موضوع الموظف الذي حاول وما زال يحاول تحقيق شيء من أطماعه في ذلك المشروع الذي وقعت عقده في الأسبوع الماضي شهد فصلا جديدا من تطورات أحداثه . منذ صباح اليوم وأنا أتلقى رسائل نصية على هاتفي الجوال من رقم لا أعرفه ، وكلها تحمل حديثا من قبيل التهنئة بالفوز المشروع وضرورة تنفيذ الالتزامات المتفق عليها ، علاوة على التلويح بمساعدتي للفوز بمزيد من المشاريع .امتنعت عن الرد على هذه الرسائل في البداية ، ثم قمت بالاتصال بالرقم الذي ترد منه دون أن أتلقى أي رد . بعد قليل وصلت رسالة جديدة تطلب مني التواصل عبر الرسائل فقط إذ لا مجال للحديث المباشر الآن . أرسلت رسالة أسأل فيها عن المرسل فجاء الرد بأن شخصية المرسل لا تهمني الآن وأن المطلوب أن أقوم بالإيفاء بالتزاماتي التي أعلمها . أجبت بأنني لا أستطيع التراسل هكذا مع شخص مجهول ، وأنني لا أعلم أصلا عم يتحدث . اختلفت بعدها نبرة الحديث في الرسائل التالية ، وأصبحت تتضمن خليطا من عبارات التهديد والوعيد تارة ، ومحاولة إسالة لعابي لمزيد من المشاريع والعقود تارة أخرى . توقفت عن الرد على تلك الرسائل ، وخرجت في المساء مع أسرتي لقضاء بعض الوقت في أحد المراكز التجارية للتسوق وتناول طعام العشاء في أحد مطاعمه . انشغل ذهني بتلك الرسائل ومصدرها الخفي ، وتساءلت عمن يمكن أن يكون وراءها . هل هو ذات الموظف الذي فاتحني في الأمر وقابلته شخصيا عندما ذهبت لتوقيع العقد ، أم هو شخص آخر من أعضاء تلك العصابة التي تدير عمليات الفساد هذه وواجهتها وضابط الاتصال فيها هو ذلك الموظف ، أم أنه فخ من المباحث الإدارية يختبر موقفي من القصة كلها . هذا الاحتمال الأخير أثار الرعب في نفسي ، مع أنه احتمال ضعيف بما أعلمه من بطء تفاعل هذا الجهاز مع شكاوى سابقة كنت تقدمت بها إليه في حالات مماثلة . الاحتمال الأكبر أن يكون صاحب الرسائل هو زعيم العصابة ، وأنه أراد التأكد من أن ممثله لم يقبض المعلوم دون أن يبلغه أو يوصل إليه حصته من المغانم . الغريب في هذا الاحتمال هو كيف يتوقع هذا الشخص أن أتجاوب معه في هكذا موضوع وأجيب على أسئلته دون أن أعرف شخصيته أو حتى أسمع صوته ، وكيف لي أن أتأكد أنه من ذات العصابة وليس دخيلا عليها . أظرف ما في الموضوع أن هذا الشخص أشار إلى المبلغ المطلوب في هذه اللعبة ، وفوجئت بأنه أقل من المبلغ الذي طلبه ممثله السابق . وهو ما يعني أن ذلك الموظف أضاف إلى مبلغ الصفقة عمولته الخاصة دون علم رفقائه . ضحكت من هذا الحال الذي يتصارع فيه اللصوص على سرقة بعضهم البعض ، والصراع على غنيمة لم يضمنو بعد الفوز بها . كل ما أرجوه الآن أن أتمكن من الصمود في هكذا مواجهة ، وأن لا تكون تلك التهديدات التي لوح بها ذلك الشخص سلاحا يسلط على رقبتي ، فأجد نفسي خاسرا في نهاية المطاف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق