الكثير من الأضرار . خاتمة الأخبار كان حديث أمير منطقة مكة المكرمة الذي قال فيه إن المسئول الرئيس عن هذه الكارثة هم من كانو مسئولين عن تخطيط الطرق والأحياء في المدينة . والحقيقة ، أن قضية التخطيط والتنفيذ لمشاريع التنمية تستحق الكثير من المراجعة الجادة . والمسئولون الذين أشار إليهم أمير المنطقة هم أنفسهم الآن مسئولون في مواقع حيوية أخرى ، ومنهم من هم مسئولون عن إدارة ذات المنطقة التي عاشت الكارثة ، ويرفعون راية التحقيق والمحاسبة والمساءلة للمسئوليين الحاليين ، مع أنهم ذاتهم كانو طرفا في المشكلة في أوقات سابقة . المشكلة عاشتها مدينة جدة قبل حوالي السنة ، وتكررت أيضا هذه السنة . والظريف أنني اطلعت اليوم على خبر يعود إلى العام 1400 هـ ، يتحدث فيه أحد المسئولين في ذلك الوقت عن مشكلة تصريف السيول في جدة . وطيلة هذه المدة بقي الوضع على ماهو عليه ، واستعصت المشكلة على الحل . والحل لن يأتي بالمحاسبة وسجن المسئولين ، ولا بفتح الخزائن للصرف غير المقنن على مشاريع طارئة دون تخطيط محكم . الحل يا إخوتي يتطلب إرادة جادة وتغييرا لنمط تنفيذ مشاريع التنمية . مدينة جدة ليست حالة منفردة ، فالحال هو نفسه في كل المدن . وما جدة إلا ضحية قد تتلوها كثير من الضحايا . فهل من سبيل إلى الحل ؟ .

الأربعاء، 26 يناير 2011

اليوم الأول

اليوم وصلت ابنتي الكبرى عائدة من الشارقة حيث تدرس في جامعتها الأمريكية . عادت لتقضي بين أهلها إجازة الفصل الدراسي الأول . اللقاء كان جياشا بالعواطف ، فهي ابنتي البكر وقرة عيني ، وهي من رفعت رأسي ورأس والدتها عاليا بأدائها المميز في الثانوية العامة ، ذلك الأداء الذي كان الدافع الأول للإصرار على تخطي كل العقبات والمصاعب المادية والمعنوية لتمكينها من تحصيل دراستها الجامعية في جامعة مرموقة . حين تركتها في الشارقة لأول مرة في بداية هذه السنة الدراسية انتابتني فورة من غضب ، سجلتها في ذلك الحين تساؤلات من أب ملتاع على فراق ابنته التي تركها بمفردها تصارع مخاطر الغربة . وحين استقبلتها عادت إلى ذهني ذات التساؤلات .... إلى متى سيظل التعليم في بلادي بهذا المستوى ؟. وكم من الآباء والأمهات عاشو وسيعيشون هذه اللحظات من اللوعة وألم الفراق والخوف على فلذات أكبادهم ؟ . ولماذا يكون هذا الألم هو الثمن الذي ندفعه لكي يحصل أبناؤنا وبناتنا على مستوى التعليم الذي يتطلعون ويطمحون إليه ؟ . لم أجد أية إجابات لهذه التساؤلات ، ولا أعتقد أني سأجدها في قابل الأيام ، إذ أن الشواهد لا تبشر بما نتطلع إليه من تطور في مجال التعليم بكل مستوياته ، ولا زالت التنمية في مفهوم القائمين عليها أرقاما ومنشآت ومشاريع لا مكان للإنسان فيها . ما أرجوه فعلا أن تكون ابنتي وكل أبناء الوطن الذين عاشو ويعيشون هم وأهلوهم آلام الفراق جنودا للتغيير الذي نطمح إليه ، وأن يتمكنو من أن يصنعو الفرق الذي عجز جيلنا عن أن يصنعه ، عسى أن يكونو أحسن حالا منا ، وأن يتمكنو من منح أبنائهم فرصا حقيقية لتعليم كفؤ دون أن يدفعو ثمنا باهظا من المعاناة وتعب المشاعر .