التجميل

الجمعة، 13 مايو 2011

اليوم 107


سمعت أن عددا من السيدات في محيط الأسرة على مدى الأيام الماضية قد خضن جولة من الإجراءات التجميلية التي أصبحت هاجسا لدى الكثيرات عبر عمليات النفخ والوشم والتصغير والتكبير والشد والرخي وأشياء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان . يراودني أحيانا شعور بالحسرة على اختياري مهنة العمارة والعمل الهندسي بدلا من مهنة طب التجميل الذي أصبح مرتادوها من أصحاب الأملاك والأموال والعيش الرغيد . ولكن ما زاد حسرتي هذه المرة أن هذه الجولة من لمسات التجميل كانت تتم بواسطة سيدة فلبينية الجنسية تعمل بشكل منفرد ولا تتبع أي صالون تجميل ولا مركزا طبيا ولا حتى بقالة . هذه السيدة كما علمت تتقاضى ما يتراوح بين 500 ريال و1500 ريال لكل إجراء تجميلي . وبحسبة بسيطة ، وجدت أن هذه السيدة تحقق دخلا يوميا لا يقل عن 5000 ريال ، هذا في غير أيام المناسبات والمواسم والحفلات والأعياد الرسمية والشعبية . وإذا استثنينا أيام عطلة نهاية الأسبوع فإن الدخل الشهري لهذه السيدة لا يقل عن 100000 ريال ، مع أني علمت أن هذه السيدة بالذات تمارس عملا إضافيا في عطلة نهاية الأسبوع تقوم فيه بإعطاء دروس في الموسيقى واللغة الإنجليزية ومهارات أخرى في إحدى المدارس بحي السفارات . ولأنني لا أحب الحسد ، وأؤمن أن الرزق على الله ، وأن رزق الهبل على المجانين ، فإنني أهنيء هذه السيدة على شطارتها وبراعتها . ولكنني في المقابل أتساءل بكل القهر ، كم يوجد في بلادنا مثل هذه السيدة ، وكم من الأموال التي يمتصونها يتم تحويلها إلى خارج الوطن ، وأين هم شباب وشابات الوطن من مثل هذا العمل الذي يدر عليهم هذا الدخل الرهيب ، فيما هم يسعون وراء وظائف لا تدر عليهم إلا مبالغ زهيدة من الدخل ، أو وراء برنامج حافز الذي تنظمه وزارة العمل لمنح معونة البطالة التي أقرها الملك . قبل أيام تداولت الأخبار أن عدد المسجلين في هذا البرنامج بلغ أكثر من ثلاثة ملايين مواطن ، وهو ما نفاه وزير العمل نفيا باتا . وإذا أخذنا بنفي الوزير وأخذنا من هذا الرقم ثلثه فقط ، فإن مليون عاطل من شباب وشابات الوطن يسعون وراء معونة الألفي ريال شهريا ستتكبد الدولة عليهم ملياري ريال شهريا ، فيما يقوم مثل هذه السيدة من العمالة الوافدة بتحقيق دخل يزيد بمراحل عن قيمة هذه المعونة ، وهو ما يقع أيضا في دائرة حسبنا الله ونعم الوكيل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق