التجميل

الجمعة، 6 مايو 2011

اليوم 101

إلى أي درجة يمكن أن يصاب الإنسان بالإحباط ؟ . هذا السؤال يراودني بين الفينة والفينة وأنا أرى مشاهد الخلل المتعددة في حياتنا ومجتمعنا ، أو عندما أرى حالات من الشباب الذين يواجهون مصاعب وأعباء الحياة ويحفرون الصخر لترتيب أمور معيشتهم اليومية التي أصبحت أكبر همهم وانحصر طموحهم فيها . قد يقول قائل أن الانتحار هو أقصى حالات الإحباط ، ولكنني أعتقد أن هناك حالات أخرى من الانتحار بخلاف الانتحار الفعلي الذي هو قتل النفس . فالهروب من مواجهة المشكلات هو نوع من الانتحار ، وكذلك الاستسلام للأمر الواقع ، ومثله إغماض العين عن المشكلات والعيش كما لو أن الحياة كلها وردية لا مشاكل فيها ، والأسوأ هو الاقتناع بأن تلك المشاكل غير موجودة أو أن نراها إيجابية بعكس واقعها الأليم . هذه الفكرة سيطرت علي اليوم بعد نقاش مع أحد الإخوة الذين يتابعون هذه المدونة ، إذ وصف الأفكار التي أطرحها فيها بالسلبية والسوداوية . قلت له ، ماذا أفعل إن كانت حياتنا مليئة بالمشاكل ، أليست هذه الملاحظات والانتقادات التي أسجلها أمرا واقعا في حياتنا ؟ . ثم أن رؤيتي التي يغلب عليها النقد وتسجيل السلبيات لا أهدف من ورائها لتشويه الواقع أو إبراز سلبياته ، بقدر ما هي وسيلة لوضع اليد عليها كخطوة أولى في السعي إلى تصحيحها ومعالجتها . الناس بالعموم يتأرجحون بين التشاؤم الخانق والتفاؤل المفرط ، وكلاهما خطأ في وجهة نظري المتواضعة . فالتشاؤم يعطل الجهود ويكبل العزائم ، بينما التفاؤل يوقع الكسل والتخدير . والتوازن بينهما أمر مهم وحتمي إن كنا نريد التطور ، إذ لا يمكن أن يكون التطور إن لم نفهم ونقر بواقع مشكلاتنا من ناحية ، ونفهم كذلك إمكاناتنا وقدراتنا من ناحية أخرى ، ونرسم بهما طريقا للتصحيح والتطوير . الواقعية هي السلاح الذي نحتاجه لإدارة شئون حياتنا ، على أن تكون مدعومة بقناعة بأن التصحيح ممكن إن خلصت النوايا وشحذت الهمم . وعلى أي حال ، فإن حالنا اليوم هو بكل تأكيد أفضل منه قبل سنوات ، ونحن نعيش بالفعل كثيرا من التطور في مختلف المجالات . ولكن مقياس النجاح لا يبنى فقط بالمقارنة مع واقع الماضي ، ولا مع واقع الأمم الأخرى ، ولكن بما نملكه من إمكانات ، وهي كثيرة ومتعددة . ونحن نستحق فعلا أفضل مما نحن فيه ، وعلينا أن نسعى بلا كلل بروح ملؤها التفاؤل القائم على نظرة واقعية لطبيعة الأمور وحقيقة المشاكل .

هناك 3 تعليقات:

  1. زياد بريجاوي6 مايو 2011 في 11:18 م

    الموضوع جيد , ولكني حرصت على كتابة بعض الخواطر على مدونة المائة لأهميتها , سأعود لاحقاً للتعليق على هذا الموضوع لأهميته , تحياتي

    ردحذف
  2. يا إبن عثمان
    لم تترك مكانً للتعليق.
    فلقد حددت الداء و صفت الدواء.
    الشفافية مع النفس و الوقعية فى الرؤية و الجد فى العمل و البعد عن اليأس و النظر للأمام.
    لافض فوك .
    عصام كلثوم

    ردحذف
  3. ابو سلمان الحمود11 مايو 2011 في 4:47 ص

    نهاية جميلة يا ابا اسامة للمقالة (ولكن مقياس النجاح لا يبنى فقط بالمقارنة مع واقع الماضي ، ولا مع واقع الأمم الأخرى ، ولكن بما نملكه من إمكانات ، وهي كثيرة ومتعددة . ونحن نستحق فعلا أفضل مما نحن فيه ، وعلينا أن نسعى بلا كلل بروح ملؤها التفاؤل القائم على نظرة واقعية لطبيعة الأمور وحقيقة المشاكل)
    وفقك الله لما يحب ويرضى

    ردحذف