التجميل

الاثنين، 18 يوليو 2011

اليوم 174

عمان الأردنية مزدحمة عن بكرة أبيها فيما يبدو أنه أثر مباشر لكونها إحدى المحطات القليلة التي لا زال بإمكانها استقطاب السياح في هذه المنطقة التي تغلي بتحركات الربيع العربي . عندما وصلت إلي هذه المدينة يوم أمس كنت محملا بشيء من المخاوف من تلك الأخبار التي تناولتها القنوات الفضائية المعروفة عن أحداث الاعتصامات التي شهدتها المدينة والمصادمات التي شهدتها مع الأجهزة الأمنية . بينما كنت أتجول اليوم في المدينة لم ألحظ فيها أية علامات لأي من تلك المصادمات والأحداث التي تناقلتها وسائل الإعلام . سألت سائق سيارة الأجرة التي أقلتني في تلك الجولة عن تلك الأخبار فقال ببساطة رجل الشارع أن لا شيء مما تحدثت عنه وسائل الإعلام وقع في الحقيقة ، وأن كل تلك الاعتصامات لم تتعد تجمعا لأكثر من مائتي شخص على الأكثر ، وانفض حالما تدخلت أجهزة الأمن دون كثير من الصخب . مساء اليوم ، وبعد أن قابلت عددا كبيرا من المهندسين المرشحين للانضمام إلى فريق العمل بالمكتب ، التقيت بسيدة كريمة تنتسب إلى إحدى عوائل الأردن العريقة ، وتملك رصيدا كبيرا من الخبرات المهنية في العمران والتنمية العقارية اكتسبتها من عملها في عدد من الشركات العقارية الإماراتية قبل أن تنهار أحلام تلك الشركات مع عواصف الأزمة المالية العالمية . هذه السيدة قدمت رؤيتها لأحداث الربيع العربي ، ورأت أنها تأتي بتوجيه وقيادة من جهات أمريكية الانتماء والولاء ، وتحقق بالضرورة مصالح صهيونية . لم أفهم كيف أن إسقاط الرئيس المصري السابق مثلا يحقق مصلحة صهيونية ، في الوقت الذي لا يمكن أن تجد الصهيونية مثله لحماية مصالحها ، وما يمكن أن يوقعه سقوطه من ضرر عليها . ولم أفهم كيف تستطيع أمريكا وإسرائيل تحريك تلك الشعوب بهذا الشكل . أعتقد أن هذه الرؤية تحمل شيئا من التحجيم لقدرات الشعوب العربية ، وتحولها إلى أداة في يد الأمريكان والصهاينة ، وهو ما أرى أنه يقلل من شأن هذه الشعوب وما حققوه من وجهة نظرهم من تغيير . تذكرت ذلك الحديث الذي أدلى به الأمير تركي الفيصل قبل عدة أيام في أحد المؤتمرات المنعقدة في بريطانيا ، والذي قال فيه أن الربيع العربي ما هو إلا حمام دم . وبين الموقفين وجدت أن الحكم على هذه الأحداث بأي من المنطقين لا يقارب الصواب . والأهم أن هذا التغيير إنما فرض نفسه من واقع معاناة الشعوب قبل أن يكون موجها من جهات أمريكية أو صهيونية الانتماء . وفي المقابل فإنه لن يكون بالضرورة حمام دم كما قال الأمير . وحتى لو كان كذلك فإن هذا الدم ربما يكون ضرورة لتحقيق هذا التغيير .

هناك تعليق واحد: