التجميل

السبت، 9 يوليو 2011

اليوم 165

عدنا إلى الرياض من إجازتنا القصيرة . الوصول إلى مطار الرياض يعطي الزائر والمقيم كثيرا من الانطباعات السلبية عن هذا البلد وأهله ، بدءا من طوابير المصطفين أمام مكاتب الجوازات ، ومرورا بالقاعات المزدحمة التي يغلب عليها فقدان التنظيم ، ووجوه العاملين في المطار التي غالبا ما تعلوها تلك السحنة الغاضبة ، وانتهاء بفوضى السيارات المتكدسة أمام بوابة المطار ، وأولئك الذين يعرضون خدمات التوصيل غير النظامية بمن فيهم السعوديون والأجانب . بعد عبور مكاتب الجوازات بعد طول انتظار فاقمه وصول عدد من الطائرات في وقت واحد من دبي وباريس والخرطوم واسطنبول وعمان وربما غيرها أيضا ، عشت ذلك الموقف المعتاد مع وصول الحقائب ، إذ أن اللوحات التي تعلو المسارات الأربعة اليتيمة في صالة الوصول الدولي لم يعلن أي منها عن رحلة دبي التي أتينا عليها ، وصرنا نذرع الصالة ذهابا وجيئة نسأل الموظفين والعمال عن المسار المخصص لرحلتنا . وأنا لا أدري إن كان تعديل المعلومات على تلك الرحلات أمرا بالغ الصعوبة حتى تكون هذه الحالة بهذا التكرار والنمطية . بعد أن جمعنا حقائبنا وقفنا مرة أخرى في طابور الجمارك ، ومع وجود خمسة أجهزة في الصالة إلا أن جهازين فقط كانا في الخدمة ، ولا أدري إن كان السبب قلة موظفي الجمارك أم أن بقية الأجهزة عاطلة عن العمل . ولأن مزاج الجميع كان على المحك ، فقد حاولت أن أسيطر على انفعالي مع ذلك الشخص سوداني الجنسية الذي بادر باقتحام دوري ووضع حقائبه على الجهاز . قلت له ضاحكا أنك انتظرت ساعات طويلة للوصول فهل سيضرك أن تنتظر دقائق إضافية للحفاظ على الدور . رده جاء صادما عندما طلب مني أن لا أتفلسلف عليه ، وأن لا أحاول أن أكون كالخواجات ، محاولا تذكيري بعروبتنا الفوضوية . رده زاد من حرارة انفعالي ، ليس فقط لأنه جاء من ضيف يفترض به أن يكون أديبا في بلاد الغربة ، ولكن لأنني أحسست بأنني طعنت في أخلاق العروبة والإسلام عندما نسب النظام وحسن الخلق للخواجات دون غيرهم . خرجت من المطار لا ألوي على شيء ، وكأن الدنيا اسودت في وجهي فلم أر أولئك المستقبلين ولا السيارات المتكدسة أمام المطار ولا تلك التي تتسابق في الطرق . ثم تذكرت شيئا أعاد الهدوء إلى نفسي ، فلربما كان ذلك السوداني في حالة من الغضب المكبوت من انفصال قطعة من بلاده لتكون دولة جديدة ، فجاء حديثي معه سببا لانفجار كنت ضحيته دونما قصد . بهذا الخاطر هدأت نفسي وقدمت له العذر فيما فعل ، فأنا أيضا شعرت بالغبن وأنار أرى عالمنا العربي يتقلص هكذا دون أن ينبس أحد ببنت شفة .

هناك تعليق واحد:

  1. زياد بريجاوي10 يوليو 2011 في 11:00 ص

    حمداً لله على سلامتك أولاً , ودائماً العودة الى الوطن من المطار المزدحم جدأً هذه الأيام فهو يعتبر النقطة الأكثر ازدحاماً في الرياض حالياً ناهيك عن الغبار والحر الشديد الذي كان بانتظاركم.
    موضوع السودان وانقسامه وخسارة الجنوب منه أمر محزن وله أشجان ولكنه ليس وليد الساعة بل هو نتاج أخطاء سياسات الماضي المتعاقبة .
    وموضوع العصبية والتفلسف هو نتاج تربيتنا .
    موة ثانية أهلاً وسهلاص بك في مرابع الرياض وزقزقة عصافيرها وسماع صوت خرير مياه مجرى وادي حنيفة وهواءها العليل.
    تحياتي

    ردحذف