التجميل

الخميس، 31 مارس 2011

اليوم الخامس والستون

أجواء الرياض اليوم كانت تشرح الصدر منذ أن استيقظت متأخرا بعض الشيء في يوم الخميس الذي أعوض فيه عادة ما يفوتني من نوم طيلة أيام الأسبوع . ربما كان لما ختمت به ليلة البارحة من معالجة للمشكلة التي أرقتني في الآونة الأخيرة أثر في تحسين قدرتي على استقبال مثل هذه الأجواء الجميلة بنفسية منشرحة . بعد العصر اصحبت زوجتي وأبنائي لنتمشى قليلا في هذه الأجواء التي غابت عنها حرارة الشمس ، وذهبنا لنطلق أرجلنا للمشي في مسار المشي المحيط بوزارة التربية والتعليم . لست أدري لماذا نضطر إلى ركوب السيارة والخوض في ازدحام الطرق لكي نذهب إلى مكان مخصص ومهيأ لممارسة رياضة المشي ، ولماذا لا تكون كل أحيائنا مهيأة لحركة المشاة . على أي حال ، مسار المشي هذا هو مكان تشاهد فيه كل صنوف البشر ، فمنهم الرياضيون الذين رزقم الله ببنى جسمانية أغبطهم عليها ، ومنهم الحوامل الذين يتهادون الهوينى لتسريع لحظة التخلص من هذا الحمل الثقيل ، ومنهم عوائل اصطحبو أطفالهم للعب في هذا الموقع الآمن من حركة السيارات ، ومنهم من هم من أصحاب الأوزان الثقيلة الذين يحاولون حرق بعض السعرات الحرارية ، ومنهم بعض الشباب الدخلاء الذين يتصيدون الفرص لمعاكسة فتيات جئن للمشي في مكان عام يتسم بالهدوء والأمان . ولأنني اليوم كنت منشرح الصدر ، فقد تعمدت أن أتجاوز مثل تلك المظاهر السلبية ، وأتمتع بالمشي فيما أسمته الأمانة ممر الزهور ، وليتها تحيل كل طرقنا إلى ممرات للزهور . بعد العشاء ختمت يومي بحدث سعيد كنت أترقب ملامحه في أجواء اليوم السعيدة منذ الصباح . هذا الحدث هو خطبة إبنة أخي لشاب من البحرين الشقيقة . استبشرت بمعرفة هذا الشاب ، وتمنيت لهما كل السعادة والتوفيق في قابل حياتهما ، ولأخي الصبر على فراق ابنته إلى بلد آخر ، فما أعانيه من فراق ابنتي التي تدرس في الشارقة يجعلني أحس بما هو مقدم عليه . ولكنها سنة الحياة ، ولابد لكل شيء يوما من فراق . كل ما أرجوه ، أن تكون سعادة ابنته مع زوج المستقبل عزاء له عن معاناة هذا الفراق المحتوم .

الأربعاء، 30 مارس 2011

اليوم الرابع والستون

حديثي يوم أمس عن ذلك الشخص الذي اعتبرته عارا على الديموقراطية والوطن ومهنة الهندسة لم يتضمن أي إشارة إلى اسم ذلك الشخص ، فبالرغم من مقدار الشفافية الذي أحاول أن أطبع به هذه المدونة ، إلا أنني أنأى بها عن التشهير والشخصنة التي أعتبرها مصيبة المصائب في مجتمعنا . وحديثي يوم أمس كان ينتقد نموذجا أكثر من كونه ينتقد شخصا بعينه ، وأنا أجزم أن هناك الكثيرين في مجتمعنا ممن ينطبق عليهم ذات الوصف . ولكن مثل هذا الحديث المغمم يبدو أنه يدعو إلى الإسقاط والتخمين ، وقد فوجئت اليوم بكم الاتصالات التي وردتني لتحدد شخصية ذلك الشخص ، وقد نجح معظم المتصلين في تحديده بالاسم ، وهو ما أثلج صدري من ناحية أن الكثيرين يعلمون فعلا حقيقته المؤسفة ، وهو ما جعلني أيضا أحس تجاهه بشيء من الرثاء . لا أريد أن أطيل الحديث عن هذا الشخص ، إذ أنه فعلا لا يستحق أن أتوقف عنده كثيرا ، خاصة وأنه لا يمثل حالة فردية مستغربة في مجتمعنا ، وحتى في لقاء الأمس الذي ضم آخرين مثله ولكن ربما بدرجة أقل من انكشاف الأسلوب الوضيع في النقاش . اليوم انتهى نهاية سعيدة بحمد الله ، فالأزمة التي عشتها مع شخص آخر خلال الفترة الماضية ، والتي كان لها كبير الأثر على نفسيتي وقدرتي على تسيير أمور حياتي ، هذه الأزمة كتب الله لها الانفراج ، إذ جمعني وإياه لقاء كان عنوانه الود والشوق ، غسلنا فيه ما رسخ في نفوسنا من غضب ، واتفقنا على أن يكون التفاهم السبيل الأسلم لحل الخلافات . خرجت من هذا اللقاء منفرج الأسارير ممتلئا بالتفاؤل ، وكل جوارحي تدعو الله أن يكتب لنا دوام الوفاق ، وأن نتمكن فعلا من حل نقاط الاختلاف بشكل يعبر عن نضج الفكر والأسلوب ، وأن نودع إلى غير رجعة هذه الأيام العسيرة التي مرت على كلينا ، وأن يديم علينا وعلى كل من نحب ومن لا نحب نعمة الهدوء والسكينة وراحة البال .

الثلاثاء، 29 مارس 2011

اليوم الثالث والستون

هل نحن شعب مستعد للديموقراطية ، ومستعد لفهم متطلباتها وتبعاتها وأسسها وقواعدها ، أم أننا ننادي بشيء لا نفهمه ولا نعرفه لمجرد أننا نسمع أنه منح شعوبا أخرى قدرا من التميز والأفضلية . ظل هذا السؤال يدور في ذهني لمدة أربع ساعات هي المدة التي استغرقها اجتماع الجمعية العمومية للهيئة السعودية للمهندسين بكل ما ساده من صخب  . هذه الهيئة هي المؤسسة الوحيدة في المملكة التي تتمتع باستقلالية مطلقة ، أهم سماته تفردها بانتخاب كامل أعضاء مجلس إدارتها ، والسلطة المطلقة لجمعيتها العمومية بموجب نظامها الأساسي الصادر عن المقام السامي . ويبدو أن الدولة أرادت أن تختبر الديموقراطية في فئة يفترض أنها تمثل نخبة الارتقاء الفكري في المجتمع . ولكن ما شاهدته اليوم لا يمثل أبدا أي مؤشر لنجاح هذه التجربة ، ولا يؤسس حافزا للدولة للتوسع في تطبيق الديموقراطية في بلادنا . مفهوم الديموقراطية ينتهي عندما يتفرد كل فرد برأيه ويريد أن يسود على آراء الآخرين ، وينتهي عندما لا تكون الأغلبية هي المقياس في الحكم على الأمور ، وينتهي عندما لا تسود الموضوعية في النقاش الذي ينجرف في مسارات يسودها التجريم والشخصنة والأحكام المسبقة . ولكن الديموقراطية تصبح مخزية عندما ينحدر بعض من يرفعون رايتها إلى مزالق لا يمكن وصفها إلا بقلة الأدب ، وتصبح أكثر خزيا عندما تصدر مثل هذه الممارسة من شخص لا يحمل فقط شهادة الهندسة التي تضع حاملها في مصاف النخبة الفكرية والمهنية ، ولكنه يحمل أيضا شهادة الدكتوراة في العمارة التي هي أم الفنون والعلوم ، ويعمل عضوا في هيئة التدريس في إحدى الجامعات بما يجعل منه نموذجا يحتذى لأجيال المستقبل ، وفوق كل ذلك يقدم نفسه كصاحب قلم مبرز بكتاباته الأسبوعية في الصحف وإصداراته المتتابعة من الكتب . لهذا الشخص وأمثاله أقول بكل أسف ، أنتم عار على الوطن ، وعار على الديموقراطية ، وعار على مهنة الهندسة ، وعار على الإنسانية . أما الديموقراطية ، فيبدو أننا نحتاج إلى وقت طويل لفهمها بالشكل الكافي الذي يجعلنا نستحق أن نعيشها كما نطالب على الدوام .

الاثنين، 28 مارس 2011

اليوم الثاني والستون

لم أكن أتوقع أن يكون لما أكتب هنا أي تأثير مباشر كما رأيته اليوم . يوم أمس تحدثت عن عدم انقياد مصرف الإنماء وراء بقية البنوك وعدد من شركات القطاع الخاص في منح راتب شهرين لمنسوبيها اقتداء بالمبادرة الملكية . واليوم أصدر رئيس مجلس إدارة البنك قرارا بمنح راتب شهرين لمنسوبي البنك . بالتأكيد أن هذا الأمر وقع بمحض الصدفة ، إذ أن ما أكتب لا يعدو أن يكون فضفضة لا يستمع لها أحد . هذا القرار أثار حوله عددا من الملاحظات ، أولها أن موعد صدوره يدل على تردد كبير داخل أروقة الإدارة حول آثاره على النتائج المالية للبنك الذي يصارع ليعلن أول نتائج إيجابية منذ تأسيسه وبدء عملياته . وثانيها أن القرار صدر عن رئيس مجلس الإدارة وليس عن الرئيس التنفيذي ، وهو ما يوحي بأن القرار جاء مفروضا من جهة عليا أوعزت لرئيس المجلس بالتدخل سريعا لحسم هذا الأمر . عندما قلت يوم أمس أن هذه المبادرات يجب ألا تتم بهذه العشوائية في ظل مرجعية الإدارات التنفيذية للجمعيات العمومية لإقرار مثل هذه الإجراءات المالية التي تؤثر على حقوق المساهمين كنت أتحدث عن شركات مساهمة تمثل حصة عامة المساهمين فيها نسبا دنيا لا تزيد عن الثلاثين بالمائة . أما في حالة مصرف الإنماء ، فإن حصة عامة المساهمين تبلغ سبعين بالمائة ، وهو ما يجعل  استقصاء رأي هؤلاء المساهمين في المشاركة في اتخاذ مثل هذا القرار ذو الأثر المالي الكبير على نتائج البنك مسألة أكثر إلحاحا . هذا النمط في الإدارة الدكتاتورية من قبل الإدارات التنفيذية للشركات المساهمة أصبح أمرا مألوفا لا يجد له معارضا أو حتى ناقدا . وبالتالي ، فإذا كانت هذه الكتاتورية في الإدارة تتم ممارستها على هذا المستوى مع شركاء مساوين في الحقوق ، فكيف لنا أن نعترض أو نتحفظ على أية ممارسات أحادية دكتاتورية من قبل أجهزة حكومية تملك سلطة الدولة وتتمسك بثقافة الرأي الواحد ؟ ، وهل يا ترى ستكون وزارة الإسكان الوليدة نموذجا مختلفا عن تلك الأجهزة ؟ .

الأحد، 27 مارس 2011

اليوم الحادي والستون

توقفت فيما يبدو الأخبار عن مزيد من شركات القطاع الخاص التي بادرت بالاقتداء بالقرار الملكي بمنح موظفيها راتب شهرين بعد أن تسابق عدد من هذه الشركات للإعلان عن مثل هذه المبادرات على مدى الأسبوع الماضي الذي تلى إعلان تلك القرارات الملكية . من بين تلك الشركات كانت البنوك جميعها قد أعلنت عن ذات الإجراء ، فيما عدا مصرف الإنماء الذي سكت سكوتا مطبقا آثره مسئولو البنك على الحديث بشفافية عن السبب وراء اتباع المصرف لذلك المسلك . كنت قد تحدثت مع عدد من المسئولين في المصرف خلال الأيام الماضية ، وكان آخرهم أحد المسئولين الذي تحدثت معه اليوم حول هذا الموقف من البنك . وفي الحقيقة ، فإنني أعلنت أنني أتبنى موقف البنك ، وكنت أتمنى لو أن البنوك والشركات المساهمة تبنت مثل هذا الموقف . ليس لأن منسوبي هذه الشركات لا يستحقون مثل هذه المبادرة ، ولكن لأن مسئولي البنوك والشركات المساهمة لا يملكون مثل هذه الصلاحية لاتخاذ قرار يحمل ميزانيات تلك الكيانات مبالغ غير منظورة وغير معتمدة في موازناتها ، خاصة وأن مثل هذه الشركات مملوكة للعامة ، وكان من المفترض الرجوع لجمعيات عمومية استثنائية لأخذ الموافقة على مثل هذا الإجراء ولو بشكل صوري . الظريف أن كثيرا من الشركات العائلية الكبرى التي يتم اتخاذ القرارات فيها بشكل فردي من قبل رئيس الشركة ورب العائلة لم تحذ حذو المبادرة الملكية الكريمة ، وتخاذلت عن ترضية منسوبيها الذين باتو يعضون أصابع الندم على تركهم العمل في القطاع الحكومي . المشكلة ، أن السياسة العامة للدولة تدفع باتجاه التوسع في التوظيف في القطاع الخاص وتفعيل دوره في معالجة أزمة البطالة المستفحلة . وفي المقابل ، تأتي هذه المبادرة لتؤكد مفهوم التميز للعمل في القطاع الحكومي الذي يتمتع منسوبوه بمثل هذه المبادرات النخبوية . فهل سيستطيع وزير العمل أن يقنع السعوديين بعد الآن بأن العمل في القطاع الخاص هو أفضل منه في القطاع الحكومي ؟ .

السبت، 26 مارس 2011

اليوم الستون

كنت قد اشتكيت منذ يومين من أسلوب التقطير والتجزئة في الطلبات التي يطلبها موظف ما في إدارة ما في وزارة ما من وزارات بلادنا ، بما في ذلك تلك الممثليات السعودية في دول أخرى قريبة وبعيدة لا يربطها سوى هذه الثقافة الراسخة في أسلوب العمل في الأجهزة الحكومية . والغريب أن هذه الثقافة لا تعبر عن حالة من ممارسة التسلط فقط ، إذ أنها يمكن أن تكون صادرة من موظف ما يملك يمنح خدمة لمواطن ، أو أنه يحناج خدمة من مواطن . وفي الحالة الثانية تصبح ممارسة هذه الثقافة السلوكية أمرا أكثر استغرابا . سأضرب مثالا على ذلك ، موظف في إدارة المشتريات في إحدى الأمانات مارس معنا مثل هذا الأسلوب في تقطير الطلبات مع أن هذه الأمانة بحاجة إلى توقيع هذا العقد لإطلاق العمل في هذا المشروع الهام . مر الآن أكثر من عشرةأشهر  منذ أن تقدمنا لهذه المنافسة وفزنا بها ، وإدارة المشتريات تفحص وتمحص وتطلب طلبات جديدة ومستندات جديدة من وقت لآخر . وفي كل مرة تضع لنا مهلة لا تتخطى ثلاثة أيام لتوفير طلباتهم وإلا فإننا سنكون عرضة للاستبعاد والإعدام المهني ، ثم ينامون بعدها ثلاثة أسابيع أو ثلاثة أشهر قبل أن يبلغوننا بمزيد من الطلبات . في هذه الحالة ، المستفيد هو جهاز الأمانة ، ونحن أصحاب فضل عليهم بما سنقدمه لهم من خدمة تعاقدية ، ومع ذلك تمارس معنا الأمانة ، أو موظف بسيط فيها ، ذات الأسلوب في التقطير والتجزئة والتشكيك المسبق . ألم أقل لكم أنها ثقافة راسخة في العمل الحكومي السعودي ؟ .

الجمعة، 25 مارس 2011

اليوم التاسع والخمسون

تأخرت كثيرا في كتابة خلاصة هذا اليوم ، حتى مضى اليوم وأصبح الغد . ما أشغلني لملمة أموري قبل مغادرتي من دبي عائدا إلى المملكة ، فقد قررت أن تكون عودتي إلى الدمام بدل الرياض لألحق باجتماع طاريء . مثل هذا التعديل في برنامج الرحلة له تبعات كثيرة ، بدء مما تفرضه الخطوط السعودية من رسوم وغرامات غير مفهومة على تغيير التذكرة ، مع أن التذاكر الإلكترونية لا تكلف الشركة شيئا ملموسا يلزم تعويضه . الأسوأ أن مثل هذا التعديل حصل يوم الجمعة ، وتعديل التذكرة في مفهوم الخطوط السعودية لا يتم هاتفيا ، بل لابد أن يكون حضوريا أمام موظف المبيعات ، ربما ليرمقني بنظرة عتب على هذا التعديل المزعج . في العادة أتهرب من هذه المواجهة باللجوء إلى وكيل السفر ، ولكن وكيل السفر نائم يوم الجمعة . الحل إذن أن أشتري تذكرة جديدة لخط السير الجديد ، والمطالبة في وقت لاحق بقيمة التذكرة لخط السير القديم ، وهو ما يمكن أن لا يكون ممكنا في دستور الشركة ، وأفقد قيمة التذكرة . دوما أتساءل عن هذا النمط من فرض الجزاءات والغرامات الذي تقوم به بعض الجهات من تلقاء نفسها . حسب معلوماتي فإن مثل هذا الأمر هو من صلاحية جهات التشريع ، ولابد من إقراره على الأقل من جهة أعلى مثل مجلس الوزراء أو الشورى . ولكن الواقع يفيد بأن كثيرا من الجهات تمارس هذا الحق دون رقيب . وفي حالة الخطوط السعودية يتم ذلك دون عدالة ، وأعني العدالة التي تمنح المسافر حق التعويض في حال تقصير الشركة أو تأخير رحلاتها . وصلت الدمام متأخرا ، وذهبت إلى الفندق وسارعت بالارتماء على السرير لأنال قسطا من الراحة قبل أن أقوم لترتيب أموري بما في ذلك كتابة المدونة ، فتحت عيني وقد طلعت الشمس ، فأصبح حديث المدونة حديثا بائتا ، سطرته قبل أن يتهمني أحد بالتقصير ، أو يفرض علي غرامة من نوع آخر .

الخميس، 24 مارس 2011

اليوم الثامن والخمسون

ثقافة العمل في الأجهزة الحكومية هي ثقافة راسخة بحمد الله ، والأسلوب الذي يتعامل به الموظفون في هذه الأجهزة مع المراجعين والمتعاملين يبدو أنه جزء من تركيبة هذه الأجهزة بغض النظر عن موقعها الجغرافي . والدليل أنه عندما تعين علي التعامل مع الملحقية الثقافية السعودية في الإمارات العربية المتحدة لأنهي إجراءات ضم ابنتي إلى البعثة بناء على الأمر السامي الكريم وجدت في تعامل موظفي الملحقية ذات الأسلوب الفج والعشوائي في التعامل كما نشهده جميعا في الأجهزة الحكومية في المملكة . ربما الفرق الوحيد هو أن الموظف هذه المرة كان سيدة وليس رجلا ، وأحمد الله أنه ليس علينا في المملكة أن نتعامل مع سيدات في الدوائر الحكومية . على الأقل في التعامل مع الرجال يمكننا الجدال ورفع الصوت في حين أن التعامل مع السيدة يفرض علينا السكوت والرضوخ . ولكن موقف اليوم منعني من الرضوخ ، ولم أعد أحتمل هذا النمط المتكرر من تقطير الطلبات والمعلومات لإنهاء أي إجراء حكومي . منذ أسبوعين وأنا أتردد على دبي ذهابا وجيئة ، وفي كل مرة يطلب مني طلب جديد ، أو مستند جديد ، أو تعهد جديد . قلت للموظفة ، مثل هذه المراجعة التي تتطلب السفر من بلد لآخر أمر صعب ، فماذا عليكم لو طلبتم كل طلباتكم مرة واحدة ؟ . هذه السيدة علا صوتها حتى عنان السماء ، واتهمتني بالكذب ، وأنها لم تتحدث إلي سابقا ، ولم ترني قط ، وعليه فإنها لا تتحمل مسئولية قصور المعلومات الذي أشتكي منه . وبالرغم من أن الخطأ وارد ويمكن تفهمه ، خاصة في ظل الازدحام الذي تواجهه الملحقية هذه الأيام ، إلا أن الخروج عن حدود الأدب في التعامل أمر غير مقبول ، خاصة في مثل هذه المؤسسة التي تمثل واجهة لبلادنا في الدول الأخرى . الشيء الذي أثلج صدري وبرد ناري هو التعامل الحسن من الملحق ونائبه ، الذين تداركا الموقف وتفضلا بمساعدتي على إنهاء الإجراءات المطلوبة . ولكن ، لماذا يضطر القادة دوما لتصحيح أخطاء الصغار ؟ ، ولماذا لا تكون الإجراءات المطلوبة واضحة ومحددة ومعلنة على الملأ بدلا من تقطيرها بالتجزئة من ذاكرة موظفة تفتقر إلى أبسط أدبيات التعامل المحترم ؟ .

الأربعاء، 23 مارس 2011

اليوم السابع والخمسون

تأكدت اليوم أن الدنيا فعلا لا زالت بخير ، وأنا هناك كثيرا من الناس الذين يبحثون عن فرصة لعمل الخير ولو على قدر استطاعتهم . حديثي يوم أمس عن الصديق الفلسطيني المصاب بورم الدماغ ، والذي يعاني من انغلاق أبواب المرافق الطبية في وجهه لأنه أجنبي ، وجد كثيرا من التفاعل من عدد من الإخوة الذين يشرفونني بمتابعة هذه اليوميات . واليوم اتصل بي عدد منهم ليس فقط لإبداء التعاطف ، ولكن لتقديم النصح والرأي والتوجيه حول السبل التي تمكن هذا المريض من الحصول على الأمر الذي يمكنه من الحصول على العلاج في أحد مرافقنا الطبية الحكومية . هذا التفاعل أسعدني كثيرا ، ليس فقط لأنه دل على حرص هؤلاء على عمل الخير ولو على قدر استطاعتهم ، ولهم مني لذلك كل الشكر ، ولكن أيضا لأني شعرت بأن هذه المدونة لها قيمتها ، وأن ما أكتبه يجد شيئا من الصدى والتأثير والتفاعل ، إذ أنني كنت في الآونة الأخيرة قد بدأت أصاب بي شيء من الإحباط ، وبدأت أشعر بأن ما أكتبه لا يعدو أن يكون صدى لما في نفسي ينبعث في صحراء مقفرة ليس فيها أحد ، ولا يحس به أحد . ولكن التفاعل الذي رأيته اليوم حول قضية الأمس أعاد إلى نفسي الحماسة التي بدأت بها قبل ست وستين يوما . توالت الاتصالات اليوم حول موضوع صديقي المريض ، ومن هؤلاء من اتصل فقط ليقدم الدعاء الخالص بالشفاء العاجل ، فجزى الله الجميع كل خير . ولكن ، هذا التفاعل لا يحل أساس المشكلة ، وحقيقة أن يضطر شخص مثل هذا أمضى في المملكة أربعين سنة ، وأثبت انتماءه لهذا البلد بكل الأشكال ، أن يضطر إلى التزلف والاستجداء وطلب العطف للحصول على العلاج الذي هو أبسط الحقوق لمجرد أنه أجنبي ، هي حقيقة مرة تتطلب معالجة جذرية وشاملة ، وهذه التفرقة في حقوق إنسانية بحتة ما هي إلا شكل من أشكال التفرقة العنصرية التي يرفضها الدين والخلق والمنطق .

الثلاثاء، 22 مارس 2011

اليوم السادس والخمسون

تمر في حياة الإنسان أحيانا مشاهد وصور توقظه من سبات الغفلة عن حقيقة أن هذه الدنيا فانية ، وتذكره بأن الجري اللاهث وراء الرزق ليس كل شيء في هذه الدنيا . وبعض هذه تحمل في طياتها صورا من الظلم الفادح من الإنسان لأخيه الإنسان ، أعظم مما نراه في الصور التي نراها هذه الأيام من ليبيا واليمن وعدد من الدول العربية الأخرى . اليوم اتصل بي أحد الأصدقاء من أهل فلسطين المقيمين في المملكة ، وهو على حد علمي أمضى في المملكة أربعين سنة على الأقل ، بما يجعله سعوديا إلى العظم ، ويحمل حس المواطنة بما يزيد على الكثيرين ممن يحملون الجنسية السعودية ، بمن فيهم أولئك المغرضين الذين سعو لتأليب الناس لإثارة شغب لم يكتب له أن يرى النور . هذا الرجل أبلغني بأنه يعاني من ورم في الدماغ ، ولا يدري بعد إن كان الورم خبيثا أم حميدا . ولأن هذه الحالة تعد حالة خطيرة لا تتوفر لدى مرافقنا الطبية الخاصة الإمكانات اللازمة للتعامل معها ، فقد طرق أبواب مستشفى الملك فيصل التخصصي بحثا عن العلاج . ابلغه المختصون في المستشفى أنه يحتاج إلى أمر من أصحاب الصلاحية لتمكينه من الحصول على العلاج في هذا المستشفى ، فبادر بالكتابة إلى وزارة الصحة مستجديا الموافقة على علاجه . ولأنه أجنبي على الورق ، بالرغم من أنه سعودي بالممارسة ، فقد رفضت الوزارة طلبه ، وأغلق بالتالي المستشفى الوحيد القادر على معالجته أبوابه في وجهه . الرجل يعاني الآن من خطر فقدان بصره قريبا ، وهو يحاول أن يجد وسيلة لتلقي العلاج خارج المملكة ، وأنا أعلم أنه سيضطر إلى أن يبيع ما فوقه وتحته ليتمكن من تغطية نفقات علاجه خارج المملكة . هذه الحالة لا يمكن أن تصنف إلا كنموذج للظلم والقسوة التي نعيش منها أشكالا متباينة في عالمنا . وأنا لا أملك له ولمثلائه إلا الدعاء بأن يتولاهم الله برحمته ، وأن يقيض الله له من أهل الخير من يمد له العون ، وما ذلك على الله بعزيز .

الاثنين، 21 مارس 2011

اليوم الخامس والخمسون

في مثل هذا اليوم من كل عام يعيش العالم كله احتفالا بيوم الأم ، في الوقت الذي يواجه مثل هذا الاحتفال بعض الاعتراض في المملكة ، من منطلق أن أعياد المسلمين تقتصر على عيدي الفطر والأضحى المباركين . وهذا المنطلق مع صحته ، لا أرى أنه يمنع الاحتفال بمناسبات تضفي مزيدا من الفرح في حياتنا في مواجهة كم الضغوط التي نواجهها ، وما يمكن أن تحققه من توثيق روابط الصلات الاجتماعية بين الناس . يوم الأم أجده أحد أهم تلك المناسبات الاجتماعية التي تستحق الاحتفال ، والأم في الحقيقة تستحق الاحتفاء بها كل يوم ، ولكن توافق الناس في العالم كله على مثل هذا الاحتفال أجده بادرة جميلة تعطي الأم نزرا يسيرا مما تستحقه من تقدير . المشكلة أن بعض الناس يبالغ في الاحتفال بهذه المناسبة ، وينفق مبالغ كبيرة على الهدايا والاحتفالات ، وهو ما أجده مثلبا يسيء إلى هذه المناسبة . المطلوب في رأيي هو تعبير رمزي يحقق الغرض ويوصل الرسالة ، ولربما كانت باقة ورد من طفل مبتسم أوقع أثرا من الهدايا باهظة الثمن وهي فارغة من المشاعر . بالنسبة لي أعيش في مثل هذا اليوم حالتين متناقضتين ، فمع مشاعر الفرح التي نحيط بها أم أبنائي ، أعيش شيئا من حزن الذكريات والحنين والشوق لأمي التي فقدتها منذ حوالي السبع سنوات . حزني على أمي لم يخفت أبدا طيلة هذه الفترة ، ولكنه يتفاقم في هذا اليوم كل عام وأنا أرى الكل يحتفون بأمهاتهم ، ولا أجد ما أقدمه لأمي إلا الدعاء ودموعا تنهمل شوقا لها . وبعيدا عن مشاعر الحزن ، يشعرني هذا اليوم أيضا بشيء من الغيرة ، فالأب المسكين لا يجد له يوما من الاحتفاء ، مع أن يوم الأب مسجل في قائمة أيام المناسبات العالمية دون أن يجد ذات الحشد من الاهتمام والتفاعل الذي يجده يوم الأم . ولكن حسبي من أبنائي شعور الفخر الذي يمنوحونني إياه في كل إنجاز يحققونه في حياتهم . حفظ الله للجميع آباء وأمهات وأبناء ، وجعل أيامهم كلها فرحا وسعادة .

الأحد، 20 مارس 2011

اليوم الرابع والخمسون

أحد نعم الله على الناس في هذا البلد هو وجود شيء ما إسمه المعقب ، وهو الشخص الذي يمتهن متابعة وإنجاز الإجراءات الحكومية نيابة عن شخص أو مؤسسة أو شركة . المعقب يحمل هما كبيرا عن عميله أو من يمثله إن تذكرنا مقدار الهم والمعاناة التي يعيشها من تضطره أحوال الحياة لمراجعة إحدى الدوائر الحكومية . ولكن المعقب يعجز أحيانا عن إنجاز بعض الأمور ، وقد تجد موظفا في إحدى الدوائر يصر على حضور صاحب الشأن بشكل شخصي بالرغم من أنه كان قد منح المعقب الذي كلفه بإنجاز المهمة وكالة شرعية تخوله حق تمثيل صاحب الشأن الأساسي . اليوم عشت واحدة من هذه الحالات ، اضطررت فيها للتعامل المباشر مع إحدى أكثر الأجهزة تعقيدا وبيروقراطية ، وهي مكتب العمل . والرحلة إلى مكتب العمل في مدينة الرياض هي معاناة بحد ذاتها ، ولا أدري ما هو السبب الذي دفع المختصين فيها لاختيار هذا الموقع النائي الذي يضطر معه المراجع لأن يسلك أحد أكثر طرق الرياض ازدحاما وهو طريق خريص . وإن أوصلك الله بالسلامة إلى مقر مكتب العمل تبدأ معاناة أخرى للبحث عن موقف لسيارتك . كم رثيت اليوم لحال السكان الذين يعيشون في الأحياء المحيطة بمقر المكتب ، إذ أن شوارع الحي تحولت إلى مواقف عامة وغابة مزدحمة من السيارات التي تجول في الحي . هذا المقر لمكتب العمل هو الفرع الوحيد الذي يقوم بخدمة كل سكان مدينة الرياض ، ويتم فيه إنجاز كل المهام تحت سقف واحد ، وبذلك تجد كل فئات الناس في ذلك الموقع ، ومنهم الباحثون عن عمل ، والمعقبون الذين يسعون لإنهاء مهام شركاتهم ، وغير أولئك الكثيرون . هذا المنظر الغريب نراه في القرن الحادي والعشرين في بلد رفع راية تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية ، وهو لا يزال يتعامل بالنماذج الورقية والملفات الخضراء ، ولا زالت مكاتب العرضحالجية متناثرة حول الموقع . الظريف أن تلك المكاتب أصبحت تتعامل بالتقنية الحديثة ، إذ بإمكانك أن ترى أجهزة بث الإنترنت اللاسلكية قابعة على المكاتب . السؤال الذي تبادر إلى ذهني ، هل تسنى لمعالي وزير العمل أن يزور هذا المكتب حتى يرى بأم عينه ما يعيشه الناس من معاناة ؟ .

السبت، 19 مارس 2011

اليوم الثالث والخمسون

اليوم دار نقاش ساخن مع أحد الأصدقاء الذين أتشرف بمتابعتهم لهذه المدونة حول مضمون ما كتبت يوم أمس عن قرارات الجمعة التي سميت بجمعة الوفاء . القاريء الكريم انتقد حدة ما كتبت ، واستغرب تعبير الصدمة والإحباط الذي استخدمته ، وقال أن المكون الديني الذي يميز المملكة يحملها مسئولية حماية العلماء ورجال الدين ، وإلا لكانت المملكة مثلها مثل بقية الدول التي رأى أنها لا يجب أن تكون قدوة لأبناء الجيل . تبادلت معه بعض الرسائل الإلكترونية ، محاولا إيضاح ما وراء ما قلته يوم أمس ، وقلت له أن مقدار الصدمة سببه ارتفاع سقف التوقعات التي رفعتها حالة الترقب والمخاوف التي شابت الأجواء في الأسبوعين الماضيين . وقلت له أني لا أختلف معه في الخصوصية الدينية للمملكة ، ولا أعتقد أن أحدا يجادل في هذا الجانب . ولكني قلت له أيضا أنني أتحدث عن الجانب التنموي ، وأن المال لا يمكن أن يكون بمفرده وسيلة لمعالجة المشكلات ، وأن مثل هذه المعالجات يمكن أو توقع آثارا سلبية مباشرة على الاقتصاد ، وضربت مثلا لذلك بأن رفع قيمة قرض الصندوق سيعود مباشرة بالتضخم على تكاليف عناصر البناء ، ومثل ذلك التضخم يمكن أن يكون نتيجة مباشرة للمكافآت المالية غير المدروسة ، خاصة وأنها جاءت متجاهلة لشريحة عريضة من المواطنين وهم منسوبو القطاع الخاص والمتسببون من أصحاب الأعمال الصغيرة . قلت له أيضا أن معالجة المشاكل التي نعيشها تتطلب حلولا مؤسسية ، فمثلا ، بناء 500 ألف وحدة سكنية لا يمكن أن يتم بآليات الهيئة العامة للإسكان ، والموضوع يتطلب معالجة جوانب أخرى مثل مشكلة الأراضي وآليات البناء والحاجة إلى تفعيل دور القطاع الخاص . النقاش لم يخرج عن حدود اللياقة والأدب ، وهو ما أكبرته في المحاور الكريم . ولكنني قلت له أيضا أن كل ما كتبت لم يكن إلا من منطلق الحرقة على الوطن ، فكلنا يريد لهذا الوطن وأهله الخير كله .

الجمعة، 18 مارس 2011

اليوم الثاني والخمسون

عدت إلى الرياض ، وعودتي هذه المرة تختلف عن غيرها من المرات ، فهي عودة مليئة بإحباط لم أشهد مثله في حياتي . ليلة البارحة كنت ككل أبناء الوطن في انتظار ما ستخرج به القرارات الموعودة ، لم أستطع النوم وفكري منشغل بالتوقعات ، الموقف كان مختلفا عن العادة ، والظروف التي تمر بها المنطقة تجزم بضرورة إحداث تغييرات جذرية ، خاصة بعد الدعوات المتكررة لمظاهرات لم تجد استجابة تذكر من شعب آمن بمليكه ونظامه ، وأحداث شهدتها المنطقة الشرقية أوحت بتحركات طائفية تستوجب التعامل معها بما تستحقه من جدية . كنت منشغلا بصحبة ابنتي في دبي ، ولم يتيسر لي أن أشاهد الكلمة الموعودة على شاشة التلفاز ، فاتصلت بابني أسامة في الرياض وطلبت منه أن يضع الهاتف أمام التلفاز لأاتابع الكلمة وما ستتضمنه من قرارات . الكلمة كانت في حدود المتوقع ، ولكن القرارات كانت صادمة ، فلم أتوقع أبدا أن تكون بهذا المضمون الذي خالف كل التوقعات . قلت سابقا أن ليس بالمال وحده تحيا الأمم ، ولكن القرارات لم تأت بغير ذلك . راتب شهرين للموظفين في القطاع الحكومي ، ودعم مالي لبناء المساجد وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة الصحة وعدد آخر من الهيئات الحكومية ، واعتماد بناء 500 ألف وحدة سكنية مع أن هيئة الإسكان غارقة في بناء عشرة آلاف وحدة فقط ، وزيادة قرض الصندوق إلى 500 ألف ريال في تجاهل لكل الأصوات التي أعلنت خطر هذا الإجراء . كل القرارات تجاهلت حالة الصخب التي تتطلع إلى تغييرات جذرية ، ليس هذا فقط ، بل إنها فرضت مزيدا من التكبيل لحرية الرأي ، فوضعت العلماء في مكانة التقديس والحصانة مع أنهم بشر خطاءون . لا أدري من الذي صاغ هذه القرارات ، ولكنني أجزم بأنه بعيد كل البعد عن فهم متطلبات الشارع والشعب . أصبحت أفكر جديا بالتوقف عن كتابة مقالي الأسبوعي في جريدة الاقتصادية ، إذ يبدو أن لا صدى يذكر لكل ما يكتبه الكتاب ، إذ يبدو أن من يتولى دفة الإدارة لا يستطيع القراءة بشكل صحيح .

الخميس، 17 مارس 2011

اليوم الحادي والخمسون

أحيانا يصادف المرء أشخاصا في الحياة يعلقون في الذاكرة لفترة طويلة . اليوم صادفت أحد هؤلاء ، مراسل لقناة الإخبارية السعودية في دبي كان يغطي أحداث المؤتمر الذي حضرته . هو عراقي الجنسية ، ولاحظت في مشيته شيئا من العرج ، فسألته عما أصابه ، وكأنما كان ينتظر أن يفتح أحد له باب الحديث ليسرد قصة حياته وينفس عما به . أخبرني أنه أصيب في رجله أثناء حرب العراق وإيران ، وأنه خسر ابنه في مواجهات بين السنة والشيعة ، وانطلق يتحدث عن سبب مجيئه إلى دبي ، وكيف أنه تخلى عن كل مبادئه الوطنية والقومية بعدما انقلب الحال في العراق وبدأت تطغى ملامح الطائفية والصراع بين السنة والشيعة بعدما كان كل الناس يتعايشون في سلام دون فرقة . بعدما انتهى الحديث انتبهت إلى هذه الحالة من الصراع التي أصبحت طاغية في علاقات الناس في عالمنا العربي ، الطائفية في دول كلبنان والبحرين ، والقبلية في دول أخرى كليبيا واليمن ، وأشياء أخرى في دول أخرى . من الذي زرع كل أسباب الفرقة بين شعوب أوطان العرب ، وبين أفراد الشعب الواحد ؟ . تذكرت أنني ترعرت في المدينة المنورة ، ولم أعرف أن النخاولة هم من الشيعة إلا بعد أن غادرت المدينة إلى الرياض عقب الثانوية العامة . لم نشعر يوما بأن هناك فرقا بيننا ، وإن كان لهم معتقداتهم الدينية فلهم دينهم ولي دين . ولكننا كنا نتعايش جيرانا وأصدقاء وزملاء دراسة دون أي فرقة أو عداء . اليوم نشهد تصعيدا غريبا في الصراع بين الطوائف ، مع أن الطائفية لم تكن في العادة ظاهرة في حالة المملكة ، ولكن التأجيج المتعمد من إيران أصبح واضح التأثير في المملكة والبحرين كما استطاعت أن تقلب حال العراق كما روى أخونا العراقي . نحن نتحرى غدا خطاب الملك وما سيتلوه من قرارات ، ولا أظن أحدا سينام الليلة إلا بعد أن يكون قد استنفد احتمالات التخمين حول ذلك الخطاب المنتظر . كل ما أرجوه أن يؤسس ذلك الخطاب لتجديد حالة التعايش بين أفراد المجتمع ، أن يلغي القبلية والعنصرية والتمييز بكل أشكاله ، فالطائفية ليست إلا واحدا من أسباب الفرقة ، وفي بلادنا منها الكثير بكل أسف .

الأربعاء، 16 مارس 2011

اليوم الخمسون

أحد أسباب اختيار توقيت زيارتي إلى دبي هذه المرة هو دعوة تلقيتها لحضور المؤتمر العربي الثالث للتنمية العقارية والعمرانية ، والذي تنظمه وتشرف عليه دائرة الأراضي والأملاك بمشاركة من مركز دبي المالي . المؤتمر غلب عليه الحديث الإعلامي في معظم جلسات اليوم الأول ، وكان واضحا أن أحد أهداف المنظمين هو محاولة إعادة الثقة إلى سوق العقارات الذي عصفت به الأزمة المالية العالمية . كانت إحدى أفضل المحاضرات تلك المحاضرة التي قدمها خبير بريطاني بإحدى شركات الاستشارات العقارية ، وتناول فيها تقييما مجملا لتوجهات سوق العقارات في معظم الدول العربية . في ختام المحاضرة طلبت الحديث كعادتي في المشاغبة في مثل هذه المؤتمرات ، وقلت للمحاضر إن تقييمه توصل إلى نتائج أتفق معه في معظمها ، إلا أن استناده إلى التأثير المباشر للأحداث الراهنة في عدد من الدول العربية لا يمكن أن يكون أساسا لتقييم توجهات سوق العقار . ولا يعقل أن يفقد سوق البحرين مثلا لمجرد أنه يمر بظروف مؤقتة . كما أنه لا يمكن أن يفقد سوق مصر جاذبيته متجاهلا كل عوامل النجاح التي أهمها الطلب الحقيقي المستند إلى القوة البشرية لمجرد أنه يشهد تغييرا في نظام الحكم . من الواضح أن طرح المحاضر كان الغرض منه الإيحاء بأن الاستقرار الأمني والسياسي الذي تعيشه الإمارات يجعل منها ملاذا آمنا للاستثمارات العقارية مستفيدة من المشاكل التي تعاني منها الدول العربية الأخرى . وهذا الطرح يندرج في مجمل سياق المنحى التسويقي الذي طبع المؤتمر . ومع أني لا أتفق مع هذا التوجه وهذا التوظيف غير المهني لمثل هذه المحافل ، إلا أنني أسجل إعجابي بما تقوم به أجهزة الدولة من جهود لمحاولة إعادة الحياة إلى سوق العقارات فيها ، مع أنه سوق مفتعل ولا يقوم على أي طلب حقيقي . وفي المقابل ، نعيش في المملكة حالة من الركود الممل في سوق العقار ، في مواجهة طلب حقيقي وواقعي ومبرر ، ولا تجد هذه الحالة أي تحرك رسمي من أي من أجهزة الدولة المعنية ، وكأن هذا الوضع لا يعنيها . فهل لأحد يا ترى من مصلحة في هذا الركود ، أم أن هذا الواقع هو استمرار لحالة سوء الإدارة الذي نعاني منه في كل القطاعات ؟ .

الثلاثاء، 15 مارس 2011

اليوم التاسع والأربعون

أكتب هذه السطور من دبي ، حيث غادرت إليها مساء اليوم لأنهي إجراءات ضم ابنتي للبعثة لدى الملحقية الثقافية . قبل أن أتوجه إلى المطار توالت على هاتفي الجوال مجموعة من الرسائل التي تتحدث عن انطلاق مظاهرات في شارع العليا بالرياض . لم أستطع أن أتحقق من صحة تلك الأخبار ، وغادرت وقد أصابني القلق من هذا المناخ المخيف ، خاصة وأنني تركت أبنائي بمفردهم ورائي في الرياض . ترددت بين إلغاء الرحلة والبقاء بجوارهم ، والسفر لإنهاء موضوع البعثة لكيلا يؤخذ تأخيري ذريعة لإسقاط الموافقة التي لم تطل فرحتنا بها . توكلت على الله وركبت الطائرة ، وزاد من ضيقي الراكب الذي اتخذ المقعد المجاور لي ، وقد رزقه الله جسما ممتلئا لم يكفه مقعد الدرجة السياحية فزاحمني في مقعدي . لم أستطع أن افهم لماذا لا يقوم مثل هؤلاء بالسفر على الدرجة الأولى لضمان راحتهم الشخصية والبعد عن مضايقة الآخرين . ربما يقول أحدكم أن الرجل ربما يكون "على قد حاله " ولا يستطيع دفع ثمن تذكرة الدرجة الأولى ، وأقول في المقابل لو أن هذا الرجل وفر شيئا من نفقات الأطعمة التي يحشوها في جسمه الممتليء لاستطاع السفر على متن طائرة خاصة لو أراد . المهم ، لم يفارقني القلق من أحداث المظاهرات ، وتذكرت التعليقات التي أعقبت يوم الجمعة الذي كان موعدا لانطلاق المظاهرات ولكنها لم تحدث ، تلك التعليقات التي أشاعت جوا من القناعة بأن الأمر قد انتهي والمظاهرات لن تحدث ، فلماذا إذن لا زال الجو موبوءا حتى الآن ، ولماذا أعلن يوم أمس عن انعقاد مجلس الأمن الوطني لأول مرة منذ تأسيسه قبل حوالي ثلاثين عاما ؟ . هذا الخبر أزعجني وأجزم أنه أزعج الكثيرين ، فالخبر لم يتضمن أي معلومات حول ما ناقشه أو توصل إليه الاجتماع . مجرد خبر مقتضب عن اعقاد مجلس بهذه الأهمية لأول مرة في تاريخه أشاع مزيدا من الخوف والقلق عوضا عن أن يبث شعورا بالراحة والطمأنينة . السؤال هو ، من الذي يقوم على إخراج هذا المشهد من المواقف الحكومية من الأحداث ؟ . أنصحه بكل حرص أن يتلقى تدريبا مكثفا على العلاقات العامة ، إذ أن هذا المشهد كان سيء الإخراج بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .

الاثنين، 14 مارس 2011

اليوم الثامن والأربعون

تلقيت اليوم موافقة وزارة التعليم العالي على ضم ابنتي التي تدرس في الجامعة الأمريكية في الشارقة إلى برنامج الابتعاث بناء على الأمر السامي الكريم الصادر بمناسبة عودة المليك إلى أرض الوطن . هو خبر سعيد دون شك ، وأحببت أن أشارك هذه السعادة مع من أزعجهم كل يوم بشكواي وانتقاداتي وتساؤلاتي المزعجة . سعادتي ليس وراءها جانب مادي فقط ، ولو أن ضغوط ومتطلبات الحياة المتكالبة يحتاج معها المرء إلى مثل هذا الفرج . ولكن هذه السعادة وراءها جوانب أخرى متعددة ، أولها أنني لم أعد أحمل هم تعثر قد يطال تحصيل ابنتي العلمي جراء تزايد ضغوط الحياة ، إذ سأستطيع أن أوجه تركيزي الآن على من يتلوها من الأبناء . وثانيها أن الموافقة السريعة أحيت في صدري بعض الأمل في أجهزتنا الحكومية ، عسى أن تجد بقية القرارات من بقية الأجهزة ذات السرعة والحسم والجدية في التنفيذ والتطبيق التي رأيتها من وزارة التعليم العالي . وثالثها أنني لم أجد من الوزارة ما كنت أخشاه من تمييز عنصري بين الجنسين ، فكل الطلاب من الجنسين يتم النظر في طلباتهم بعين السواسية . ورابعها أن هذا الخبر جاء بردا وسلاما على نفسي في وقت أعيش فيه حالة من الإحباط العميق من مشاكل كثيرة أعيشها هذه الفترة مع أقرب الناس إلى نفسي ، فشعرت أن الدنيا لا يمكن أن تكون كلها شرا مطلقا أو خيرا مطلقا ، ولابد أن يجعل الله لكل ضيق مخرجا . كل ما أرجوه أن تكتمل الفرحة بحسن الإنجاز ، وأن يقر عيني وعين أمها التي أتعبها الفراق بعودتها إلى حضن أسرتها ، وأن يوفق الله ابنتي وبقية إخوتها وكل أبناء الوطن وأمة المسلمين لكل الخير والتوفيق والسداد ، وأن يكتب لنا جميعا في هذا البلد الطمأنينة والرفعة .

الأحد، 13 مارس 2011

اليوم السابع والأربعون

مدينة الرياض تعيش منذ يوم الجمعة أجواء ممطرة بشكل يكاد يكون متواصلا ، ولم أر قرص الشمس منذ نهار الخميس ، إلا إن كان قد ظهر من بين السحب في غفلة مني بينما كنت داخل مكتبي أو منزلي . وبعد مطر الجمعة الغزير المصحوب بزخات البرد الكثيفة ، برزت إلى الأذهان صور كارثة جدة ، وأصبح الكثير يتساءلون عما إذا كانت الرياض ستلقى ذات المصير . اليوم كنت في طريقي إلى الغرفة التجارية لحضور اجتماع بها بعد صلاة المغرب  ، وانصب المطر منهملا بغزراة بينما كنت أسير الهوينى في ازدحام الطرق . دعوت الله أن لا ينزل البرد أيضا هذه المرة فتتحطم سيارتي التي نجت من أمطار الجمعة بينما كانت مختبئة في موقف المنزل المغطى . ودعوت الله أن لا أفاجأ بتسونامي يجرف سيارتي وسيارات الآخرين في منظر مماثل لما نشهده هذه الأيام من صور رهيبة تأتي من اليابان ، وهو ما حصل لأحد أقاربي الذي جرفته وسيارته سيول جدة في كارثة جدة الأخيرة بينما كان يقود سيارته في طريق المدينة المنورة ، وهو شريان جدة الرئيسي الذي يفترض أنه أفضل الطرق من ناحية تجهيزه بشبكات تصريف السيول ومرافق البنية التحتية . وصلت إلى مقر الغرفة بسلام حيث وجدت لسيارتي ملجأ آمنا في قبو المبنى ، وخرجت بعد الاجتماع الذي استمر حوالي الساعتين وأنا أترقب إن كانت المياه قد غمرت الطرق . كان طريق عودتي إلى المنزل آمنا بحمد الله ، ووصلت بالسلامة دون أن أشهد أي تجمعات خطيرة للمياه ، ولم أسمع في نشرة الأخبار عن أية مشاكل في مواقع أخرى من المدينة . يبدو أن الرياض قد نجحت في الاختبار حتى الآن ، فكم الأمطار الذي هطل عليها منذ يوم الجمعة يزيد بكثير عن الأمطار التي أغرقت جدة في ساعتين اثنتين فقط . حسنا ، لا أظن أن الرياض أو جدة أو أية مدينة أخرى يمكن أن تشهد كوارث مثل التي عاشتها اليابان ، وأرجو ألا يكتب الله مثل هذا اليوم ، وإلا فإن أيا من مدننا لن تصمد كما صمدت اليابان مع كل ما أصابها من دمار ، وهي التي تتمتع بمستوى متقدم من التجهيز والاستعداد لمثل هذه الكوارث .

السبت، 12 مارس 2011

اليوم السادس والأربعون

أخي المهندس حمزة العطاس أسعدني اليوم بدعوة كريمة أنا وصديقنا المهندس صلاح الحمود لزيارة مشروع درة الرياض الذي يديره ويشرف على تنفيذه . درة الرياض لمن لا يعرفها هي أول مشروع لبيئة سكنية حدائقية مغلقة في مدينة الرياض، وقد تكون أول بيئة سكنية مغلقة موجهة لسكن السعوديين ، فالمجمعات السكنية المغلقة في بلادنا غالبا ما تكون حكرا على الأجانب ، وكأن السعوديين لا يحق لهم التمتع بمثل ما بهذه المجمعات من خصوصية ومميزات لا نجد مثيلا لها في أحيائنا السكنية . وبالطبع ، فإن هذا المشروع لا يمت بصلة إلى طبقة العموم ، إذ أن وحداته لا تقل مساحاتها عن 1000 متر مربع ، وأسعارها تتجاوز حدود تعريف المسكن الميسر التي حددتها البنوك السعودية ، وهي بذلك بيئة مخصصة للنخبة والمقتدرين من أفراد المجتمع . ومن هذا الجانب فقد أصابتني الزيارة بشيء من الحسرة كون العبد لله لا ينتمي إلى هذه الفئة ، بل إلى الطبقة الكادحة محددودة التطلعات . ولا أظن أخي حمزة كان طامعا من هذه الدعوة أن يخرج بصفقة لبيع شيء من وحدات المشروع لزواره الثقلاء . عندما انتهت الزيارة وبينما كنت أقود سيارتي في طريق العودة الطويل من موقع المشروع النائي ، اعتملت في ذهني عاصفة التساؤلات التي لا أعرف كيف أتخلص منها . خاصة وأنها تنطلق هذه المرة من مقارنة غير عادلة بين هذا المشروع وأحيائنا السكنية التي نقطنها ، فلماذا لا تكون الأحياء كلها مثل هذا الحي ، ولماذا كل أحيائنا محاطة ببحور أسفلتية لا مكان للخضرة فيها ، ولماذا كل أحيائنا نمطية التخطيط متعامدة الطرق والشوارع ، ولا مكان للمشاة فيها ؟ . لماذا نضطر دوما إلى استخدام السيارة في أبسط المشاوير ، سواء في رحلة إلى المسجد ، أو لمحل البقالة في الحارة ؟ . وإن أصر أحدنا على المشي بين أكوام السيارات الموقفة على جانبي الطرق ، فكيف له أن يتخلص من معاناة صناديق النفايات المتناثرة على جنبات الطرق وهي تفيض بمحتواها بعبث من قطط الشارع ؟ . الرياض وكل المدن السعودية أحرى بأن تكون كل أحيائها دررا يعيش فيها سكانها حياة كريمة ، بدل أن يكون لكل مدينة درة فريدة يختص بها النخبة دون غيرهم من عامة الناس .

الجمعة، 11 مارس 2011

اليوم الخامس والأربعون

يوم الجمعة يكون يوما هادئا في العادة ، وبرنامج الجمعة يبدأ عادة بعد الصلاة بالخروج مع الأسرة لتناول الغداء في أحد المطاعم أو المراكز التجارية . اليوم أصابنا التردد في الخروج في ظل المخاوف من المظاهرات التي دار الحديث حول انطلاقها بعد الصلاة . قررنا في النهاية الخروج كالمعتاد وتجاهل هذه المخاوف ، وجدنا الطرق خالية تقريبا من المارة ، والمطعم الذي اخترنا الذهاب إليه لم يكن فيه سوانا وعائلة أخرى ، مع أنه في العادة يكون مزدحما لدرجة أن مدة الانتظار تزيد على نصف الساعة . عدنا إلى المنزل ولم يحصل شيء حتى الآن ، ولكن لاحظنا تزايد جولات طائرات الهليكوبتر في سماء المدينة ، فبدا أن الأحداث تأجلت إلى ما بعد صلاة العصر . أيضا لم يحصل شيء ، واقتربت صلاة المغرب ، حينها بدأت السماء ترعد وتزمجر برعد مخيف وريح عاتية . بعد المغرب انسكب المطر منهملا بشكل غريب ، لم أر مثل هذا المطر منذ فترة طويلة ، ولم أر مثل حبات البرد هذه وقد أحالت أرض الحديقة ووشوارع الحي إلى بساط أبيض ذكرني بأجواء باريس في شتاء العام الماضي . أكيد طبعا أن هذه الأمطار أحالت احتمال انطلاق المظاهرات إلى سراب . وبقدر ما كان منظر المطر وحبات البرد ممتعا بجماله الأخاذ ، ومع أني قاومت وعكة البرد التي أصابتني يوم أمس وخرجت أؤنس ناظري بهذا المنظر ، بقدر ما عصف بذهني سؤال محير . السؤال هو ، هل تصادف هطول هذه الأمطار بهذا الكم والكيف ، وبكل كم البرد الذي كان لا يمكن لأحد أن يقف تحته ، هل تصادف مع التوقيت المحدد لانطلاق المظاهرات ، أم أنها كانت هبة من هبات الله عز وجل ، أراد أن يغسل بها نفوس الناس ، ويزيح بها ما سيطر عليهم من خوف ؟ . الشيء الوحيد الذي أخشاه أن يستخدم أحد هذا المطر ليشيع شعورا بأن أحدا ما تحت الحماية الإلهية ، وأن يفسر هذه الصدفة على أنها معجزة ذات دلالة ، وأن تكون أمطار اليوم مبررا لتجاهل المطالب التي عبر عنها الناس بكل طبقاتهم ، سواء كانو من دعاة التظاهر أم من معارضيه . المشكلة أن لا أحد يمكنه أن يعتمد على تقديرات وتوقعات مصلحة الأرصاد ، وإلا لكان دعاة التظاهر اختارو لهم يوما آخر غير هذا اليوم المطير .

الخميس، 10 مارس 2011

اليوم الرابع والأربعون

مدينة الرياض عاشت اليوم عاصفتين ، عاصفة ترابية مزعجة هبت بعد مغرب اليوم مصحوبة بأمطار متقطعة أحالت الطرق إلى منزلقات طينية ، وخلقت مورد رزق لمغاسل السيارات التي تغطت بالأتربة . هذه العاصفة زاد وقعها وأثرها مع المشروعات المتعددة المتباطئة التي تشهدها المدينة ، وخاصة طريق الملك عبد الله ، الذي أثارت العاصفة أكوام الأتربة المتكدسة فيه ، والتي لا أدري ما الذي يؤخر أزالتها وترحيلها من موقع العمل . العاصفة الأخرى عاصفة نفسية ، أثارها منظر سيارات الشرطة وعربات تضم أفرادا يبدو أنهم من الجيش وقد انتشرت في تقطاعات الطرق الهامة وبعض المواقع الحساسة ، فيما يبدو أنه تحرك استباقي واحترازي ليوم الجمعة الذي أصبح موضوعا لحديث الناس ، والذي تم تحديده من قبل شباب الفيس بوك لتنظيم مظاهرات وتحركات احتجاج واعتراض حاشدة . مشهد عربات الأمن أثار الخوف لدى الناس من أن هذه الدعوات يبدو أنها دعوات حقيقية ، وإلا لما تحرك الأمن بهذه الصورة . هذا المشهد وحالة الرعب التي خلقها أثارا موجة من التسابق من الناس على الأسواق ليتمكنو من شراء ما قد يحتاجون إليه من تموين احتياطا لما قد تسفر عنه الأمور من تطورات ، خاصة وأن هناك من يتحدث عن حظر للتجول سيتم فرضه بعد صلاة جمعة الغد . إذن ، هو يوم كئيب في عاصمة الوطن ، وإن كنا قد تعودنا على العواصف الترابية في مدينتنا الصحراوية ، فإن عواصف الفوضى الأمنية لم نعشها يوما ، حتى في أحلك أيام الهجوم الصاروخي العراقي على الرياض إبان حرب الخليج الثانية . كل ما أرجوه أن تنتهي كل العواصف على خير ، وأن يكتب الله لنا جميع الأمن والأمان ، وأن يمر يوم الجمعة على خير ، إذ لا أحد يريد أن يرى ما نراه على شاشات القنوات الفضائية واقعا نعيشه في حياتنا اليومية .

الأربعاء، 9 مارس 2011

اليوم الثالث والأربعون

كنت اليوم حاضرا في جلسة المؤتمر الذي نظمته الجمعية السعودية للهندسة المدنية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة حول قضية الإسكان ، وهو المؤتمر الذي تحدثت فيه أمس عن جانب من هذه القضية . جلسة اليوم تضمنت حديثا لمدير عام فرع صندوق التنمية العقاري بجدة ، وكعادتي التي لم أتمكن من التخلص منها بعد ، وجدتني في نهاية الجلسة أطرح وجهة نظري الناقدة لكل هيكل الصندوق وآلياته وتوجهاته ، مع أني سعيت إلى تحجيم حدة هذا الطرح نظرا لتقديري الشخصي لأخي حسين الزهراني مدير فرع الصندوق بجدة ، ولعلمي الأكيد بأنه يتفق معي في معظم وجهات نظري حول هذا الموضوع . بعد الجلسة وصلتني على هاتفي الجوال رسالة من موقع جريدة الاقتصادية يفيد بصدور دفعة جديدة من قروض الصندوق . أغلقت الرسالة وأكملت طريقي إلى المنزل ، وحين وصلت تناولت جهاز حاسوبي المحمول لأستعرض بريدي الإلكتروني وأطلع على المواقع الإلكترونية للصحف اليومية كالمعتاد . وحين فتحت صفحة جريدة الاقتصادية وجدت الخبر متصدرا الشاشة ، فنقرت الرابط ، وصرت أستعرض أسماء من شملتهم هذه الدفعة من قروض الصندوق ، فوجدت اسمي بين الأسماء . أصابني حينها شعوران متناقضان ، شعور بالفرح لانتهاء مدة الانتظار التي طالت لمدة خمسة عشر عاما كاملة ، وفرحة الإحباط من أن القرض لن يكون إلا حبرا على ورق ، فلا أرض لي لأبنيها ، ولا يعقل أن أرهن منزلي الذي أسكنه لأحصل على القرض ، ولمدة خمسة وعشرين عاما . على أي حال ، لا أريد أن يعتقد أحد أن حصولي على القرض سيكون سببا لتغير وجهة نظري حول الصندوق ، وسأظل مقتنعا ورافعا راية المناداة بما أدعو إليه من تطوير في آليات الصندوق وسياساته . فأنا لا أريد لأبنائي أن يطول انتظارهم كما طال انتظاري ، بل أريد لهم كما قال أحد البسطاء ... وطنا في وطنهم .

الثلاثاء، 8 مارس 2011

اليوم الثاني والأربعون

عندما تحدث د. إبراهيم العساف وزير المالية بداية الأسبوع عن سوق الأسهم السعودي جاء حديثه منقذا للسوق من موجة السقوط التي أحاقت به على مدى اليومين السابقين ، والتي خسر فيهما السوق حوالي ثمن قيمته . هذا الأمر يدل ويؤكد على حساسية السوق للتصريحات التي تصدر عن مسئولين مؤثرين ومنهم بالطبع وزير المالية ومحافظ مؤسسة النقد ومن في حكمهما . تصريح الوزير الذي كان هدفه إنقاذ السوق أمر مفهوم ، ولو أن أثره لم يكن فاعلا على المدى الطويل ، فالمعالجة لم تتجاوز سوى اليوم التالي للتصريح ، وعاد السوق إلى ركوده في الأيام التالية . ولكن المشكلة أن تصريحه تضمن اعترافا صريحا بأنه يستثمر مدخراته الشخصية في سوق الأسهم السعودي . منذ ذلك اليوم الذي سمعت فيه ذلك التصريح أصابتني الدهشة والاستغراب من هذه الجرأة من هكذا مسؤول . فكيف يمكن لمسئول ما يملك كل السلطة في التأثير على سوق ما ، ويملك كل السلطة في الحصول على أية معلومات عن هذا السوق وما يمكن أن يؤثر فيه سلبا أو إيجابا ، ويملك فوق ذلك كل السلطة للتأثير على كل اللاعبين الرئيسيين في هذا السوق ، أن يعترف هكذا بكل بساطة بأنه يستثمر مدخراته الشخصية في هذا السوق ؟؟؟؟؟ . أمر عجيب والله ، ولكن مثل هذه العجائب لا تحصل إلا في عالمنا العربي . المشكلة ، أنني لم أجد أو أقرأ أو أسمع أحدا في أي صحيفة أو وسيلة إعلامية انتقد الوزير حول هذه الفعلة ، فهل هو أمر اعتيادي ؟ هل أبالغ في تقدير خطر هذا الحدث ؟ لست أدري . المشكلة ، أن هذا الواقع يبرر الكثير من الأفعال والتصرفات التي يمكن قياسها على هذا المثل ، وبناء عليه ، فإنه لا يمكن لوم أي مسئول في اي بلدية على الاستفادة من المعلومات التي يمكن له الاطلاع عليها حول أوضاع الأراضي  والمشروعات مثلا ، ومثل ذلك لا يمكن لوم أي مسئول في هيئة السياحة على الاستفادة من المعلومات التي يمكن له الاطلاع عليها حول أي من التشريعات والتنظيمات أو المشاريع التي تقوم عليها الهيئة ، وهلم جرا . أليست هذه قمة الفساد يا عالم ؟؟؟؟ .

الاثنين، 7 مارس 2011

اليوم الحادي والأربعون

جدة غير . الشعار الذي أصبح ملتصقا بهذه المدينة . أزورها من وقت لآخر ، ولكن هذه الزيارة تختلف عن سابقاتها ، فهي أول زيارة بعد كارثة السيول الأخيرة ، وأول مرة أشهد في طرقها هذا الدمار وهذا الطفح في المجاري وهذا الكم من البعوض الذي أثقلته دماء الضحايا عن الطيران ، وأول زيارة يكتب لي فيها أن أدخل مبنى الأمانة الشامخ على الكورنيش ، وأغوص في أروقة البيروقراطية المتأصلة في هذا الجهاز ، وأول مرة أتلمس الفساد الإداري بهذا الكم الممجوج ، وأول مرة أشعر بمعاناة حقيقية لمواطن يسعى بجد ليجد أرضا سكنية مناسبة بسعر مناسب ، وأول مرة أسمع عن هذه الأرقام الفلكية لأسعار الأراضي . في الرياض يصيبنا الرعب حين نسمع عن أراض ضربت أسعارها حد الثلاثة آلاف ريال للمتر المريع الواحد ، وفي جدة هذا الرقم هو رقم معتاد ، فالأسعار أصابت سقف الأربعة والخمسة آلاف . مساكين هم سكان هذه المدينة ، فكأنما لا يكفيهم ما بالمدينة من مشاكل متراكمة على مر السنين حتى يصيبهم هذا الدمار النفسي بهذه الأعباء المتراكمة . كنت فيما مضى أزور جدة أيام الدراسة الجامعية فأرى في جدة نموذجا لمدينة جميلة مقارنة بالرياض ، مدينة نظيفة متناسقة ، مدينة تتمتع بكورنيش جميل راق ، مدينة يتمتع سكانها بذوق راق عمراني راق إلى جانب الذوق الراقي في التعامل المتحضر . جدة الآن فعلا غير مقارنة بما كانت عليه في تلك الفترة ، ومقارنة بكثير من مدن المملكة التي تجاوزتها في الرقي والتحضر . لم أحس بالأسى على جدة مثل هذه المرة ، والمشكلة أنني أحسست في أهلها الإحباط واليأس من أن تعود جدة كما كانت . الأمانة رفعت شعار الأمانة ، ولكن واقع الحال لا يقول ذلك ، بل إنك تبحث عن الأمانة في أروقة الأمانة فلا تجدها إلا في أعين موظف قديم على وشك التقاعد يأسى على أيام خلت . فهل لجدة من منقذ يعيدها عروسا كما كانت ؟

الأحد، 6 مارس 2011

اليوم الأربعون

أكتب هذه السطور من على متن إحدى طائرات الخطوط السعودية . رحلتنا من المفترض أن تغادر إلى جدة ، ومر علينا حتى الآن في الطائرة حوالي الساعتين دون أن تقلع الطائرة . بعد مرور نصف ساعة على موعد إقلاع الطائرة الأصلي ، وبعد أن بدأت أصوات الركاب تتعالى بالتساؤلات عن سبب تأخير الرحلة ، تفضل قائد الطائرة بإبلاغنا بأن أحد موظفي العمليات الأرضية أصاب أحد أبواب غرف الحقائب أثناء إغلاقه ، وبأن فريق الصيانة قد هب للتعامل مع هذه الحالة ، وبأنه سيتم إبلاغنا بالموقف خلال خمسة دقائق . مرت ثلث ساعة قبل أن يبلغنا قائد الطائرة بأن العطل لا يمكن إصلاحه وبأنه تقرر تغيير الطائرة . مرت ربع ساعة أخرى والركاب واقفون في ممرات الطائرة حاملين حقائبهم ينتظرون فتح أبواب الطائرة للمغادرة ، بعدها أعلن قائد الطائرة بأنه قد تم اتخاذ القرار بإصلاح العطل وستغادر الرحلة فور إتمام ذلك . حتى يحصل ذلك تكون قد مرت أكثر من ثلاث ساعات من التأخير ، وأنا أرى في الرحلة أطفالا أثقلو أكتاف أمهاتهم ، وشيوخا أتعبهم المشي ذهابا وروحة في ممرات الطائرة . هذا النمط في الخلل الإداري وتجاهل الركاب في الخطوط السعودية أصبح مألوفا وممجوجا في نفس الوقت . وإلى أن تتحول هذه المؤسسة إلى الخصخصة الكاملة فلن يتغير هذا النمط . ما أرجوه ألا تنتهي الخصخصة عند بيع الشركات لمستثمرين بأعينهم وفق ترتيبات مسبقة كما تم في شركة التموين ، ولكن أن تتعداها إلى خصخصة فكر المسئولين والموظفين فيها . وإن تحقق ذلك فربما يكون لنا يوما أن نشهد من الخطوط معاملة حسنة ، أو على الأقل كوبا من القهوة مصحوبا بابتسامة من مضيف الطائرة في مثل هذه الحالات من التأخير الطارئ المتكرر .