التجميل

الخميس، 15 سبتمبر 2011

اليوم 233

عطلة نهاية الأسبوع تمثل بالنسبة لي فرصة للراحة وكتابة المقال الأسبوعي وقضاء بعض الوقت مع أسرتي الصغيرة ، ولكنها أحيانا ما تصبح عبئا ثقيلا عندما أجد نفسي وحيدا لا أدري ما أفعل . مشكلتي الأزلية أن معظم علاقاتي هي من قبيل علاقات الزمالة وارتباطات العمل ولا تصل إلى مستوى الصداقة بمفهومها المألوف ، والقلة القليلة التي أجد نفسي منسجما معهم تفصل بيننا ارتباطاتنا العملية أحيانا والأسرية أحيانا أخرى . ومع أنني أجد متعتي الكبرى مع زوجتي وأبنائي إلا أنهم هم أيضا لهم حياتهم وصداقاتهم وعلاقاتهم التي لا أريد لهم أن يتجاهلوها ليبقو بجانبي ، فأنا لا أريدهم أن يكونو نسخة مني في هذا الجانب على الأقل . والرياض تتسم بهذا النمط الاجتماعي المنغلق الذي لا يتيح كثيرا من المجالات للترفيه العائلي ولا للعلاقات الأسرية المتبادلة ، ومعظم العلاقات هي من النمط الذي يفرض الفصل بين أفراد الأسرة ، فتجد الرجال يلتقون في المقاهي أو الاستراحات ، والنساء يلتقين في المقاهي أيضا أو المنازل ، والشباب يلتقون حول ألعاب الفيديو أو يتسكعون في الشوارع ، والأطفال ليس أمامهم إلا مدن الملاهي والمراكز الترفيهية . والمشكلة أنني لست من الصنف الذي يحبذ لقاءات المقاهي ولا الاستراحات ولا شلل البلوت . وعندما ياتي يوم مثل هذا اليوم الذي ينشغل فيه كل من أفراد أسرتي بارتباط مع أحد من محيطه أجدني وحيدا أقضي وقتي أتنقل بين قنوات التلفزيون وجهاز الكومبيوتر أكتب شيئا أو أقرأ شيئا آخر . زوجتي العزيزة رأفت بحالي هذا المساء ، فسألتني عن أصدقائي ولماذا لا أخرج لألتقيهم خارج المنزل بحثا عن شيء من الترويح عن النفس . أجبتها بأن كلا منهم له مشاغله وارتباطاته ، وحتى أولئك الذين حاولت التواصل معهم في مرات سابقة فدعوتهم إلى منزلي مثلا لم أجد منهم حرصا على تجديد تلك التجربة ، ولا لاستمرار التواصل بيننا . وعلى أية حال ، أنا لست منزعجا من هذا الواقع ، ومثل هذه الأوقات التي أبقى فيها منفردا تمثل فرصة للراحة وإنجاز شيء من شئوني الخاصة ، كما أنني اعتدت على هذا الأمر ، ولا أجد دافعا لتغييره بما يفرض عبئا على أحد . والشيء الآخر الذي لا تعلمه زوجتي العزيزة أنني أجد في هذه المدونة متسعا أشارك فيه الكثيرين ما أشعر به من أحاسيس وأفكار وهموم ، وأفرغ فيه ما أحمله من رؤى وأفكار . هذا الشعور الجميل يصطدم أحيانا بمواقف البعض مما أكتب ، خاصة وأن بعض المقربين يعدها خرقا لخصوصية العائلة والمجتمع الذي أعيش فيه ، مع أنني أحرص دوما على تسجيل مضمون تجاربي دون المساس بالأشخاص الذين تمسهم هذه التجارب أو كشف شخصياتهم . الشيء الذي لا يعلمه هؤلاء هو أنني أشعر أن كل قراء هذه المدونة هم أصدقائي دون أن أراهم أو ألتقي بهم ، وكلما زاد عدد هؤلاء القراء كلما شعرت أنني أصبحت أكثر قربا من الناس ، وأكثر التصاقا بهم وبحياتهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق