التجميل

الجمعة، 29 يوليو 2011

اليوم 185

التجارب التي يعيشها المرء مع الناس في بلد ما تخلق انطباعات عن أهل ذلك البلد . ومع ذلك فإن من الخطأ تعميم تلك الانطباعات على كل أهل ذلك البلد ، كون الناس تختلف مشاربهم وطباعهم وأخلاقهم في البلد الواحد . هذه الفكرة واتتني استنادا إلى تجربتين مختلفتين عشتهما مع شخصين مختلفين في دوحة قطر. الأولى كانت عندما وصلت إلى مطار الدوحة قبل يومين ، وتوقفت أمام جهاز صراف إلكتروني لسحب بعض النقود ، حيث غفلت عن سحب بطاقتي بعد أن استلمت النقود . وعندما خرجت من الصالة تذكرت البطاقة ، فعدت إلى صالة القدوم ، واستأذنت من أحد موظفي الصالة لأرى إن كان لي أن أسترد البطاقة من الجهاز . لم أجد البطاقة بالطبع بعد أن سحبها الجهاز ، فخرجت لأتم إجراءات إيجار السيارة . بعد قليل وجدت ذلك الموظف وهو يمد يده لي حاملأ بعض المال ظنا منه أنني لا أملك حلا آخر . شكرته بحرارة واعتذرت عن قبول المبلغ ، وأبلغته بأنني أحمل بطاقة أخرى لبنك آخر ، فغادر مبتعدا بعد أن رفض حتى أن يعرفني بنفسه . التجربة الثانية حدثت اليوم ، فبينما كنت في صالة الفندق الذي أقيم فيه بصحبة زوجتي مررت بشخص جالس مع عائلته ، ورنت في أذني تلك الكلمة النابية التي تصفأحدا ما بالحيوان . أحسست أن الكلمة كانت موجهة لي ، فالتفت إلى مصدرها ، فوجدته وعائلته يرمقونني بنظرة غاضبة . لم أعرف ما سبب تلك الهجمة ، ولم أطق السكوت وتمرير الموقف ، وانتهزت فرصة قيامه بعيدا عن عائلته وبادرته بالحديث سائلا عن ما دفعه إلى شتمي ، وما إذا كان قد وقع مني ما أزعجه دون قصد . الغريب أنه تمادى في الهجوم ، ورفض الحديث معي بحجة أنه لا يعرفني ، حتى أنه أدار ظهره بشكل زادني انزعاجا . سألته إن كان من أهل البلد  فأجاب بالتأكيد ، فقلت له أنني ضيف من السعودية ، ولا أريد أن أكون قد أغضبت أحدا دون قصد إلى درجة الشتم والإهانة . نفي هذا السيد ما حصل ، وأكد أنه لا يعرف عما أتحدث . تركته ذاهبا إلى حيث كانت زوجتي تجلس في ردهة الفندق ، بينما كان هو وأسرته يرمقوننا بتلك النظرات الحارقة . وبين الموقفين ، شهدت كم التباين بين أخلاق الناس وتصرفاتهم في بلد واحد صغير مثل قطر . وهو تباين مفهوم وطبيعي في كل الشعوب ، إلا أنني وجدته تباينا صارخا ملأني بالحيرة حيال موقفي من أهل هذا البلد الذي كنا دوما نشعر بأنه يتعامل مع الشعب السعودي من منطلق المنافسة السياسية والاقتصادية التي رفعت حكومته رايتها في عهدها الجديد . وعلى أي حال ، فإنني سأظل ممتنا لذلك الأخ الكريم الذي صادفته في المطار ، والذي أرجو أن يكون نموذجا لكل أهل قطر والسعودية وكل البلاد العربية والإسلامية بذلك الخلق الكريم .

هناك تعليق واحد:

  1. زياد بريجاوي30 يوليو 2011 في 12:36 م

    يومياتك ممتعة لي في أمسياتي , أصبحت مدمناً لقراءتها , لاتقطعنا بعدين.
    تحياتي

    ردحذف