التجميل

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

اليوم 248

تم اليوم إنجاز الانتخابات البلدية دون أن أتمكن من المشاركة فيها حيث استيقظت متأخرا بعد ليلة من ليالي الأرق المزعج التي فارقني فيها النوم حتى أن لاح ضوء النهار . بعد أن تناولت كوب القهوة المعتاد جلست لمشاهدة الأخبار على قناة العربية فإذا بها تورد تقريرا عن الانتخابات البلدية ومجمل أحداثها هذا اليوم . المشهد العام كان يؤكد عزوفا شعبيا عارما عن المشاركة في الانتخابات ، وكانت معظم الصور تبرز المراكز الانتخابية وهي خالية إلا من أعضاء اللجان الانتخابية . هذا العزوف أكد توقعاتي السابقة بعد تجربة أولى سلبية من عمر المجالس الانتخابية لم ير الناس منها أي جدوى على مدى ست سنوات من عمر التجربة . الغريب أن عملية الانتخاب كانت تتم بوسائل بدائية تستخدم البطاقات الورقية وصناديق جمع الأصوات ، وكأن اللجنة الانتخابية لم تكن تملك الوقت الكافي لتوظيف وسائل تقنية كتلك التي نراها في الأفلام ، إلا إن كانت تتوقع مسبقا هذا العزوف عن المشاركة في الانتخابات فلم تر أي جدوى من استثمار أية مبالغ في مثل تلك الأنظمة . تقرير قناة العربية أبرز أيضا ظاهرة التأثير القبلي في اختيار المرشحين خاصة في القرى والمدن الصغيرة . وأنا أضيف إلى ذلك أيضا أشكالا أخرى من التحزبات بما فيها التحزبات الدينية والعائلية ، وهو ما رأيته من تلك الرسائل التي كانت ترد إلى هاتفي الجوال على مدى الأيام الماضية تطلب اختيار مرشحين معينيين لشغل مقاعد المجالس البلدية . وعلى أية حال ، فإن المشكلة ليست في الانتخابات فحسب ، وأنا أحمل قناعة بأن الممارسات الديموقراطية لا تنتج على الدوام تشكيلات فاعلة خاصة في بلد مثل بلدنا لا يملك أهله أية ثقافة ديموقراطية . وأنا أتذكر دوما تجارب الانتخابات في هيئة المهندسين والغرف التجارية وتشكيلة المجالس التي أنتجتها بما يجعلني أشكك في هذا المسار من أساسه . المشكلة إذن هي في الصلاحيات الممنوحة للمجالس البلدية ، والتي تحجم من دورها الحقيقي كمؤسسات مدنية تفعل دور الشعب في الرقابة والمحاسبة والتفاعل الإيجابي . ولأن الناس كانو قد عاشو تجربة سلبية في الدورة الأولى من عمر المجالس البلدية ، فإنهم كانو سيعزفون بالتأكيد عن المشاركة في انتخابات الدورة الثانية إن هم لم يرو تطويرا جادا لاختصاصاتها والصلاحيات الممنوحة لها . وبعد أيام ستعلن أسماء الفائزين في هذه الانتخابات ، وستمر أربعة سنوات أخرى دون أن نلمس أثرا لوجود هذه المجالس على أرض الواقع . والأمل الآن هو أن تكون مشاركة المرأة في الدورة القادمة حافزا لبذل جهد ما لترتيب أوضاع هذه المجالس ، حتى ولو كان الدافع لذلك تحجيم دورها ووضعها وراء حواجز من جدران المباني والممارسات البيروقراطية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق