التجميل

الجمعة، 8 يوليو 2011

اليوم 164

ذهبنا اليوم إلى حديقة أطلانطس المائية التي تشكل جزء من فندق يحمل هذا الاسم في إحدى نخلات دبي الثلاث . هذه هي المرة الأولى التي نذهب فيها إلى هذا المكان مع أنه افتتح قبل حوالي خمس سنوات وجذب إليه كثيرا من الانتباه والاهتمام من زوار هذه المدينة . الحديقة مكان جميل لقضاء يوم أسري ممتع نفتقر إلى مثله في بلدي ، كون مثل هذه الأنشطة الأسرية غالبا ما تقع في تصنيف الاختلاط المحرم في وجهة النظر الرسمية وشبه الرسمية . ومع أن الحر كان خانقا ، إلا أن الناس وجدو ضالتهم في تلك الألعاب المائية لتخفف شيئا من لهيب الجو المستعر . ولأن الناس في دبي يمارسون حياتهم كل كما يحلو له ، فقد كانت السيدات يرتدين أشكالا مختلفة من ملابس السباحة بين الفاضح والساتر ، والكل يستمتع بالمكان جنبا إلى جنب دون أن يرمق أحد الآخر بتلك النظرات النارية . المنظر اللافت بالنسبة لي على الأقل كان منظر السعوديين رجالا ونساء الذين كانو يجوبون المكان بالملابس الرسمية الكاملة . ومع أن النساء السعوديات المحافظات معذورات في ارتداء العباءة السوداء بالرغم من ذلك الحر الخانق ، إلا أن منظر الرجال السعوديين الذين يرتدون الثوب والغترة والعقال وكأن أحدهم في دوام رسمي كان محل تساؤل بالنسبة لي على الأقل . هذا المشهد أراه كثيرا حتى في السعودية ، وأتساءل دوما عن هذه الحساسية في ارتداء ملابس خفيفة وبسيطة في أوقات وأماكن لا تتطلب الظهور بهذا الشكل الرسمي . كنت دوما ألاحظ أن تغطية الرأس بالنسبة للرجال أمر حتمي ، حتى أن بعضهم يذهب إلى المسحد وهو يلبس ثوب المنزل الملون ، ويعتمر غترته فوقها في شكل غريب . تذكرت ذلك الحوار الذي دار مع أحد الأصدقاء قبل فترة ، وكيف أنه يتحرج من الخروج مع أبنائه لممارسة الرياضة أو السباحة لكي لا يراه أحد بمظهر يعتبره مخلا بمكانته كرجل أعمال بارز . أحسست تجاهه وتجاه أبنائه بالشفقة ، وكذلك تجاه كل أولئك السعوديين الذين يكبلون أنفسهم في حدود المظهر وليس الجوهر ، ويحرمون أنفسهم وأبناءهم أبسط متع الحياة . المشكلة أيضا أن هؤلاء الناس يسرعون بالحكم على الآخرين من خلال مظهرهم وملبسهم ، وكثيرا ما كنت أخرج في مشاوير خاصة غير رسمية ، أو للنزهة مع أسرتي ، وأنا أرتدي قميصا وبنطلونا ، وأواجه تلك النظرات وذلك التعامل من الآخرين على أني غير سعودي . ومن ذلك كان ذلك الموقف المتكرر من رجال أمن حي السفارات الذين أقابلهم عندما أذهب بهذا اللباس مع أسرتي لقضاء وقت في أحد حدائقها أو ساحاتها العامة ، إذ كان السؤال دوما يأتي بطلب تصريح الإقامة وليس الهوية الوطنية ، بافتراض مسبق أنني لست سعوديا ما دمت أرتدي هذا اللباس . وعلى أية حال ، فإن هذا المسلك ليس إلا حالة من حالات السطحية التي تسيطر على تعامل الناس مع بعضهم البعض ، مثلها في ذلك مثل حالات التقييم القائم على طول اللحية أو لون البشرة وغير ذلك من معايير التقييم التي تعتمد المظهر وليس المخبر وسيلة لتقييم الناس والحكم عليهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق