التجميل

الأحد، 24 يوليو 2011

اليوم 180

وسائل الإعلام تتناقل يوميا شيئا من الأخبار الغريبة والطريفة ، وبعضها ينحدر إلى درجة السخف والإسفاف كتلك الأخبار التي نراها أحيانا عن إنتاج أكبر حبة بطاطس في مزرعة بتبوك أو نفوق سلحفاة في شواطيء ساحل العاج . ولسبب ما ، تكاثرت أمام ناظري مثل هذه الأخبار هذا اليوم ، والتي شملت افتتاح أكبر مصنع للكافيار في العالم في دبي ، وأول منتجع في العالم للسيارات أيضا في دبي ، وبدأ تطبيق نظام التأمين الصحي على الحيوانات في أمريكا وبعض دول أوروبا ، وتنظيم مسابقة ملكة جمال الماعز في الأردن . والمرء يستمريء الأخبار الطريفة من منطلق الحاجة إلى ترويح النفس ساعة بعد ساعة . ولكن أخبار اليوم على وجه الخصوص جلبت لي الكآبة بعد يوم كانت أحداثه تدعو إلى التفاؤل بوجه عام . ودبي كانت على الدوام تسعى لأن تكون علامة بارزة في الإعلام العالمي ، وما تلك الطفرة العمرانية الهائلة التي أغرقت الإمارة في بحر من الديون ، ولا ذلك السباق والتطاول في البنيان الذي يذكرنا بقرب قيام الساعة إلا بعضا من أوجه تلك السياسة التي تبنتها حكومة الإمارة . ولكن أخبار اليوم كانت بحق إمعانا في الإسفاف والابتذال في هذا السباق المحموم . والأسوأ من ذلك خبر تنظيم مسابقة جمال الماعز في بلد مثل الأردن الذي لا يتمتع بتلك الثروات المالية الفائضة كما هو الحال في دبي . المضحك المبكي في آن واحد معا ، أن هذه الأخبار التي تبرز تفاهة الإنسان وقدرته على إهدار المال في مجالات لا تعدو أن تكون حتى من الكماليات جاءت تالية لتلك الأخبار التي عرضتها ذات وسائل الإعلام عن الأزمة الغذائية التي تضرب الصومال ، والتي أعادت إلى الذاكرة صور أطفال المجاعة وضحايا الحروب والكوارث في أماكن شتى من أصقاع العالم . صرت أتساءل حينها ، قيمة ترفيه سيارة فارهة في منتجع سيارات دبي التي تبلغ 35.000 درهم ، كم طفلا يمكن أن تنقذ من أطفال الصومال . وميزانية التأمين الصحي على حيوانات أمريكا التي تزيد على 350 مليون دولار ، كم عائلة يمكن أن تؤوي وتعيل من عوائل المشردين في مناطق الكوارث في أفريقيا وآسيا . الأكيد أن مثل هذه التناقضات في تصرفات البشر كانت تحدث على الدوام منذ قديم الأزل . ولكن الغريب أنها تحصل تحت أعين وكاميرات وسائل الإعلام بما يجعلها أكثر فظاعة وأشد وطأة . ولكن يبدو أن أولئك المترفين الذين يشكلون موضوعات أخبار مثل أخبار اليوم هم أكثر انشغالا بشئون حياتهم المترفة من أن يسمعو أو يتأثرو بذلك النوع الآخر من أخبار الكوارث ومصائب الناس ، وإلا لأصابهم على الأقل شيء من الخجل من استعراض هذا الترف المقيت عبر وسائل الإعلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق